مشاهدة النسخة كاملة : قصة قصيرة



imene
21-04-2005, 17:31
دخل على غير عادته إلي المطبخ ... فوجدها كعادتها تعمل فيه بكل جهد و نشاط.. إقترب منها في قلق و جذبها من ذراعها.. أخبرها أنه يريدها في شئ هام, فلم تتعجب لذلك..
سار إلي غرفته في ثبات و سارت خلفه و هي تنشف يدها في مريلة المطبخ.. جلس علي السرير و أجلسها بجواره.. نظر أليها في إستحياء فوجدها منتظره الكلام.. هى تعلم ماذا سيقول, إما سيشكوا لها من شئ لا يعجبه في المنزل كالعادة, أو سيكلمها عن عمله و مشاكله..
و بدء هو الكلام.. سألها علي إستحياء: هل... هل أنت... سعيدة معى؟؟ ....دهشت للسؤال كثيرا.. ركزت نظرها عليه في ذهول.. لحظات و أبعدت نظرها الى الأرض.. إبتسمت بسخرية و ردت: و ما لزوم السؤال الأن ؟؟ كرر عليها السؤال و لكن هذه المرة بإلحاح أكثر: هل أنت سعيدة معي ؟؟... سكتت لبرهة و أخذت نفس عميق.. و لكنها سرعان ما عادت لتقول: الحمد لله.. الحمد لله على كل شئ...
لم يرتاح لكلامها.. فهم أنها تخفي شيئا.. فأعاد السؤال و لكن بصيغة أخرى: يعنى ألم تندمي يوما على زواجك مني ؟؟؟ سكتت مرة أخرى لبرهة ثم توجهت له بنظرها قائلة: و ما لزوم هذا السؤال بعد عشريين سنة زواج؟؟.. فرد عليها مسرعا: و لما لا ؟؟... ثم أكمل في إستحياء: أليس ممكنا أن أكون قد إكتشفت بعد عشرين سنة إنى كنت ظالمك... تندهش كثيرا و تقول: وما اللذي جعلك تحس بهذا؟؟ .. فيرد علي إستحياء أيضا: أبدا... فجأة إكتشفت إنى عشرين سنة معك و لم أسئلك في يوم كيف حالك؟؟ تزداد دهشتها و تكرر سؤالها في إندهاش: وما اللذي جعلك تفكر في هذا الموضوع فجأة... يسكت قليلا و يأخذ نفس عميق قبل أن يرد قائلا: قابلت اليوم بالصدفة خالتى.. هل تتذكرينها؟؟ لم نرها منذ وفاة والدتي منذ 6سنوات.. و كانت معها إبنتها الكبرى، و كالعادة سألتهم عن أحوالهم و عن زوج خالتي, و سألت إبنتها عن زوجها و أولادها. و بادرتنى هي بسؤالي عن أخي فرددت أنه بخير و الحمد لله.. ففاجأتني خالتي و قالت لي: و ما أدراك أنه بخير؟؟ هل هو من قال لك هذا؟؟.. فتعجبت أنا و أبنتها و لكنني رددت عليها قائلا: لا... و لكن أرى أنه لا يوجد ما يتعسه... فردت علي قائلة: طوال عمرك يا بني و أنت سطحي, ليس كل ما لا تراه غير موجود , فالله لا نراه و لكنه موجود, لا تحكم علي شىء من الخارج فقط, إدخل فيه عن طريق سؤال صاحب الشأن قبل الحكم عليه..... فسكت و شعرت بالحرج.. فبادرتني إبنتها بسؤالي عن أحوالك حتى تزيل الحرج عني.. فرددت عليها: بخير و ال.... و سكت لحظتها، فقد وجدت خالتي تنظر لي و كأنها تريد أن تعيد علي السؤال: و ما أدراك؟؟ هل سألتها لتحكم أنها بخير؟؟..... فأدركت في تلك اللحظة إنني طوال عشرين سنة زواجن لم أسألك في يوم كيف حالك؟ و كنت فقط أكتفي بسكوتك كعلامة على رضاك..
فسكتت قليلا قبل أن تقول: عموما الحمد لله أنك أخذت بالك من شىء كهذا, الإنسان مهما كبر يبقى يتعلم لأخر يوم في عمره... فيبادرها قائلا: يعنى أنت سعيده معي فعلا؟؟ فتسكت و تنظر للأرض.... فيبادرها قائلا:أجيبيني , كم مرة سببت لك ألام جمسانية؟ أو نفسية؟؟..... تنظر له بعيون مليئة بالكلام.. و لكنها تظل صامته... فيقوم منفعلا و يقول لها غاضبا: أرجوك تكلمي.. لماذا لا تريدي أن تساعديني؟؟ أنا لا أريد أن أرجع للخطأ الذي كنت أفعله ثانية.. لماذا لا تساعدينني؟؟ لماذا لا تتكلمي.. و تتطلبي.. و تشتكي؟؟... أليس هذا من حقك؟؟؟ ... أليس هذا من واجبي عليك؟؟.... لماذا لا تصرخي في وجهي و تطالبي بحقك؟؟ لماذا لم تصرخي منذ سنين و تطالبي بجميع حقوقك المهدرة؟؟؟... أهو الضعف؟؟ أهي الإنهزامية ؟؟ أهي الكرامة؟؟... و أي كرامة و كبرياء في سكوتك على الذل و المهانة؟؟.. أتعتقدين أنك كنت تحافظين على كرامتي؟؟... و أي كرامة لي بعد الإهانة التي أهنتها اليوم أمام خالتي؟؟... إذا كنت واجهتني منذ البداية ما كنت وقفت اليوم هذا الموقف المهين أمام خالتي, و ما كنت شعرت أمامها بالعجز و الفشل.....
و يعود للجلوس.. و يمسك يدها في هدوء و يقول: أرجوك ساعديني.. لأول مرة أطلبها منك بصراحة.. أرجوك ساعديني, أنا فعلا متعب و محتاج للمساعدة.. ساعديني... تنظر له بحزن عميق.. و تبدئ في الكلام...
تنتهي من الكلام.... ينظر لها بتعجب.. هما لا يدركا كم مر عليهم من الوقت في الكلام... يتأسف لها عن كل كلمة .. عن كل جرح.. عن كل ألم سببه لها دون أن يدرى... يتفقا على نقاط أساسية.. أولا لا تكرر هي ثانية مسألة سكوتها عن حقها.. و لا يكرر هو ثانية عدم سؤاله عنها كل حين... باقي النقاط كانت واضحة لكليهما.... لم يخجل حين عرض عليها الذهاب للطبيب لحل أحدى المشاكل.. هو مستعد لعمل أي شيء للتكفير عن خطأه.... لم ترد هي و أحنت رأسها للأسفل في حزن, فعلم أنها موافقة...
إنتهى الحوار دون أن يعلم أحد منهما كم مر من الوقت أو حتى كيف بدء الحوار.... نظ لها و كأنه يراها لأول مرة.. امرأة تشعر و تحب.. تتألم و تحنو.. تطلب و تشكو..... لقد رأته هو أيضا لأول مرة.. رجل يهتم و يرعى.. يعطى و يسمع.. يعطف و يحمي لم يكن غريبا ساعتها أن يقوم و يقبلها في جيبينها فتبتسم هي في استحياء...

anass
21-04-2005, 18:22
بارك الله فيك أختي الكريمة و ججعله في ميزان حسناتك

imene
21-04-2005, 23:13
شكرا أخي الفاضل ولا شكر على واجب فالاسلام أمانة في أعناقنا جميعا

anass
22-04-2005, 13:39
العفو أختي فهذا واجب

أشرف
24-04-2005, 01:15
الله أكبر

مشكورة أختي على الموضوع القيم وجزاك المولى كل خير