مشاهدة النسخة كاملة : كتاب تنوير المومنات



أشرف
30-11-2004, 15:36
خطبة الكتاب


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه وإخوانه وحزبه

الحمد لله نور السماوات والأرض لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، خلقنا سبحانه من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء زيادة في الخلق ومددا.

أشهد أنه الله لا إله إلا هو الملك الوهاب، ذو الطول شديد العقاب، أنذر الخلق وبشر وأهاب، حيث قال في محكم الكتاب: ]من عمل سيئة فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مومن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب[.(سورة غافر: الآية: 40)

أحمده حمد عبد بادي العجز والكلال، وأسترحمه واقفا بباب الكرم والنوال، وألجأ إليه مستشفعا بحبيبه محمد سيد ولد آدم في يوم لا بيعٌ فيه ولا خِلال، وأستغفره من رديء الخلق وسيئ الأعمال، وأعبده حزينا على تقصيري والإهمال، وأستعينه ليهدينا صراط الذين أنعم عليهم من المقربين أهل الكمال.

وأصلي وأسلم على نبي الرحمة، الذي جاءنا ببلاغ: ]ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة[.(سورة الروم: الآية: 20)

صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه من الأنصار والمهاجرين، وإخوانه من الأولين والآخِرين، وسلم تسليما.

أما بعد فأقدم كتابي هذا بضاعة مُزجاه، للصالحات القانتات الحافظات للغيب بما حفظ الله، ثم لكل منيب أواه، ولِلاهية في عبث زينة الدنيا ولاه. عسى يعود ربنا الحليم الكريم علينا بتوبة، ويمن علينا بيقظة وأوبة، ويكشف عنا غُمة الغفلات والحوبة.

إنه سبحانه القدوس السلام. فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام.

رجائي فيه سبحانه أن يجعل مكتوبي هذا جِلاءَ غَمام، وتنويرا لعقبات الاقتحام، ودَليلا لمن يطمح إلى ذِرْوة السنام، لا ترضى همته أن ترتع مع السائمة في سفوح الانهزام والاستسلام.

أستعين بالله وأستخيره وأستقدره في بسط قضية المرأة في محنتها، وفتنة أمتها.

طموح هذا الكتاب يمتد إلى واسع الحاضر وفسيح المستقبل معا، مراقبة واستكشافا وتطلعا. لكنه يحرص منذ البداية على جلب الأنظار، وتوجيه الأفكار، وجمع همم البصائر والأبصار، على قضية القضايا، المنسية المكبوتة في الزوايا. ألا وهي قضية مصير العبد إلى ربه.

لا يحب هذا الكتاب ولا يريد أن يصنف في خزانة التوعيات: مجرد توعية بقضية المرأة المسلمة إلى جانب التوعية السياسية، والأخرى الثقافية، والثالثة الفنية الجمالية. وما شئت من حمولات تُفرَغ في أوعية الأدمغة وبواطن النفوس، تتفاعل أو لا تتفاعل، تتوالد ويتغذى بعضها ببعض، والوِعاء زاخر عجاح بهوامّ الأفكار ومَحْشَر الهوس. أفْرَغَت التوعيات الكونية الدماغ المثقف بثقافة العصر، والنفس المائجة مع حركات الدنيا، من هم الآخرة وهم المصير. وأخرست الصوت الفطري السائل عن معنى وجودي وحقيقة حضوري وغاية مروري من هذه الحياة العجيبة الغريبة. لا أعجب من هذه الحياة إلا لغز وجودي، ولا أعجب من الأعجب إلا رُضوخي القطيعيُّ حين سِرْتُ في الدرب الهائم مع ماشية الزاعمين أن الكل عبث في عبث.

سعادة هذا الكتاب أن يوقظ الواسن ويحرك الساكن لتمسك المومنة القارئة، والمومن الباحث، بتلابيب نفسه وهواه، ويحمل فكره على المكروه الذي تهرب منه النفس الراكدة في خبثها. ألا وهو مواجهة الذات بالسؤال المليح الصريح: أي إيمان هو إيماني؟ وما قضيتي مع ربي؟ ضاعت ونُسيت في ضجيج الحركية فهل إلى تلافي الأمر من سبيل؟ أم إن المنطلق الأول كان خطأ حين اندفعت في حماس أزعم أني مهاجر إلى الله ناصر لدين الله مجاهد في سبيل الله بينما قلبي هواء وخواء؟

سعادة هذا الكتاب وطموحه ورجاؤه من المولى الكريم الهادي أن تلتقي صراحته بقلق المومنة والمومن، وتطلع المرتقبة والمرتقب، وشك الغافلة والغافل، فتنقدحَ في قرارة نفسي أنا أمة الله، وأنا عبد الله، وأنا الجاهل بما أنا، ومضة اليقظة، وشعلة الحسرة، وحرقة الشوق. وتسكنَ في سويداء قلبي هموم مصيري الأخروي، ولواعج الأسف على غفلتي، والسؤال الدائم المزعج المنجي: ما ثقتي بربي، ما صدقي معه، ما صدقي في طلب رضاه، أين أنا من الصادقين الذين يعبدونه رَغَبا ورَهَباً، ما حظي من يقين الصادقين، ما رضاي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، ما مسارعتي بين المسارعين إلى نيل الدرجات في الجنة عنده؟

متى انجمع همي وتوحد، ومتى أصبحت قضيتي مع ربي أم القضايا، عندئذ تأتي القضايا الأخرى في مرتبتها حيث تخدم الوسائلُ الغاية، وحيث يلتحق الفرع بالأصل، وحيث لا تغطي الشروط على المشروط.

طموح هذا الكتاب أن تهُبَّ على مناجاته ومناشدته إرادات نعست على فراش خمولها واستقالتها، وأخرى تتمطى على إيقاع حركةٍ مصارِعة لأبناء الدنيا على الدنيا، أو لطواغيت الحكم على الحقوق، أو للنظير والجار على الزعامة والشفوف.

وسعادته أن تُعقب الهَبَّةَ القلبيَّة واليقظَة الإحسانيّةَ محاسبةٌ ومراجعة ومتابعة.

ما حياتي لو صارحت نفسي وكنت الشجاع الآمر لا عبد الهوى إلا لقطات وهزات ونزوات وفرص تضيع وقفزات. بيت غفلتي لو صارحت نفسي وأمسكت بخناقها قلعة أحصنها بخسيس الركام، وبإرضاء أنانية عاتية وسط الزحام.

كمالكِ كمالُكِ يا امرأة! كمالك كمالك يا رجل! وما الكمال؟ وما الوسيلة؟ وما المعنى؟ ومن قال؟ وما قيل؟ وما فعل هؤلاء وأولئك؟ وما أفتى المترخص؟ وما بدَّع المُتشدد؟

هل من رحلة إلى السعادة الكبرى لا يكون في طريقها عقبات ولا امتحان، ولا إرادة ولا اقتحام!

نَم هادئا.

رجاء العبد الكاتب أن يجمع الله بقراءة الكتاب شمل من شاء من إمائه وعباده على نفحات الرحمة تقوده في سلاسل الحاجة إلى الله أو في رفارف العناية السابقة من الله إلى طريق كماله.

تذهب مع رياح الهوى وعاصفات التجاذُب والتعصب نفحات الرحمة وخواطر الهداية التي تخطب وُدَّك. وتشتبك أشواك الشك والتشكيك في ثوب إرادتك الفطرية. وتعترضك عقبات من صنع نفسك وصنع عدوك. وإذا أنت معوق مريض مختلط هائم على وجه الزمن.

نم هادئا! أو اصحب صفحات هذا الكتاب بصبر. واقرأ مقصده من عنوانه. فالنية -صححها الله- أن يتنور عقل المومنات والمومنين بعلم تزكية النفوس، مقترنا مسايرا قائدا لحركة إنصاف المرأة في قضاياها. ولتنسلك الحركة على ضوء علم التزكية في نظام عمل التزكية. تزكية نفسي وتطهير قلبي الذي به ألقى الله يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

عِقد إيمانكِ أيتها المومنة الحرة من الشرك الجلي والخفي ينْتثر، وجذوة إيمانك تخبو وتندثر، إن لم تنتظم خطرات نفسك وخلجات قلبك، وعبادة جوارحك في سلك نوراني يُنير الحَلَك، ويرفعك من مهاوي الدوابية إلى طهر الملك. ما إيمانكِ إلا شتات لا ينجمع، في صراع مع الهوى والشيطان، تارة يلين لهما وتارة يمتنع. حتى إذا عقدت مع الله عز وجل عقدا أن تكوني له الأمة المطيعة، ولرضاه الطالبة الأبدية، وشمرتِ أذيال إرادتك، وكففت نوازع الروغات بصدق لا يرتاب ولا يرتد، ووجهت وجهك لله، وفرضت على نفسك ما تكرهه من استقامة مستديمة على ما شرع ربك وفرض، وسن رسوله صلى الله عليه وسلم وعرض. عندئذ تعرفين في طريق آخرتك نافِعتَك من ضارّتك.

أم أن أمواج هذا الهم لا تلطم شواطئ قارتك!

إذاً فنامي هادئة!

وإلا فتعالي نتصفح بطائن قلوبنا وظواهر هذا العالم المَوَّار على صفحات كتاب "تنوير المومنات"، لنعلم أي جهاد يُقبل منا، ومن أين يبدأ الجهاد وكيف.

اللهم أنت الخليفة في الأهل والصاحب في السفر. فاجعل سفرنا سفر هداة مهديين. واهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعَمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضالين. آمين.

جنات النعيم
13-12-2004, 15:26
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بوركت يمينك اخي الكريم
وجزيت عنا الف خير لادراج هده المثالية من السطور المعبرة الهادفة
والسلا م عليكم ورحمة الله


علمت ان رزقي لن يأخده غيري فاطمئن قلبي

أشرف
13-12-2004, 17:28
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مشكورة الأخت جنات النعيم على هذا التعليق وعلى الطلة المباركة :).

hassan_1677
10-01-2005, 00:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا اخي المشرف على هذا الموضوع القيم خصوصا كتاب التنوير للاستاذ ىعبد السلام ياسين .ا الكتاب الذي يحتاج منا الدراسة والمناقشة .
أقترح أن تكون مدارسة لهذا الكتاب.

أشرف
10-01-2005, 20:47
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالفعل أخي هذا هو المطلوب" المدارسة والمناقشة "

المختار
21-01-2005, 22:00
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا موضوع قيم جعله الله في ميزان حسناتك

فوزي أكريم
13-05-2007, 19:27
السلام عليكم
كتاب تنوير المومنات في صيغة كتاب إلكتروني في هدا الرابط
ولا تنسونا من الدعاء
http://faouzi.c.la

hassan_1677
16-08-2007, 00:09
شكرا أخي الكريم

soha
02-02-2008, 01:53
http://www.el-ahly4ever.com/gif/1/4/9.gif (http://img.el-ahly4ever.com)

أمل الجزائر
27-06-2008, 15:14
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيك أخي المشرف على هذه الكلمات الطيبة

أشرف
28-07-2008, 21:35
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

مشكورة أختي الكريمة على الزيارة المباركة

amat allah
13-01-2010, 11:47
jazaka allaho khayran akhi 3ala hadihi lmo9adima wtta9dim arrae3 likitab tanwir lmominat ja3alana allaho waiyakom miman yahdawna binori allah