مشاهدة النسخة كاملة : فهل تريد الجنة وما فيها من النعيم؟! ... رسالة من حديث عهد بتوبة



حديث عهد بتوبة
21-05-2007, 12:11
أخي الحبيب تذكّر
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

أخي الحبيب : كلنا ذوو ذنب ، وكلنا خطيئة ، وكلنا ذو معصية ، قال e : (كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون) والإنسان يطبعه ضعيف الإرادة وقد تغلبه نفسه ويضعف أمام الشهوات والمغريات ويميل إلى المعصية ، فإذا رأيت أخي الحبيب من نفسك شيئاً من هذا الضعف ورأيت منها ميلاً إلى المعصية فتذكر قبل ارتكاب المعصية أن الله يراك ومطلع عليك فهو العليم الخبير وهو السميع البصير قال تعال : (يعمل ما يسرون وما يعلنون) ويسمع كلامك ويرى مكانك ويعلم سرك ونجواك ، فهو سبحانه معك بعلمه واطلاعه فاحذر كل الحذر أن تجعل الله أهون الناظرين إليك واحقر المطلعين عليك .

إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب
ولا تحسبن الله يغفل سـاعــة ولا أن مـا تخفى عليه يغيب

واحذر أيضاً أن تكون ممن يراقبون العباد وينسون رب العباد ، يخشون الناس وينسون رب الناس قال تعالى: (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم) يستعظمون نظر المخلوق على هوانه ويستخفون بنظر الخالق مع علو شأنه .

فيا من تعصي الله ، أي أرض تقلك وأي سماء تظلك إلا أرض الله وسماؤه، وأي مكان يحميك من أن يراك الله ويطلع عليك وينظر عليك فهو تعالى يراك ، فاجعل له في قلبك وقاراً ، وإذا حدثتك نفسك بالمعصية أياً كانت هذه المعصية فقل لها : (ألم يعلم بأن الله يرى) .

أخي الحبيب : قبل أن تعصي الله تذكر من أنت ؟! من أنت أيها المسكين حتى تعصي إله الأولين والآخرين ورب العالمين؟! من أنت أيها الضعيف الذي لا تملك لنفسك نفعاً ولا ضراً ولا حولاً ولا طولاً حتى تعصي القوي العزيز الذي خضع له كل شيء ، وملأت كل شيء عظمته ، وقهر كل شيء ملكه ، وأحاط بكل شيء قدرته ، تذكر من أنت ومن هو العظيم الذي تعصيه وأنت فقير محتاج إليه ؟! وبقدر ما يعظم قدر الله في قلبك يعظم مكانك عنده قال تعالى: (ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه) .

أخي الحبيب : قبل أن تعصي الله تذكر نعمه الكثيرة عليك (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك) خلقك الله من عدم ، وشفاك من سقم ، وأسبغ عليك وافر النعم ، أطعمك من جوع وكساك من عري ، وأرواك من ظمأ قال تعالى : (وأن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار) فكيف يا عبد الله تبدل نعمة الله كفرً؟! وفضله وجوده عليك جحوداً ونكراً ؟! كيف تقابل الإحسان بالنكران؟! والعطايا بالخطايا؟! كيف تعصي الله وأنت تتقلب في نعمه ؟ وهل تعصيه إلا بنعمه؟ فبأي وجه تلقى الله وقد أعطاك ومنحك وأكرمك ووهبك هذه النعم ثم تأتي وتعصيه بها ؟! أما تخاف من عقابه ؟ وتجزع من عذابه ؟ وهو القادر على أن يسلبها منك كيفما شاء ومتى شاء ، فكم من نعمة أسبغها الله على صاحبها فبدلها كفراً وأعقبها نكراً فكانت نهاية صاحبها خسراً ، (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا الكفور).

أخي الحبيب : يامن تعصي الله تذكر أنك تعصي الله في ملكه وفوق أرضه وتحت سمائه ، فهل ترضى أنت أن تعصي في بيتك وملكك وسلطانك ؟! أما تخاف أن يطردك الله من رحمته ويحرمك من مغفرته بعد أن بارزته في ملكه بمخالقة أو أمره وارتكاب محارمه؟ أما تخاف أن يكون الرب المنتقم قد غضب عليك عندما تطاولت على حدوده وقدمت مرادك على مراده وقال : إذهب فبعزتي وجلالي لا أغفر لك أبداً . تأكل وتشرب وتضحك وتفرح تمرح والله من فوق سمواته وعرشه غاضب منك ساخط عليك ، فويل لمن كان له الويل وهو لا يشعر!!

أخي الحبيب : تذكر أن الله شديد العقاب ، وأنه عزيز ذو انتقام ، ولا يرد بأسه عن القوم المجرمين ، وأنه يغار إذا انتهكت محارمه ، وما أهلك الأمم السابقة إلا أنهم تعدوا حدود الله وانتهكوا حرماته وبارزوه بالمعاصي ، وما من مصبية تلم بالعبد ولا عقوبة تقع عليه إلا بسبب بعض ذنوبه ومعاصيه ولو يؤاخذ الله العبد بكل سيئاته (ما ترك عليها من دابة) ولكنه سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة … وما أكثر أولئك الذين اعتمدوا على رحمة الله وهو لا يطيعه ولا يتمثل أمره فهذا من الخذلان والحمق .

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على اليبس
وإن من أعظم الأغترار طلب دار المتقين المطيعين بالمعاصي ، وانتظار الجزاء بغير عمل ، ويستحيل في حق الله العادل أن يساوي بين البر والفاجر وبين المحسن والمسيء قال تعالى : (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) وقال تعالى : (أم نجعل المتقين كالفجار) .

أخي الحبيب : تذكر يوم تشهد عليك الشهود وتفضحك فيه الجوارح والجلود! فأين يكون مهربك وإلى أين يكون الملتجأ؟ والشهود منك والشهادة عليك ، فتأمل يامسكين!! تعصي الله بها ومن أجلها وتذود عنها ، ثم تأتي يوم القيامة تشهد عليك ! وتذكر أيضاً المكان الذي عصيت الله فيه يأتي يوم القيامة شاهداً عليك ، وتذكر أنالزمان شاهد عليك! وتذكر أن الله أرصد لك وبك ملائكة كراماً يرونك من حيث لا تراهم ويعملون ما تقول وما تفعل ، (يعلمون ما تفعلون) ويوم القيامة يشهدون عليك ، فأين المهرب من كل هؤلاء الشهود؟!

أخي الحبيب : تذكر الإحصاء والكتابة عندما يذوب قلبك كمداً وحزناً وينحرق أسفاً ولوعة عندما تنشر صحفك المطوية بأعمالك المخزية ، أ،ت نسيتها ولكن الديان لا ينسى قال تعالى : (أحصاه الله ونسوه)

لم ينسه الملكان حين نسيته بل سجلاه وأنت لاه تلعب
سترى هذه الأعمال حين تأتي ساعة الندم ، حينما تذهب اللذات وتبقى الحسرات! حينما تذهب الشهوات وتبقى التبعات!

فتذكر كتاباً يبسط وينشر بين يديك وكل ما فيه لك أو عليك وتذكر أن كل لفظ تقوله وكل فعل تفعله وكل حركة تصدرها مسجلة عليك وستراها يوم القيامة أمام ناظريك ، فاعمل وقل ما يسرك أن تراه يوم أن تلقى الله يوم القيامة.

أخي الحبيب : تذكر الاستدراج من الله وأنه سبحانه يمهل ولا يهمل ، فاحذر أن تكون من أولئك اللذين أمدهم الله بالصحة والنعم وهم مقيمون على المعاصي والزلل ويحسبون أن لهم كرامة ومنزلة عنده وهم سقطوا من عينه وهانوا عليه ، قال تعالى : (أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين، نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون) فلا يغررك من الله طول حلمه عليك وستره إياك ، ربما كان إمهاله لك مكراً بك واستدراجاً لك حتى تزداد بالإمهال إثما فيزداد عذابك، واحذر أن يكون الله قد مكر بك في إحسانه لك فتناسيت وأمهلك في غيك فتماديت وسقطت من عينه فمادريت ولا باليت .

تذكر الموت وسكرته ، والقبر وظلمته ، والميزان ودقته ، والصراط وزلته ، والحشر وأهواله . تذكر يوم القيامة يوم الحسرة والندامة الذي تكون دعوى الأنبياء وهم الأ،بياء في ذلك اليوم ( نفسي نفسي لا أسألك إلا نفسي ، اللهم سلم سلم) ، فأي حال يكون حالك أ،ت وأي مقال يكون مقالك في تلك اللحظات الرهيبة التي تأتي فيها تحمل وزرك الذي بارزت الله به ليلاً ونههاراً ، سراً وجهاراً ، إنه موقف الذل والخزي ، فبأي وجه تلقي الله وأ،ت قد خالفت أوامره وانتهكت حدوده ، فهل أعددت الحجة وجهزت الجواب للسؤال.

أخي الحبيب : يا من تعصي الله ، إن الله خلقك لغاية عظيمة ومهمة جسيمة ، ولم يخلقك عبثاً ، ولن يتركك سدى قال تعالى : (افحسبتم انما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون) وقال تعالى : (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) وقد منهك الله الوقت ، وأمهلك حتى تتزود فيه من الطاعات ، فإذا بك ويا للأسف تنقبل على وجهك وتنكص على عقبيك فتبارزه بالذنوب والمعاصي وكلما طالت أيامك زادت آثامك وعظمت ذنوبك والديان لا ينسى ، فاحذر أخي من أن تستمر في غيك ولهوك وإعراضك إلى أن ينقضي زمن المهلة ويأتي زمن النقلة ولا تصحو إلا على صائح الموت يحدو ، هناك في موضع الندم ومكان الحسرة والألم عندما يهجم عليك الموت فينكشف عنك الغطاء وتقبل على الآخرة بما فيها من الأهوال العظيمة وتسكب العبرات ترجو الرجوع لا رجوع قال تعالى : (حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون) فيا قبح الحال ويا بئس المآل .

أخي الحبيب : تذكر أنك عندما عصيت الله كأنك قد أنهزمت في المعركة وخسرت الجولة أعدى أعاديك ، ذلك العدو الذي لا يألوا جهداً في أن يرديك في الهاوية قال تعالى: (قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين ، إلا عبادك منهم المخلصين) فهل تريد أنت أن تكون من عباد الرحمن المخلصين فتنعم ببرد الطاعة ورضا الرب وتقاد إلى دار الجنان والسعادة والأمان ؟ أم ترغب في أن تكون من أتباع الشيطان فتعيش في ظلمة المعصية وتساق إلى دار العذاب والهوان والنيران؟

أخي الحبيب : إن طريق الجنة محفوف بالمكاره ، وهو عقبة كؤود ومرتقى صعب لا يتجاوزه إلا كل مخف من الذنوب والسيئات ، فهل تريد الجنة وما فيها من النعيم وأنت على المعاصي مقيم ؟! وهل تريد سعادة الدنيا والآخرة وأنت متنقل من معصية إلى معصية ؟

تصل الذنوب إلى الذنوب وترجى درج الجنان بها وفوز العابد

ونسيت أن الله أخـــرج آدم منها إلى الدنيا بذنب واحد

أخي الحبيب : قد آن لك الآن أن تقلع وتتوب من كل الذنوب وأن تلتزم بالطاعة التي يعزك الله بها والتي فيها سعادتك في الدنيا والآخرة (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق) …. بلى والله قد آن .. قد آن… قد آن .

موقع الورقات الدعويةhttp://www.athfer.com/w/index.htm

منقول منقول منقول

abdelkader
21-05-2007, 22:44
جزاك الله كل خير اخي

واحسن الله اليك

حديث عهد بتوبة
29-08-2009, 14:20
شكر الله لك المرور والدعاء أخي عبد القادر أحسن الله إليك

ظالم لنفسه
29-08-2009, 15:23
جزاك الله خيرا اخي الكريم على الطرح الطيب رحم الله تعالى الأنامل التي نقلت لنا هاته الكلمات المعبرة

ملاحظة: هل يجوز كتابة عناوين مواقع ؟