مشاهدة النسخة كاملة : تشخيص الداء ووصف الدواء من خلال حديث القصعة



najib katrim
05-04-2005, 16:34
تشخيص الداء ووصف الدواء من خلال حديث القصعة
بقلم الطالب الباحث عبد الهادي ايت بها/اكادير

إن مما يزيد المؤمن إيماناً وطمأنينةً ويقيناً على أن هذا الدين حق، وأن ما أوحي به للمصطفى صلى الله عليه وسلم صواب وصدق، هو مشاهدة ووقوع بعض ما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم أمته منذ أمد بعيد، ولا غرابة في ذلك، فقد زكى الحق سبحانه وتعالى لسانه بقوله : " وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى" .
وهكذا يتبين "أن حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إبلاغ أمته بما سيكون هو جزء من معجزته المؤيدة لرسالته لمن سيأتي من بعده من المسلمين الذين سيشاهدون هذه الفتن، وبالتالي سيكونون على حذر منها ويتجنبون الوقوع في مزالقها، كما أنها الزاد الذي يمد المسلم بالقوة تجاه الكفر والإلحاد، فهذه هي مقومات للإيمان، فالمسلم حينما يرى ما أخبر عنه النبي عليه الصلاة والسلام واقعاً بعينه يزداد إيمانه، فتكون معجزة له مثل المعجزات الحسية التي شاهدها الصحابة في حياته عليه الصلاة والسلام. إن المسلم الذي جاء بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى وشاهد ما أخبر عنه واقعاً بعد مئات السنين سوف تزداد ثقته بصدق هذا الرسول الكريم الذي بعثه الله ليكون رحمة للناس" .
إن هذا الأمر، أي التصديق بالغيب يحتاج إلى اليقين بالله تعالى وبموعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الأمة ستستعيد مجدها، وتسترد قوتها، استعداداً لبشارة الخلافة على منهاج النبوة. ف"مستقبل الأمة كما أخبرت عنه الأحاديث والآثار لينبئ بأن لهذا الدين عودة، وإن الخلافة الإسلامية سوف تعود، وإن المسلمين سوف يعود لهم دورهم القيادي مهما كان الظلام حالكاً ومسربلاً واقع الأمة بسواده. إن هذا التوقع لم يبنى على خيال إنما بني على أخبار الله لرسوله عليه الصلاة والسلام، حيث أخبر عليه الصلاة والسلام أمته بالمسار التاريخي لها حتى نهاية العالم وقيام الناس لرب العالمين" .
ولا شك أن اليقين الذي تحدثنا عنه آنفاً يحتاج إليه الدعاة أكثر من غيرهم، لأنهم أمناء هذه الدعوة، ويحتاجون إلى ما يثبتون به ركائز الإيمان في قلوبهم، وتحمل كل ما سيعترض طريقهم من إبتلاءات وامتحانات خلال فترة التحول في تغيير الواقع المعاصر إلى واقع أفضل وأحسن، وهذا يقتضي منا عدم استعجال قطف الثمرة خلال فترة الدعوة لإقامة الحكم الإسلامي، بل الواجب على كل مسلم " العمل على المساهمة في البناء لتحقيق الغاية التي أشارت إليها الأحاديث من عودة الدين ليكون واقعاً في حياة الناس، وعليه أن يعمل في هذا السبيل فيكون جزءاً من قدر الله النافذ، وإلاَّ فإن قدر الله سوف يتحقق، لكن على كل مسلم أن يسعى ليحظى بأن يكون مع القافلة التي ستعيد مجد الأمة، فيكون له شرف المساهمة في تحقيق قدر الله في عودة الخلافة التي على منهاج النبوة" .
أولا: تشخيص الداء.
لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحرص على تحذير أمته من الهلاك، وذلك " أن حذرها مواطن السقوط وامتدت يده الطولى ب حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم" تغطي أمة الإسلام على طول زمانها وأمكنتها بالتمكين،والتفهيم، والتحذير، والإرشاد والتنبيه لمواطن البلاء، وأزمنتها، وما سيحدث ويحصل حتى قيام الساعة" .
وهكذا فالعاقل من الرجال لا يستطيع أن ينفي أن ما حذرنا منه صلى الله عليه وسلم منذ قرون قد حصل ووقع ولازالت الأمة تعيشه، كما يحق لنا أن نتساءل مع الشيخ محمد قطب حول ما وصلت إليه الأمة من ضعف وتضعضع" كيف هبطت ؟ لماذا هبطت؟ لماذا لم تحافظ على أفقها السامي، بل لم تحافظ على المستوى الأدنى الذي لا ينبغي لها أن تهبط دونه، والذي يحقق لها وجوداً راسخاً وممكناً لو حافظت عليه؟ !" .
نجد الجواب في الحديث النبوي الشريف الذي نحن بصدد دراسته، والذي أخبرنا فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم وحذرنا مما سيصيب الأمة في المستقبل ؛ إنه داء خطير يجب على خير أمة أخرجت للناس، أن تقاومه وأن تستأصله، وذلك باعتمادها الدواء الذي عينه لها الحبيب الطبيب صلى الله عليه وسلم.
وقبل الخوض في تفاصيل الموضوع لا بد لنا أولا أن " نقف عند كلمات هن مفاتيح الفهم: كثرة عددية، وعدو نزع الله مهابتنا من صدورهم، وقلوبنا قذف الله فيها الوهن، وحب الدنيا وكراهية الموت.
أوصاف وأوضاع ناطقة عن حالنا، منطبقة على ما تراه العين وتنمُّ عنه الأفعال. باد للعيان الضعف الغثائي، الكثرة العددية. ولئن كابر مكابر في دخائل صدور أعدائنا ومضمرات قلوبنا بما قذف الله عز وجل فيها من وهن لمَّا عصيناه وعصينا رسوله، ولو لا نَزْعُهُ تعالى من صدور عدونا مهابتنا، لما تخاذلنا كل هذا التخاذل المتمثل في بسط خدودنا ذلَّة لأعدائنا" .
أ: الغثائية
إن من بين الأمراض التي أصيبت بها الأمة الإسلامية ونخرت كيانها، وزادت في تشتيت صفها مرض الغثائية. " والغثاء غثاء السيل وغثاء القِدْر. وهو ما يطفَح ويتفرق من النبات اليابس وزبد القدر. ويضرب به المثل فيما يضيع ويذهب غير معتد به" هكذا قال علماء اللغة.
الغثائية إذن مرض الطفوح والتفرق وخفة الوزن.وهي صفات ما يضيعُ ويذهب غير معتد به : أي لا قيمة له ولا أثر" .
إنه وصف دقيق لحال الأمة، حيث استعمل صلى الله عليه وسلم صيغا بلاغية، وألفاظاً بيانية تستنهض الهمم الراقدة وتوقظ العقول النائمة.
ف "المسلمون غثاء كغثاء السيل.مثل ضربه من أوتي جوامع الكلم صلى الله عليه وسلم، ليعتبر منا من يعتبر. مثال لا أبلغ منه في تصوير انحلالنا، وخفة وزننا، وهوان قيمتنا، وانسياحنا في مجاري التبعية الفكرية، ومطاوعة المنحدر الهاوي بنا إلى حيث تتراكم نفايات التاريخ.
سيل يجرف غثاءً. مثال مبكّتٌ مستنهض للهمم، كاشف عن مكامن الداء في نفوسنا التي أصبحت تبنا مجروفاً، والمطلوب إليها أن تثبت ولا تنصرف، وأن تعز ولا تذل، وأن تعمل صالحاً ولا يفعل بها"
إن عدد المسلمين اليوم يفوق ويضاعف عدد الأمم الأخرى بكثير، ولكننا غثاء كغثاء السيل ونثار كنثار التبن الذي يجرفه السيل، يحتاج إلى من يجمعه وينظمه ويوحده، فالكثرة العددية بدون تنظيم وتوحيد تصبح آفة من الآفات، حيث يسهل على الأعداء السيطرة علينا وكذلك محاصرتنا والإستيلاء على خيراتنا.
ولا شك أن ما تعيشه الأمة الإسلامية في هذه الآونة الأخيرة من تشتت وتمزق هو بسبب هذا الغثاء، حيث أصبح المسلمون لقمة سائغة في فم العدو يفعل بهم ما شاء رغم كثرة أعدادهم، ولكنها كثرة كغثاء السيل. إنما شبهت بالغثاء، لأنه لا يجمع بينها تجانس ولا هدف ولا مجرى معلوم، إلا الخفة والاندفاع والسطحية التي هي صفة الغثاء" .
فالذلة مع الكثرة العددية " من الظواهر المشاهدة في هذا العصر الذي بلغ فيه العجز لدى المسلمين والضعف حداً لم يحدث على مدار التاريخ الإسلامي، وهي ظاهرة الكثرة العددية والعجز والتبعية والهوان حتى أصبح المسلمون يُذَبحون كما تُذَبَّح النعاج ويهانون فلا تتحرك لهم طرفة عين، وتنتهب أموالهم وتنتهك أعراضهم وتشتم عقائدهم ومع ذلك لا يتحركون إلا عند خواء البطون، فإذا ملئت بحفنة من طعام مغموس بالذل والمهانة رجعوا إلى نومهم العميق. إن هذه الظاهرة لتدعو إلى العجب فالمسلمون ليسوا قلة ولكنهم كثرة ومع نزع الخوف من قلوب أعدائهم وارتكسوا في مستنقع المهانة والذل" .
وهذا يدل على أن الأمة تحتاج إلى الكيف أكثر مما تحتاج إلى الكم، فالكثرة العددية لا تدل في غالبية الأحيان على قوة الجماعات، وذلك إن لم تكن هذه الكثرة منظمة وموحدة وبينها تماسك وتعاون.
فالحديث يعتبر مرة أخرى "ضرباً" من التنبؤ والإستحضار : استحضار حالة العالم الإسلامي، بعد أن تتمزق شبكة علاقاته الاجتماعية، أي عندما لا يعود مجتمعا، بل مجرد تجمعات لا هدف لها كغثاء السيل.ولا ريب أن جيلنا الحاضر يدرك الحديث أكثر مما يدركه أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، لأنه يصف في مضمونه العالم المستعمر، والعالم القابل للاستعمار الأمر الذي تعرضنا فيه لتجربة شخصية" .
ولا شك أن سبب هذا كله هو " خراب الباطن من قوة الإيمان الذي يصغر لدى المؤمن الدنيا، ويحبب إليه الموت في سبيل الله والذي سماه الحديث (الوهن) و فسره بأنه (حب الدنيا وكراهية الموت).
ولا عجب أن يهزم ألف مليون من غثاء السيل أمام ثلاثة ملايين من اليهود ! !" .



ب : ضعف المسلمين ونزع المهابة من قلوب عدوهم :
لقد أصبحت الأمة الإسلامية ضعيفة ذليلة، بعد أن كانت قوية عزيزة، وقائدة للعالم أجمع، حيث كان يخشاها ويخافها أقوى وأغنى الأعداء في ذلك الحين من الفرس والرّوم، ولكن بعد مرور فترات من الزمن خاصة بعد انتهاء الخلافة الراشدة وانقلاب الحكم من خلافة إلى ملك، تغيرت الأوضاع وبدأت الخلافات والفرقة تدب إلى صفوف المسلمين إلى أن بلغ بهم الأمر إلى ما هم عليه اليوم من تكالب الأعداء عليهم، وكذلك بسبب ضعفهم وتراجعهم وانتزاع الله الخوف من قلوب عدوهم.
" هكذا وقع الأمر كما تنبأ به النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نشاهد بأعيننا مصداق هذه النبوة ونتفرج على هذه المأساة التي تعيشها الأمة الإسلامية من اجتراء الأمم عليها وتكالبهم وتواطؤهم ضدها وانتزاع مهابتها ومكانتها وأهميتها من قلوب غيرها حتى أصبحت الأمة الإسلامية لا كلمة لها ولا مكانة وأصبح الآخرون يحكمون ويشاركون أراضيها كيفما أرادوا ويديرون أمورها كيفما شاءوا" .
إن خوف وجبن المسلمين هما اللذان جعلا أهل الكفر يتجرؤون على اغتصاب حقوقهم، ونهب خيراتهم، واستباحة أراضيهم وممتلكاتهم، وهذا يتضح جليا في العلاقات الدولية بين الحكومات العربية والحكومات الغربية، حيث أصبح المسلمون يخشون " دول الاستعمار فيطيعونها حتى على آبائهم وأبنائهم وأعزّ الناس لديهم وأغلى الأمور عليهم وعلى دينهم ووطنهم وقوميتهم وثقافتهم وإن سألتهم عن أسباب هذه الطاعة العمياء قالوا لك إننا إن لم نطعهم أهلكونا ونحن لا قبل لنا بمقاومتهم، ونسوا انهم عندما تقذف بهم دول الاستعمار في حروبها يلاقون فيها الموت الذي لم يكونوا ليلاقوا أعظم منه لو كانوا عصوها" .
وهكذا يبقى الجبن والهلع من أعظم العوامل في تقهقر المسلمين، وذلك بعد أن : " كانواْ أشهر الأمم في الشجاعة واحتقار الموت، يقوم واحدهم للعشرة وربما للمائة من غيرهم، فالآن أصبحوا إلا بعض قبائل منهم يهابون الموت الذي لا يجتمع خوفه مع الإسلام في قلب واحد.ومن الغريب أن الإفرنج المعتدين لا يهابون الموت في اعتدائهم، هيبة المسلمين إياه في دفاعهم، وأن المسلمين يرون الغايات البعيدة التي يبلغها الإفرنج في استحقار الحياة والتهافت على الهلكة في سبيل قوميتهم ووطنهم ولا تأخذهم في ذلك الغيرة ولا يقولون نحن أولى من هؤلاء باستحقار الحياة، وقد قال تعالى :  ولا تهنوا في ابتغاء القوم إن تكونوا تالمون فإنهم يالمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون  .
ومن أسباب واقع حال المسلمين كما يصوره هذا الحديث: " زوال المهابة من قلوب أعداء المسلمين حيث أن الأعداء أدركوا أنه لا ردّ فعل يمكن أن يصدر عن المسلمين مهما انتهكت الحرمات حتى ولو هدم المسجد الأقصى وأقيم على أنقاضه الهيكل اليهودي" .
وأسباب انتزاع المهابة من قلوب الأعداء كثيرة، نذكر من بينها :
1- الخلاف والصراع بين الدول والشعوب الإسلامية " والعمل على الاستعانة والاتكال على الأعداء ونتج عن ذلك أن الأعداء تربى عندهم عدم الخوف نتيجة لتنازل المسلمين عن الكثير من حقوقهم. والمطلع على مسيرة التاريخ بعد أن ضعفت الدولة العثمانية وسقطت البلاد الإسلامية في يد الأعداء هو اعتماد الحكام على الأعداء في الحصول على حقوقهم. بل إن كل خلاف يحدث بين حكام المسلمين يلتجؤون إلى أعدائهم لينالوا النصر والمساعدة والأحداث المعاصرة أكبر شاهد على ذلك.
2- تعطيل فريضة من أهم فرائض الإسلام وهي فريضة الجهاد بزرع حب الدنيا وكراهية الموت وعشق الحياة بحيث حب الدنيا مقدم على الآخرة والحصول على لقمة العيش مغموسة بالذل أطيب وأعذب للنفوس من مجابهة الأعداء والموت في سبيل ذلك، فربيت الأمة على حب الدعة والاستكانة والعيش في ظل سيطرة العدو وحمايته.
3- تسلط الحكام والاستبداد الذي أصبح سمة الحكومات الإسلامية، فأصبحت الجيوش تعد لمحاربة الأمة إذا أرادت أن تنهض من وطأة الذل، وعمد أصحاب السلطة إلى إذلال الأمة من خلال تجويعها، أو غمسها في الترف مع توفير أسباب الإرتخاء من إشاعة التفسخ الأخلاقي وإبعاد القيم الأخلاقية من أن تحكم واقع الحياة واستبدال ذلك بالمجون…" .
ج : الوهن ( حب الدنيا وكراهية الموت).
لقد ختم النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث الشريف بأخطر الأمراض التي لا زالت تنحر كيان الأمة، ألا وهو الوهن : " هذا المرض الذي يصيب الأمم والشعوب فيقضي على كيانها، ويهدم وجودها، ويسقط هيبتها، ويمحو أثرها، ويزلزل أركانها، ويحطم دعائمها، فتهون على عليائها وكرامتها واستعلائها إلى أن تركع أمام الأمم الأخرى، وتستخذل أمام الشعوب المجاورة، وتصبح لقمة سائغة للطامعين فيها، بل يكثر الأكلة حولها، ويجتمعون على اقتسامها والقضاء عليها، كما يجتمع الجياع حول الطعام ليتناولوه، ويأخذوه ويقتسموه، فلا يرفعون أيديهم عنه، وفي القصعة أثر لوجوده" .
وقد شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض، فبين أنه الوهن، ثم شرح أعراضه الظاهرة وأسبابه القريبة والبعيدة، وهي حب الدنيا، والتعلق بها، والافتتان بزينتها، والسعي وراءها، والطمع فيها، وقصور الآمال عليها، واعتبارها المبدأ أو المنتهى، والظن بالخلود فيها، وحب الاستزادة من البقاء فيها، وبالتالي كراهية الموت، لأنه يقطع هذه الآمال والأماني وكأن لسان حال القوم يردد سخافات الجاهلية من الدهريين وغيرهم حين يقولون :  إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمعوثين  وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمعوثين  وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون .
إن المرض واحد، ولكن له وجهان متقابلان، وصفتان متلازمتان، وعرضان متحدان، وهما حب الدنيا وكراهية الموت، وهذان العرضان نشيطان ومؤثران، ويتركان الآثار العظيمة، والنتائج الخطيرة، ويدفعان إلى أعمال جمة.


فمن آثار حب الدنيا أن تبدأ من الفرد لتصل إلى المجتمع، فتصبغه بها، وينتشر الحرص على جمع المال، والانكباب على كسبه بالطرق المشروعة وغير المشروعة، ويظهر التقائل والتخاصم والشح والبخل، والجشع والطمع، واللف والدواران في التعامل، والتحايل والتهرب، والسرقة والغصب، ثم يعقب ذلك التخاذل والجبن والخوف والاضطراب والقلق الشديد في المستقبل.
ومن آثار كراهية الموت أن يعب الإنسان من طيبات الحياة ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وألا يعد للموت عدّته، ولا يقدم شيئا أمامه، ويسرف في الملذات، ويسعى لإشباع الشهوات، وينقاد وراء الغرائز ولو قتل نفسه بنفسه، ثم يهلك ذاته بيده.
ويشرح القرآن الكريم هذا المرض بشقيه، مبيناً أثره وخطره وعاقبته، فيقول تعالى :  ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر، كلا سوف تعلمون.ثم كلا سوف تعلمون كلا لو تعلمون علم اليقين، لترون الجحيم. ثم لترونها عين اليقين، ثم لتسألن يومئذ عن النعيم .
هكذا يتضح أن حب الدنيا وكراهية الموت (الوهن) هو أصل البلاء، فيجب على كل المسلمين أن يحذروا هذا المرض الخطير والوباء القاتل، وأن لا يركنوا إلى الدنيا، وينبهروا بزينتها وزخرفها" " يكره الموت ويحب الحياة من لا يؤمن بالله واليوم الآخر أصلاً ومن لم يتجذر في قلبه الإيمان حتى يتيقن بالآخرة فيعمل لها، ومن هم هائمون على وجه الأرض، سائحون طفيليون، لا ترتفع أبصارهم فوق زينة الحياة الدنيا، ولا تتعدى مطامحهم اللحاق بأبناء الدنيا، المتمتعين بالدنيا، القادرين على الدنيا، الباطشين فيها، المستكبرين.
قلوب لا يسكنها الإيمان بالله وباليوم الآخر خراب يسرع إلى التعشيش فيه الوهن" .
د : خلاصات.

لقد أصبحت الأمة الإسلامية اليوم قصعة تأكل وذلك بحيل أكثر تطوراً من ذي قبل، يقول الأستاذ عبد السلام ياسين " ونرجع إلى القصعة وكيف يأكلها الأكلة في عصرنا، كانت الأمة في عصور مضت عرضة لداء الغثائية أطواراً. أكل المغول بغداد حين تبذخت، وأكل الصليبيون أطراف القصعة في الشرق حتى جمع الله شتات المسلمين وأبرأهم من غثائية ذلك الزمان على يد السلطانيين محمود بن زنكي وصلاح الدين الأيوبي رحمهما الله. وأكل نصارى أوربا قصعة الأندلس فذهب خبرها.
وتآكل المسلمون فيما بينهم منذ فجر تاريخ الإسلام في وقائع الجمل وصفين، أجج نار تلك الوقائع في جسم الأمة أوْشابُ من المتفرعنين القبليين،وتآكل المسلمون بعد ذلك ما بين شعوبيين ثائرين وعرب حاكمين، وما بين قبائل بمحمية مغيرة على حواضر ناعمة.
… لكن غثائية عصرنا " وقصعية" المسلمين في عصرنا، واستهانة العدو بنا لم يسبق لها مثيل.
إن كان الأكلة من قبل طمعوا منا في أسلاب وغنائم وأراضي وممتلكات، فأكلة عصرنا يطمعون في اجتثاث شجرتنا من فوق الأرض. ولا يقاوم بعض أبناء المسلمين وبنات المسلمين الهجمة الشاملة على مبنانا ومعنانا، بل هم بعض أسلحة عدونا في الغزاة، هم بعض ملاعق الأكل، هم وكلاء إشهار يبشرون الخروف بأن المجد كل المجد في أن يموت لتحيى حضارة الذئب.
يأكلنا في هذا العصر عدونا بأساليب ووسائل أنكاها فينا بلا مؤاربة ولا ريب تدجين الاستعمار عقول أبنائنا وبناتنا واستحمارها حتى أصبحت تستلذ السم الزعاف، سقوه في قوارير الثقافة المتنورة الفيلسوفة التي من مبادئها حب الدنيا وكراهية الموت.
هؤلاء الذين يحبون الموت في سبيل الله، ويكرهون الذلة لغير الله، ويحاربون الاستكبار الفرعوني، هم متطرقون إرهابيون، هم متخلفون عن العصر، هم المنغصون الطفيليون في مأدبة يرضى بها الآكل والمؤكول" .
لقد أصيبت الأمة الإسلامية بهذا الداء الخبيث في جميع أطرافها، اقتصادية واجتماعية وثقافية، وسياسية، وأخلاقية… حتى أقعدها المرض إلى الأرض وأصبحت عاجزة عن أداء مهمتها ، بل بلغ بها الأمر أن تُهجر وتنبذ ولا يسمع صوتها، ولا يؤخذ برأيها حتى بلغ بها الحال ما بلغ بتيم حيث قال الشاعر القديم واصفاً إياها :
ويقضى الأمر حين تغيب تيم  ولا يستأذنون وهم شهــــود

" ونرى ذلك في قضايانا التي تعرض في هيئة الأمم وفي مجلس الأمن وفي غيرهما كيف يقضى فيها كأننا غير موجودين، حتى وإن كنا بين ظهرانيهم يقضى علينا في كل قضية من هذه القضايا، لماذا ؟ لأن وجودنا في الأرض ضعيف ، لأن هذه الدول تتداعى علينا تأكل حقوقنا، تأكل خيراتنا، تأكل كرامتنا، وتريد أن تستعبدنا" .
وباسم الإرهاب تشنُّ حرب ضروس ضد المسلمين في دول عدّة، وتتكالب عليها قوى الشر من الصهاينة والأمريكان وحليفاتهما – من كل جانب، حيث ذاقت مجموعة من الدول مرارة الظلم والقتل والتشريد مثل الشيشان، والبوسنة والهرسك، وسرايقو وما تعيشه الأقليات المسلمة في بعض الدول من اضطهاد وقمع مثل بورما، والهند وغيرهما من الدول، كما أننا نسمع عن وحشية الصهاينة أحفاد القردة والخنازير وما يذيقون إخواننا في فلسطين من العذاب، ومن قتل، وتشريد، واغتصاب، وإبادة. إنه أمر يعلمه الصغير والكبير والرجل والمرأة والمسلم وغير المسلم، بل إنك تجد الصبي يعرف تفاصيل ما وقع ويقع في فلسطين، وما أحداث جنين عنا ببعيدة، وكذلك قتل الطفل محمد الدرة في حضن أبيه والصبية إيمان حجو وقافلة الشهداء مازالت مستمرة.
ويحسن بنا أيضا أن نذكر في هذا الباب بما عاشته أفغانستان المسلمة من تكالب مقيت، ومن تدمير شامل، ومن تشريد لرجالها ونسائها وأطفالها وشيوخها وذلك من طرف أمريكا ومن والاها من قريب أو بعيد.
ثانيا: وصف الدواء.
قبل الشروع في البحث عن الدواء الذي يمكن للأمة أن تُطَبِّبَ به جسمها، وتضمد به جراحاتها، وذلك لتستعيد قوتها، وتكتسب القدرة للنهوض من كبوتها، وتجاوز العقبات التي تعتري طريقها، لابد من الرجوع إلى الأصل وإلى المنبع الصافي الذي يُعد بمثابة الصيدلية التي لا بديل عنها. ويعود الأمر في عموميته إلى :
"الديانة الإسلامية التي كانت قد ظهرت جديدا في الجزيرة العربية فدان بها قبائل العرب، وتحولوا بهدايتها من الفرقة إلى الوحدة، ومن الجاهلية إلى المدنية، ومن القسوة إلى الرحمة، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الواحد الأحد، وتبدلوا بأرواحهم الأولى إلى أرواح جديدة، صيرتهم إلى ما صاروا إليه من عز ومتعة، ومجد وعرفان وثروة، وفتحوا نصف كرة الأرض في نصف قرن، ولولا الخلاف الذي عاد فدبَّ بينهم منذ أواخر خلافة عثمان وفي خلافة علي رضي الله عنهما لكانوا أكملوا فتح العالم ولم يقف في وجههم واقف" .
"فالسبب الذي به نهضوا وفتحوا، وسادوا وشادوا، وبلغوا هذه المبالغ كلها من المجد والرقي، يجب علينا أن نبحث عنه وننشره" .
وعلاج ما بالأمة لا يتوقف على وجود الدواء فقط كما يظن الكثير من الناس فغالبا ما يغفلون عن المعالج الذي تتوفر فيه الشروط الكاملة لعلاج ما بالأمة، فردا كان أو جماعة، وهذا ما يصطلح عليه بالمجدد، يقول عمر عبيد حسنة :
"فالمشكلة اليوم ليست في عدم وجود العلاج، وإنما هي في عدم وجود المعالج، فالإسلام هو الدواء، والشفاء، ولكن كيف نستعمل هذا الدواء ولمن نستعمله ؟ ومتى ؟ هذه هي المشكلة اليوم التي يعاني منها الواقع الإسلامي، وهي مؤشر مؤرق بسبب غياب فقهاء المجتمعات، وفقهاء التربية، وفقهاء التخطيط، وفقهاء استشراف آفاق المستقبل، وفقهاء علماء الإنسان، فقهاء الحضارة عامة، الذين يشكلون عقل الأمة، ويعرفون كيف يغترفون من هذا الإسلام، لمصلحة الأمة في واقعها المعاصر، وكيف يتعاملون مع هذا الإسلام ويعودون بالأمة إليه" .

نخلص إذن إلى أنه لا يمكن للأمة أن ترقى وأن تبلغ المراد إلا إذا كانت متمسكة بالأصل الذي هو دينها الإسلامي، وكذلك توفر العلماء والفقهاء الذين يعتبرون بمثابة الأطباء الذين يملكون القدرة على تشخيص الداء ووصف الدواء.
وسنحاول إنشاء الله -بالإضافة إلى ما تطرقنا إليه آنفا من ضرورة الاعتماد على تعاليم الإسلام كخطوة أولى، وضرورة تواجد الرجال الأكفاء القادرين على تجديد ما بالأمة- أن نستعرض العلاج الذي حدده وبينه لنا المصطفى صلى الله عليه وسلم انطلاقا من الحديث نفسه. إذن : كيف يمكن للأمة الإسلامية أن تعالج غثائيتها ؟ وكيف تكتسب مهابة أعدائها منها ؟ وما هو السبيل لمعالجة وهنها الذي ينخر كيانها ؟ .
أ : كيف تعالج الأمة غثائيتها ؟
عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحدث إلى الصحابة رضوان الله عليهم، وينبؤهم بما سيحل بالأمة الإسلامية مستقبلا، وعندما أخبرهم بما سيصيب الأمة من التكالب عليها لم يخطر ببال الصحابة رضوان الله عليهم سوى سبب وحيد قد يكون هو الأصل فيما سيقع، ألا وهو قلة عدد المسلمين. يقول الأستاذ سعيد جودت : "وكذلك حديث القصعة وتداعي الأكلة إليها، فإن الصحابة عجزوا كيف يمكن أن يتم ذلك، وكل ما خطر في بالهم من تفسير للموضوع، أن يكون سبب ذلك قلة في عدد المسلمين، حينما قالوا أو من قلة يا رسول الله ؟ ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بين أن العدد حين التداعي على القصعة يكون كثيرا. ولكن هناك شيء آخر يجعل الناس كغثاء السيل" .
إذن الأمة عدد أبنائها كثيرون، ومع ذلك لم تغني عنهم كثرتهم شيئا، ولهذا فإن الخطوات التي يمكننا اتباعها لمعالجة هذا الداء تتمثل في الوقوف أولا مع آيات في كتاب الله عز وجل تحدثنا عن واقعتين هامتين في تاريخ الإسلام، نستنبط من خلالهما أن الكثرة بدون تربية وبدون تمسكها بعقيدتها واتصالها بالمولى عز وجل فهي غثاء كغثاء السيل.




يقول الشهيد سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله تعالى :ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا إن الكثرة العددية ليست بشيء، إنما هي القلة العارفة المتصلة الثابتة المتجردة للعقيدة. وإن الكثرة لتكون أحيانا سببا في الهزيمة، لأن بعض الداخلين فيها، التائهين في غمارها، ممن لم يدركوا حقيقة العقيدة التي ينساقون في تيارها، تتزلزل أقدامهم وترتجف في ساعة الشدة؛ فيشيعون الاضطراب والهزيمة في الصفوف، فوق ما تخدع الكثرة أصحابها فتجعلهم يتهاونون في توثيق صلتهم بالله، انشغالا بهذه الكثرة الظاهرة عن اليقظة لسر النصر في الحياة.
لقد قامت كل عقيدة بالصفوة المختارة، لا بالزبد الذي يذهب جفاء، ولا بالهشيم الذي تذروه الرياح !" .
حقا، كانت غزوة حنين بمثابة امتحان وابتلاء للمؤمنين، حيث اعجب الكثير منهم بكثرتهم التي لم تغن عنهم شيئا، وما بقي منهم إلا قلة قليلة، وهي التي وصفها الشهيد سيد قطب ب "العارفة الثابتة المتجردة للعقيدة"، أي الصفوة منهم التواقة للشهادة الكارهة للدنيا والمحبة للآخرة.
وفي المقابل وبالضبط في سورة آل عمران يقص علينا سبحانه وتعالى ما يؤكد أن النصر على العدو لا يتأتى بكثرة عددية ولا بعدة قوية في حالة غياب العقيدة الصحيحة والإيمان الصادق.
يقول سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ولقد نصركم الله ببدر- وأنتم أذلة-فاتقوا الله لعلكم تشكرون -"والنصر في بدر كان فيه رائحة المعجزة –كما أسلفنا- فقد تم بغير أداة من الأدوات المادية المألوفة للنصر. لم تكن الكفتان فيها -بين المؤمنين والمشركين- متوازنتين ولا قريبتين من التوازن، كان المشركون حوالي ألف … وكان المسلمون حوالي ثلاثمائة" .
ولجمع شتات الأمة الإسلامية، لابد لها من وحدة تجسد فيها قوة عددها ومدى تماسكه، ولن يتأتى لها ذلك، إلا إذا كانت هذه الوحدة مبنية على عمران أخوي بين جميع المسلمين.
"فالمجتمع المسلم المتآخي مجتمع واحد، في عقائده الإيمانية، وفي شعائره التعبدية، وفي مفاهيمه الفكرية، وفي فضائله الأخلاقية، وفي اتجاهاته النفسية، وآدابه السلوكية، وفي تقاليده الاجتماعية، وفي قيمه الإنسانية، وفي أسسه التشريعية.
واحد في أهدافه التي تصل الأرض بالسماء، والدنيا بالآخرة، والخلق بالخالق، وفي أسس مناهجه التي تجمع بن المثالية والواقعية، وتوازن بين الثبات والتطور، وبين استلهام التراث والاستفادة من العصر.
واحد في مصادره التي يستمد منها هدايته، وهي القرآن الكريم والسنة المطهرة، وفي المثل الأعلى الذي يستمد منه الأسوة الحسنة، وهو الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، فهو مجتمع يؤمن برب واحد، وكتاب واحد، ورسول واحد، ويتجه إلى قبلة واحدة بشعائر واحدة، ويحتكم في كل أموره بشريعة واحدة : ولاؤه-حيث كان- ولاء واحد، لله ولرسوله ولأئمة الإسلام، فيه يحب، وفيه يبغض، وفيه يصل، وفيه يقطع : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم وعشيرتهم  .
فهذه هي الوحدة بمعناها العام والشامل، حيث يجب أن تلامس جميع المجالات التي ذكرها الشيخ القرضاوي حفظه الله، فما أحوج الأمة الإسلامية اليوم لهذه الوحدة وإلى الاستفادة من هذا العدد الكبير من المسلمين، يقول الشيخ القرضاوي :
"كان المفروض أن نستفيد من طاقاتنا العددية، وقد قال "جمال الدين الأفغاني" يوما للهنود :"لو كانت ملايينكم ذبابا يطن في أذن الإنجليز لخرقتم آذانهم"!!
ولكننا ننتفع بهذه القوة البشرية الضخمة، لأننا جعلنا الكثرة كارثة وهي في الأصل نعمة، ألا ترى القرآن يقول : واذكر إذ كنتم قليلا فكثركم  .
ولابد لنا أن نستحضر في هذا الباب مكانة العدو وقوته، وذلك حتى ننتفض ونقوم من سباتنا، ونعلم أن الزمن قد تغير وأن "الأقوياء يتوحدون خشية الاستضعاف ويتكتلون رجاء الانتصاف ويواجهون أعداءهم الأقوياء بمثل قوتهم وبما هو أكثر منها، ولكن المسلمين لا يزالون في غمرتهم ساهون، يتفرقون ولا يتوحدون والأصل فيهم التوحد، ويتمزقون ولا يتكتلون والأصل فيهم التكتل، كل وحدة من وحداتهم تؤول إلى وحدات وكل دولة إلى دويلات... وكل حزب إلى أحزاب، حتى ضيعوا قوتهم وأهلكوا أنفسهم، ومكنوا لأعدائهم بأيديهم" .
فإقامة الوحدة إذن هي :"القاعدة الضرورية لإقامة دين الفرد ودين الأمة للانطلاق في تبليغ الرسالة الرحيمة للعالمين، تأييدا مبعوثيا تبليغيا لرسالة الأنبياء والرسل عليهم السلام، وائتمارا بأمره تعالى :شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه  .
ب : كيف تكتسب الأمة مهابة أعدائها منها ؟
إن الناظر في سيرة السلف الصالح رضوان الله عليهم ليستشف أنهم صنعوا أمجادا ومكن الله بهم دينه في الأرض، وذلك بعد أن تمكن الإيمان في قلوبهم.
يقول سيد رحمه الله :"لما عرف الناس ربهم وعبدوه وحده.. لما تحرر الناس من سلطان العبيد ومن سلطان الشهوات سواء..لما تقررت في القلوب "لا إله إلا الله"..صنع بها وبأهلها كل شيء مما يقترحه المقترحون".. .
إن العالم العربي والإسلامي لا يستطيع ولن يستطيع محاربة عدوه إلا بقوة الإيمان، والقوة المعنوية، وبالروح التي حارب بها الأوائل دولة الروم وإمبراطورية الفرس. "إنه لا يستطيع أن يحارب أعداءه بقلب يحب الحياة ويكره الموت، وبجسم يميل إلى الدعة والراحة، وعقل يخامره الشك وتتنازع فيه الأفكار والأهواء، أو بيد مضطربة وقلب متشكك ضعيف الإيمان وقوة متخاذلة في الميدان" .
بعد أن يتحقق هذا الركن المعنوي الأساسي، فلابد كذلك للأمة الإسلامية أن تعد العدة والعتاد في شتى المجالات والميادين، "لأن حتمية المواجهة تستدعي من المسلمين –أمة أو مجموعة من المجتمعات- ضرورة التهيؤ، والاستعداد، وليس شرطا أن ينتظر المسلمون، حتى يروا أمارات السوء، والشر والعدوان، من عدو معروف لهم، فيبدأ في أخذ وسائل الدفاع.." .
فإعداد العدة إذن بعد تماسك البنيان، وبعد تحقيق التغيير المنشود، من الأمور اللازمة والتي أوصى بها الله عباده المومنين في كتابه العزيز : يقول الحق سبحانه :وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم .
يقول سيد قطب في تفسير هذه الآية "إنه لابد للإسلام من قوة ينطلق بها في "الأرض لتحرير"الإنسان" وأول ما تصنعه هذه القوة في حقل الدعوة : أن تؤمن الذين يختارون هذه العقيدة على حريتهم في اختيارهم؛ فلا يصدوا عنها، ولا يفتنوا كذلك بعد اعتناقها.. والأمر الثاني : أن ترهب أعداء هذا الدين، فلا يفكروا في الاعتداء على "دار الإسلام" التي تحميها تلك القوة..
الأمر الثالث : أن يبلغ الرعب بهؤلاء الأعداء أن لا يفكروا في الوقوف في وجه المد الإسلامي، وهو ينطلق لتحرير "الإنسان" كله في "الأرض" كلها.." .
فإعداد المستطاع من القوة يختلف باختلاف الزمان والمكان "والواجب على المسلمين في هذا العصر، صنع المدافع والطائرات والدبابات وإنشاء السفن الحربية، والغواصات، ونحو ذلك، كما يجب عليهم تعلم الفنون والصناعات التي يتوقف عليها صنع هذه الأشياء وغيرها من قوى الحرب.
…فالكفار إذا علموا استعداد المسلمين، وتأهبهم للجهاد، واستكمالهم لجميع الأسلحة والآلات، خافوهم، وإلى هذا يشير أبو تمام إذ يقول :
وأخافكم كي تغمدوا أسيافكم  إن الـدم المغـير يحـرسـه الـدم
وهذا الخوف يفيد المسلمين من وجوه :
-يجعل أعداءهم لا يعينون عدوا آخر عليهم.
-يجعلهم يؤدون الالتزامات المطلوبة منهم..
-ربما حملهم ذلك على الدخول في الإسلام والإيمان بالله ورسوله."
ولا يمكن للأمة الإسلامية أن تكتسب مهابة أعدائها منها مادامت تابعة وخاضعة للغرب في العلم والسياسة والصناعة والتجارة، وغير ذلك من المجالات الأساسية والحساسة.
فلابد بإذن من "الاستعداد التام في العلوم والصناعة والتجارة وفن الحرب، وأن يستغني-العالم الإسلامي- في كل مرفق من مرافق الحياة، وفي كل حاجة من الحاجات، يقوت ويكسو نفسه، ويصنع سلاحه، وينظم شؤون حياته، ويستخرج كنوز أرضه وينتفع بها، ويدير حكوماته برجاله وماله، ويمخر بحار المحيط بسفنه وأساطيله، ويحارب العدو ببوارجه ودباباته وأسلحة بلاده، وتزيد صادراته على وارداته، ولا يحتاج إلى الاستدانة من الغرب، ولا يضطر إلى أن يلجأ إلى راية من راياته وينضم إلى معسكر من معسكراته.
… وما دام العالم الإسلامي يستدين من الغرب الأموال، ويستعير منه الرجال، ليديروا حكومته، ويشغلوا الوظائف الخطيرة ويدربوا جيوشه ويستورد منه البضائع ويجلب منه الصنائع، وينظر إليه كأستاذ ومرب، وسيد ورب، لا يبرم أمرا إلا بإذنه ولا يصدر إلا عن رأيه، فلا يستطيع أبدا أن يواجه الغرب فضلا عن أن يناهضه ويغالبه" .
وما تحدثنا عنه في الجانب الاقتصادي من إيلائه الاهتمام الكبير يجب كذلك مثله في الجانب التعليمي :"فلابد إذن من الاستقلال التعليمي، بل لابد من الزعامة العلمية وما هي بالأمر الهين، إنها تحتاج إلى تفكير عميق، وحركة التدوين والتأليف الواسعة، وخبرة إلى درجة التحقيق والنقد بعلوم العصر مع التشبع بروح الإسلام، والإيمان الراسخ بأصوله وتعاليمه" .
فهذه إشارات قصيرة ومختصرة لأهم الجوانب التي تعتبر بمثابة القلب النابض لكل أمة يجب أن تعتني به أو تهتم بتطويره، بالإضافة إلى الجوانب الأخرى التي لم نذكرها في هذا الباب، مثل مسؤولية الحكام وكذلك مسؤولية العلماء في ضياع الإسلام بسبب إغماضهم لأعينهم وإطباقهم أفواههم ووضعهم لأصابعهم في آذانهم، وإلى غير ذلك من النقط التي لا تكفينا هذه الصفحات للإلمام بها.
ج : كيف تعالج الأمة وهنها ؟
الوهن كما جاء في الحديث النبوي حب الدنيا وكراهية الموت، ولقد أشرنا إلى أن أصل كل الأمراض التي تعانيها الأمة هو الوهن، ولا شك أن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان هو : "كيف نزيل حب الدنيا ونضع مكانها البذل ؟ وكيف نزيل كراهية الموت ونزرع مكانها حبُّ الشهادة ؟ ما العلاج لهذه الحالة المرضية حتى نرجع بالأمة إلى حالتها الصحية ؟ .
"العلاج النبوي لهذا الحديث نستنبطه من حديث المصطفى الكريم عن الأجساد تفسد أو تصلح بفساد أو صلاح مضغة فيها تسمى القلب …. صلاح التيار القلبي الإيماني الساري في أوصال الأمة يكون بصلاح قلوب المؤمنين، وصلاح القلوب يكون بالتربية، وللتربية أصول وقواعد من كتاب الله وسنة رسوله" .
فالتربية إذن هي التي تقضي على الوهن فتقتل الأثرة وحب الدنيا، وتحيي في المؤمن حب الله والشوق إلى لقائه والموت في سبيله، ماله لله ونفسه لله، مصدقا لقول الله تعالى :إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون  . ذلك المؤمن المجاهد لن يكون إلا نتاج تربية ".
ولقد حدد الأستاذ عبد السلام ياسين ثلاث شروط أساسية لنجاح التربية الإيمانية، أولها : الصحبة والجماعة، أي لابد للمؤمن أن يكون وسط صحبة وجماعة تتلقاه في رحاب المؤمنين المتواصين بالصبر والرحمة. الوجه الباش، والكلمة المبشرة المشجعة، أول ما ينبغي أن يدركه الوارد من وجود مرحمة ومحبة في الأسرة التربوية حتى يحب صحبتها والسير معها…
أما الشرط الثاني : فهو الذكر :"النبع لا إله إلا الله، والفيض نورها، حتى يستطيع المؤمن وجماعة المؤمنين تلقي شمس القرآن، ومدد القرآن، وبركة القرآن، وحتى يستطيعوا العمل بالقرآن.
أما الشرط الثالث : الصدق :"أعني بكلمة صدق استعداد الوارد ليتحلى بشعب الإيمان، ويندمج في الجماعة ويكون له من قوة الإرادة وطول النفس ما يمكنه من إنجاز المهمات حتى النهاية. صحبة وجماعة+ذكر+صدق، هذه معادلة التربية الإسلامية في خطوطها الرئيسية .
هكذا يتضح لنا أن مرض الوهن الذي هو حب الدنيا وكراهية الموت، يحتاج إلى تربية أصيلة، أساسها صحبة جماعة من المؤمنين وهذه الجماعة المصحوبة هي التي يسميها سيد قطب رحمه الله محضنا. كما يشترط أن تكون هذه الجماعة ذاكرة لله عز وجل، وأن تكون كذلك صادقة صابرة متماسكة حتى النهاية.
كما يجب على المؤمن الكيس الفطن أن يعرف حقيقة الدنيا حتى لا يغتر بزينتها وأن يعرف أن وجوده فوق هذه البسيطة سينتهي عند انتهاء أجله، يقول الدكتور محمد الزحيلي :"إن حب الدنيا وكراهية الموت يعني أن الإنسان يجهل حقيقة الدنيا، ويغتر بمظاهرها، ويفتتن بمغرياتها… لذلك حرص القرآن الكريم على أن يكشف للمسلم حقيقة الدنيا، ويميط له اللثام عن مفاتنها، ويحذره من الاغترار فيها، وذلك في آيات كثيرة، قال تعالى : اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور …وقال تعالى :يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور ، كما يقرر القرآن الكريم أشياء كثيرة من زينة الحياة الدنيا، ثم يدعو الناس إلى عدم الوقوف عندها، ويطلب منهم تجاوزها إلى ما هو خير وأفضل وأحسن وأدوم واثمن وأبقى، فيقول تعالى :المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك توابا وخير أملا . فالدنيا جميلة، وفيها من المسليات والملاهي الشيء الكثير، ولكن ذلك إلى زوال، وأن الحياة الحقيقية، والسعادة الحقة هي في الدار الآخرة، فيقول تعالى :وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون ، ثم يحذر الرسول من مفاتن الدنيا، والانشغال بِمَالِهَا وخيراتها، والتنافس فيها والغفلة عن الله والآخرة .
فهذا جزء قليل من حقيقة الدنيا التي يجب على كل واحد منا أن لا يغتر بمظاهرها وأن لا ينساق مع زخرفها.
فإذا عرف المؤمن أو أي إنسان آخر حقيقة الدنيا، وعلم بأنها إلى زوال فيجب عليه أن يعد العدة، وأن يعلم بأن الحساب ينتظره، وأنه سيذوق طعم الموت عاجلا أم آجلا.
الموت كأس وكل الناس شاربه  والقبر باب وكل الناس داخله
ولذلك يستعد العاقل للموت، ويهيئ له الأسباب المحمودة، فإن جاءه الموت كان على خير حال، دون أن يغفل عن هذه الحقيقة التي تلازم البشرية، وأن الدنيا ليست مقرا ولا مستقرا، ولم يخلد فيها الإنسان، والموت حق يقيني، ومهما جمع الإنسان في هذه الحياة، فإن متطلباته منها محدودة، وحصيلة مقررة، وانتفاعه محصور، والزائدة عنه سيبقى لغيره من الأحياء، ويرح المرء إلى مصيره المحتوم شاء أم أبى….
وفي هذا التوجيه، والتربية الإسلامية يكون الإنسان سويا وقويا، ويضمن لنفسه العزة والكرامة، ويحقق لأمته النصر والحياة العزيزة، ويغرس في نفسه المناعة والوقاية من الوهن، ويطلب الموت لتوهب له الحياة، وينزع من قلبه حب الدنيا ويضع الموت نصب عينيه ليحاسب نفسه قبل أن تحاسب" .
د : لمعات في الظلام :
رغم كل ما أصاب هذه الأمة، من تمزق وضعف، وتكالب الأعداء عليها، فإن في الحديث النبوي ما يدل على أن المصيبة مؤقتة ستزول بزوال مسبباتها.
"فالمؤشرات الواردة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على حلول المرض وليس الموت، لذلك تبقى إمكانية النهوض كامنة ومستمرة" .
وتتمثل هذه المؤشرات في لمعات بدأت تظهر إيدانا بقرب النصر والتمكين للمسلمين، وبانهزام وأفول نجم الكافرين، حيث يتضح هذا في مجموعة من الأمور:
1)- الانتصارات والبطولات العظيمة التي حققها المسلمون في الأيام القليلة الماضية رغم أنهم لا يملكون من العتاد ما تملكهُ قوى الكفر من أسلحة متطورة ومعدّات حربية حديثة. هذا النور الذي لا زال مفعوله مستمراً بإذن الله إلى أن تستعيد الأمة مجدها وعزها، وتأخذ بزمام القيادة العالمية كما في عهد الخلفاء الراشدين . ومن بين هذه الانتصارات :
-صمود إخواننا المجاهدين في البوسنة والهرسك أمام العدو الصربي.
-انتصارات المسلمين في الشيشان على الرّوس الغاصبين، ولا زلنا نسمع عن حرب العصابات التي أذاقت روسيا عذاباً تلو العذاب.
-وقريبا طُردَ اليهود الملاعين من جنوب لبنان، وخرجوا يجرون أذيال الهزيمة وهم صاغرون، بعد أن تلقوا ضربات قوية من طرف المقاومة الباسلة .
-ازدياد عدد معتنقي الإسلام خاصة بعد أحداث 11 شتنبر 2001.
-النتائج والانتصارات التي حققتها الانتفاضة المباركة في فلسطين، وذلك من خلال العمليات الاستشهادية التي يقدم عليها فتيان وفتيات أرض الأقصى المبارك.
2)- الصحوة الإسلامية التي أصبحت تعم جميع أرجاء العالم بما في ذلك القرى والمدن يقول محمد قطب " إن بواعث الصحوة كلها موجودة، سواء منها ما هو قائم في هذه اللحظة أو ما هو قادم في الطريق" .
3)- يقيننا بموعود الله عز وجل وموعود نبيه صلى الله عليه وسلم بالاستخلاف والتمكين مهما بلغ الظلم والطغيان، يقول الحق سبحانه وتعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً .
" ولا نعلم بطبيعة الحال كيف يكون التمكين… فذلك غيب … نستشف من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم بعض الملامح لهذا التمكين.
فاليهود اليوم هم المسيطرون في الأرض، وهم الذين يرسمون سياسة العالم، وهم الذين يخططون ضد الإسلام والمسلمين، وبصفة خاصة في المنطقة المحيطة باسرائيل. ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون، حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله، هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله" .
واليهود يعرفون هذا ويؤمنون به. فقد ورد في آخره " إلا الغرق فهو من شجر اليهود" وهم يغرسون اليوم شجر الغرقد حول بيوتهم في فلسطين إيمانا منهم بصحة الحديث. فنستطيع أن نستشف من ذلك قيام معركة حاسمة بين المسلمين واليهود، يستظل المسلمون فيها براية لا إله إلا الله لا بالعروبة، ولا بالقومية ولا بالتراب الوطني، وينتصر المسلمون فيها نصراً حاسماً بتقدير الله، ويكون هذا من أحداث التاريخ التي تغير التاريخ.



ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يستعرض التاريخ المقبل للأمة الإسلامية من لدن نبوته صلى الله عليه وسلم كما علمه الوحي: " تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إن شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا، فتكون ما شاء الله أن تكون. ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبريا فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة، ثم سكت" .
فنستشف من ذلك أن هناك فترة مقبلة في حياة المسلمين، يستظلون فيها بخلافة راشدة على منهاج النبوة، تزول فيها الغربة التي يعانيها الإسلام اليوم، وتعود فيها الأمة إلى التمكين
الهوامش:
- سورة النجم، الآيتان : 3-4.
- مختارات من أحاديث الفتن، ص : 7.
- مختارات من أحاديث الفتن، ص : 54.
- المرجع السابق، ص : 55.
- سورة التوبة، الآية : 128.
- السيروان، أحاديث سيد المرسلين عن حوادث القرن العشرين من المقدمة.
- محمد قطب، واقعنا المعاصر، الطبعة 1467هـ،1986م، مؤسسة المدينة، ص : 115.
عبد السلام ياسين الشورى والديمقراطية، ص : 202.
- عبد السلام ياسين، العدل الإسلاميون والحكم، ص : 43.
- الشورى والديمقراطية، ص : 201-202.
- يوسف القرضاوي، المدخل لدراسة السنة النبوية، مكتبة وهبة، الطبعة الثانية 1411هـ،1991، ص : 16.
- مختارات من أحاديث الفتن، ص : 103.
- المنهج النبوي والتغيير الحضاري، ص : 91.
- د. يوسف القرضاوي، أين الخلل؟، ط 5، 1990، الرسالة ، ص : 22.
- محمد ولي الله عبد الرحمن الندوي، نبوءات الرسول صلى الله عليه وسلم ما تحقق منها وما يتحقق، الطبعة الأولى، 1410هـ،1990، دار السلام ص : 236،237.
- الأمير شكيب أرسلان، لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم تقديم محمد رشيد رضا مراجعة خالد فاروق، دار البشير، ص : 85.
-سورة النساء، الآية : 104.
- لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم، ص :77.
- مختارات من أحاديث الفتن، ص: 105.
- المرجع السابق.
- د. محمد الزحيلي، مجلة الوعي الإسلامي، العدد 243، ربيع الأول 1405هـ دجنبر 1984م، ص: 45.
- سورة المومنون، الآية : 37.
-سورة الأنعام، الآية : 29.
-سورة الجاثية، الآية : 24.
-سورة التكاثر، الآية 1-8.
- الشورى والديمقراطية، ص : 204.
- الشورى والديمقراطية، ص : 206-207-208.
- محمد قطب، الإسلام كبديل عن الأفكار والعقائد المستوردة وأبحاث أخرى ، مكتبة السنة، ص : 130.
-الأمير شكيب أرسلان، لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم تقديم محمد رشيد رهنا، مراجعة خالد فاروق. ص : 41.
-المرجع السابق. ص : 42.
-تأملات في الواقع الإسلامي. ص : 24.
-حتى يغيروا ما بأنسهم. ص : 149.
-سورة التوبة الآية : 25..
-سيد قطب، في ظلال القرآن المجلد 3. ج : 10. ص : 8/16. دار الشروق ط : ش 4/1397هـ-1977م.
-سورة آل عمران الآية : 123.
-في ظلال القرآن المجلد 1 الجزء : 4. ص : 469.
-سورة المجادلة، الآية : 22.
-د.يوسف القرضاوي. ملامح المجتمع المسلم الذي ننشده، مكتبة وهبة ط : I/1414هـ-1993م. ص : 145-146.
-سورة الأعراف، الآية : 86.
-د.يوسف القرضاوي، أين الخلل ؟ ض : 5/1411هـ-1990م. ص : 18. دار الرسالة.
-الشهيد عبد القادر عودة، الإسلام وأوضاعنا السياسية. ص : 246-247. ط : 3/1398هـ-1978م. المختار الإسلامي.
-سورة الشورى الآية : 11.
-العدل الإسلاميون والحكم. ص : 239.
-سيد قطب. معالم في الطريق. ط : 1414/1993. دار الشروق. ص : 33.
-لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم. ص : 280-281.
-أحمد عبد الرحيم السايح، كتاب الأمة : في الغزو الفكري العدد : 38. ص : 137.
-سورة الأنفال الآية : 60.
-في ظلال القرآن. م 3. ج : 10. ص : 1543.
-في الغزو الفكري. ص : 137-138-139.
-لماذا تأخر المسلمون ولماذا تقدم غيرهم. ص : 272-273.
-المرجع السابق. ص : 276.
-ذ.عبد الصمد الرضى البرنامج التعليمي. المرحلة الثانية. ط : I/2002. مطبوعات الهلال. ص : 104.
-عبد السلام ياسين. الإحسان. 1. ط : I/1998. مطبوعات الأفق. ص : 24.
-سورة الحجرات، الآية : 14.
-البرنامج التعليمي المرحلة الثانية. ص : 104-105.
-عبد السلام ياسين، المنهاج النبوي تربية وتنظيما وزحفا. ط : Ii/1410هـ-1989م. ص :9.
-المرجع السابق. ص : 51-52-53.
-سورة الحديد، الآية : 20.
-سورة فاطر، الآية : 5.
-سورة الكهف، الآية : 46.
-سورة العنكبوت، الآية : 64.
-مجلة الوعي الإسلامي العدد 243. ص : 47-48.
-مجلة الوعي الإسلامي. العدد : 243. ص : 49.
-تأملات في الواقع الإسلامي، ص : 35.
-محمد قطب : الصحوة الإسلامية، ص : 182، مكتبة السنة.
-سـورة النور، الآية : 55.
-رواه مسلم، كتاب الفتن، باب لا تقوم الساعة…(ج 4/ ص : 2233/ رقم الحديث : 2912). السند 65 بدون ذكر اليهود، والسند 82 بذكر اليهود. ط : I/1991.
-رواه أبو داود، كتاب الملاحم باب في قتال الترك (ج 4/317/4303) دون ذكر اليهود/دار ابن حزم ط : 7-1997.
-مسند الـإمام أحمد بن حنبل (4/353/18436) مسند الكوفيين ط : I 1413هـ-1993م. دار الكتب العلمية بيروت.
-مجمع الزوائد ومنبع الفوائد للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي (5/191-192) باب كيف بدأت الإمامة وما تصير إليه والخلافة والملك) ط : 1406هـ-1986م. مؤسسة المعارف بيروت.
-محمد قطب : الصحوة الإسلامية. ص : 174.

anass
05-04-2005, 16:38
جزاك الله أخي الكريم و عجل لنا بالنصر

hassan_1677
07-04-2005, 14:50
اللهمك اجمع شتات أمتنا ولا يمكن دلك مادامت القلوب متشتتة, ولانجماعها لابد ان تنجمع على الله ,ولانجماعها على الله لابد من قلب يملأه حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ووارث لهذا الحب عبر السلسة النورانية.