مشاهدة النسخة كاملة : أثر الدعـــــــــا فى نصرة المجاهديـــــــــــــــــــــــــن



سمير
01-01-2007, 18:46
بســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم الله الرحـــــــــــــــــــــــــــمن الرحيـم

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، صلَّى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلَّم تسليماً كثيراً، وبعد:

منذ أن انبثق فجر التاريخ الإسلامي ، بدأت دواعي النفوس الشريرة ، والتي أكلها الحسد، وقتلتها الغيرة، بتصويب أسلحتهم وسهامهم إلى صدور الموحدين، راجين أن يمحقوا دين الإسلام ، وحركته الحضارية، ونمو الإيمان المتجذر في النفوس الصادقة... لكن يأبى الله إلا أن يتم نوره ، ويفلق هامات الخواجة أولي الكفر والفجور، ويعز دينه وأولياءه ولو كره المجرمون.

واليوم ونحن على درجة كبيرة من درجات التحدي العالمي لقوى الصهيونية العالمية، والإمبريالية الأمريكية الطاغية، والتي حاكت الشر للمسلمين، ودفعت بجنودها إلى اقتحام بلاد الإسلام، ونهب خيراتها، وسلب أموال أصحابها، وتركيعهم ـ زعموا ـ لقوى التحالف النصرانية!!

وقد شاهد المسلمون فصولاً من ذلك التآمر المتواطئ من بني الكفر والنفاق ضد أبناء الإسلام وهوياتهم ومقدساتهم، ففي فلسطين الصامدة روايات وحكايات ، وفي العراق مآسي ومذكرات، وفي أفغانستان حكايات وتضحيات، وفي الشيشان تاريخ وملمات، وفي غيرها من بلاد الإسلام أنَّات وزفرات، وهكذا... تمضي رايات الكفر والنفاق لتصطفَّ تجاه رايات الإيمان في كل فرصة سانحة بوثبة جامحة كاشحة.

وفي قلب تلك الأحداث التي تكرر نفسها، وتعيد دورتها ، يحسن بجنود الرحمن ومن يرفع رايات الجهاد الصادقة؛ أن يزداد فرارهم إلى الله ، وتنعطف أفئدتهم إلى الرحمن ، ويتعلقوا بحبال العرفان للرب المنان ، ويطالعوا سير أسلافهم المجاهدين وتعلقهم بالله رب العالمين ، حين تأتي قوافل الكفر الغاشمة لتدك بلاد الإسلام، فيتطاير فرسان الجهاد، وأبطال الملاحم لمنازلة النوازل، ومقارعة الخطوب، ومكافحة الإرهاب الكافر حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله.

وسأعرض في هذه المقالة شيئاً من سير المجاهدين السابقين، لنرى أنهم ما كانوا يقدموا على أرض المعركة،إلا ويتوجهوا للحي القيوم بالدعاء، والرجاء، والاستغاثة والتضرع إليه بأن ينصرهم،ويخذل عدوهم،وأن يهيئ لهم من أمرهم رشداً، لتعلم النفس المؤمنة، بأنَّ النصر لا يكون بالأسباب المادية فقط، بل إنَّ ركيزته الكبرى، وقاعدته الأسمى،التعلق بالله رب العالمين وانطراح العبد على عتبات الربوبية بالدعاء للمسلمين.

وثمَّة أمر أحببت أن ألوِّح به، وهو: أنَّ من دواعي انقداح الكتابة في هذا الموضوع ، ما نجده في قلوب بعض المسلمين ـ ويا للأسف ـ من تقليل الاهتمام والاعتناء بهذا الأمر، وكأنَّ الدعاء صار لا يجدي ولا ينفع خصوصاً مع كثرة النوازل والمصائب التي تصيب المسلمين، وقد ينظر البعض لمن يتحدث بهذا الأمر، ويصيح به في آذان الناس، نظرة المتشائم، والذي يظنُّ أنَّ الدعاء سبب بسيط ولا تأثير له كبير في أرض الواقع، ومن هنا أحببت أنْ أسطِّر بعض المواقف العملية الجهادية،والتي دعا فيها المسلمون ربهم بإخلاص ومثابرة،فأكرمهم الله بالنصر المبين، والظهور على أعداء الدين.

ولعلَّه بعد ذلك وحين تقرأ النفوس وكأنها تشاهد أثر الدعاء في نصرة المسلمين والمجاهدين؛ فترفع أكفَّ الضراعة إلى الحي الذي لا يموت، بأن ينصر الله دينه ويخذل أعدائه، ويكون من بين تلك النفوس رجل صادق لو أقسم على الله لأبرَّه، يستحي الله حين يراه قد شرع في الدعاء، ومدَّ كفيَّ الرجاء،أن يرد الله يديه صفراً خائبتين.

إلاّ أنّه من الأهمية أن يُعْلَمَ أنَّ أولئك السابقين ما كانوا يدعون الله فقط بأن ينصرهم على عدوهم،وهم لم يهيئوا أسباب النصرة المادية، من الجهاد بالنفس والمال والكلمة الصادقة، وما تحتاجه تلك المعركة الدائرة بين الإسلام والكفر من تحفيز ونصرة.

لقد كانوا _رضوان الله عليهم_ يدعون الله وهم متوجهون للقتال، أويتضرعوا إلى الله ولهم مشاريع قد أعدت لنصرة دين الله، والتي منها الدعاء، ولهذا أنبه قبل عرض سيرهم بأنَّ من أسباب النصر العظمى الدعاء، والذي يعقبه الكفاح والعمل والبناء،أمَّا أن يدعو الإنسان ربه وليس لديه برامج عملية لنصرة هذا الدين، فإنَّ هذا كطالب مخفق أخرق في دراسته، ثمَّ يسأل الله النجاح ولم يعد لذلك النجاح،فهل ينال حينئذٍ النجاح...هيهات! فليعلم أنَّ هذا الدين يحتاج لرجال أكفاء يقومون بنصرته في جميع ميادين النصر، وصدق من قال:

إسلامنا لا يستقيم عموده *** بدعاء شيخ في زوايا المسجد
إسلامنا نور يضيء طريقنا *** إسلامنا نار على من يقتدي

فليس النصر الدعاء، وليس هوالقوة المادية فحسب، وليس كذلك بالكثرة العددية، إنَّ النصر مجتمع في ذلك كلِّه لا ينفصل جزء من شمول، ولا ينبتر بعض من كل.

ولعلِّي أبدأ هذه الأكتوبة، وأطرِّز المسيرة وأُتَوِّجَ السيرة، برسول الأمة المختارة، محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فإنَّ: تاريخنا من رسول الله مبدؤه وما عداه فلا ذكر ولا شان، فقد نام صحابته الأكارم ـ رضي الله عنهم وأرضاهم ـ ليلة بدر، إلا هو ـ عليه الصلاة والسلام ـ فقد بات تلك الليلة يصلي إلى جذع شجرة ، ويكثر في سجوده أن يقول:"يا حيُّ يا قيوم" يكرر ذلك ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويسأل الله النصر(البداية والنهاية5/82)، وحين رأى رسول الله جند قريش قال:" اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها، تحادك وتكذب رسولك، اللهم أحنهم الغداة" (السيرة النبوية لابن هشام3/168).

وقد روى عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال: لمَّا كان يوم بدر نظر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف، ونظر إلى المشركين، فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ القبلة، وعليه رداؤه وإزاره ، ثمَّ قال: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبداً" قال عمر بن الخطاب: فما زال يستغيث ربَّه ويدعوه، حتَّى سقط رداؤه عن منكبيه، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فردَّاه، ثمَّ التزمه من ورائه ثمَّ قال: يا نبي الله ، كفاك مناشدتك ربك، فإنَّه منجز لك ما وعدك" أخرجه أحمد(1/30ـ31) برقم(208)، وقال الشيخ/أحمد شاكر:سنده صحيح، ورواه مسلم (1763)، وأصله في البخاري، وانظر جامع الأصول(8/183).

ولهذا فإن الله _سبحانه_ وصف حال رسوله العظيم وصحابته الكرام في غزوة بدر بأنهم كثيري الاستغاثة به، ومكثري رجائه ودعاءه فقال:"إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين"(الأنفال: 9) فأين نحن من الاقتداء برسول الله وصحابته بالدعاء للمجاهدين بالنصر، وخذلان عدوهم!

وعليه فإنَّ مما نستفيده من ذلك أنَّه في حالة نشوب الحرب، وقيام المعركة، واضطرام القتال،أن نرفع أكف الضراعة والاستغاثة بالله ، فلعله ـ سبحانه ـ أن يستجيب لنا فيقهر عدونا ، ويخذل محاربنا، ويمدنا بمددٍ من عنده كما أمد رسول الله وصحابته بجند من عنده من الملائكة المرسلين حين دعوه في غزوة بدر، فانخلعت قلوب الكافرين، وفروا خاسرين ، وتم بفضله ـ تعالى ـ النصر المبين.

لهذا كان الدعاء في الغزو مرتبط ارتباطاً وثيقاً مع المجاهدين في أرض المعركة،وقد بوَّب الإمام الترمذي في جامعه(باب في الدعاء إذا غزا) وأورد تحته ما رواه أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كان رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ إذا غزا قال:اللهم أنت عضدي وأنت نصيري وبك أقاتل" أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات برقم(3584) وقال: حسن غريب، وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي برقم(2836).

وهنا وقفة لابد منها قبل أن نأتي على سير المجاهدين وتعلقهم بربهم بالدعاء قبيل المعركة وفي أثنائها، وهي أن من مآسي واقعنا المعاصر، وحين تدك بلاد الإسلام بالراجمات ، وتقذف بالقنابل، يهرع الكثير من المسلمين إلى شاشات التلفاز، ليروا أثر المعركة، ويستمعوا الأخبار، حتى يعلموا ماذا حلَّ في تلك البلاد.

وفي نظري أنَّ هذا الأمر وإن كان هامَّاً؛ لأنَّ فيه الاهتمام بأخبار المسلمين، إلاّ أن المداومة على ذلك ، لا يفيد إلاّ كثرة الهم والغم والحزن، والذي لا ينفع ولا يصنع شيئاً، والرأي الوجيه لمن قعد عن الجهاد للظروف المحيطة به، أن يوظِّف المسلم ذلك الحدث توظيفاً إيجابياً ، ومن أولى الأمور لتفعيل تلك القضية بين المؤمنين، اللجوء إلى محراب العبودية، والانكسار بين يدي ربِّ البرية ، والتضرع والبكاء ، والرجاء والدعاء لرب الأرباب ، ومسبب الأسباب، بأن يكف الله شرَّ الكافرين، وأن ينصر عباده المجاهدين، وأن يخذل المنافقين وعملاء الصليبيين.

تلك والله سمة المؤمن ، وشيمة الموحد ، وهو أكبر دليل على صدق ما في قلبه من الحب لإخوانه المؤمنين وحمل همِّهم، وخاصَّة أنَّ الدعاء يستجاب وقت اشتداد المعركة،وشدَّة التحارب بين المؤمنين والكافرين، فقد قال النبي ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ:" ثنتان لا تردان أو قلَّما تردَّان:الدعاء عند النداء، وعند البأس حين يُلْحِمُ بعضهم بعضاً" أي: حين تشتبك الحرب بينهم، أخرجه أبو داود، وقال الحافظ في النتائج(1/378):حديث حسن صحيح،وصححه النووي في (الأذكار/ صـ57ـ267) ، وقال الألباني في (الكلم الطيب): حسن صحيح(صـ76).

ولقد عاب الله أقواماً نزلت بهم المصائب والبأساء ، فأعرضوا عن ربهم،ولم يدعوه لكشف ضرهم ، فلم يرفع عنهم تلك النازلة ، قال _تعالى_: "وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأنعام:42، 43) وقال في آية أخرى: "وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ" (المؤمنون:76) فصار المصير إلى أن نعلم علم اليقين، أنَّ من أوجب الواجبات في زمن الكوارث والملمات، رفع اليدين بالدعاء لله رب العالمين، فلعل ذلك الدعاء من أكف بيضاء نقية، وقلوب صادقة وفيَّة، وأعين باكية تقيَّة تخفف من تلك المآسي التي أقلقت المسلمين وأقضَّت مضاجعهم، وقد علَّمنا رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ أنَّه"لا يردَّ القضاء إلاّ الدعاء" أخرجه الترمذي(139)، وقال: حسن غريب، وحسَّنه الألباني في صحيح الجامع برقم(7687)، وأخبرنا بأنَّه"لا يغني حذر من قدر، والدعاء ينفع مما قد نزل ومما لم ينزل، وإنَّ البلاء ينزل فيتلقاه الدعاء، فيتعالجان إلى يوم القيامة" أخرجه الترمذي وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي(2813) زاد الحاكم بسندٍ لا بأس به، فعليكم عباد الله بالدعاء، ولهذا كان الدعاء من أسباب النصر على الأعداء، وخاصَّة إذا كان ذلك من عباد الله الضعفاء، وقد دلَّ على ذلك حديث رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ "إنما ينصر الله هذه الأمَّة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم) أخرجه النسائي وصححه الألباني في صحيح النسائي(2978).

فأين نحن يا أخا الإسلام عن ذلك السلاح العظيم والمنجي لنا من بطش الأعداء؟! وأين الإلحاح على الله بأن يكشف الضر عن المسلمين؟! وأين الانطراح بين يديه؟! وأين الانكباب عليه؟! وأين التوجه إليه؟!


اخوكم سمير الفلسطينى
ولاتنسونا من صالح الدعاء

المختار
03-01-2007, 15:42
جزاك الله خيرا أخي الفاضل