مشاهدة النسخة كاملة : وفاء لخير النساء



krit01
28-09-2007, 18:23
أعيـني سِحَّـا بدمع الوفـاء *** فإن الدمــوع لمثلي عـزاء
كريمة مــاتت ولا من أنيس *** سوى مــا يمدد في البـرحاء
ففي كل مــا خلفتـه معين *** على الحـزن مهما ادعيت الهناء
وقـول الحبيب يُسَلِّي الفؤاد *** ألا ليس في الدمـع والحزن لاء
إذا كـان قلبك دون اعتراض *** وهـل لِلْمُسَلِّمِ إلا الرضــاء
وكيف يَحِلُّ لعيني الجفــاف *** وقـرتها أَصْبَحَتْ في اختفـاء
وكيف يحـل لقلبي السكـون *** وملْءُ الشغاف أجاب النـداء
يقول ابنهـا هل أنـا في منـام *** ألا طمئنــوني برب السماء
ومن ذا يصدق هذي الوفــاة *** ومن فُقِــدَتْ هي رمز النماء
أتت من رباط1 حوى مؤمنـات *** لذكر الإلـــه وَرَصِّ البناء
أتت كـلها أمـل ورجــاء *** أتت كلـها فرحـة وبهــاء
أتت كـلها طيبة وبـــراء *** من الحــول في ذلة وامِّحَـاء
تقــص علينا بريد السمـاء *** وما قد حبــاها به في سخـاء
وتحكي لنـا عن رضى واحتفاء *** من المومنــات وطيب ثنـاء
كــأن كريمتنــا بينهـن *** عــروس تزف بأغـلى هِدَاء2
تقـص رؤى عن حبيب الإله *** عن المصطفى كيف حف اللقـاء
برحمته منذ رَفْـعِ الستــار *** إلى أن خَتَمْــنَ اللِّقَا بالدعـاء
وَكُنَّ يعــانقنها بانتشــاء *** وَكُنَّ يُقَبِّــلْنَهــا بحبــاء
فقد أخبر الزوج عنـها وقـال *** حبـاني إلهـي بخير النســاء
ببنت الأصـول سليل الفحول *** جميـل الخــلال عديم الكفاء
حباني بمن إن أمرت استجـابت *** ومن إن نظـرت رأيت الرُّواء3
ومن إن نأيت وطــال انتظار *** فخــير وِكاء لخيـر وعـاء
هـي العون عند البـلاء تجده *** ومـن مثلهـا سُلوة في البـلاء
وبيت الكـريمة نعـم المـلاذ *** لطـالب علــم وراجي العلاء
ينـام النـزيل قرير الفـؤاد *** ومضجعــها يشتكي من جفـاء
لها في النصيـحة4 سبق اقتحام *** وفي شُعبـة5 الحي حسن البـلاء
وجــار الكريمة ليس يُضام *** وكيف يضــام وفيها إبـــاء
ويحـــظى منير بخير الثناء *** ويَنسى المُكــرَّم جُند الخفــاء
هي الأم والأخت والمستشـار *** وحكمتهـــا حِمية ووِجـاء
لهـا نظر ثـاقب في الأمـور *** فأبشــر إذا كـان منها ارتياء6
وإن كُلِّفت سهـرت لا تبالي *** ولم تغمض العين حتى الضّحــاء7
وكـم من رؤى بشرتها بموت *** على سَنَنِ الصّفــوة الشهداء؟
وأين شهادة هدم الجُســوم *** بكُبرى هي البـذل حتى الفناء؟!
بسبقٍ وصِـدقٍ وعمْق ورِفْقٍ *** وذوق وحذق بـدون ريـــاء
وعلــم الرواة وحلم الثقاة *** وعــزم الأباة وذل الإمــاء
وفي بيتهــا راحة واكتفـاء *** لشيء جميــل بلا غُلَــواء8
نظيـف عفيف لطيف ظريف *** أصيـل قليـل خفيـف الأداء
فمَــن هذه مِن مُنير تجلَّت *** بأحـلى صفـات وأغلى كِساء؟!
بلَبس التُّقى والنقا والصـفاء *** ولَبْس الهـدى والرضى والحياء
ولكن رُؤْيتَــكَ البَدْر تُغْنِي *** عن الخبــر الصدق كلَّ الغَناء
أتينـا بها من عَروس الشمال *** رجعنــا إلى دُرَّةِ الأوليــاء
كما وُدِّعت بالرضى والبكاء *** كذا استقبلت بالرضى والبكـاء
روت ما روت في طريق الرجوع *** لأغلى مُقيم بـأحلى ثَـواء9
وقالت وصـال بعيد الزوال *** بعطف مـلاك ولطـف زُقـاء10
متى نقتـني مسبحـا للصغار *** بذا قـد وَعَدْتَ فأيـن الوفاء؟
من الظهر حتى قُبَيْل الغروب *** ونحـن نداري وصـال البـراء
إلى أن أجبنا نـداء الوصـال *** مضينا لمرجـان11 قبل العِشـاء
ولم نـدر كيف رمتنا الطريق *** إلى حـافة حـل فيهـا البـلاء
كـريمة فاضت دماها الغزار *** ولم يبق إلا حَسـيس ذَمــاء12
أتى الناس من كل حدب وصوب *** وقد هالهم ما رأوا في الخلاء
صيـاح تعالى ولا من مجيب *** كريمــة في خطـر وعنــاء
واسعـاف مغربنا في غياب *** إلى أن أجـابت لداعي القضـاء
تمنيت لو في الحيـاة رجـاء *** تمنيت لو في العيــون عمـاء
ووالدة الحب تـدعو الإله *** ألا فـلأكنْ يـا رحيـم الفداء
وقيـل تواروا، ألا من غطاء *** وغـطى مُحَيَّى الحبيب الرداء
ألا دثـروني ألا زمــلوني *** فدمعي وحزني إلى الشرع فـاء
ولكن قولي بـريد الرضـاء *** ويفعل ربـــي بنا ما يشـاء
أيا بنت "رحَّال" قطب الصلاح *** عهدنـاك راحلة في المضاء13
رحيلُك عنّا يُــرَى كانتهاء *** وللمؤمـن الموت محضُ ابتداء
فَدُنْيَاكَ طيف وعمركَ ضيـف *** سحـابة صيف رُغىً وغُثَـاء
رجعنا إلى الدار لا من قـرار *** وجـاءت إلينا ضيوف العَـزاء
مضوا والدجى في جنانا رهيب *** وأقوى الهموم هموم المسـاء!!
متى ينجلي الليل بعد انتظار *** وصبـحي يخبِّئُ أَدْهـى خَبـاء
أعينيّ سحّـا بدمع الوفـاء *** فإن الدمــوع لمثلي عــزاء
توالتْ وفُود العـزاء عليها *** وكم من مُعَزٍّ بمثل الصِّــلاء14
مـددت إليها يَداً في حيـاء *** أَمطْتُ اللِّثام كشفت الغِطـاء
إذا بي أمـام جميل المُحَيَّـى *** محيـىًّ جميـلا بأبهى سَنــاء
تذكَّرت يا ليتني مـا ذَكَرت *** نُهــىً كلها عزمَةٌ ومضـاء
مَهًا كــلها خفَّة ووَحاء15 *** يــدا كلها رقة وعطـــاء
فلم أتمالك دمـوعي ففاضت *** ولم أتمـاسك وكيف استواء؟
إلى أن أتى عصْـر دفن بما لم *** يكن في حساب ولا في البَدَاء16
أُلوف أتت من قريـب وبعد *** تُحَيي، تُعَزي، وتُزْجِي الدعـاء
وفي القبر حفـت حشود بأيد *** تواري الفقيدة بيت الجــزاء
وفي اللحد فك العقـال بأيدي *** وعاينت وجها لعيني أضــاء
تلونا من الذكر آيـات وعظ *** وموعظة المــوت آي سـواء
فوعظ بنطـق ووعظ بصمت *** عسى أن تلـين ذوات الجفـاء
ومسك الختـام كــلام وليٍّ *** من الشـرق جاء بأغلى عزاء17
تــلاه دعاء من القلب تهفو *** له النفــس ترجو تمام الشفاء
وقد ظلل القـبر بعض الغمام *** ورطبـت الجو بنت السمــاء
وكـان لهم في الأخير التماس *** بــأن أشكر الناس قبل الجلاء
شكرت بكيـت وأَثْنَيت خيرا *** لنــا موعد في مقام البقــاء
وآخر في ثلث ليــل الهجود *** دعاء لربــط القِرى بالضيـاء
وثالثــها موعد كلَّ يــوم *** تجدده الأم صبــح مســاء
يجــدده نجلـها والبنــات *** حبيبــاتها في العُرَا والثَّلاء18
رجعـت الى الدار دون لباس *** دمـوعي كَسَيْلٍ وصبري جُفاء
ولا سَكَنٌ فالسكينة غــابت *** وهل بعــد أم وزوج رخاء؟!
ولم يبـق إلا عــزاء الحبيب *** بسلهــامه كُفِّنَتْ والرُّوَاء19
يقــول هو الله خير وأبـقى *** فصبر الفتى هو عين الرِّبـاء20
أليست كريمة بنـت البتـول *** أليسـت كريمـة أخت وفاء؟!
أليست بـأم وصال ويسرى *** "محمدُ" "هـاجر" يــا للرِّفَاء21
وخــالتها أمها لا جـدال *** خــديجة من ثبتت باعتنــاء
ويــاسين والـدها لا مراء *** فنعم الأبــوة نعـم الـولاء
وفي حفــل تأبينها في المساء *** تحــدث فتح22 وبالفتح جاء
وأنشد مــدحا غُلامُ الإخاء *** وقـــابوش أثنى فعم الصفاء
ومســؤولنا بالشهادة وفى *** وقـدم محمدنــا مـا أفــاء
به قلب عشّــابنا من أقاح *** فسحت عطــورٌ وفاح كِبَاء23
ومن "نَـدْيَةٍ" كلْمة من جَنان *** غـزتنا بمـا يُعْجِبُ الفصحـاء
ولم يبـق إلا رجــاء منـير *** بأن يستعيـن على الحلفــاء
هـوى النفس إبليس والقرناء *** بدعوة إخوانــه الشفعــاء
بــرابطة الأشْعري سداهـا *** وداد غطـــارفة رحمــاء
وكــان الختام وأي ختـام *** كـلام الشريف24، زكي الإتاء
فاثنى وثنى بأرقى دعـــاء *** وصلى وسلم بعد الدعـــاء
عـلى حِبِّ قلبي إليه اشتياقي *** وموت الحبيب لجـرحي دواء25
صــلاتي عليه تسكن قلبي *** ومَن مثلهــا للقـلوب رَواء؟
صلاتي على الآل والصحب طُرًّا *** ومن هم لبئـر الأسـاة دلاء
فأنزل إلهــي شآبيب فضل *** على من فقــدنا وحقِّق رجـاء

ذ. منير ركراكي
16 من جمادى الاخرة 1426هـ الموافق لـ 21 يوليوز 2005م.

krit01
31-03-2008, 18:08
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

hafidyassine
31-03-2008, 19:07
شكراً لك اخي الكريم