مشاهدة النسخة كاملة : هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟



romayssaa
26-08-2007, 14:07
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
بسم الله الرحمن الرحيم

هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟ :confused:

سؤال شائك يحتاج إلى إجابة متأنية ، لهذا أولا وقبل كل شيء : إذا كنت لن تقرأ / تقرئي الموضوع إلى نهايته ، فأرجو ألا تتسرع/ي بالحكم عليه من عنوانه ، فما أريد أن أصل إليه ، هو مجمل المقال ، لا فقرة منه .

فإلى المقصود ، وبالله التوفيق :

كثيرا ما نسمع في المجتمعات عن مبدأ ( الحب ، العشق ، الهيام ) ، وكثيرا ما تسامع عن ( المحبة بين الزوجين ، العشق بين الزوجين ) ، وكثيرا ما يقال لنا (الحب من أول نظرة ) ( الحب يصنع المعجزات ) ( الحب أعمى ) ( الحب عذاب ) وكثيرا أيضا ما يتهم أحد الزوجين الآخر بأنه لا يحبه ، وكثيرا ما تقوم الحرب العالمية الثالثة بسبب كلمة قالها الزوج ، اكتشفت منها الزوجة عبر الحاسة السادسة أن زوجها لا يحبها .

كثيرا أيضا ما نسمع عن التوافق الجنسي بين الزوجين ، وكثيرا ما يتردد على ألسنتنا أهمية الحياة الجنسية ، وأنها الأساس في الحياة الأسرية .

لا أريد أن أعلق على كل ما سبق ، فهو موضوع طويل ، لكن ما أريد أن أصل إليه ، هو : هل الحياة الزوجية لا تقوم إلا على الحب فقط ؟؟؟ .

وللإجابة على هذا السؤال ، فإن الحب في الزواج من بداياته إلى استقراره ، يكون في أربعة مراحل ، لابد من التفريق بينها :

المرحلة الأولى : مرحلة ما قبل الخطبة .

المرحلة الثانية : مرحلة ما بعد الخطبة وقبل عقد القران ( الملكة ) .

المرحلة الثالثة : مرحلة ما بعد عقد القران .

المرحلة الرابعة : مرحلة ما بعد الزواج .

أما الحب فيما قبل الخطبة فإنه محرم شرعا وعقلا أيضا ، أما من الناحية الشرعية فلا أطيل في التدليل على أن ذلك الرجل أجنبي عن تلك المرأة ، ولا يحق لهما تبادل كلمات الحب والغرام ما لم يكن بينهما رباط الزواج الشرعي ، وما سوى ذلك هو من فحش القول ، ولهذا قال تعالى لخير نساء المؤمنين { فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا } ، والحب قبل الخطبة ، هو ذلك الفساد الذي يرميه لنا الغرب الكافر ، لتعيش المجتمعات الإسلامية حياة بهيمية ، فقط لشهواتها ، وفقط لنزواتها وغرائزها .

أما الحب بعد الخطبة ، فقد تنشأ مرحلة ما تسمى بقبول كل طرف للآخر ، حيث إنه في الغالب لا يعرف أي من الطرفين الآخر ، ولهذا جاءت الشريعة بإباحة نظر الخاطب إلى المخطوبة وفق ضوابط معينة ، وقد جاء في تعليل هذا الحكم قوله صلى الله عليه وسلم ( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ) ومعناه أن يؤلف بين قلب الخاطب والمخطوبة ، بحيث تصير هناك راحة من كلا الطرفين ، لكن قد يحصل أحيانا نفور لا سبب له إلا أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف .

ثم نأتي لبيت القصيد وهو الحب بعد عقد القران والحب بعد الزواج .

صحيح أن ( من ) أهم أسس الحياة الزوجية الود بين الطرفين ، كما قال تعالى { ومن آياته أن جعل لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة } ، ومن أهم المقاصد الشرعية أن يكون بناء الأسرة متينا ، ولهذا جاء في الحديث ( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر ) بمعنى لا يبغض الزوج زوجته لدرجة أن يطلب فراقها ، لأنه إن أحس منها خلقا يكرهه ، فليتذكر الخلق الحسن الذي سر به من قبل .


إذا نحن متفقون على أن ( من ) أهم أسس الحياة الزوجية الود والسكن بين الطرفين ، لكن ليس الود هو كل شيء ، فقد بينت الآية السابقة أن الحياة تقوم على أمرين ( مودة ، رحمة ) فإذا كانت المودة والرحمة متواجدتان ، فهذا هو الكمال المنشود ، وتلك هي الحياة الأسرية التي يطلبها كل أحد ، لكن إن فقدت المودة ، فهناك الرحمة ، وإن فقدت الرحمة فهناك المودة ، فكلاهما عاملان من عوامل قيام الأسرة .

يقول ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة :" فإن الرجل يمسك المرأة إنما لمحبته لها أو لرحمة بها بأن يكون لها منه ولد ، أو محتاجة إليه في الإنفاق أو للألفة بينهما وغير ذلك "


إن الحياة الزوجية ليست عشقا وحبا فقط ، بل هي احترام متبادل ، ومراعاة للمصلحة ، وتربية للأجيال ، إضافة إلى عامل السكن والمودة ، فقد يضطر الزوج إلى البقاء مع زوجة لا يحبها ذلك الحب ، وذلك لحسن خلقها ، أو لوجود أطفال بينهما ، وكذلك قد تضطر الزوجة إلى البقاء مع زوج لا تحبه ذلك الحب ، وذلك لحسن خلقه ، أو لوجود أطفال بينهما .

لكن الإعلام الغربي والغربي – يعني العربي الذي أصبح في صورة الغربي – أصبح يصور لنا أنه لا يمكن أن تتحمل امرأة زوجا لا تحبه إلى درجة الهيام ، ولا يمكن أن تبقى ساعة مع زوج لا تعتبره هي أنه يمثل بالنسبة لها أمها وأباها وأختها وأخاها ، لا بد أن يكون الزوج – في نظر الإعلام – كل ما سبق ، وإلا فلا خير فيه ، ولا حاجة إلى البقاء معه ، وفي المقابل يصور الإعلام - ونحن نسانده بأفعالنا في كثير من الأحيان - في خلق جو من التوتر الأسري ، فيصور للزوج بأنه لا يمكن البقاء مع امرأة لا تجتمع فيها أعلى مواصفات الجمال مع أرقى مواصفات الأدب ، مع غاية مواصفات الأنوثة ، إضافة إلى تملكها لقلب زوجها ، كيف تعيش يا حبيبي مع امرأة لا تملك قلبك !!! إما أبيض وإما أسود !! إما أن تملك قلبك حتى الثمالة ، أو النساء غيرها كثير !!

سأروي لكم قصة نستخلص منها العبر ، والقصة مذكورة في كتب الآثار ككنز العمال وذكر طرفا منها البيهقي في سننه :

كان هناك رجل يقال له ( أبو غرزة ) يعيش في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وكان متهما – أي الرجل - بأنه كثيرا ما يكره ويبغض نساءه ثم يطلقهن ، وفي يوم من الأيام أخذ ( أبو غرزة ) بيد صديق له يدعى ( ابن الأرقم ) ، وجعله يسمع للحوار بينه وبني زوجته ، فدخل ( أبو غرزة ) على امرأته ، فقال لها : أنشدك بالله هل تبغضيني ؟ قالت : لا تنشدني ، قال ( أبو غرزة ) : فإني أنشدك الله ، هل تبغضيني ؟ قالت : نعم ، فقال ( أبو غرزة ) لابن الأرقم : هل تسمع ؟ ثم انطلقا إلى عمر ، فقال ( أبو غرزة ) له : إنكم لتحدثون أني أظلم النساء وأخلعهن ، فاسأل ابن الأرقم ، فسأله عمر ، فأخبره بالذي سمعه من زوجة ( أبي غرزة ) ، فأرسل عمر إلى امرأة ( أبي غرزة ) ، فجاءت هي وعمتها فقال : أنت التي تحدثين لزوجك أنك تبغضينه ، فقالت : إني أول من تاب وراجع أمر الله تعالى ، إنه ناشدني فتحرجت أن أكذب ، أفأكذب يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم فاكذبي ، فإن كانت إحداكن لا تحب أحدنا فلا تحدثه بذلك ، فإن أقل البيوت الذي يبنى على الحب ، ولكن الناس يتعاشرون بالإسلام والأحساب ، وفي رواية أخرى قال لها عمر : بلى فلتكذب إحداكن ولتجمل ، فليس كل البيوت تبنى على الحب ، ولكن معاشرة على الأحساب والإسلام .


والقصة السابقة تدلنا على أمر جليل ألا وهو أن ( من ) أسس قيام البيوت الحب ، ولكن ليس هذا هو كل شيء ، فهناك الاحترام المتبادل بين الطرفين ، وهناك معرفة الحقوق الشرعية للزوجة ، والحقوق الشرعية للزوج بغض النظر عن درجة الحب بينهما .

ويرشد للمفهوم المنكوس لأسس قيام الحياة الزوجية ما نراه كثيرا في هذه الأيام ، فإذا غضبت فلانة من فلان ، فإن أول شيء تقوم به ، أن تضاره في حقوقه الشرعية ، فلا احترام ، ولا قيام بحقه ، وفي المقابل إذا غضب فلان من فلانة ، فإن أول شيء يقوم به ، أن يضار بها في حقوقها الشرعية .

كل هذا من الفهم المقلوب لمفهوم الحب ، لأننا جعلناه هو أساس الحياة الزوجية لا غير ، لكنه في الحقيقة ( من ) أسس الحياة الزوجية ، وليس هو الأساس الوحيد ، بمعنى أن قلة هذا الحب في فترة من الفترات ، لا يعني بحال أن يقصر كل من الطرفين في الحقوق الشرعية للطرف الآخر ، فهناك دعائم أخرى للحياة غير الحب ، وهي ما سبق أن أشرنا إليه في قصة الرجل مع أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وفي قوله تعالى { مودة ورحمة } .


قد – أقول قد – يحصل أحيانا نفور بين الزوجين ، بحيث لا يطيق أحدهما العيش مع الآخر ، حتى لو كان هذا الآخر لا يعيبه شيء ، إلا النفور من الطرف الآخر ، وقد حصل مثل ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في قصة بريرة مع مغيث كما جاء في صحيح البخاري ومسلم ، فإن مغيث وبريرة كانا زوجين ، وكانا عبدين ، ثم عتقت بريرة ، والشريعة الغراء تقرر أنه إذا عتق أحد الزوجين صار له الخيار في البقاء مع الآخر لعدم التوافق في الحرية ، فإذا رضي بالبقاء كان بها ، فطلبت بريرة فراق مغيث ، فكان مغيث يجري وراءها في الأسواق يبكي يطلب عدم فراقها ، فشفع في ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال لها : اتقي الله فإنه زوجك وأبو ولدك ، فقالت يا رسول الله أتأمرني بذلك ؟ قال لا ، إنما أنا شافع ، فلم ترض بذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس : ألا تعجب من حب مغيث بريرة وبغض بريرة لمغيث .

ومثله في قصة ثابت بن قيس بن شماس ، حيث أتت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله : ثابت بن قيس ، ما أعتب عليه في خلق ولا دين ، ولكني أكره الكفر في الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته ، قالت نعم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لثابت : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة .


فقد يحصل في بعض الأحيان نفور بين الزوجين يقتضي استحالة الحياة بينهما ، فلا يكون الحل إلا التسريح بإحسان ، كما قرر ذلك القرآن الكريم .

لكن تذبذب الحب في وقت من الأوقات ، أو مراعاة مصلحة أعظم من قلة الحب أو انعدامه بين زوجين - مع مراعاة الحقوق الشرعية بينهما - بسبب وجود أبناء مثلا أمر غير مستغرب ، إلا في أذهان دعاة الفساد ، وهدام البيوت .


إن الحب ( المستورد ) هو الحب المجنون ، الذي يصل صاحبه إلى مرحلة العشق الأعمى ، بحيث لا يعرف إلا محبوبه ، ولا يرى إلا به ، ولا يسمع إلا به ، ولهذا تجد صاحب العشق لا ينكر على معشوقه منكرا ، فلو عشق رجل امرأة ، ورآها على منكر ، فإن عشقه يمنعه من الإنكار ، لأنه يخشى أن يقل الحب بينهما ، أو يزول الود .

أما الحب الإسلامي العفيف ، فهو الحب المتبادل ، الذي لا يمكن أن يكون إلا بعد الزواج ، والذي يولد ويتوالد ، ويكبر ويكثر بمرور الأيام والسنين .


الحب الحقيقي هو الذي تنقيه الأيام ، وتثبته المواقف ، وليس الكلمات المعسولة التي تقال قبل الزواج .

الحب الحقيقي لا يؤثر فيه موقف أو عشرة ، لأنه حب مرتبط بحياة أسرية ، كان غرض الطرفين فيه إقامة أسرة إسلامية سعيدة ، وليس حبا مرتبطا بالهوى والميل والعشق والجنس .

الحب المستورد هو نبحث فيه عن جواب سؤال ( كيف لا يموت الحب بين الزوجين ؟؟ )

الحب المستورد هو الذي ننعق فيه ونقول ( الزواج مقبرة الحب )


إنه حب الشهوة فحسب ، فإذا قضيت شهوتك ، فمن أين تأتي بالحب ؟؟؟

يقول سيد قطب رحمه الله :" وما أعظم قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لرجل أراد أن يطلق زوجه ، لأنه لا يحبها : ويحك ! ألم تبن البيوت إلا على الحب ؟ فأين الرعاية وأين التذمم ؟ ، وما أتفه الكلام الرخيص الذي ينعق به المتحذلقون باسم "الحب" وهم يعنون به نزوة العاطفة المتقلبة ، ويبيحون باسمه - ليس انفصال الزوجين وتحطيم المؤسسة الزوجية فحسب - بل خيانة الزوجة لزوجها ! أليست لا تحبه ؟ ! وخيانة الزوج لزوجته ! أليس أنه لا يحبها ؟ !

وما يهجس في هذه النفوس التافهة الصغيرة معنى أكبر

اتمنى من الله ان تنال مشركتي رضاكم و ان اكون قد افدتكم ولو بمعلومة صغيرة

مع تحياتي اختكم رميساء;)

abdelkader
26-08-2007, 14:31
ما شاء الله موضوع يستحق القراءة والتدبر

مرات ومرات عديدة

أولا مرحبا بك في هذا المنتدى الغالي

وإن شاء الله بداية موفق من الله تعالى

مزيدا من التالق أخي الفاضلة...ومرحبا مرة أخرى

عابرة سبيل
26-08-2007, 18:48
أحسنت واجملت اختي الكريمة
جزاك الله خيرا

قابض على الجمر
26-08-2007, 20:11
الحقيقة أختي أن الحب ضرورة في الحياة الزوجية وهذه الضرورة تتأسس بمدى وجود هذه الحياة في ظل رضا الرحمن

احسـان
27-08-2007, 14:10
جزاك الله خيرا على المجهود القيم

salam
29-08-2007, 10:45
الحقيقة أختي أن الحب ضرورة في الحياة الزوجية وهذه الضرورة تتأسس بمدى وجود هذه الحياة في ظل رضا الرحمن

romayssaa
30-08-2007, 12:59
جزاكم الله خيرا على مروركم الكريم
و اتمنى من الله ان اكون قد افادتكم
مشركتي ;)