مشاهدة النسخة كاملة : مفاهيم في التواصل



anass
07-01-2007, 22:40
مفاهيم في التواصل

ذ. نور الدين الملاخ

لتحقيق هذا الغرض، وجب علينا توضيح بعض المفاهيم المرتبطة بموضوعنا. هذه المفاهيم كثيرة ومختلفة، لكن لابد من الوقوف على حدودها والأطراف المشاركة فيها.
للتواصل مفاهيم حددتها الإنسانية، نتيجة تراكم تجارب مختلفة، وأفضت إلى توحيد الخطاب لكي لا نضطر إلى معاودة تصحيحه ومناقشته، كلما بدا الاختلاف أو ظهر سوء التفاهم. وكلما رغبت نفوس أن تنفرد بذاتها أو تشد عن المفاهيم المتداولة إما قصد الظهور أو قصد الاختلاف الضار والمشتت للجهود، ولو بدعوى خصوصية الفكر أو استقلالية الرأي أو الاعتماد على مرجع ما في فكر ما.

الاتصـــــال:
الظاهرة الاتصالية عملية إخبار وإعلام، تهتم بنقل الخبر من مرسل إلى مرسل إليه، تهتم هذه العملية بتوضيح الخبر المنقول والإبداع في التبليغ، وأحيانا حتى في الإلزام المادي والمعنوي.
هنا تظهر سيطرة الرسالة وهيمنة المبلغ ودونية المتلقي.
فلا سؤال إلا ما كان في ضمير المتلقي، ولا حوار يفسح المجال للسؤال والاستفسار والتعليق وإبداء الرأي. إنها "دوغماتية المعلومات" وإلغاء شعور المتلقي. ظاهرة يكون فيها المبلغ محمولا على الاسترسال، ويكون فيها المتلقي مكرها على الاستماع.

تعريف التواصل:
1- التواصل لغة:
«يقصد بالتواصل الإبلاغ والاطلاع والإخبار أي نقل "خبر ما" من شخص لآخر وإخباره به واطلاعه عليه...ويعني التواصل إقامة علاقة مع شخص أو شيء ما، كما يشير إلى فعل التوصيل كما أنه يعني التبليغ أي توصيل شيء ما، إلى شخص ما وإلى نتيجة ذلك الفعل، كما يدل على الشيء الذي يتم تبليغه، والوسائل التقنية التي يتم التواصل بفضلها»(1).

2- التواصل اصطلاحا:
*«نقل معلومات من مرسل إلى متلقي بواسطة قناة، بحيث يستلزم ذلك النقل من جهة، وجود شفرة=Code. ومن جهة ثانية تحقيق عمليتين اثنتين: ترميز المعلومات=Encodage ، وفك الترميز=Décodage ، مع ضرورة عملية التواصل، وكذا أشكال الاستجابة للرسالة والسياق الذي يحدث فيه التواصل»(2).

*التواصل: «الميكانيزم الذي بواسطته توجد العلاقات الإنسانية وتتطور، إنه يتضمن كل رموز الذهن مع وسائل تبليغها عبر المجال وتعزيزها في الزمان، ويتضمن أيضا تعابير الوجه وهيئات (الجسم)، والحركات ونبرة الصوت والكلمات، والكتابات والمطبوعات والقطارات والتلغراف والتلفون، وكل ما يشمله آخر ما تم من الاكتشاف (شبكة الأنترنيت ) في المكان والزمان»(3).

3-التواصل في القرآن:
وصل: الاتصال اتحاد الأشياء بعضها ببعض كاتحاذ طرفي الدائرة، ويضاد الانفصال ويستعمل الوصل في الأعيان وفي المعاني. ويقال: وصلت فلانا، قال الله تعالى:«ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل»(4)، فقوله: «إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق»(5) أي ينسبون، يقال فلان متصل بفلان إذا كان بينهما نسبة أو مصاهرة. وقوله عز وجل: «ولقد وصلنا لهم القول»(6) أي أكثرنا لهم القول موصولا بعضه ببعض، وموصل البعير كل موضعين حصل بينهما وصلة نحو ما بين العجز والفخذ، وقوله: «ولا وصيلة»(7) وهو ان أحدهم كان إذا ولدت له شاته ذكرا وأنثى، قالوا وصلت أخاها فلا يذبحون أخاها من أجلها، وقيل وصيلة العمارة والخصب، والوصيلة الأرض الواسعة، ويقال هذا وصل هذا أي صلته.

خلاصات:
-العملية التواصلية: فعل (acte) يقوم على " نقل المعلومات من مصدر إلى هدف، ويتحقق ذلك بين فردين أو مجموعة من الأفراد...".
-عملية التواصل تشمل مجموعة عناصر هي: المرسل والرسالة والقناة والشفرة أو السنن والمرجع.
-عملية التواصل تحدث من خلال اتصال فردين (شراكة) في سجل معرفي وقيمي.
-عملية التواصل: ظاهرة خضعت لعدة مقاربات أفرزت عدة نماذج تواصلية"(8).

*مبادئ التواصل:
1- التواصل: جوهرة العلاقات الإنسانية، نضع المتلقي وسط المجال ليتفاعل مع الرسالة، ويشارك في صناعة القرار.
2- التواصل: فهم وتفهم وتفاهم.
 فهم لمضمون الرسالة وأبعادها.
 تفهم بالرأي الآخر والموقف المختلف.
 تفاهم الذي يقتضي تبادلا واحتراما للرأي، وإن كان مخالفا أو ناقدا أو حتى رافضا.
شروط ثلاث ضرورية لفتح المجال المغلق في "الاتصال" ليصبح شبكة مساهمة تنبثق منها أفكار جديدة وآراء غير منتظرة.
3- التواصل: تفجير للموقف بالإغناء، بالإثارة، بالتفتح على الآفاق الجديدة والأفكار المبدعة، ثم ترتيب للمنتوج (الحدث) داخل نسق طاقي(9) يضمن قياس المنتوج.

التمييز بين الاتصال والتواصل:

حينما نوضح بعض هذه البديهيات، نود "أن نفتح التفكير في المرسل إليه ولا نهمل الرسالة ولا وسائل تبليغها.
نريد أن نؤكد على ما يجري في نفسية الطرف المهمش، لنرفع دور الاتصال إلى مستوى التواصل.

الاتصال التواصل
خطية البنية مجالية
انفعالية العلاقة تفاعلية
منفعل، مستهلك المستقبل متفاعل، منتج
غير قابل للقياس الحدث قابل

كثير من الأفراد والمؤسسات (جمعيات وأحزاب ونقابات، وحتى الحكومات) خلطت المفاهيم وألغت المقاييس العلمية لتحديد مجال الظاهرة التواصلية من الظاهرة الاتصالية، فأفرزت ممارسات مضطربة، فككت النسق-الإطار، لا نميز فيه بين نقطة انطلاق المشروع من نقطة وصوله !.
فأي مشروع مجتمعي، يرفع شعار "التواصل"، نرغب في بناءه؟.

الهوامش:
(1) Petit Robert .1981.
(2) Muchielli, R, 1980.
(3)Colley ,C, 1969 in Mucheilli ,R, 1980.
(4) [الرعد: 25]
(5) [النساء: 90]
(6) [القصص: 51]
(7) [المائدة: 103]
(8) سوف نتطرق، بإذن الله، إلى نماذج التواصل ومختلف مقارباتها في العدد المقبل.
(9) يتكون النسف الطاقي من:
* نقطة الانطلاق: تشمل عملية التخطيط لاستراتيجية الفعل عن طريق فرغ الحاجات وتحديد الأهداف المتوخاة.
* نقطة الوصول: تتضمن النتائج المحصل عليها، والتي تختلف في نسبة بلوغها حسب المسار الذي نقطعه.
* سيرورة الفعل: أي العلاقة التفاعلية لضمان التواصل، وما تشتمله هذه العملية من محتوى وطرق ووسائل.
* المتابعة: وهي العملية التقويمية التي تضبط هذه السيرورة من نقطة الانطلاق إلى نقطة الوصول

سهيل
08-01-2007, 15:50
بارك الله فيك
سلمت يداك ولا فض فوك

ينقل الموضوع الى المنتدى المفتوح

samir2007
08-01-2007, 20:11
بارك الله فيك أخي الكريم لقد كنت في حاجة إلى هذا العرض
كما أطلب منك أخي الكريم أن توافينا بكيفية التعامل مع جماعة القسم بمختلف مكوناتها إن كان بالإمكان و شكرا

anass
16-01-2007, 11:10
إن شاء الله في كل مرة سأقوم بوضع مقال بخصوص هاته المواضيع