مشاهدة النسخة كاملة : و التفاحُ يكتبُ تاريخَ الجولانِ



لؤي الشامي
19-10-2007, 09:44
إنكِسَاراتُ
مَا قبلَ التُفاح


تَحيةً إلى :
التُرابِ والتُفاحِ والإنسَان
إلى كلِ ...
الصَامدينَ في الجَولان




إن مقاربةَ اي قضيةٍ وطنيةٍ في عمل مسرحي تضع المخرج أما خيارين أثنين:
إما التسلق على القضية من أجل النجاح ،و إما تقديم التنازلات من أجل الوصول إلى عملٍ يخدم هذه القضية .
وقد إختارات فرقة (سجال)التنازل في سبيل وصول مسرحية
(إنكسارات ما قبل التفاح ) إلى النهاية
و قد قدم العرض يوم 2-5-2007 على خشبة المدرج الثامن
في كلية الآداب و العلوم الإنسانية \ جامعة دمشق
تأليف وإخراج : لطفي النقشبندي
في محاولةٍ منها لتقديم تحيةً متواضعةلأبطال الصمود في الجولان المحتل
العمل ينتمي إلى فن المونودراما الذي يعتمد بالدرجة الأولى على قوة النص وأداء الممثل من خلال التنقل بين الحالات و الإنفعالات التي ترافق تجسيد حياة شاب من الجولان كان قد أمضى 10سنوات في سجون الإحتلال الإسرائيلي،
لعب دوره (حازم شحادة ) ،وقد إعتمد العمل على طرح مجموعة من الأسئلة التي ربما لم نستطع نحن كسوريين حتى الآن إيجاد الأجوبةِ المناسبة لها ...




(( كان هذا الموجز وإليكم الآن أنباءنا بالتفصيل :
هذا و قد طالب مجلس الأمن في جلسة مساء اليوم إسرائيل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ، و الانسحاب إلى ما وراء خط الرابع من حزيران .))بدايةً كان سماع نشرة الأخبار يكفي ليثير لدينا السؤال التالي :
" هل بقي لنا هناك خطوطٌ أو حتى دوائر ،أهناك من نهايةٍ دون بدايةٍ " ؟
إن الشاب هنا يعاني من حالة صراعِ بين تعاليم الأجداد التي تدعو إلى النضالِ
و الكفاح المسلحِ،و ترفض فكرة أن الثورة باتت ماضياً و سلاحاً قديماً .
و بين الأصوات التي تدعو إلى استخدام خياراتٍ أخرى و نبذ العنف في عملية تحرير الأرض المحتلة ،لا بل و تدعو إلى استخدام الحل الدبلوماسي .






من أجل التاريخ بعيدأً عن أي مصلحةٍ شخصية يقرر الشاب مكرهاً استخدام سلاح الدبلوماسية و يدعوا الإسرائيلي إلى نقاشِ هادئِ و موضوعي يطرح عليه فكرة الإنسحاب إلى ما وراء الخط...
يصر الإسرائيلي على إيجاد تسمية مناسبة للخط ،بينما يحاول الشاب كبت غضبه
طالباً إليه إعتباره خطاً مجرداً والتركيز على أهمية الإنسحاب إلى ما وراءه بغض النظر عن المسميات.
يطرح الشاب فكرةً قد تثير حفيظة بعض المتشددين ، و التي تدعوا إلى الإعتراف بحق الإسرائيلي في الحياة و الدفاع عن الأرض التي أوهم منذ زمن بأنها أرضه،
فهو يملك الحق في استخدام كافة الوسائل التي يراها مناسبةً من أجل هذا ...
لكن علي أيضاً الإعتراف بحقنا في استرجاع أرضنا و دفع الظلم عن تلك البقعة الطاهرة والدفاع عنها حتى الرمق الأخير...يجب أن يكون الإعتراف بحق ممارسة فعل الحياة متماثلاً من الطرفين.
((عليك أن تفهم أنك مستغلٌ هناكَ...مسيرٌ وفقاً لإرادتهم الشيطانية ...
زرعوا تلك الفكرة في رأسك ...حتى تفشت و تورمت و باتت ورماً خبيثاً...
و الآن تدافع عنها ...و لكنك لا تدافع عن حياتك ...
بل عن حياتهم و مصالحهم وأطماعهم ...
تدافع عن فكرتهم ...و مستعدٌ للموت من أجلها ...
أقسم أني أحترم كل إنسانٍ يدافع عن أفكاره حتى النهاية ...))



يطرح العمل بعد هذا معاناة أهل الجولان و بشكلِ خاص زيارة الأسرى في
المعتقل،فهناك لا تخلو عائلةٌ من أسيرٍ أو أكثر ...
الزيارات التي تتم من خلال النوافذ بمرافقة الحراس ،عدا عن الرحلة الطويلة التي تنهك العجائز للوصول إلى المعتقلات ...
و من خلال طرح معاناة طلاب الجولان الدارسين في الوطن الأم
حيث تمر عليهم الأعياد من خلف الأسلاك الشائكة و تمر كلمات المعايدة
عبر مكبرات الصوت ، يحاول كسر الحاجز الوهمي بين أبناء الجولان و الموجودين في الوطن الأم ...فما إختلاف الثياب والأشكال يورث إختلافاً الإنتماء...

((البعض هنا ...
سطحيٌ لا يهتم سوى بالمرح و المتعة ... و ينسى واجبه تجاه الوطن ...
ينس الواقع الأليم ...
وهناك تتكرر الحالة ...
البعض هنا ...لا يفكر من الصباح و حتى المساء سوى في تأمين
حياةٍ لائقةٍ لعائلته...
صحيحٌ أنه على حساب القضية و لكن أليس هذا نضالاً و مقاومة
وهناك تكرر الحالة ...
الكثير هنا ...ممن يتمردون على الواقع و يرفضون مقولة
"فخار يكسر بعضه"
و يؤمنون بأنه سيأتي يومٌ لن يبقى فيه فخارٌ يكسره الشعب ...
و يدركون حتمية دخولنا في العصر الطيني ...
و هناك تتكرر الحالة ...
هنا و هناك ...
هناك و هنا ...
هنا تتكرر حالة هناك ...
و هناك تتكرر حالة هنا ...
صراحةً لا أعلم متى يصبح هنا و هناك واحداً
ومتى يختفي الفارق اللفظي بين الهضبة و الوطن...))


تبدأ حالة من الحب و الشوق في دفع الشاب إلى حالة من التوازن ...
فهو يسرد لنا تفاصيل العلاقة بشيءٍ من الغموض محاولاً إخفاء الكثير من التفاصيل مركزاً على حلمٍ كان يرافقه طيلة وجوده خلف جدران المعتقل،
و ما فارقه لحظةً واحدة.

((حدثتها عن ذاك الحلم الذي أراه في كل يوم ...
أرى كل تفاح الجولان ...و مع شروق الشمس ...
بدأ يتضخم و يتضخم ...حتى بات عملاقاً
كل تفاحةٍ يقارب طولها العشرين متراً...
فجأة لمع البرق في السماء ...كان أزرقاً ...أجل ...
و بدأ التفاحات تنحدر من على الهضبة
تجرف كل جنود العدو و منشأته ...
تضرب جدران المعتقل فتهدمها دون أن تأذي أحداً من الأبطال...
الحراس يفرون بذعرٍ، فيمر التفاح من فوقهم...
يصرخون ...لكنني لم أسمعهم أبدأ ...
أستيقظ ورائحة التفاح لا تزال في أنفي ...
بعدها أبقى أنا صامتاً ... ))

رغم المحاولات البائسة من الشاب في التكتم إلا حالة الحزن و الثمالة تفقده توازنه و ترمي به في حالة هستيريا تدفعه إلى الحديث بحزن تارةً و جنونِ تارةً اخرى يبرز فيها خوفه من الحب ،إخفاءً لأحداثٍ جرت في المعتقل .


(( لم أقل لها ما الذي حدث في المعتقل ...لم أكن خائفاً...
كنت قد صممت على الصمود حتى النهاية ...
كنت أفضل الموت على الخيانة...
هناك عندما حل الظلام جاؤوا بي إلى غرف منعزلة ...
كنت أنصت إلى دقات قلبي لأتأكد من أنها طبيعية ...
كنت أخاف من أن أكون خائفاً ... ))

هناك أصر بطلٌ من الجولان على الصمود ،قدم الكثير من التنازلات
و لم يتنازل عن قضيته، بينما نحن نتابع بحالة من الترقب و بمرافقة الموسيقا المتوترة حالة التعذيب بإستخدام الكهرباء و قلع الأظافر


بينما نحن مشدودين إلى حالة التعذيب التي لا تتوقف ولا أظنها تفعل
يسقط الشاب أرضاً والدماء تسيل منه بغزارةٍ من بين فخذيه .
سرق المحتل رجولته ،ربّما لكنه ما أستطاع يوماً تحطيم
صموده و كبريائه ،فما يجري في المعتقلات ليس إلا بدايةً للنهاية
(إن الرجولة تغدو رخيصةً في سبيل الوطن )


(( قيدوني بشدةٍ...
رفعت رأسي نحو الأعلى...كنت أبحث عن نافذةٍ...
علي أرى منها حبات التفاح الكبيرة ...
فجأة اشتد الظلام و سمعت أصواتً غريبة...
لم أكن أحس بالمكان ولكنهم...بدؤوا يقتربون أكثر ...))


نهاية العرض حملت للشاب تحقيقاً لحلمه فالتفاح لم يرضَ إلا الوقوف في وجه الظلم و القضاء على محتلٍ من أسلاكٍ شائكةٍ...
ماداً يده لذاك البطلٍ يدفعه ليكمل طريقه ،فليس على الثائر أن ينام .
فرقة ( سجال ) أعربت في بداية العرض أنه رغم كل ما قدمت من جهدٍ ما زال هناك الكثير من أجل قضيةٍ ما تزال تعنيهم ليس لأنهم عرب أو سوريين بل لأنهم


( بشرٌ يحملون صفةَ الإنسانية )

أشرف
19-10-2007, 10:32
أهلا أخاني الكريم

عرض جميل جدا وقيم، فالحقيقة نذر مثل هاته الأعمال والعروض في هذا الوقت

نورت المنتدى بقدومك ننتظر إبداعاتك إن شاء الله، جمعة مباركة أخي الكريم

abdelkader
19-10-2007, 11:26
جزاك الله كل خير أخي الكريم على هذا العرض الجميل

نسال الله تعالى أن يكون في الميزان المقبول إن شاء الله