مشاهدة النسخة كاملة : مسابقة



hassan_1677
29-03-2005, 20:09
مالفرق بين الفقه المنحبس والفقه المنحل والفقه المنسحب؟
هل يعتبر المشروع المجتمعي الذي يغفل دور المراة في المجتمع سيكون ناجح في التطبيق؟
إذا كان كل من الفقه المنحبس والفقه المنحل والفقه المنسحب لايضع المراة في مكانها الحقيقي , إدن ماهو هذا الفقه الذي ينصف المراة ويجعلها الاساس في تحقيق المشروع المجتمعي ؟

ملاحظة: احسن الاجوبة سيتم اختيارها ضمن المواضيع المثبثة في ركن تنوير المومنات.

أشرف
30-03-2005, 00:57
السلام عليكم
مبادرة قيمة أخي بارك الله فيك
الرجوع إلى الكتاب والسنة النبوية وفق المنهاج النبوي

amal
30-03-2005, 12:54
هل تكون الاجابة كمدارسة ام يجب ايحاد مواضيع تصب في هدا الموضوع

hassan_1677
30-03-2005, 13:04
اتمنى من الاخوة والاخوات المشاركة في هذه المسابقة , التي بمثابة مدرسةوفرصة للتكوين والبحث والقدرة على الكتابة.

كذلك فرصة لنسج موضوع متكامل حول قضية المراة مستعنين بفضل الله كتاب الله وسنة رسول الله صللى الله عليه وسلم وكذلك كتب الحبيب المرشد الاستاذ عبد السلام ياسين وهناك مجموعة من الكتب مثال كتاب تحرير المراة في عصر الرسالات لابي شقة وغيره من الكتب.
بالتوفيق ان شاء الله وننتظر مشاركتكم .

المختار
31-03-2005, 23:38
جزاك الله خيرا اخي الفاضل حسن مبادرة قيمية تقبلها الله

hassan_1677
02-04-2005, 16:47
ننتظر مشاركاتكم

hassan_1677
20-04-2005, 22:59
ننتظر الاجابة

hassan_1677
12-05-2005, 16:20
التجديد ضروري
لكن كيف نتعامل مع العرف؟

نادية بلغازي

بالنظر في صفاء الصورة التي رسمتها الشريعة الغراء للعلاقة الزوجية، ندرك مدى السعادة التي يحياها المؤمن والمؤمنة وهما يلتقيان على الله سبحانه وقد استقر في قلب وعقل كل منهما ما له من حقوق وما عليه من واجبات، فينبعثان بكل همة لإسعاد بعضهما البعض بكل اليقين أن في ديننا متسع وأي متسع للسعادة، سعادة في الدنيا موصولة بإذن الله بسعادة أخروية أكيدة: " ها هم أولاء عباد الرحمن مستقرين أزواجا في أسرتهم مع ذرياتهم، من فضائلهم الحميدة، وأخلاقهم المجيدة، وعبادتهم الرشيدة أنهم يدعون ربهم هنا في الدنيا ﴿يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما﴾ (الفرقان الآية 7) يقولها الزوج الرجل، وتقولها الزوج المرأة، والذرية الصالحة والود بين الزوجين سعادة تبدأ من هنا في الدنيا قرة عين، قرة العين غاية السرور، والذي يفرح له المؤمن وتفرح له المؤمنة فوق كل شيء الاطمئنان إلى أنهما وذريتهما سائران في طريق السعادة الأخروية."
لكن ما الذي حدث ؟ ما الذي جعلنا ننزلق من درك إلى درك حتى أصاب هذه العلاقة المقدسة ما أصابها من انتكاسة فتقوضت الأسر، وتهدمت العلائق، ونضبت العواطف، وجفت المشاعر.
يجد الزوجان نفسيهما أمام عقبات تثبطهما عن إحسان المعاشرة وتحسيس الطرف الآخر بالمودة والمشاركة، عقبات تمتد جذورها الغابرة في أعماق العادات والتقاليد والفقه المنحبس، فتتجذر سوء المعاشرة سلوكا يوميا لتصبح المآسي الاجتماعية والاضطرابات النفسية واقعا مريرا يتحمله الزوجان والأبناء على مضض، مرسخا في الأنفس البعد عن المحجة اللاحبة والطريق الواضح الذي تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
تجليات واسعة لهذا البعد عن ذلك النبع الصافي لهذا الدين القويم تختلط فيها الموازين، فلا يكاد يميز بين الخيط الرفيع المميز بين العادة والعبادة, بين العرف ولب الدين وجوهر السنة الشريفة، كل ذلك تحت مبررات واهية وأفهام منحسرة وادعاءات باطلة، فوقع على هذه العلاقات الدافئة الكثير من غبن التقاليد والعادات، حتى ليجفو الرجل عن ذكر اسم زوجته أو التودد إليها أو مناداتها في محضر النساء فضلا عن الرجال، وإن كان ولا بد من ذكرها فبلفظ (المرأة حاشاكم) تكريما للحاضرين وتشريفا، وإذلالا للمرأة وتحقيرا.
ثم تنتكس الأعراف لتعتبر المرأة مساوية للدواب حتى يصير المثل "المرأة والحْمارة مَا تَيْضَّايْفُوا" شائعا في بعض الأوساط.
وتسبب الفقه المنحسر ببعض فتاواه البعيدة عن السنة في التقليص من صور التواد بين الزوجين، فباسم القوامة تهان المرأة وتذل فتبتعد في زوايا النسيان كمًّا مهملا لا تحرك ساكنا، وتعيش باسم هذه الدرجة العبودية للزوج الرجل، لا تشاركه هموم الحياة، ولا تتعلم، ولا تتفقه، ولا تهتم لقضايا الأمة، ولا تساهم في التغيير، موقنة عن جهل – كما هو موقن – أنهما يحييان السنة بأدق تفاصيلها.
ومن تجليات القصور عن الفهم عند البعض، اعتقادهم أن الله عز وجل لا يرضى من عباده إلا التطبيق الحرفي لبعض خصوصيات عصر النبوة، فيعرض عن الأثاث والفراش، ولا مكان إلا للحصير والوسادة، فكيف بهذا في مجتمع سمته الاستهلاك ؟ أليس من سبيل للوسطية والاعتدال اللتان هما من سمات الإسلام الأساسية؟
وتحت توهم فهم السنة، تضرب المرأة بفتوى فقهية ترى ألا بأس من التأديب ما لم يكسر عظما ولم يشن جارحة، أما ما عدا ذلك فيدخل تحت معادلة فقه "يجوز"، وتنقلب المفاهيم فيظلم الرجل المرأة -وقد تظلمه- ويغيب عن الأذهان ما سمعه عمرو بن الأحوص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: " ألا واستوصوا بالنساء خيرا، فإنما هن عوان عندكم، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن ياتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح" .
"الفاحشة المبينة فحش بالغ ونشور فاضح، يقول الأستاذ عبد السلام ياسين، بلغ سوء التفاهم بين الرجل والمرأة تخوم الهلاك، فالضرب حبل نجاة يدليه الشارع ليتمسك به غريقان. ما هو تشريع كرامة، إنما هو تشريع إغاثة. الأصل هو حفظ كرامة البيت، وصون المرأة، والتلطف بها، والتماس أسباب رضاها، لا التجسس عليها وإحصاء أخطائها. من الخشنِينَ من يجلد امرأته لأنه لم يجد طعامه على ذوقه. ماذا يفعل مثل هذا لو كسرت المرأة صحفة طعام الأضياف أمام الأضياف" .
سبحان الله، كيف انقلبت العادات والأعراف إلى دين يتبع حتى أصبحنا نجد أنفسنا أمام قاموس متكامل للشجار والخصام، نضرب بتعاليم الشرع عرض الحائط فتقطع الأرحام وتفسد العلاقات مراعاة لهذه الأعراف.
إن العرف الذي يُعمل به ويراعى في التشريع والقضاء هو العرف الصحيح الذي تعارفه الناس فيما بينهم مما لا يخالف دليلا، ولا يحل حراما، ولا يبطل باطلا. أما ما سواه من العرف الفاسد فلا تجب مراعاته لأن في ذلك معارضة لدليل شرعي، أو إبطالا لحكم شرعي. فلم نعط إذن كل هذه القداسة للأعراف وإن فسدت ؟
ما السبيل إذن للنهوض بعد طول قعود ؟ ما الحل لتجاوز هذه الانتكاسة ؟
يقول الأستاذ عبد السلام ياسين :
" على المؤمنات جهاد لاقتحام عقبات التقاليد وعوائق العقل الذي ينبغي ألا ينقاد إلا للحق، وعوائق العادات والأنانيات والذهنيات المتخلفة، قضية المؤمنات لا تحل إلا في إطار حل شامل يشاركن فيه متزعمات مع الرجال لا تابعات. والله ولي حميد" .
إن العقبات التي تواجه الأسرة المسلمة ما هي إلا صور لواقع مرير تعيشه الأمة في مختلف تجلياته. إن القضية قضية غياب عدل تسبب فيه البعد عن الإحسان. إن الظلم الجاثم على المرأة إنما هو ممسك بتلابيب المجتمع الإسلامي بأكمله يخنقه ويجثم على صدره.
1- إن تنصيب ميزان العدل ضرورة ملحة، فالعدل مطية الإحسان و"شريعة العدل والإحسان دعت جنس الرجال وجنس النساء إلى التوحد على طاعة الله عز وجل والعبودية له وحده. دعت الجنسين والعالمين إلى حياة انسجام وتعاون وتآزر وتكامل في حمل أعباء الدنيا، وفي سلوك فجاجها والتغلب على بلائها، ليخلُص الرجال والنساء إلى آخرتهم ليس على ظهورهم وزر التظالم وغمط الحقوق" .
2 - التربية ثم التربية ثم التربية، لتزكية النفوس وتخليصها من رعوناتها، وتهذيبها بترسيخ معاني الرحمة والرفق. التربية على محبة الله ومحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والشوق إليهما. التربية على الحياء من الله سبحانه أن يجدنا حيث نهانا ويفتقدنا حيث أمرنا. التربية على معاني لا إله إلا الله التي من جملتها العمل بشرائع الله.
إن شريعة الله ليست قانونا يفرض على الناس بالسياط، وإنما هي طاعة، فتبقى مهمة التربية واجبة لقلب وجهة الناس إلى التقيد بأخلاق الإسلام ورحمة الإسلام وعدل الإسلام.
3 – التجديد عن طريق إحياء السنة الشريفة والعودة إلى روح التنزيل؛ حيث الوعي بأهمية العلاقة/الميثاق، وأهمية الرجل الزوج، وأهمية المرأة الزوج، حيث ظلال الرحمة الوارفة في رحاب الرفق ورياض التواد والتحاب.
إنما التلمذة الحقيقية في التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل مناحي الحياة « لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا » .
وإنما لب التجديد إحياء سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وليس تغيير الثابت من الأحكام الشرعية.
4 – التغيير بتدرج، وهو سنة مطردة في شريعة الله عز وجل، فالخمر ذُمت مرتين في القرآن الكريم وحرمت في الثالثة. ولا يمكن أن يحمل الناس قسرا على الحق، ولا أن يحملوا عليه دفعة واحدة لئلا يتركوه دفعة واحدة، وما أعابته القرون لا تصلحه اللحظات.
لا بد من التعامل باحتياطي المودة وكنوز المداراة لتغيير ما لا يصح الإبقاء عليه من الأعراف، فالحق أحق بالإتباع وإن كان غريبا، نتجنب ما يجب تجنبه بلباقة، ونحكم مقولة : " داره ما دمت في داره " ونحن في ديار الأعراف والتقاليد الموروثة التي من شأن إعلان الحرب عليها جملة واحدة قطع الأرحام وإشعال نار الفتنة.
5 – فتح باب الاجتهاد بشروطه الشرعية والتي في مقدمتها التقوى والعلم لتجاوز الفقه الجامد الذي يحجب نور السنة ورحمتها بقراءات سطحية لا تلامس لب الدين ومقاصد الشريعة: « تجد غالبا المتنطعين المانعين إما جامدين على تقليد مقالة تقادمت فتقدست وصارت سورا لا يتجاوز، وغمامة قاتمة تحجب ضوء شمس السنة النبوية، وإما قارئين للقرآن والحديث قراءة حرفية جزئية بعقلية سطحية تبسيطية تقسم العالم قسمين ساذجين : يجوز ولا يجوز" .
" إن الاجتهاد ضروري لتكييف حياة العصر مع شرع الله، فهو تسليـم العصر لا عصرنة الإسلام" .
شفاء الأسرة المسلمة مما هي فيه من كروب لا بد أن يكون في إطار حل شامل، ولها كامل الأسوة في النموذج النبوي الشريف، تأسيا بفضائله، واقتداء بمكارمه.
نختم بهذه الصورة المشرقة من قصة أمنا خديجة رضي الله عنها لنستوحي المثال. قال جبريل عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان رضي الله عنهما : " يا رسول الله، هذه خديجة أتتك ومعها إناء فيه إدام (أو طعام أو شراب) فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني، وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ".
نالته عليها السلام بإحاطتها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعوامل الاستقرار والأمن، بتثبيتها له، ونصرتها للدعوة، وبشرت وهي تخدم صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم، وهي تحمل إناء من طعام.
ألا قد آن الأوان لنرقى بأنفسنا إلى هذه المعالي

1- ذ. عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، 1-14.
2- رواه الترمذي بسند صحيح.
3- تنوير المؤمنات، 2/204-205.
4- للتوسع الرجوع إلى "علم أصول الفقه" لعبد الوهاب خلاف ص 89/90.
5- ذ. عبد السلام ياسين، تنوير المؤمنات، 2/204-205.
6- نفسه، 1/101-102.
7- الأعراف، 21.
8- تنوير المؤمنات، 1/63.
9- ذ. عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي، 42، ط 4.
10-القصب: الذهب المصوغ.

hassan_1677
12-05-2005, 16:23
وجهات نظر حول قضية المرأة في العالم الإسلامي

ترجمة وإعداد فاروق بواس

هذا الأسبوع نعرض عليكم حوارا دار بين عدد من الإسلاميين الشباب حول قضية المرأة في الإسلام خلال ندوة نظمت في أحضان الجامعة المركزية الأوربية بالعاصمة الهنغارية بودابيست يوم 29 مايو / أيار 2003 في موضوع"حوارات داخل الإسلام: الثقافة, السياسة والدين في الساحة الدولية".
نقترح عليكم هذا الحوار رغم مرور أزيد من سنة على الحدث نظرا لأهمية الأفكار التي تم تداولها ولأن الموضوع كان وما زال يتصدر اهتمام الساحة الفكرية والسياسية الدولية المعاصرة.


جون إسبوزيتو1 (المسير): سنبدأ هذا المحور بقضية تصدرت النقاشات حول الإسلام والتغيير الاجتماعي في السنوات الأخيرة، وهي قضية المرأة.
ما هو رأي الإسلاميين بخصوص وضعية المرأة في الإسلام ؟
للإجابة على هذا السؤال، لابد من استحضار صورة المرأة المسلمة في الغرب والتي صنعها المستشرقون وصورتها الأفلام القديمة حول العرب الذين يعيشون في الصحراء، وارتباطها بصور شيوخ النفط الأغنياء ثم صور الإرهابيين الحاملين للكلاشنيكوفات، ومن خلال ذلك كله صورة المرأة المحجبة – خاصة المرأة السعودية المنقبة-، هذه الصورة التي تستعملها الصحافة الغربية من مثل نيويورك تايمز في سياقات مختلفة، ثم بعد ذلك صورة المرأة في إيران ثم المرأة إبان حكم حركة طالبان. وكما تعرفون، فمن بين الأسباب التي بررت بها الإدارة الأمريكية دخولها إلى أفغانستان قضية المرأة، حتى أن لورا بوش استضافت لقاءا في هذا الصدد كان في الحقيقة نقطة انطلاق نحو هجوم أوسع على الوضعية المتردية للمرأة في العالم العربي والإسلامي.
وهكذا، فإذا كانت أسلحة الدمار الشامل هي الذريعة الرئيسية لغزو العراق والانتقال إلى دول أخرى مثل إيران وسوريا, فإن قضية المرأة تظل أيضا ذريعة أساسية كذلك.
بالطبع، علينا أن نعترف بالمشاكل العميقة التي تواجهها المرأة في المجتمعات المسلمة. وهذه قضية مهمة جدا لابد أن يتطرق إليها المسلمون بالدرس والتحليل. ولنبدأ بمناقشة دور المرأة التغييري في المجتمعات المسلمة. نتحدث عنه من منظور أوسع في العالم الإسلامي كله، ثم في سياقات خاصة مثل إيران والمغرب.
زيبا مير حسيني2 : يحدث في العالم الإسلامي أمر كبير الأثر، لكن العديد من القوى الإسلامية المحافظة وحتى النسائيون الغربيون يقاومونه. هذا الحدث هو بروز وعي وخطاب أصبح يدعى " الحركة النسائية الإسلامية ". إنه خطاب جديد يتجاوز الثنائيات القديمة التي أحدثت بين الغرب والشرق، بين الحركة الإسلامية والحركة العلمانية. إنه حركة ونوع من الوعي الجديد في نفس الوقت. أعتقد أن أمرين حدثا في القرن العشرين مهدا السبيل لبروز هذه الحركة وهذا الوعي. الأمر الأول هو انتشار التعليم ووسائل الاتصال العامة, وهذا يعني أنه وللمرة الأولى أصبح عدد كبير من النسائيات متعلمات وقادرات على الرجوع إلى النصوص المقدسة وقراءتها مباشرة. فهن الآن يطرحن أسئلة جديدة وهذا يحدث في العالم الإسلامي كله.
الأمر الآخر هو بروز الإسلام السياسي ونجاحه، وأعني بهذا المصطلح فكرة تحول الإسلام إلى طريقة للحكم. وأعتقد أن نقطة الانطلاق هي الثورة الإيرانية التي كانت حركة شعبية. وقد خرجت النساء في حشود لدعم هذه الحركة ومساندتها. لكن سرعان ما خابت آمالهن لأن الثورة لم تنصفهن. فقد شعرت النساء في إيران، أكثر من أي بلد آخر، بقسوة خضوعهن لأوامر الشريعة الإسلامية، خاصة إذا طبقتها اليد الحديدية للدولة العصرية، هذه الأوامر النابعة من الأفهام التقليدية والمصطبغة بصبغة الوصاية الأبوية أو الذكورية (المنصفة للرجل دون المرأة). أعتقد أن أي صيغة للدولة الإسلامية، كانت وستكون حتما في غير صالح المرأة. ويرجع ذلك إلى أن الذي يحدد طبيعة الدولة الإسلامية هو تطبيق الشريعة الإسلامية، وإذا كان هذا التطبيق تحكمه أفهام غير حديثة للنصوص المقدسة، فإن ذلك لن ينسجم مع تطلعات المرأة المسلمة الحديثة.
و أخشى القول بإن القليل من المثقفين المسلمين، حتى المصلحون منهم، يسعون ويرغبون في معالجة هذا المشكل. ففي إيران على سبيل المثال، المصلحون متشددون في العديد من القضايا، لكنهم لا يحركون ساكنا حينما يتعلق الأمر بمسألة حقوق المرأة في الشريعة الإسلامية. فهم يعتقدون أنهم إذا حققوا هدف تأسيس صيغة معينة للديمقراطية الإسلامية، فإن مشاكل المرأة ستحل. وفي الوقت نفسه، يشعر العديد منهم بأن قضية المرأة في الإسلام هي قضية رمزية بإمكان الغرب أن يتلاعب بها، وهي بذلك قضية تدعو إلى الفرقة. لكن الواقع أن هناك مشاكل خطيرة تصدر عن الفهم التقليدي للشريعة الإسلامية، وهذا ما يفسر ظهور خطاب جديد ووعي نسائي يسعى إلى معالجة هذه المشاكل من داخل الإطار الإسلامي.
هذا الخطاب الجديد إسلامي من حيث مصدر شرعيته, لكنه نسائي من حيث مطالبه وتطلعاته.
أعتقد أن هذا الخطاب الجديد لم يكن بالإمكان أن يظهر إلا في سياق ما بعد الاستعمار وبعد ظهور الإسلام السياسي – وهذا أمر لا يوافقني فيه الكثير من الناس-، إذ كانت الحركة النسائية في نظر المسلمين مشروعا استعماريا ينبغي مقاومته. هكذا، واجهت النساء المسلمات اللواتي كن يطالبن بحقوقهن اختيارا صعبا: كان عليهن الاختيار بين عقيدتهن – أي هويتهن الدينية – وبين وعيهن بقضيتهن. ليلى أحمد وصفت ذلك " بالاختيار بين الخيانة والخيانة ". لكن بطرق متناقضة، فتح ظهور الإسلام السياسي فضاء ومجالا بإمكان المرأة المسلمة أن توفق فيه بين ما كان يعتبر في السابق هويتين متناقضين وهذا ما أبرز ظاهرة "الحركة النسائية الإسلامية".
لم يحدث ذلك لأن الإسلاميين كانوا يتوفرون على جدول أعمال ثقافي تقدمي يعرض نظرة للإسلام مساوية بين الجنسين، بل إن هذا ما يفتقدونه بصفة عامة. على عكس ذلك، فطبيعة جدول أعمالهم وسعيهم نحو ترجمة نظرة الإسلام للمرأة (وهي نظرة صبغوها بصبغة التحيز نحو الرجل) إلى سياسة يفرضونها على النساء هو ما حفز انتقاد هذه النظرة من طرف بنات الحركة الإسلامية، وأعطى أيضا دفعة قوية للحركة النسائية المنتمية لهذا التيار. والأهم من ذلك هو أن الإسلاميين أعطوا المرأة معجما سياسيا – أي لغة الإسلام السياسي – للدفاع عن حقوقها. وتستوحي النسائيات المسلمات من مبادئ العدل والمساواة في الإسلام منطلقات تغيير مظاهر التحيز إلى الرجل المتأصلة في القراءات التقليدية للشريعة الإسلامية. هناك توافق بين روح الإسلام وبين سعي النسائيات إلى إنصاف بنات جنسهن. وإذا ما سمح للإسلام أن يتعرض للمسلسل الديمقراطي, أعتقد أن النساء سيكن القوى القيادية في هذا المسلسل.
ندية ياسين3: أنا أنظر إلى الأمر من زاوية أخرى، وهي أن مرونة الإسلام وتكيفه مع الأوضاع المختلفة، كما شهد على ذلك انتشاره الواسع عبر العالم، هي دليل كاف في اعتقادي على أن الإسلام يمكن أن يناسب أي سياق. ما يجب تغييره ليس الإسلام، وإنما العقول التي تستنبط من توجيهاته العامة حسب اجتهاداتها. لا أعني بذلك أن يتم التخلي عن الأوامر والأحكام القطعية التي ليس للعقل المسلم سبيل إلى الاجتهاد فيها، ولا إغفال القيم والمبادئ العالمية للإسلام. على العكس من ذلك, فإن تلك الأحكام والقيم والمبادئ هي التي تضمن للإسلام عالميته وقدرته على احتضان أشكال الحياة المتغيرة باستمرار.
لا يمكن فصل تاريخ المرأة في الإسلام عن تاريخ الحركة الإسلامية. ذلك أن الرسول )صلى الله عليه وسلم( جاء لرد الناس إلى الطريق المستقيم بعد أن ضلوا السبيل، ولإنصاف المظلومين وعمل بذلك على تحرير المرأة من قيود عصر ما قبل الإسلام. في غياب التربية الروحية عند الفرد والمساواة الاجتماعية في المجتمع، تكون الضحية الأولى لهذا الوضع المتردي هي المرأة, ليس في المجتمعات المسلمة فقط بل وفي باقي المجتمعات.
إن تحرير المرأة في الإسلام وفي التاريخ الإسلامي مرتبط ارتباطا وثيقا بتحرير المجتمع، وهذا ما نأخذ به في فكر جماعتنا التي تدعو إلى تحرير المرأة، ليس على المستوى النظري فقط بل في أرض الواقع أيضا، إقتداء برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إمام تحرير المرأة في التاريخ.
لماذا يشكل هذا الربط أهمية كبرى؟ لأننا نقف عند الطريقة الخاطئة التي استعمل بها الحكام المتسلطون الفقه الإسلامي لتحقيق مآربهم. الأمر الذي لا زال مستمرا إلى الآن. مثلا فيما يخص قانون الأحوال الشخصية المغربي، نعتبر في جماعتنا أن المخزن – أي النظام الحاكم في المغرب – هو الذي تبنى هذه المدونة بالجملة سعيا منه إلى المحافظة على قراءة ذكورية للإسلام مجحفة بحق المرأة وذلك خدمة لمصالحه. نحن نقول إن هذه القضية ليست هي القضية الأساسية في بلدنا. إنها قضية فرعية نابعة من فساد الحكم. لقد طرح المخزن هذه القضية لتحويل اتجاه الناس عن أصل كل الشرور والأدواء – ألا وهو الاستبداد باسم الدين والتمثيل الأحادي والإقصائي للإسلام-. هناك فعلا مشكل عويص يخص تحرير المرأة يقاومه بعض الرجال. وهذا أمر طبيعي.
نحن نأكد دائما على أن هذه المدونة ليست نصا مقدسا، وإنما مجرد اجتهاد بشري تجب مراجعته ولذلك كانت مشاركتنا في المسيرة الكبرى في الدار البيضاء لمناهضة "خطة إدماج المرأة في التنمية"، والتي شارك فيها أكثر من مليون متظاهر، للاحتجاج على استلاب المرأة المسلمة وإبعادها عن دينها.
لنقف برهة عند خطة "إدماج المرأة في التنمية", فهي برنامج أملته منظمات دولية في مؤتمر كوبنهاكن. خطة عمل إدماج المرأة تضم 215 فصلا تؤطرها أربعة خطوط رئيسية : التعليم ومحاربة الأمية في العالم القروي, الصحة الإنجابية, محاربة الفقر وتحسين دور المرأة الاقتصادي وأخيرا تحسين وضع المرأة القانوني والسياسي.
مسيرة المليوني متظاهر التي نظمتها الحركات الإسلامية في الدار البيضاء في مارس / آذار 2000 بموازاة مع مسيرة 20 ألف متظاهر في الرباط كان لها هدف مشترك: نحن مع تحرير المرأة, نحن مع معظم فصول الخطة وهذا ما نقوله في جماعتنا، لكننا نعارض إبعاد المرأة المسلمة عن مبادئها الإسلامية. نعارض صدور الخطة عن البنك الدولي ومؤسسات غربية أخرى لها نوايا سيئة. نحن أعلم بحاجياتنا، لسنا في حاجة إلى " أوصياء " علينا. الواضح من المعطيات التي جمعوها هو أن القضايا الكبرى مثل الفقر والأمية كلها مشاكل جوهرية تواجه المرأة ونحن متفقون على ضرورة تحرير المرأة من القهر والقمع اللذين تتعرض لهما, لكن في المقابل نعارض إبعادها عن قيمها الإسلامية عن طريق تبني النموذج الغربي وقيمه بالجملة – كما يقول طارق رمضان.
طارق رمضان4 : لدي ملاحظة حول هذه المناقشات وهي أهمية الطريقة التي ينظر بها المسلمون إلى أنفسهم، من خلال تصور الشريعة على أنها مبادئ عالمية والفقه على أنه قانون، والطريقة التي ينظرون بها إلى مسألة تطبيقه. وإذا أتينا إلى قضية المرأة, معظمنا يعارض أن يفرض على وعيه أمر يجعلها تحس بأن حريتها مسلوبة. لكن نعلم أيضا أنه لا يكفي أن تكون حرا. فالعلاقة بين المبادئ والثقافات أساسية جدا، ومسلسل متأصل في العالم الإسلامي. جاء النبي( صلى الله عليه وآله وسلم) بمسلسل تحريري, لكن بعد وفاته قام أناس وفقهاء وعلماء مهتمين أكثر بالسلطة والتمييز ضد المرأة باغتصاب رسالته التحريرية. يعني هذا أن لدينا دين جاء في الأصل بقيم عالمية تسمح لنا بأخذ كل ما لا يتعارض مع مبادئنا نحن المسلمين. بدأ هذا المسلسل في المرحلة الرسالية الأولى وكان مسلسلا إيجابيا. ثم بدأنا نقرأ المبادئ من خلال الثقافات – أي عكس المطلوب حيث أن الخطاب الثقافي يؤثر على فهمك للمبادئ تأثيرا سلبيا. إذا قرأنا على سبيل المثال مؤلف الإمام الشافعي " الرسالة ", هل نجد ثمة شيئا عن ثقافته العربية أو مبادئ مجردة أو قراءة عربية خاصة لتلك المبادئ. إذا كان الأمر كذلك، فعلينا أن نتعلم الفصل بين المبادئ المحلية وما هو " إسلامي " بالأساس حتى بالنسبة لأكبر المشرعين؛ علينا أن نسائل قراءة الإمام الشافعي وغيره من كبار علماء المسلمين لمعرفة هل هناك شيء خاص في ثقافتهم يؤثر على فهمهم للشريعة.
ونحن المسلمون المقيمون في الغرب في زمن العولمة نحتاج فعلا إلى الرجوع إلى المبادئ والتمييز بين المبادئ الإسلامية وبين الثقافات المؤطرة لها ثم مساءلتها من خلال هذه الثقافات. وهذا يرتبط بما قالته ندية وهو مهم جدا إذ أن على المرأة المسلمة أن تتمكن من مساءلة المصادر والطريقة التقليدية التي قرئت بها والإتيان بأجوبة جديدة مستخلصة من الإسلام وبمنأى عن التقاليد. هذا يعني أن تحافظ المرأة المسلمة على هويتها وفي الوقت نفسه أن تأتي بأجوبة وحلول جديدة. لن تكون هذه الأجوبة غربية بل إسلامية. على المرأة المسلمة أن تدرك أن بإمكانها أن تكون عصرية دون أن تكون غربية ودون أن تخون هويتها.
حاكان يافوز5 : أوافق طارق في تمييزه بين الثقافات والمبادئ. فالثقافة تلعب دورا مهما في تطورفهم الإسلام. لذلك، تظهر أهمية تقسيم العالم الإسلامي إلى مناطق لإظهار أوجه التشابه والاختلاف. لكن أعتقد أيضا أن المشكل هو كيفية التمييز بين الثقافة العربية وبين المبادئ العالمية للإسلام, خاصة في القرآن. كيف نتعامل مع القرآن نفسه حيث أن هناك نصوصا واضحة في القرآن قد تدفع بالعديد من الناس إلى الاعتقاد بأنها قيود غير عادلة على حقوق المرأة مقابل الرجل، لا يمكن أن نغفلها ونعتبرها وجها من وجوه الثقافة العربية، أو ربما علينا أن نعيد دراسة القرآن نفسه دراسة جذرية. هل يمكن الحصول على المبادئ خارج البنية الاجتماعية والسياسية لحقبة محمد(صلى الله عليه وسلم)؟
في إطار تمييزنا بين المبدأ والثقافة في القرآن, نحن بحاجة إلى فضاء نقدي نتوسع فيه مؤقتا بهدف إيجاد مبادئ مشتركة. ليست الثقافة وحدها هي المشكل بل آيات القرآن نفسها. أعتقد أن هناك مبادئ عالمية عامة في الإسلام وهناك في الوقت نفسه قواعد خاصة. الإسلام ليس مجرد ألفاظ تسهل التواصل بل هو طريقة حياة. وهنا نجد درجة من التناقض إذ كيف يمكننا أن نتعامل مع قضايا مثل الزواج بين أفراد الجنس الواحد؟ كيف نعترف بذلك ؟ أعتقد أنه يمكننا أن نستفيد من الإسلام ومبادئه العامة مثل العدل والمساواة لكن نحتاج إلى تجاوزه واعتباره تقليدا تاريخيا وليس فقط كلمة الله. وهذا ما يساعد على معالجة قضايا لا يستطيع الإسلام معالجتها – أعني بذلك استخدام قضايا حقوق الإنسان وخطابات علمانية أخرى لإغنائه.
ندية ياسين: هنا أيضا تطرح قضية قراءة القرآن في سياقه, ليس القرآن في حد ذاته.
طارق رمضان: أعتقد أنك على حق. لابد أن نتعامل مع قضية وجود بعض الآيات الغامضة في القرآن، لابد أن نقول إنه يمكن أن نأخذ بعض آيات القرآن خارج سياقها، ولكن نحتاج أيضا إلى الاعتراف بأن بعض العلماء المسلمين يعتقدون أنك إذا حاولت أن تضع الأمور في سياقها أو أن تستخدم تقنيات التأويل مثل القراءات الكرونولوجية أو السياقية, فإنك تذهب بعيدا في طريق الغرب.
لكن علينا أن نثق بالطريقة التي نواجه بها هذا الواقع. فأنا بصفتي مسلم مؤمن، أعتقد أنه ليس هناك في القرآن أو الإسلام شيء يشجع على التمييز ضد النساء. لكن أعتقد أنه في جل المجتمعات الإسلامية والجاليات المسلمة في الغرب، هناك تمييز غير مقبول قائم على قراءة معينة لنصوص القرآن.
مارك ليفين6 (أحد منظمي الندوة) : هذا الأمر يشبه في الحقيقة الحوارات حول إعادة تفسير مفهوم الجهاد حيث حاول الحداثيون والمصلحون خلال أكثر من قرن إعادة توجيه المفهوم نحو بعده الداخلي، أو على الأقل نحو مفهوم " دفاعي" في الأصل عبر الجمع بين تقنيات القراءة الكرونولوجية والسياقية. هذا بينما انتقد بعض العلماء (المحافظين في غالبيتهم) أية محاولة للابتعاد عن المفهوم "الهجومي " للجهاد قصد استرضاء الغرب والتخلي عن المعنى الجوهري لمفهوم أساسي في الإسلام ستعمل قوته, كما يعتقدون, على إحياء الأمة وتقويتها.
ندية ياسين: هناك مثال على القراءة غير الحكيمة للأوامر القرآنية فيما يخص اللباس. في زمن ما قبل الإسلام، كانت النساء يلبسن اللباس الطويل المجرور في الأرض. فأمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) النساء ألا يلبسن اللباس الطويل لأنه رمز التكبر والثراء. لكن النساء فاوضن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليحتفظن بأثوابهن الطويلة, فرخص لهن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك لكن على ألا يجرن أثوابهن في الأرض. وهذا النوع من المفاوضة تدل على أهمية قراءة القرآن في سياقه. الانزلاق الخطير هو حين تقرأ النصوص خارج سياقها فتفهم فهما سيئا.
جون إسبوزيتو: لما بدأت البحث العلمي، كان موضوعه قانون الأسرة والواضح من أبحاثي هو أنه وحتى عند مصلحي القرن الماضي أو قبل ذلك، كان هناك فرق واضح بين ركن العبادات أو المبادئ الجوهرية للعقيدة وبين ركن المعاملات أو العلاقات الاجتماعية حيث إن الركن الأول لا يمكن تغييره بينما يمكن تغيير الركن الثاني. بمعنى أن هناك أمران متميزان- النص والسياق, المبادئ الإلهية والفهم والممارسة البشرية. لكن الجزء المهم من القضية هو أن المسلمين غالبا ما يساوون في كلامهم عن القانون الإسلامي بين هذين الركنين، يسمون القانون الإسلامي الشريعة وينسون أن الفقه هو جمع ومزج بين المبادئ والفهم البشري.
مارك ليفين: هل يمكن لعمرو, حاكان وزيبا أن يتفضلوا بالتعليق على قضية المرأة من خلال سياقهم الخاص وكذلك ندية بإعطاء أمثلة عملية على الكيفية التي تحول بها الخطاب عن المرأة خلال العقد الأخير. بتعبير آخر، ما هي المجالات الجديدة للتوافق والاختلاف، كيف تتعامل السلطات السياسية مع القضية في تركيا، إيران، مصر والمغرب، وكيف يحاول علماء الدين مثل القرضاوي أو ياسين والناس في حركة فتح الله كولن أو آيات الله الشباب في إيران إجراء هذا الفرق في المنهج والفهم بين المبادئ الإلهية والأفهام البشرية, خاصة حول قضية المرأة.
ندية ياسين: إن تاريخ "استعباد" المرأة لا يمكن فصله عن الاستبداد السياسي للأنظمة المسلمة الجائرة، والذي أدى إلى ظهور قراءات ضيقة الأفق لدور المرأة في الإسلام حبسته في سجن الأحوال الشخصية، قراءات خلفت إرثا غير مشرق. وفي هذا الصدد, خصص والدي الأستاذ عبد السلام ياسين كتابا سماه "تنوير المومنات" (1994) لمعالجة قضايا المرأة ودورها الحاضر والمستقبلي في إعادة بناء البنيان المنهار للأمة الإسلامية، ناقش فيه باستفاضة مختلف العوامل الداخلية (الفصل المبكر للإسلام عن السياسة والشأن العام )، والعوامل الخارجية (مثل الاستعمار) التي تسببت في استعباد المرأة وتغريبها عن هويتها، وقدم حلولا جديدة للخروج من المأزق الحالي.
وفي جماعتنا, لا نزال نمد أيدينا إلى جميع مكونات مجتمعنا, أفرادا ومؤسسات, من خلال اقتراح ميثاق إسلامي يشارك في صياغته الجميع ويعالج كل القضايا التي تمس مجتمعنا (بما فيها قضايا المرأة ). للأسف الشديد, ما زال نداءنا هذا لم يلق آذانا صاغية. فكل الأحزاب السياسية تقاطعنا، لكننا نواصل حركتنا المجتمعية عبر اللقاءات مع الأفراد والمؤسسات الراغبة في خدمة بلدها سعيا لتطوير هذا المشروع.و آخر مثال على مقاطعة الأحزاب حدث في أبريل / نيسان الماضي حين دعونا النسائيات اليساريات واليمينيات لحوار ونقاش حول القضايا الحالية للمرأة في مجتمعنا ولتسيير مجريات الحوار. لم يأت أحد، هل تغيبن خوفا من المخزن لأنهن لا يتمتعن بمساندة شعبية أم ماذا ؟ لا نعلم. ومهما يكن الأمر، لن ندع السعي نحو الحوار وجمع شتات المجتمع.
زيبا مير حسيني: عمل الإسلاميون على تشويه وإخفاء التمييز بين المبادئ والأفهام البشرية. وأعني هؤلاء الذين يستعملون شعار" الرجوع إلى الشريعة " الذي يستمدون منه شرعيتهم وقوتهم. فلو تم تفعيل هذا التمييز، وسمح بإجراء حوار داخلي، لكان بالإمكان إجراء الإصلاحات المطلوبة في القانون الإسلامي داخل إطار إسلامي.
في إيران, يحاول تيار داخل الحركة الإصلاحية إحياء هذا التمييز من أجل إحداث التغيير المنشود. هذا التيار يفصل بين الشريعة – أي القانون الموحى به من عند الله والذي يشخص عدل الإسلام – وبين الفقه الإسلامي، ويعتبر أن الشريعة مقدسة وعالمية وخالدة بينما الفقه، أو أي نظام تشريعي نابع من اجتهاد بشري، هو قانون داخلي ومتعدد وقابل للتغيير. كما يشير هذا التيار إلى تاريخ تطور القانون الإسلامي الذي يشهد بذلك. فلو لم يكن الأمر كذلك لما كانت هناك حاجة لوجود مدارس متعددة للفقه الإسلامي، خاصة وأن مؤسسي هذه المدارس الفقهية كلهم اعترفوا بأن فهمهم للقانون الموحى به – أي الشريعة – عرضة للخطأ البشري. ففي النصوص القانونيةالتقليدية, غالبا ما نصادف جملا مثل " هذا ما فهمه المؤلف " و" والله أعلم ". وهي جمل يعترف من خلالها الفقهاء بمحدوديتهم ويميزون بواسطتها بين ما فهموه من المصادر المقدسة و" شريعة الله ".
الأمر الثاني الذي يناقشه هذا التيار هو أنه بينما تعتبر الأحكام القانونية في مجال العبادات -التي تنظم العلاقة بين الله والعبد المؤمن- أحكاما ثابتة، فإن الأحكام القانونية في مجال المعاملات -التي تنظم علاقات الأفراد فيما بينهم- قابلة للتغيير. ذلك أنه في مجال العبادة، تحتوي الأحكام على أسرار إلهية تحدد مجال العقلانية والفهم، بينما تفتح الأحكام الاجتماعية مجال استخدام العقل وإعادة التدبر. يعني ذلك أنه بينما تضع الشريعة أحكاما خاصة بالعلاقة مع الله, فإن أحكامها في مجال العلاقات البشرية تهدف إلى وضع مبادئ أساسية وإرشادية لضمان العدل ومصالح البشر.
بالطبع, يعارض المحافظون في إيران بقوة هذه المقاربة للقانون الإسلامي ويعملون كل ما في وسعهم لإسكات الإصلاحيين. وشأنهم شأن كل الإسلاميين, يسعون إلى إبقاء الحدود غامضة بين الشريعة والفقه، وبين العبادة والأحكام الاجتماعية. وبهذا الأسلوب, يحافظون على شرعيتهم المزعومة بأنهم حماة الشريعة. وهكذا, يتسترون وراء سلطة الشريعة والعقيدة الإسلامية في كمالها لتبرير وبيع جدول أعمالهم التسلطي لعامة المسلمين.
مارك ليفين: ندية, أشرت إلى أهمية الحركة الصوفية في هذا السياق. طبعا, الحركات التقليدية خاصة الحركة الوهابية تعارض الصوفية بشدة. هل بإمكانك أو أي أحد من المتدخلين أن يتحدث عن كيفية تحول العلاقة بين الحركة الصوفية والحركة التقليدية خاصة أن هناك محاولة شاملة لإجراء توافق وتصالح بين قوى عديدة في العالم العربي والإسلامي. وبالنسبة لك طارق, هل يمكنك التحدث بإيجاز عن دور الصوفية في أوربا, خاصة في الحوار بين الأديان بل وحتى اعتناق الإسلام ؟
ندية ياسين: أولا, أود أن أقول بإيجاز إن الصوفية هي الجانب الروحي للإسلام. بعد الانكسار التاريخي – أي تحول الحكم الإسلامي من خلافة راشدة إلى ملك استبدادي – تمزق الإسلام بتمزق الأمة. فبعض العلماء اهتموا بتفسير القرآن وآخرون بعلوم الحديث النبوي وآخرون بالفقه الإسلامي وآخرون، سماهم التاريخ صوفية، بالجانب الروحي للإسلام. ثم دعوني أقول إن الجانب الروحي الذي ندعو إليه بعيد عن الصوفية المنزوية في المساجد والزوايا البعيدة عن شؤون الناس. قد نسميه نوعا من الصوفية المشاركة حيث نسعى إلى توجيه الجانب الروحي لكل مناحي حياة المسلمين، لأننا نعتقد أنه الدواء ضد الانحرافات الناجمة عن ظروف الحياة والاهتمامات المادية اليومية. سموه صوفية جديدة أو " صوفية اجتماعية "، لأننا نعتقد اعتقادا جازما أن السلوك والتقرب إلى الله وتحقيق الكمال الروحي لا يمكن أن يتحقق في كامل تجلياته إلا بالتقرب الرحيم والحاني نحو أخيك أو أختك في الدين أو في الإنسانية.
هدفنا (في الأمد القصير والأمد البعيد أيضا) جمع كل هذه الأجزاء من الإسلام. فعندما تلج الروحانية قلب مسلم أو مسلمة, تنفتح آفاقه. فلن ينظر إلى أخيه أو أخته المسلمة نظرة المبتدعين أو الضالين، ولن تكون له نظرة أحادية وإقصائية للإسلام. سيقبل اختلاف الآراء وسيحترم مبدأ التسامح. سيعمل من أجل المصلحة العامة وسيلقح ضد الفيروس القاتل للتطرف. سيكون محبا للإنسانية جمعاء وسينظر إلى كل الناس, ولو لم يكونوا من دينه, نظرة الإخوة والأخوات في الإنسانية. وفي نفس السياق, لن يرى المرأة المسلمة كآلة لإنتاج الأطفال أو جندي من جنود الشيطان أو بضاعة أو هدف جنسي. بل سيعتبرها مواطنا كامل الوطنية وشريكا دائما في تدبير شؤون المجتمع. ذلك أن عدم احترام المرأة سببه نقص في خصلة التواضع. أما حين يكون للإنسان هم روحي، فإنه يعتمد فلسفة أو مقاربة ثنائية للأمور حيث ينظر إلى نفسه نظرة استصغار إيجابية وسينظر إلى الآخرين نظرة احترام وإكبار. لذلك، فإننا نعتقد أن الجانب الروحي في الإسلام – وهو جانب كامن في الأمة ولا يحتاج إلا لإعادة الإحياء في القلوب- هو قوة تصالح قادرة على جمع كل مكونات العالم الإسلامي في كيان منسجم يحترم مبدأ التنوع في إطار الوحدة.
هذه هي الورشة الأساسية لجماعتنا: تربية الشباب المسلم تربية روحية وأخلاقية وأيضا تربية سياسية وتحويله إلى قوة بناءة بدل أن يصبح قوة تخريبية.


الهوامش
1 : أستاذ الديانات والقضايا الدولية والإسلامية بجامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأمريكية.
2 : متخصصة قي الحضارات الإنسانية . مختصة في قانون الأسرة بإيران.
3 : باحثة في العلوم السياسية. مؤلفة. مهتمة بقضايا المرأة. كريمة مرشد جماعة العدل والإحسان. مؤسسة القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان.
4 : أستاذ جامعي بسويسرا متخصص في الدراسات الإسلامية. داعية نشيط بأوربا. له عدة مؤلفات حول الإسلام والمسلمين في الغرب وإشكالية الهوية.
5 : أستاذ جامعي من تركيا.
6 : أستاذ باحث بجامعة كاليفورنيا. عضو نشيط في حركة مناهضة العولمة والحروب.


تاريخ النشر : 09/12/2004

anass
12-05-2005, 19:08
مشكور أخي الكريم و بارك الله فيك

hassan_1677
28-06-2005, 00:02
نادية ياسين تتحدى المخزن وعاة الخنوع.

hassan_1677
07-03-2006, 17:46
مرحبا بكم ،وننتظر مشاركتكم الفعالة