مشاهدة النسخة كاملة : شمائل الرسول عليه الصلاة والسلام -الحلقة الأخيرة-



أبو خولة
23-03-2005, 14:56
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى والصلاة على المصطفى صل الله عليه وسلم
مشكورين اخوتي على توجيهاتكم و تشجيعاتكم و جزاكم الله كل خير
يا أخي الكريم إذا جلست في مجلس علم وشعرت أنك مسرور ، مرتاح ، في تجلٍّ ، وطمأنينة ، وسكينة ، وكأنك في الجنة ، فهذه علامة طيبة لك لأن هذا هو إكرام الله لك في بيته ، ألم يقل النبي :
" إن بيوتي في الأرض المساجد وإن زوارها هم عماراها فطوبى لعبدٍ تطهر في بيتي ثم زارني وحق على المزور أن يكرم الزائر "
فهذه السكينة ، وهذا التجلي ، وهذه الراحة النفسية ، أنا أقول لكم : واللهِ سمعت هذا من أخوة كثيرين ، يقولون لك : أنسى كل مشاكلي ، وكل هموم الدنيا ، وأرتاح ، فخرجتُ من المسجد مبسوطًا ، مسرورًا ، فهذه مكافأة الله لك ، وهذه ضيافته ، كما أنك تزور إنسان فيقدم لك كأسًا من الشاي ،وسكرة ، ويطعمك ، أما ربنا عندما يحب أن يكرمك ماذا يفعل بك ؟ يلقي على قلبك السكينة ..

( سورة التوبة : من الآية " 26 " )
فهذه السكينة أثمن ما في الدين ، وهذه الراحة النفسية ، هذا الحال الطيب ، قال :" لو أنكم تكونون على كل حال ، على الحال التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم ولزارتكم في بيوتكم " ، فالنبي اللهم صلِّ عليه كان يرى ما لا يراه الآخرون ، وكان يخطب على جذع نخلة ، فلما صُنِع له منبر حنَّ الجذعُ إليه فأسكنه بيده ، فهل لديك إمكانية أن تفهم على جذع نخلة؟ كان عليه السلام يقول : "إن حجرا كان يسلم عليَّ في الجاهلية إني لأعرفه الآن " .
( من الجامع لأحكام القرآن )
دخل مرة لبستان رأى ناقةً ، فحنت لما رأته ، فقال : " مَنْ رَبُّ هَذَا الْجَمَلِ لِمَنْ هَذَا الْجَمَل؟ " فَجَاءَ فَتًى مِنَ الأَنْصَارِ فَقَالَ : لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ : أَفَلا تَتَّقِي اللَّهَ فِي هَذِهِ الْبَهِيمَةِ الَّتِي مَلَّكَكَ اللَّهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ شَكَا إِلَيَّ ـ هذا الجمل ـ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ "*
( من سنن أبي داود : عن " عبد الله بن جعفر " )
فالجمل شكا له ، والحجر سلَّم عليه ، والنخلة حَنَّت إليه ، وهذا فوق طاقتنا ، فنحن مثل الجماد ، جماد على جماد ، فالنبي عليه الصلاة والسلام لشدة إقباله على الله ، لشدة شفافية نفسه ، فكان يرى ما لا يراه الآخرون .
إذاً الإنسان بالمسجد تصفو نفسه ، ترق مشاعره ، يرى ما لا يراه وهو في الطريق ، وهو في البيع والشراء ، هذا إكرام الله له .
وروى الترمذي عَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ *
( رواه الترمذي)
قال لي رجل بعيد عن جو المشايخ : أنا لست قابض أحد ـ يقصده من المشايخ ـ قال لي: مرة كنت بحمص دخلت مسجدًا متواضعًا والخطيب تكلَّم ، فصرت أبكي ، قال لي : والله يا أستاذ ثلاثة أرباع الساعة وأنا أبكي ، قال لي : ما سر ذلك ؟ قلت له : لأن هذا الخطيب مخلص ومطبق ، فالله أعطى لكلامه قوة تأثير ، وهذا هو السر ، فالدين ليس بحرفة ، ويقول الإمام الشافعي ـ ودققوا في هذا الكلام ـ : " لأن أرتزق بالرقص أهون من أن أرتزق بالدين "، لأنّ الدين لا يرتزق به ، فالدين اتجاه ، وموقف ، فأنت تريد المال فاشتغل بالتجارة ، أما دع الدين جانباً ، دع الدين في العلياء ، وفي السماء ، ولا تجعله في الوحل ، ولا تتخذه تجارة ، ولا ترتزق بالدين لكي يبقى الدين عظيمًا ، لكي لا يشك الناس في المتديِّنين ، لذلك وعظنا النبي موعظةً وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون .
وقال أسيد بن حضير : " لو أني أكون على أحوالٍ ثلاثة من أحوالي لكنت من أهل الجنة " ـ له ثلاثة أحوال لو بقي على أحد هذه الأحوال لكان من أهل الجنة ـ قال : " حين أقرأ القرآن ، وحين أسمعه ، وإذا سمعت خطبة رسول الله " . أي إنه إذا قرأ القرآن يشعر بحال عظيم ، وإذا استمع إلى القرآن يشعر كذلك ، فبصراحة مؤمن لا يبكي إطلاقاً فقلبه مثل الصخر ؟! ولا يقشعر جلده !! ولا يجل قلبه ؟!
قال الحسن البصري : " إذا قرأت القرآن ، أو صليت ، أو ذكرت الله ، ولم تشعر بشيء فهناك خلل خطير في إيمانك "، فلماذا إذا لاحظ شخص ذبابة تطير مع حركة عينه لا ينام الليل من خوفه ؟ يقول له الطبيب بعد ثلاثة أشهر الموعد ، ويقول له : حاضر فالعين ليس معها لعب ، ولماذا القلب إذا كان في الصلاة لم تشعر بشيء ، وفي الذكر لم تشعر بشيء ، وفي القرآن لم تشعر ، معنى ذلك أن ثمة خللاً ، والطريق المسدود ، بل أنت محجوب بحجاب ، والمعصية حجاب ، فابحث أين توجد المعصية ، وأين يوجد الخلل ، وأين يوجد المال الحرام ، وأين يوجد نظرة لا ترضي الله عزَّ وجل ، أو علاقة اجتماعية مشبوهة ، فانتبه ، وما دام أنك محجوب فأنت في خلل خطير .
فقال : " حين أقرأ القرآن ، وحين أسمعه ، وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذ شهدت جنازة .
قال : " وكانت خطبه صلى الله عليه وسلم تؤثر في الجمادات " .
آخر حديث من فصاحته صلى الله عليه وسلم ، عن مالك بن دينار عن الحسن رضي الله عنه قال : قال عليه الصلاة والسلام ـ وهذا الكلام دققوا به ـ :" ما من عبدٍ يخطب خطبة إلا الله سائله عنها يوم القيامة ما أراد بها " قال : فكان مالك بن دينار إذا حدث بهذا الحديث بكى ثم يقول : " أتحسبون أن عيني تقر بكلامي عليكم وأنا أعلم أن الله عزَّ وجل سائلي عنه يوم القيامة ما أردت به ؟ فأقول : أنت الشهيد على قلبي ، لو لم أعلم أنه أحب إليك لم أقرأ به على اثنين أبداً " .
فإذا تكلمت عن الله عزَّ وجل ، فالله سيحاسبك ماذا قلت للناس ؟ أنت كذلك ؟ بماذا أمرتهم، فأتمرتَ بذلك ؟ عن ماذا نهيتهم ؟ فانتهيت عما نهيت عنه ؟ فكان مالك بن دينار كلما قرأ هذا الحديث يبكي يقول :" أتحسبون أن عيني تقر بكلامي عليكم وأنا أعلم أن الله عزَّ وجل سائلي عنه يوم القيامة ما أردت به ؟ فأقول : أنت الشهيد على قلبي ، لو لم أعلم أنه أحب إليك لم أقرأ به على اثنين أبداً " .
والنبي حذر قال :" من تعلَّم صرف الكلام ليسبي قلوب الرجال لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً "
يمكن أن تكون ضمن الدين شهوات ، وضمن الدعوة تكون الدنيا والحظوظ ، فإذا تكلم الإنسان ونيته يجمع أنْ الناس ، ويكون حوله ناس يعينونه ، ويحلون له مشاكله ، فهذه نية سيئة ، فحتى في الدعوة إلى الله توجد مزالق خطيرة ..
" من تعلم صرف الكلام ليصرف وجوه الناس إليه فليتجهز إلى النار "
لذلك :" يا معاذ أخلص دينك يكفك القليل من العمل ".
( من تفسير ابن كثير : عن " أبي هريرة " )
والحمد لله رب العالمين

abolamin
23-03-2005, 15:01
جزاك الله أخي الكريم وجعل الله هذه المشاركة القيمة في ميزان حسناتك آمين

أشرف
24-03-2005, 00:03
بارك الله فيك أخي أبو خولة على المشاركة القيمة ورزقنا المولى سبحانه حسن الظن به وجميل التوكل عليه

hassan_1677
24-03-2005, 01:06
اللهم اختم لنا بالصالحات

المختار
24-03-2005, 22:29
بارك الله فيك أخي أبو خولة على المشاركة القيمة ورزقنا المولى سبحانه حسن الظن به وجميل التوكل عليه