مشاهدة النسخة كاملة : قصة اصابتني بالذهول



hasnaa
05-10-2007, 16:10
وفــــــاء‎

ورقة صغيرة كُتبت بخطٍ غير واضح ، تمكنت من قراءتها بصعوبة بالغة‎ ...

فضيلة الشيخ : هل لديك قصة عن أصحاب أو أخوان ... أثابك الله‎ . ..

كانت صيغة السؤال غير واضحة ، والخط غير جيد‎ ...

سألت صديقي : ماذا يقصد بهذا السؤال ؟

وضعتها جانباً ، بعد أن قررت عدم قراءتها على الشيخ‎ ...

ومضى الشيخ يتحدث في محاضرته والوقت يمضي‎ . ..

أذن المؤذن لصلاة العشاء‎ . ..

توقفت المحاضرة ، وبعد الآذان عاد الشيخ يشرح للحاضرين ، طريقة تغسيل وتكفين الميت عملياً‎ ...

وبعدها قمنا لآداء صلاة العشاء‎ ...

وأثناء ذلك أعطيت أوراق الأسئلة للشيخ ومنحته تلك الورقة التي قررت أن استبعدها ، ظننت أن المحاضرة قد انتهت‎ ...

وبعد الصلاة طلب الحضور من الشيخ أن يجيب على الأسئلة‎ . ..

عاد يتحدث وعاد الناس يستمعون‎ . ..

ومضى السؤال الأول والثاني والثالث‎ ...

هممت بالخروج ، استوقفني صوت الشيخ وهو يقرأ السؤال‎ ...

قلت : لن يجيب فالسؤال غير واضح‎ ...

لكن الشيخ صمت لحظة ثم عاد يتحدث‎ . ..

جاءني في يوم من الأيام جنازة لشاب لم يبلغ الأربعين ، ومع الشاب مجموعة من أقاربه ، لفت انتباهي ، شاب في مثل سن الميت يبكي بحرقة ، شاركني الغسيل ، وهو بين خنين ونشيج وبكاء رهيب يحاول كتمانه ، أما دموعه فكانت تجري بلا انقطاع‎ ...

وبين لحظةٍ وأخرى أصبره وأذكره بعظم أجر الصبر‎ . ..

ولسانه لايتوقف عن قول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، لاحول ولاقوة إلا بالله‎ ...

هذه الكلمات كانت تريحني قليلاً‎ ...

بكاؤه أفقدني التركيز ، هتفت به بالشاب‎ ...

- إن الله أرحم بأخيك منك ، وعليك بالصبر‎

التفت نحوي وقال : إنه ليس أخي‎

ألجمتني المفاجأة ، مستحيل ، وهذا البكاء وهذا النحيب

- نعم إنه ليس أخي ، لكنه أغلى وأعز أليّ من أخي‎ ...

سكت ورحت أنظر إليه بتعجب ، بينما واصل حديثه‎ ...

- إنه صديق الطفولة ، زميل الدراسة ، نجلس معاً في الصف وفي ساحة المدرسة ، ونلعب سوياً في الحارة ، تجمعنا براءة الأطفال مرحهم ولهوهم‎ ...

- كبرنا وكبرت العلاقة بيننا ، أصبحنا لا نفترق إلا دقائق معدودة ، ثم نعود لنلتقي ، تخرجنا من المرحلة الثانوية ثم الجامعة معاً‎ ...

التحقنا بعمل واحد‎ . ..

تزوجنا أختين ، وسكنا في شقتين متقابلتين‎ ...

رزقني الله بابن وبنت ، وهو أيضاً رُزق ببنت وابن‎ ...

عشنا معاً أفراحنا وأحزاننا ، يزيد الفرح عندما يجمعنا ، وتنتهي الأحزان عندما نلتقي‎ ...

اشتركنا في الطعام والشراب والسيارة‎ . ..

نذهب سوياً ونعود سوياً‎ ...

واليوم . .. توقفت الكلمة على شفتيه وأجهش بالبكاء‎ ...

- يا شيخ هل يوجد في الدنيا مثلنا‎ ...

خنقتني العبرة ، تذكرت أخي البعيد عني ، لا .. لا يوجد مثلكما‎ ..

أخذت أردد ، سبحان الله ، سبحان الله ، وأبكي رثاء لحاله‎ ...

أنتهيت من غسله ، وأقبل ذلك الشاب يقبله‎ ...

لقد كان المشهد مؤثراً ، فقد كان ينشق من شدة البكاء ، حتى ظننت أنه سيهلك في تلك اللحظة‎ ...

راح يقبل وجهه ورأسه ، ويبلله بدموعه‎ ...

أمسك به الحاضرون وأخرجوه لكي نصلي عليه‎ . ..

وبعد الصلاة توجهنا بالجنازة إلى المقبرة‎ . ..

أما الشاب فقد أحاط به أقاربه‎ . ..

فكانت جنازة تحمل على الأكتاف ، وهو جنازة تدب على الأرض دبيباً‎ ...

وعند القبر وقف باكياً ، يسنده بعض أقاربه‎ ...

سكن قليلاً ، وقام يدعو ، ويدعو‎ ...

انصرف الجميع‎ . ..

عدت إلى المنزل وبي من الحزن العظيم ما لا يعلمه إلا الله ، وتقف عنده الكلمات عاجزة عن التعبير‎ ...

وفي اليوم الثاني وبعد صلاة العصر ، حضرت جنازة لشاب ، أخذت اتأملها ، الوجه ليس غريب ، شعرت بأنني أعرفه ، ولكن أين شاهدته‎ ...

نظرت إلى الأب المكلوم ، هذا الوجه أعرفه‎ ...

تقاطر الدمع على خديه ، وانطلق الصوت حزيناً‎ ...

يا شيخ لقد كان بالأمس مع صديقه‎ ...

يا شيخ بالأمس كان يناول المقص والكفن ، يقلب صديقه ، يمسك بيده ، بالأمس كان يبكي فراق صديق طفولته وشبابه ، ثم انخرط في البكاء‎ ...

انقشع الحجاب ، تذكرته ، تذكرت بكاءه ونحيبه‎ ...

رددت بصوت مرتفع :كيف مات ؟‎

- عرضت زوجته عليه الطعام ، فلم يقدر على تناوله ، قرر أن ينام ، وعند صلاة العصر جاءت لتوقظه فوجدته ، وهنا سكت الأب ومسح دمعاً تحدر على خديه ، رحمه الله لم يتحمل الصدمة في وفاة صديقه ، وأخذ يردد : إنا لله وإنا إليه راجعون‎ ...

- إنا لله وإنا إليه راجعون ، اصبر واحتسب ، اسأل الله أن يجمعه مع رفيقه في الجنة ، يوم أن ينادي الجبار عز وجل : أين المتحابين فيِّ اليوم أظلهم في ظلي يوم لاظل إلا ظلي‎ ...

قمت بتغسيله ، وتكفينه ، ثم صلينا عليه‎ ...

توجهنا بالجنازة إلى القبر ، وهناك كانت المفاجأة‎ ...

لقد وجدنا القبر المجاور لقبر صديقه فارغاً‎ . ..

قلت في نفسي مستحيل : منذ الأمس لم تأت جنازة ، لم يحدث هذا من قبل‎ ...

أنزلناه في قبره ، وضعت يدي على الجدار الذي يفصل بينهما ، وأنا أردد ، يالها من قصة عجيبة ، اجتمعا في الحياة صغاراً وكباراً ، وجمعت القبور بينهما أمواتاً‎ ...

خرجت من القبر ووقفت ادعو لهما : اللهم أغفر لهما وأرحمهما ، اللهم واجمع بينهما في جنات النعيم على سرر متقابلين ، في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، ومسحت دمعة جرت ، ثم انطلقت أعزي أقاربهما‎ ...

انتهى الشيخ من الحديث ، وأنا واقف قد أصابني الذهول ، وتملكتني الدهشة ، لا إله إلا الله ، سبحان الله ، وحمدت الله أن الورقة وصلت للشيخ وسمعت هذه القصة المثيرة ، والتي لو حدثني بها أحد لما صدقتها‎ ...

وأخذت ادعو لهما بالرحمة والمغفرة‎ . ...

قصة ذكرها الشيخ عباس بتاوي مغسل الأموات

abdelkader
05-10-2007, 17:08
لا اله الا الله محمد رسول الله

بارك الله فيك أختي وأحسن الله إليك

فعلا قصة مؤثرة

نسال الله أن يرزقنا الثبات وحسن الخاتمة

salam
06-10-2007, 13:30
لا اله الا الله محمد رسول الله

بارك الله فيك أختي وأحسن الله إليك