مشاهدة النسخة كاملة : نص مسرحية التصريح الأخير لشهريار



فرحان الخليل
20-10-2007, 22:23
مونودراما : التصريح الأخير لشهريار

نص وإخراج : فرحان الخليل
(سرير شرقي تظلله ستائر ذات ألوان زهرية وحمراء , غطاء السرير أرجواني ووسائد مذهبة , على يمين المسرح نافذة ستارتها نارية اللون , في صدر المسرح باب يشبه النفق , شهريار يقف على النافذة وكأنه ينتظر أحد ما , بهدوء مريب يلتفت نحو السرير ثم يحملق به . )
شهريار : لقد تأخرت الدنيا , ونامت الفراشات على مهل ( يهز رأسه بيأس ) موجع أن يغير الحنين إلى أضلاعي دفعة واحدة ...... ضاق صدري ..... واختزل الهواء ....(لنفسه ) هل عاودتك لعنة الماء ياشهريار؟ ... آه ( يتجه للصالة ) و من منا لا ينتظر عودته الذبيحة على شواطئ أحلامه !! ... كثر الغياب ... وعادت الدنيا تعاتبني ..... ألف من الليالي وأنت تحلمين أن تقطفي أثمار غبطتك يا شهرزاد .... ألف حلم والربيع الأسود يلتهم أيامي خلف عشبك ممنيا هذا الحلم باقتحام أسوارك لأبني مملكة تليق بسمائك الثامنة ( يلتفت إلى الباب ويمشيء يشبه الهمس ) لا أحد يدري ... لا أحد يدري أن رائحة موت شهي تسيل من بلور عينيك وتصب في سواقي جسدي مدائن فضة .... وموائد لوز .... وألحان خالدة .... وأجراس أعياد قادمة يعبق فيها الهال والنعناع وموائد هذا الشرق , وكم قلت أن الفصول ستأتي دون ارتباك وسيزهر ربيعك يا شهريار ............ آه أيتها الماهرة بعيدا.... لما قبلت أن انتظر خارج الحلم.؟؟؟........ لتذهبين؟؟ !! ( بيأس يسير نحو السرير ويجلس ) ولما كل الحدائق يسكنها ملائكة صغار ....... ( يستدير برأسه نحوالصالة ) ... نعم ملائكة صغار يتراكضون تحت الشجيرات الحزينة ( ينهض ويصرخ بألم ) كل العذارى أنكرنني قبل اغتيال بكارتهن , حين بكيت رمادي على أثدائهن رافعا صلواتي لهذا الدفء الذي نذرته لغة الأنهار وحنايا الصنوبر .... ولم ترى ولا واحدة منهن دمعي سوى طيور من السمان تمشط شعر قمحي في حقولي الغافية ( بهدوء وخوف ) إلا أنت يا امرأة النار .... يا امرأة استطاعت أن تسمع الصدى في قواقع صدري .......... فأنت تعرفينني ( يشير إلى السرير ) ووجه هذا يهرب مني بذاكرتك .... ( يجول المكان في شبه لوثة ) شوق الحكايات يأكلني ... فتخرجني طلعا إلى نخلات العراق " ودنانير تفر من البنان " وأغدو تفاحا في غوطة الشام , وآسا أندلسيا تمتلئ الأرض بشميمه ... تعالي يا صبيحة الوجه ومزقي حجاب كسرى وافصدي دمي عرقا ... عرقا واغمسي به ريشة أهريمان وضعيها في ... فمه !( يهدأ ) لكن النوم دائما يعسكر في فلواتي , فيغزوني رعب الفضيحة ( يرفع يديه إلى فوق وهو يراقبهما ) ليلوث دم العذارى هاتين اليدين , فأكتب بدمائهن على حجر مقدس : انهض يا انكيدو وخذ ثأر عذريتك من جلجامش , أطفئ النار يا برميثيوس واستعد وهج عينيك التي سرقتها قمم الأولمب .... وسأبقى أكتب وأكتب فلا الدم ينتهي أو يجف ولا الكتابة عصية ....(يصرخ) ها هو سقراط يستعيد فلسفته ويخطها في صفحات الزمن بمداد من دماء عذاراي, و يخلع تشاؤمه ويحييني (يزداد صراخه ) أكتب يا شهريار بدماء العذارى .. فما ذال الشريان يدفق ... وهذا القصر دم وليس شيء آخر وأنا دم ولا شيء آخر , وكم قلت أن الدم لا ينتهي .............فلا الكتابة تستعصي ولا أنا أتعب !!! ( يتجه نحو الصالة وبرجاء واعتراف وصدق ) حتى جاءت شهرزاد تقامر بدمها ( وكأنه يحلم ) كانت على موعد مع الليل ودم الصباح , فإذ بها عالم يمزق صور الأضواء ( يمسك بتلابيبه ) ويمزق ثياب المهرجين .... آه منك حين مزقك السحر إلى صفاء الأميرات ( يركض نحو النافذة ) أريدك أنت ... أريد ذاتي .... أنت ! ... أنا ... أنت خيالي ... ( يبحث ) أين أنا ...... ( للصالة ) هس ...... هس ... اسمعوا وقع خطواتها الرهيفة خلف وجه الليل .... انظروا صبيب دموعها كيف يغسل المطر ( يمد رأسه إلى النافذة بفرح طفولي ويخرجه وهو مصاب بالخيبة ثم يدير رأسه نحو الصالة وأثناء كلامه يبدأ التراجع إلى الخلف حتى يرتمي على السرير ) ظلالها !!! ... إن ظلالها مرسومة في وهوهات الضوء .... وفي العيون ..... وفي صدى البروق ....... وفي انغماس ضوء الله في البحر( يرفع رأسه وينظر إلى السرير ) هنا كم انطفأت عيون وذابت كالقصدير ..... على هذا السرير لا المساءات تنام ... ولا شهرزاد تتعب ( بأسى ).... ولا أنا أخجل ( ينهض ) وحين تنام كفي في أناملها الرخية , وأقول للترحال ابدأ فوق شوارع الحلم الكسولة و لملم بقايا نعاسي وزريها في عيون العذارى .... لن أخاف حينها من ديك الفجر ..... لأني أمرت بذبح كل ديوك المدينة ( يبتسم بخبث ) لا ديكة بعد اليوم ..... إطلاقا ... فتشهي يا عذارى مملكتي صوت ديك يوقظ فيك صبح تنهدات جسدك , حينها قلت : ... لا صبح غير صبحي ....لكن العصافير الجليلة صارت تنسق أنغامها الموجعة حتى استفاق صبح جديد ....... وسكت يا شهرزاد عن الكلام المباح ........ فهرب النوم , واجتاحني سهر الليالي ( يصرخ وبألم ) كل من حولي ومن في استفاق إلا ذاك المغمض العين لم يفق .... فقلت عبثا والصبح جاء مع العصافير فل استرح يا مولاي , سمعتك ولم تسمع ..... وخطوت كالغيم ... قلت لابد أن تعود........... فعلى من أبكي وأنا أنادم النوم ........ على شوارع غابت بارتحالك واختفت خلف الضباب الأزرق الولهان , أم على عذارى يتبادلن الهمس خوفا من انسفاح دمائي على أجسادهن ( بحزن ) فأنا وحدي ... لا رفيق لي سوى الضباب وبعض من شميم أثداء العذارى يطيرها النسيم , فأنثني وأعيدها شبحا أغازل بقايا دمها ( يمشي باتجاه السرير ويكلمه ) هل اختفت مع الدجى أم مع الشروق ( يستدير للصالة بسرعة ) من منا ينسى امرأة أشعلت ترابه , واجتاحت سهوله ( لنفسه) هي حروفي الأولى التي انداحت في طيني ... وأصبحت تنهش بعضه الجوعان من بعضي ( يجلس على السرير ) وبقيت هنا ..... هنا على هذا الصدى الخابي لخطوك .... وشكوت من وجدي إليك وجدك الذي ملئ عينيك حينما رحلت إلى مروجهما ( ينظر إلى النافذة , ويسير باتجاهها ) أأعرج إلى السماء لأنال بركات الماء , وأغسل وجهها ؟ أم أجوس أفياء الغمام وأعلن لزهورها كيف تقطر الدم على مقل العذارى حين راودني بلوغ النشأة الأولى لرجل ..... ( يستدير عن النافذة وكأنه هرب من شيء ما ) لا .... لا ... ( بخوف ) لقد خطفني الصدى في شهوة الزمن الشبحي فغاصت تويجاتي في رمال صيف أحرق آخر مدقات الحنين في هذا الجسد الذي تشهى ثغر صبية يقطف منه زهوره الأولى ( يصرخ ) لكن....لكن ماتت كل عصافيري قبل أن ينبت زغب الحنين على أجنحتها حتى أصبح شوقي يلهب الأشجار .... والأحجار, ويدفق في فمي قهرا ... زفيرا خانقا يلتاثني فيهشم الأحلام ( بهدوء متعب ) ومرت السنوات عاصفة .... تقصفني كما تقصف شجيرات الشتاء ....... لو أني صرخت , فأي منهن ترد صرخة المذبوح ؟ أنا ... أنا ( يتلجلج ) أنا لا صريخ لدي .... عمر يطول وأنا وحيد ... طريق يمتد وأنا وحيد , وكنت أتشهى الماء في جسد أي امرأة يخفق وخز حبها في دمائي التي أسقطتني في الحرائق دون أن أدري .... فصارت النيران في ثيابي ( يقف في وسط المسرح ) ماذا أعمل ؟؟ أأخلع هذي الثياب وأركض في متاهات الدنيا عاريا , واترك الخطوات تدهس ظلي , وعيون العابرين تدرز جسدي كما السهام في حضرة الحرب ؟ أم أدفن صوتي وأخفيه وأختفي معه ونتلاشى ؟!! (بقهر وحسد ) وأترك ضجيج جسد العذارى للموتى ... أم للمفترسين ..... وأخيب دمي وأدعه يشيخ مع سامقات النخل معانيا لفح الهواء وصقيعه ؟ ( يقترب من الصالة )أطلقوا علي ما شئتم من تسميات ترضي طموح خلجانكم ... فأني ما فتحت فمي بغير الحب ..... وما كسحت قطرة دم بغير حب ....... فالحنين إلى الضوء ينزلق مني كنهر يدلق الأشياء في البحر , ولم يبق لي إلا بقايا شدو حزين أخاف أن تطيرها الرياح في الطرقات التي يقتلها الشوق لتسرب دمي عليها .... تعبت من الهوى الذي أطل من نزق النهارات على أحلامي .... وأرهقني حتى صرت حليف هذا الليل أعشقه ويعشق سريري. وفي الليل ... في ليل الليل , في بهيميته وغموضه ( يتداعى ) في دياجيره الساطعة ... كنت أنام على الجمر , مطفأ كمصباح خارج من رماده ... كابيا ...خافتا .... مخمدا كموقد قديم .... عمر مضى علي دون أن أفض بكارة السر ... دون أن أعلق أملا على الآتي المريع ... وكنت ألهث .. وألهث .... لا شيء غير الشهيق والزفير , ولم أرى من حولي غير التهكم الأسود , كنت أقرأه بعيون عذاراي , فأقتلهن ....... كم اتقيت أن أنبش الماضي ...... لكن شهرزاد أدخلتني المصيدة .... مصيدة أشعلت براكيني المطفأة .... فصار الكون بالنسبة لي منفى ( يشير إلى السرير ) وهذا وطني الذي احتضنني طفلا ( وكأنه التقط شيء ما ) كثيرا ما أحببت أن ألعب مع الأطفال ..... هه , يوم كنت طفلا أذكر ... نعم ... كان نصفي نائما والنصف الآخر يغسلني بالنعاس لكي أنام .... وأمي تهدد شوقها لرجل ينتظر خلف باب أنوثتها , وتصرخ في عروقي كي أنام ( يتراجع بحزن ويجلس على السرير ) وبقيت تلج حتى ألبت النوم الكاذب علي , فأيقظني فجر طراوة الواحات الذي انبعث من صرخة الأنثى التي كانت تخفيها أمي حتى على زوجها ( ينهض ) فتحت الباب ... فرأيت رائحة الفحولة مغروسة في عيونها التي كنت أحسبها بحرا يفض حنوا , وإذ به يقذف موجا جموحا يوزعه لكل رجالات الأرض , ( يستدير نحو السرير ويكلمه ) كيف أتى ؟؟ وكيف اختطت يداها من العزوبة عند ما طلع الصباح .... وصرت الحرون أفر من لغة إلى لغة أبحث عن قوافل من الحزن سكنت صدري وكان سياجها الأحرف الفطرية الأولى الذي حوَقته حولي ....... فتلعثمت , ولم أقوى على الكلمات , صار وجه أمي يبهتني , وصرت أمام وجهها تأسرني حتى الإشارة .... وأبحث .... أبحث ( يدور في أرجاء المسرح ) وتنتفي الأصوات ... وأعلن في انتحار اللغة أنك مرفئي .... منفاي ..... أغنيتي الأولى وأنين كل الملائكة الصغار الذين ينامون تحت أشجار الحدائق ( يقف أمام النافذة ويصرخ ) تعالي يا شهرزاد لأعلن لك لعنة الرجل الأول الذي طالما بكت الحجارة تحت إبطيه , تعالي لأقول أمامك ( يستدير نحو الصالة ) وأمام أجساد كل العذارى ...... وأقسم بكحل عيونهن .. وباستدارة نهودهن . لقد ارتاد أوردتي الونى و حملني إلى صيف من الأحزان , فلم أقوى على إيقاظ وردة الفل القديمة في هذا الجسد ولو صهلت كل خيول العذارى وأضرمت أصابعهن النار في أعضائهن ( يرفع رأسه عاليا ) يا رب ... لما لم تكبر وردتي , لما هذا المتاه المر يغمره الأسى , وكيف هذه الأضواء تخنقها كآبة تغلغلت في مزاريبي ( يصرخ )...... يا رب أطلق في شوارعي ضراوة الأنثى التي تاق هذا الجسد ليغفو على تلالها.... وماذا يلزمك لتفتحي الليلكي ..... يا رب أأهديك ملاين الشموس التي أخذتها من نور عيون الفاتنات , أم أقطر لك عسلا نز نزيزا من حلماتهن ....ماذا تريد يا من انتظرت فيضك على موائد أصابعي ..ماذا تريد ؟؟ .... ماذا تريد........ ( يهدأ وينظر حوله وكأنه يبحث عن شيء ما , وعلى مهل تتحول نظراته إلى نظرات نمر ) لا جرح يطفئ دون دم !!.. ولا نساء دون بكارات ..... ولا خصور دون ورد ...... قلت للعذارى من يشتري موتي ؟ صمتن , فاشتريت صمتهن حين لمحته يعبر الشفة السفلى لرائحة أسكرتني يوم مسحت نهد أنثاي المخبأ بالعروق , وانتظرت أن تفيق زنابقي ...... وانتظرت حتى تحولت كلها إلى دم مرتج وسكن الدم قاع عظامي , وأفاق الليل في جسدي وعرى صمت كل العذارى اللواتي سبحن في جحيم الخوف حين صاح ديك الفجر فانسفحن على جسد المقابر ( يتقدم نحو الصالة مسرعا ) يا عذارى يكفيكن ما نزفت عيون الدرب والخلوات من أجسادكن المائسات ......... أه يا ضوء الصباح أفق ..............كفن أجسادهن الهلامية بأقمار صنعت من جمر الشبق , ورش على شعورهن نجوما من ياسمين وآس . ( يعود إلى السرير وقبل أن يصل يلتفت برأسه للصالة ) لقد متن عذاراي فدى النار التي أحرقت كل الحقول في جسد الرجل الذي مات في قبل ولادته, تلك النار التي انطفأت مخلفة ورائها عدما . ( يستدير كليا ) فدى التراب حين يجن في نبض عروقي , ليخرج قمحه, لكن لا شيء يخرج غير عروق داكنة , متغضنة , متلفعة بالآشنات والطين ومسحوبة نحو الظلمة المطلقة الرطبة التي أمسكت بها ولم تدع النسغ يصل إلي ........هذا التراب الذي أوقفني على حافة الجنون و لم يدعني أرى مواسم الفرح عبر جرار خمري التي عتقتها فوقه. ( يقف قبالة السرير ) إنهن شهداء الماء المتدفق في جسدي دون هوادة , لكن مائي لم يكن سوى رغوة بيضاء يخرج منها بريق ضوء فضي فيسحبها البحر إلى أحشائه , ويعبث بها كيفما يشاء, ناسيا أنني أزرف دمعا سخيا يوازي كل بحور الدنيا . ( يدور حول السرير ) وبرغم غيابه الدائم كان موتكن قربانا للهواء الحاضر في كل شيء إلاي , هذا الهواء شقيق النار والتراب والماء , وأنا ( يبكي بحرقة ) لا نار ولا تراب ولا ماء ( وهو يمشي تاركا السرير) حزين أنا يا شهرزاد , ومسكينة أنت , ماذا ستجدين في بقاياي لا نبتة خضراء أرسلها ترابي ؟ ولا بريق نار يشع في عيوني ؟ ولا نبض الحياة في مائي , ليس لدي سوى غيوم بيضاء يسوقها الجنون القادم من جدبي ( يعود إلى السرير , فيرتمي عليه منهكا , وجهه إلى الأعلى , ينقلب بعد صمت قصير فيواجه الصالة ) كم تمني أن احتضنها , وأسمعها أهازيج روحي , لكن خوفي دائما يطلق أغانيه الحائرة ( يجلس على السرير ) قوة جبارة دائما تصارع جسدي الذي تمنى أن يكون بيارة من الروح ترمي إليها أثمارها ( ينهض ) إنها شهرزاد التي تزنر نهاري بجمر العالم حين انتظر ليلها ( يمشي تاركا السرير خلفه ) مشهدها العذري الذي خاطب الجموح في جسدي , وحاور منابر اللذة في عقلي ...... شهرزاد التي شيعت دموعها تحت جنح الليل , ولم تنجح باغتصاب ابتسامة مني .... آه لو أستطيع أن أجعل عالمي ملك لعينيها , ( يلتفت حوله ) هربت ؟ لا ... لا تهربي .... أعتدت عليك .... من يسامر ليلي .... وأخيلتي ؟ ... من يصارع ضعفي ( يصرخ ) من يختزن أحزاني ويحولها فرحا أحمرا يخرج من أوردة أمي حين تلوي عنقها لتلتقط القبلة الأولى قبل ديك الفجر أن يصحو ؟ ( وكأنه سمع صوتا ما يبحث في المكان , يركض إلى النافذة , ثم يتوقف وكأنه سمع صوتا من داخله ) أسمع صلصلة في عروقي ... من يقرعها ؟ أهي أصابع طبول الموت ..... لا .... لا إنه رنين الخلاخيل التي سقطت فوق هذا السرير , ( يتجه نحو السرير مسرعا و يبحث فيه بفرح يختلط بالعنف ) لقد خلعت شهرزاد خلاخيلها .... إذن ستعود ..... ستعود لتكمل حكايتها الأخيرة ..... ربما أبدأ أنا حكايتي الأولى ؟ ...... أه ياشهريار .... أيها الماجن الداعر ... القاتل الكاذب ( يحاكي السرير الذي بدا بشكل فوضوي بعد أن بحث به شهريار) لن أبكيك .... ولن أحنو على وجهك ...( يحمل الوسادة ) على وسائدك حلمت شهرزاد بربيع جميل .... لكنها لم تنل منك غير ألف ليلة من برد الشتاء , وألف حلم يغفو على ثنايا جسدها ( يرمي الوسادة و يستدير عن السرير بحرج ويكلم نفسه ) لا ترمي أثقالك على صديق موتك يا شهريار .... هنا كانت شهرزاد ترنو صوب أفق فارغ ...... تشحذ جسدها حتى تنام كوردة تغمض أوراقها عليك يا شهريار , من منا كان يلهي الآخر ؟ ومن يخاف الصبح ؟ ومن قتل كل ديوك القصر ؟ ( يلتفت للسرير ويوبخه ) أأهدم كل جدراني عليك , وأجهش بالدعاء ... أيها الموبق الكاذب ...... سألتك وردة خضراء تبعث حبي الوثني , فجئت لي بسكاكين مبللة بدماء عذرية النساء ..... توسلتك زنبقة بيضاء بلون العفو في عينيها , فزرعت حراب بلون الموت في قلبي ( يصرخ ) أين أنت يا شهرزاد .... لا تسلبني رغد المجيء إليك .... تعالي لنصنع مساء موشى بالشمس ألحريرية ... أه يا شهرزاد ....كم تمنيت أن أجيئك طائرا كالرعد , أضع بين يديك نوارس عشق البحار ..... لكن ندائي ينهض من أفق الدماء وأنت تنتظرين أن تزهر مواسمي , أين مواسمك الطاعنة بالقرنفل والقمح ؟؟ فالحزن بندب حزنك يا شهريار ( يجلس على طرف السرير ويبكي ) لا يبلل روحي غير شتاء واغل الأبعاد .... يستجير بالزمن ( ينهض وكأنه تنبه ) آه ... الزمن .... لاشيء غيره يفتح مواقيتنا ويغلقها ...... وحده الذي يستطيع أن يفك الطلسم السري المعقود على جبيني .... ( يمشي ) لا الآلهة ... ولا العرافين ..... ولا الشياطين يقدرون على ذلك ..... ما بك يا شهريار , وكأنك بدأت بالضرب في تيه هذه الحياة ..... لكن خطاي متثاقلة بطيئة ....... أين تسير هذي الخطى ؟ ... نحو الناس ! ( ينتبه أكثر ) لكن الناس نيام , فإذا ماتوا انتبهوا .....( يشير للحضور) وما أن يولد واحد منكم حتى يصبح ناضجا للموت ........(يستدير نحو السرير) أم أن الحياة حلم والموت يقظة ؟! أين أنت أيها الزمن لتفك لي الطلاسم والألغاز ..... طلسما وراء طلسم ... ولغزا وراء آخر (يصرخ) إيه.... يا شهرزاد لا تذهبي بعيدا .... فأنت غزالة تصعب على الاحتواء , وغابة اكتست شقائق نعمان ..... شقائق نعمان .... دم .... دم وشقائق نعمان ..... شقائق نعمان ودم ... شقائق ... دم ... دم .. شق... د...م ( يصعد إلى السرير وكأنه أصيب بمس , يرفع يديه آمرا ) احفروا لي هنا قبرا ... حفرة املأوها تمرا .... ونبيذا ..... وقات , أدفنوا جثتي في طريق العذارى .... ادفنوها تحت نخلة .... لا...لا تحت زيتونة ( يصرخ بأعلى صوته ) تحت زيتونة حزنها في العروق .... ( يهدأ ويمشي نحو الصالة ) .... احفروا لي قبرا ولا تقطعوا ساعدي , قد تحن الجنادب يوما علي .... أو تموت العصافير معي كأني نبي ...واتركوا الزنابق تنموا ليخضر وجه الزمان ..... احفروا لي هناك ( يشير إلى مكان السرير ) قبرا ولا تملأوه زهور ( يمشي نحو السرير الذي تحول إلى قبر ) فإذا طلعت فوق قبري البثور , اغسلوها بسيل الدموع .... فأنا إن صحوت أجوع !!!
( يرمي نفسه في السرير الذي تحول إلى قبر , ويسمع نواح شهرزاد من بعيد بإحدى أغاني النواح الشرقية ) .
سسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسسستارةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةةة ةةةةةةةةةةةة




















البيت العربي للموسيقا والرسم

يقدم


مونودراما


التصريح الأخير لشهريار


فكرة : ريمه الراعي


نص وإخراج
فرحان الخليل

أشرف
24-12-2007, 18:17
بارك الله فيك على النص

ننتظر منك المزيد :)