مشاهدة النسخة كاملة : قال تعالى ((إنما يتقبل الله من المتقين))



hasnaa
10-07-2007, 14:00
آية نزلت ابكت الصحابة وهي قوله تعالى ((إنما يتقبل الله من المتقين)) هذه الاية رجت قلوب الصحابة.. صدعت أفئدتهم.
(إنما) تفيد الحصر.. يعني أن الله لا يقبل الا من المتقي.. هل أنا من المتقين؟ اذا تأمل الانسان هذا المعنى عمل الاعمال وهو خائف، ان لا تقبل منه، نحن ما تحققنا بحقائق التقوى فنخشى ان لا يتقبل منا، فيحصل في القلب خوف من عدم القبول، ثمرة هذا الخوف الحاح على الله، يا رب تقبل ((ربنا تقبل منا انك انت السميع العليم)) ((وتب علينا انك انت التواب الرحيم))، هذا المعنى الراقي من خوف عدم القبول هو سوط يلهب ظهر النفس الامارة بالسوء حتى لا تطغى بالاعمال الصالحة، قال تعالى ((ان الانسان ليطغى* ان رءاه استغنى)) فان الصادقين في نظراتهم الى العمل كانوا أشد اعتناء بطلب القبول من اعتنائهم بالعمل نفسه، يجتهدون في العمل ثم يبكون هل يقبل او لا يقبل ، اخاف ان لا يقبل الله اعمالنا، اخاف ان يكون فيها من القوادح، بل يقين أن أعمالنا مليئة بالقوادح التي تحبط الاعمال لم يبق لنا الا فضل الله، أعمالنا كسير العُرج، لكن يعترف الانسان بتقصيره وإساءته ويذكر نفسه دائماً بذلك وهذا النوع من الفكر والتذكير يثقل على النفس، ان يخاطب الانسان نفسه بعد ان تجتهد وتتعب في الاعمال، تريد أن تفرح وتفتخر، يقول: حرمتك حظك من الراحة بان اجهدتك في العمل ثم حرمتك من الافتخار ومن المباهاة ومن الاعتداد والاكتفاء بالعمل بأن أجريت لك التخويف من عدم القبول عند الله، ولهذا قال الامام الحداد رحمه الله، فيما يخبر به من قصة حسن البصري رحمه الله، لما وقف في يوم عرفة على دابته يسأل الله تعالى في وضح النهار، ولما زالت الشمس الى الجهة التي وقفوا فيها وانتزح الظل عنهم سارع الناس ابتعاداً من الشمس الى الظل، والحسن البصري لم يتحرك حتى عرق عرقاً شديداً بحيث لو عصر ثوبه لسال عرقاً، فأخذوه ونحّوه الى الظل، قال: ما لكم قطعتم عليّ دعائي؟ قالوا اشفقنا عليك من الشمس، قال: أو في الشمس كنت؟ قالوا: ما شعرت بحرارة الشمس؟ لقد عرقت عرقاً شديداً حتى لو عصر ثوبك لسال، قال: تذكرت ذنباً أو معصية بيني وبين الله فأنستني حرارة الشمس التي أنا فيها، قال الامام الحداد رحمه الله: ربما تكون هذه المعصية او يكون هذا الذنب خاطراً خطر على قلب هذا الامام ولو خطر على قلب أحدنا لعده من الطاعات التي يمتن بها ويتقرب بها الى الله تعالى.
هذه المعاني يزداد الانسان بها أدباً مع الله وخوفاً من الله وحياءً منه اذا طالع سير أهل الصدق في الاقبال على الله كيف كانت.
كما روت خادمة رابعة العدوية، كانت رابعة العدوية تصلي الليل كله، حتى اذا صلت الصبح وذكرت الله جالسة في مصلاها وأشرقت الشمس وصلت ركعتين، هجعت في مصلاها هجعة خفيفة لا تلبث ان تقوم بعدها فزعة وهي تقول يا نفس الى متى تنامين؟ كم ذا تغفلين؟ يوشك ان تنامي نومة لا تستيقظي بعدها أبداً اما الى الجنة او الى النار، اعلمي أختي المؤمنة ان مطالعة همة السابقين في الاعمال الصالحة، تزيد الخوف والحياء من الله عز وجل.
ان تصدّق المؤمن وانفق مالاً ينظر كيف انفق الصادقون قبله كيف انفق الصدّيق ماله حتى لم يبق معه الا الثوب الذي عليه، فجاءه مسكين يسأل، فقال، لم يبق معي شيء في المنزل، ولا في البيت أعطيك اياه، فقال: أتردني هكذا صفر اليدين؟ قال: لا اني استحي من الله أن اردك صفر اليدين، وكان قد وزع جميع ماله الذي جاء للتجارة على الفقراء والمساكين، بعد هذا كله قال اني استحي من الله، اين هذا من انسان فتح الله عليه وأوسع له رزقه، فاذا انفق دريهمات رأى انه فعل شيئاً كثيراً وثقل عليه ان ينفق مرة اخرى.
قال له اني لأستحي من الله ان اردك صفر اليدين قف محلك.. فاوقفه خارج البيت ودخل الصديق الى المنزل، وخلع الثوب الباقي الذي على بدنه الذي يستر عورته، وناوله للمسكين من عند الباب واخذ شملة يسمونها (الخيش)، اخذها وأاتزر بها ليستر عورته وخاطها بالشوك، وفي رواية بالعظم.. ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلسه قال: اين ابا بكر؟ قالوا: لم يأت: قالوا: ادعوه لي، فدعوه قال الراوي: فاقبل الصديق يمشي على استحياء يخشى ان تنكشف عورته، قالوا: فبينما نحن كذلك اذ جاء اعرابي يلبس كما يلبس ابو بكر، فلم ننكر ذلك عليه لشدة فقر الاعراب وجوعهم وقد يلبسون مثل هذا، فأكب الاعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسارّ في اذنه ثم انصرف الاعرابي فلما غاب التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا ابا بكر أتدري من الرجل؟ قال: الله ورسوله، اعلم، قال: انه جبريل عليه السلام جاءني الساعة وقال: اقرئ ابا بكر من ربه السلام، وقل له، ان الله يقرئك السلام ويقول لك: هل انت راض عن ربك؟ هل انت راض عن ربك في فقرك هذا. فان الله قد رضي عنك، فبكي الصديق وحق له ان يبكي فرحاً وحياءاً من الله حيث ان الله الذي خلق الكون كله يطلب رضاه، صار يخاطب الصديق ويسأله عن رضاه.
فاذا حدثتني نفسي في نفقة انفقتها باني اكثرت استحي من الله وقد انفق الصديق ثوبه الذي عليه.
اذا حدثتني نفسي اني أحببت الله وعملت وعملت، فاخاطب نفسي، ان لم يقابل هذا العمل بالقبول فابليس قد عمل اكثر مني، وان قوبل بالقبول فكرامة من الله، لان الصادقين قبلي فعلوا اضعاف ذلك.
ان اغترت نفسي بالصلاة ركعتين او اربع او عشر في جوف الليل ان صليتها، فقد قامت (رابعة العدوية) بألف ركعة في اليوم والليلة.
وقبلها سيدنا وامامنا وامام و سيد التابعين في المدينة زين العابدين علي بن الحسين (رضي الله عنه) كان يصلي الف ركعة في اليوم والليلة.
الامام احمد بن حنبل كان يصلي (300) ركعة في الليلة.
الامام محمد بن عنان (500) ركعة في الليلة فلا اغتر اذا قرأت احوال الصالحين وعبادتهم.
وأن اغترت نفسي باني قد تعلمت وصار عندي من العلم ما صار.
فماذا يكون علمي امام علم ابليس ان لم يقبله الله جل وعلا.
وكل ما تعلمه ويعلمه لم يقبله الله تعالى منه، لانه لم يصدق مع الله فلم يقبله الله تعالى منه.
ثم ان قبله مني، هل انا الوحيد صاحب العلم؟ وما مقدار علمي اما مقدار علم من قبلي؟ الامام احمد بن حنبل يحفظ الف الف حديث.
الامام الحاكم بحفظ الف الف حديث، فكيف اغتر يحفظ بعض الاحاديث وانا لم اعمل بها ولم احكم العمل؟
الامام الشافعي حفظ القرآن وهو في السابعة من عمره، حفظ الموطأ باسانيده وهو في العاشرة من عمره، اُجلس على كرسي الافتاء بأمر شيوخه وعلى رأسهم الامام مالك وهو في الثانية عشرة من عمره لم يبلغ بعد، حتى كان لنحول بدنه يحتاج الى الشرب في نهار رمضان، ولم يكن قد كلف بالصوم لانه لا يطيقه وهو دون سن البلوغ، فما يكون علمي اما علمهم، امام ما اعطاهم الله تعالى..؟ فلا ارى لنفسي اعتداداً او اغتراراً بباب من ابواب الحذقة.. ان جاهدت فيما يكون جهادي وانا اجاهد آكلا وشاربا وقد جاهد قبلي الصادقون وطعامهم ثمرة او نصف الثمرة، ثم لا يجدون الثمرة ولا نصف الثمرة، فالمؤمن اذا طالع أعمال الصالحين قبله لم يغتر بعمله ورأى حقيقة الاقبال على الله بانه يزيد من العمل ومع ذلك يرى الفضل لله تعالى عليه في العمل.
نسأل الله جل وعلا أن يكرمنا جميعاً بكمال الصدق في الاخذ مما سمعنا وان يجعله حجة لنا لا حجة علينا، وان يرزقنا كمال الصدق والاخلاص، وان يجعل ارادته بنا بما اسمع وبما انطق ان يلحقنا بركب المحبوبين وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..

م
ن
ق
و
ل

مسك الأحبة
10-07-2007, 15:09
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
مشكورة أختي الكريمة على هذا الموضوع القيم و به أعظ نفسي أولا و أعظ إخوتي أخواتي بتقوى الله عزوجل فإن تقوى الله سبيل لتحقيق النصر على أنفسنا أولا و بها نسترجع الخلافة على منهاج النبوة

abdelkader
10-07-2007, 16:21
جزاك الله كل خير أختي الفاصلة على الموضوع الجميل

ونسال الله أن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه

lahrech
10-07-2007, 18:29
جزاك الله كل خير أختي الفاصلة على الموضوع

hasnaa
17-07-2007, 13:59
أنتم من أهل الجزاء والاحسان
شكرا على مروركم الكريم
مبروك عليكم شهر رجب
جعلنا الله من الذين يغتنمونه حق الغنيمة