مشاهدة النسخة كاملة : نزول القران و جمعه



nada yassine
10-04-2007, 19:57
نزل القرآن على فترات متقطة ولم ينزل مرة واحدة بل استمر نزوله أكثر من عشرين عاماً. قال تعالى: وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا{{الإسراء-106}}

ولنزول القرآن مفرقاً حِكم عديدة طبقا للعقيدة الإسلامية منها:

تثبيت قلب النبي محمد لمواجهة ما يلاقيه من قومه، قال تعالى: "كذلك لنثبِّت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً" (سورة الفرقان:32)

الرد على الشبهات التي يختلقها المشركين ودحض حججهم أولاً بأول، قال تعالى: "ولا يأتونك بمثلٍ إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً" (الفرقان:33) تيسير حفظه وفهمه على النبي محمد وعلى أصحابه. قال تعالى: وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا{{الإسراء-106}}
وفي قوله تعالى: "ورتلناه ترتيلاً" إشارة إلى أن تنزيله شيئاً فشيئاً ليتيسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه.

التدرج بالصحابة والأمة آنذاك في تطبيق أحكام القرآن، فليس من السهل على الإنسان التخلي عما اعتاده من عادات وتقاليد قد تكون مخالفة للقيم والعادات الإسلامية مثل شرب الخمر.
أما المقدار الذي كان ينزل من القرآن على رسول الله فيظهر من الأحاديث النبوية أنه كان ينزل على حسب الحاجة. أما بداية الوحي، فإن أول ما نزل من القرآن على رسول الله محمد من الآيات هو بداية سورة العلق وهي قوله تعالى: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ* عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ". وذلك في غار حراء حيث كان النبي يتعبد ويختلي بنفسه.

وقد كان هذا في السابع عشر من رمضان، قال ابن كثير في كتابه البداية والنهاية "كان ابتداء الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين لسبع عشرة خلت من رمضان وقيل من الرابع والعشرين". وقد اختلف بأي يوم بالتحديد بدأ نزول الوحي لكنه متفق على أنه في أواخر رمضان.

ومن عقيدة المسلم وإيمانه بالقرآن أن يؤمن أن الملك جبريل نزل بألفاظ القرآن كلها وأن القرآن كله هو كلام الله ولا دخل لجبريل ولا للرسول محمد فيها ولا في ترتيبها بل هي كما قال تعالى: "كتاب أُحكمت آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير" (هود:1)

أولاً: حفظ القرآن في عهد النبي محمد عليه الصلاة و السلام

إن من مميزات الأمة المسلمة أن كتابها قد حفظ عن ظهر قلب على خلاف بقية الأمم السابقة. وقد كان في ذلك سبباً من أسباب حفظ القرآن من التحريف والتغيير على مر العصور. وقد كان النبي كثيراً ما يحث الصحابة على حفظ القرآن حتى أنه كان يتعاهد كل من يدخل الإسلام ويدفعه إلى أحد المسلمين يعلمه القرآن. يروى عن عبادة بن الصامت قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُشغَل، فإذا قَدِمَ رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن " رواه أحمد . ولقد حفظ عدد كبير من الصحابة القرآن منهم: الخلفاء الراشدين، طلحة، سعد، ابن مسعود وغيرهم من الصحابة.

ثم إن النبي لم يكتفي بحفظ الصحابة للقرآن عن ظهر قلب، بل أمرهم أن يكتبوه ويدونوه لحمايته من الضياع والتغيير. وبذلك تحقق حفظ القرآن في الصدور وفي السطور. وقد كان أمر النبي في البداية ألا يكتب الصحابة شيئاً إلا القرآن حتى لا يختلط بغيره من الكلام. والدليل على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تكتبوا عني ومن كتب عني غير القرآن فليمحه" (رواه مسلم). قال النووي تعليقاً على هذا الحديث: "وكان النهي حين خيف اختلاطه بالقرآن، فلما أمن ذلك أذن في كتابته".

وكان صحابة رسول الله محمد يستعملون في كتابة القرآن ما تيسر لهم وما توفر في بيئتهم من أدوات لذلك، فكانوا يستعملون الجلود والعظام والألواح والحجارة ونحوها، كأدوات للكتابة. وبقي القرآن مكتوباً على هذه الأشياء محفوظاً عند النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولم يجمع في مصحف في عهده.

أما عن حكمة عدم جمعه في عهد النبي طبقا للشريعة الإسلامبة، فقد قال العلماء في ذلك:

أنه لم يوجد داع من جمعه في مصحف واحد كما على عهد الخلافة بعد وفاة النبي.
أن القرآن نزل مفرقاً على فترات مختلفة، ولم ينزل بترتيب المصحف، ثم إن بعض الآيات نزلت ناسخة لما قبلها. ولو جمع القرآن على عهد النبي في مصحف واحد لكان وجب تغير المصاحف كلها كلما نزلت آية أو سورة.

ثانياً: جمع المصحف في عهد أبي بكر الصديق

أما جمع القرآن في مصحف واحد فقد تمت للمرة الأولى في عهد أبى بكر الصديق بعد أن توفي النبي محمد. فبعد غزوة اليمامة التي قتل فيها الكثير من الصحابة وكان معظمهم من حفاظ القرآن، جاء عمر بن الخطاب إلى أبي بكر الصديق وطلب منه أن يجمع القرآن في مكان واحد حتى لا يضيع بعد وفاة الحفاظ.

فقام أبو بكر بتكليف زيد بن ثابت لما رأى في زيد من الصفات تؤهله لمثل هذه الوظيفة ومنها كونه من حفاظ القرآن ومن كتابه على عهد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-. وقد شهد زيد مع النبي العرضة الأخيرة للقرآن في ختام حياته. ثم إن زيد قد عرف بذكائه وشدة ورعه وأمانته وكمال خلقه.

روى البخاري في صحيحه عن زيد أنه قال: أرسل إليَّ أبى بكر مقتل أهل اليمامة وعنده عمر، فقال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحرَّ - أي اشتد وكثر - يوم اليمامة بالناس، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء في المواطن، فيذهب كثير من القرآن، إلا إن تجمعوه، وإني لأرى أن تجمع القرآن، قال أبو بكر: قلت لعمر كيف أفعل شيئاً لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال عمر: هو والله خير، فلم يزل عمر يراجعني فيه حتى شرح الله صدري، ورأيت الذي رأى عمر. قال زيد: وعمر عنده جالس لا يتكلم، فقال أبو بكر: إنك رجل شاب عاقل ولا نتهمك، كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَتَبع القرآن فاجمعه. فوالله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلان شيئاً لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: هو والله خير، فلم أزل أراجعه حتى شرح الله صدري للذي شرح الله له صدر أبي بكر وعمر، فقمت فتتبعت القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال…وكانت الصحف التي جُمع فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حتى توفاه الله، ثم عند حفصة بنت عمر. رواه البخاري.

واتفق أهل العلم أن الصحابة كان لديهم مصاحف كتبوا فيها القرآن أو بعضه، قبل جمع أبي بكر لها، إلا أن هذه المصاحف كانت جهوداً فردية لم تنال ما ناله مصحف الصدٌيق من دقة البحث والتحري وبلوغه حد التواتر والإجماع من الصحابة.

ثم بدأ زيد بجمع القرآن من الرقاع واللخاف والعظام والجلود وصدور الرجال، وأشرف عليه وأعانه في ذلك أبو بكر وعمر وكبار الصحابة. واتبع الصحابة طريقة دقيقة وضعها أبو بكر وعمر لحفظ القرآن من الخطأ، فلم يكتف الصحابة بما حفظوه في قلوبهم ولا بما كتبت أيديهم ولا بما سمعوا بآذانهم بل جعلوا يتتبعون القرآن واعتمدوا في جمعه على مصدرين اثنين أحدهما ما كتب بين يدي رسول الله محمد والثاني ما كان محفوظا في صدور الرجال. وبلغت مبالغتهم في الحيطة والحذر أنهم لم يقبلوا شيئا من المكتوب حتى يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله محمد.

فعن عروة بن الزبير قال: لما استحرَّ القتل بالقراء يومئذ، فرِقَ أبو بكر على القرآن أن يضيع - أي خاف عليه - فقال لعمر بن الخطاب وزيد ابن ثابت: اقعدا على باب المسجد، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه. وبذلك اخذ مصحف ابو بكر الصفحة الجماعية واتفق الصحابة كلهم عليه ونال قبولهم فكان جمعهم له على اكمل وجه واتمه.


ثالثاً: توحيد المصحف في عهد عثمان

وبقي القرآن على ما هو عليه في عهد أبي بكر إلى عهد عثمان. إلا أن القرآن كان قد نزل على النبي عليه الصلاة والسلام بسبعة أحرف(أي بسبعة لهجات) ليسهل على القبائل فهمه واستيعابه.

ثم في سنة 25 هجرية، وفي خلافة عثمان بن عفان، رأى الصحابة أنه بعد الفتوحات الإسلامية، بدأ أهل العراق والشام وبعض الأمصار بالاختلاف حول القراءة الصحيحة للقرآن فكان يكفّر بعضهم بعضاً. فقام عثمان بتشكيل لجنة من كَتَبَة الوحي أيام رسول الله محمد لتجميع القرآن وأمرهم بجعل نسخة واحدة موحدة ومدققة على أساس القراءة الثابتة والمتواترة عن الرسول وهي قراءة أهل مكة.

عن أنس بن مالك: أن حُذيفة بن اليمان قدم عَلى عثمان، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال لعثمان: أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى. فأرسل إلى حفصة: أن أرسلي إلينا الصحف ننسخها في المصاحف، ثم نردها إليك، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان، فأمر زيد بن ثابت، وعبد الله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا اختلفتم أنتم و زيد بن ثابت في شيء من القرآن، فاكتبوه بلسان قريش، فإنه إنما نزل بلسانهم، ففعلوا، حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة ومصحف أن يحرق. (رواه بخاري)

وسمي هذا المصحف بمصحف عثمان أو مصحف الإمام، ولم يبق سوى هذا المصحف منذ عهده. وهي النسخة التي تطبع حاليا بالرسم العثماني في كل أنحاء العالم الإسلامي.

abdelkader
13-04-2007, 22:47
جزاك الله كل خير موضوع قيم ما احوجنا الى تعلم ديننا بعد ما غاب عن الجميع