باسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

لو عرض عليك إنسان حجز غرفة في أفخم فنادق الأرض إلى أن ينتهي عمرك ،
كم ستكون سعادتك وكم من الشكر يقدم إليه.
هذا في حال الدنيا أما عن أحوال غرف الجنة في الآخرة فهيا نذهب إليها من
خلال النظر في كتاب ربنا وسنة نبيه ،

وتعالوا نقرأ في سورة الفرقان الحديث عن عباد الرحمن الذين فازوا بتلك الغرف وكيف وصلوا إلى تلك المنزلة العالية يقول تعالى (( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما  والذين يبيتون لربهم سجدا ً وقياما  والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما  إنها ساءت مستقرا ً ومقاما  والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوما  والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما  يضاعف له العذاب يوم القيام ويخلد فيه مهانا  إلا من تاب وآمن وعمل صالحا ً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا ً رحيما  ومن تاب وعمل صالحا ً فإنه يتوب إلى الله متابا  والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما  والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما ً وعميانا  والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين
إماما ً أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما ))
الفرقان (73 - 75)

وقال تعالى (( وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من أمن وعمل صالحا ً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون ))
------------ --
ومن فيض أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن غرف الجنة نتخير منها حديث
رواه جابر بن عبد الله قال قال النبي صلى الله عليه وسلم
(( ألا أحدثكم بغرف الجنة ؟ قال : قلنا بلى يا رسول الله بأبينا أنت وأمنا قال : إن في الجنة غرفا ً من أحناف الجوهر كله يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فيها من النعيم واللذات مالا عين رأت ولا أذن سمعت ، قال قلنا يا رسول الله لمن هذه الغرف ، قال لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام ، قال قلنا يا رسول الله ومن يطيق ذلك؟ قال أمتي تطيق ذلك وسأخبركم عن ذلك ، من لقي أخاه فسلم عليه فقد أفشى السلام ، ومن أطعم أهله وعياله من الطعام حتى يشبعهم فقد أطعم الطعام ومن صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام ، ومن صلى صلاة العشاء الأخيرة في جماعة فقد صلى بالليل والناس نيام اليهود والنصارى والمجوس )).

هذه الشروط من آيات الله وسنة نبيه هي مسوغات حجز غرفة في الجنة
إلى الأبد وتعالوا نعددها ونعمل بها راجين رحمة الله وعفوه
وأن يدخلنا إياها بغير حساب ولا عقاب.

------------ --------- --------- -----

صفات عباد الرحمن :-
* (( يمشون على الأرض هونا ً )) أي بسكينة
ووقار من غير جبرية ولا استكبار.

* (( وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما )) أي
إذا سفه عليهم الجاهل بالقول السيئ لم يقابلوهم عليه بمثله بل يعفون
ويصفحون ولا يقولون إلا خيرا ً.

* (( والذين يبيتون لربهم سجدا ً وقياما ً ))
أي في عبادته وطاعته فكان ليلهم خير ليل
(( كانوا قليلا ً من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ))
(( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا ً وطمعا ً ومما رزقناهم ينفقون ))

* (( والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا)) أي ليسوا بمبذرين فيصرفون
فوق الحاجة ولا بخلاء على أهليهم فيقصرون في حقهم بل عدلاً خيارا ً.

* (( ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق )).

* (( ولا يزنون )) فالزنا هو كبيرة من الكبائر وفاحشة وساء سبيلا
وعباد الرحمن هم أبعد الناس من الزنا ،
و أذكر أي فتاة أو امرأة تشارك في فاحشة الزنا بطريق غير مباشر من خلال
ملابس لا تطابق الشرع فتظهر أكثر مما تستر وتعتقد أنها محتشمة ،
وكل من ينظر إليها يرتكب زنا النظر للعينين وتتحرك الشهوة في قلبه فيرتكب زنا
القلب وقد تقع فاحشة الزنا بعد ذلك بعد أن يعبث الشيطان بالرجل و المرأة
ولا يتركهما إلا وقد وقعت الخطيئة نتيجة التبرج والإثارة من جانب المرأة ،
وغياب الإيمان من جانب المرأة ، فاحذري أختي المسلمة طالبة الجنة أن تكون ثيابك
أو كلامك أو سلوكك خطوة في طريق الفاحشة والزنا
وراجعي نفسك قبل أن تحصدي من السيئات الكثير من نظرات العابثين ضعاف
الإيمان والإحصان.

* (( والذين لا يشهدون الزور )) وشهادة الزور هي الكذب متعمدا ً على غيره ،
ويكفي ما ورد في الصحيحين عن أبي بكر قال
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر - ثلاثا – قلنا بلى يا رسول الله ، قال الشرك بالله وعقوق الوالدين ، وكان متكئا ً فجلس فقال : ألا وقول الزور وشهادة الزور فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت ))
وحينما يقول الصحابة ليته سكت فذلك من شدة حرصهم على الرسول صلى
الله عليه وسلم مما رأوا من انفعاله الشديد من هول الموقف
و كبيرة الذنب الذي يحذر منه الأمة.

* (( وإذا مروا باللغو مروا كراما )) ومن صفات المؤمنين الذين أفلحوا كما وصفتهم
سورة المؤمنون (( والذين هم عن اللغو معرضون ))
وقيل في تفسير ذلك أي عن الباطل أو الشرك والمعاصي ،
وقال آخرون هو الكلام والأفعال التي لا فائدة منها، فأمسك لسانك
ولا تتكلم إلا خيراًً.

* (( والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما ً وعميانا ))
أي أنهم لم يصموا عن الحق و لم يصموا عن فهمه فاتبعوا الحق وانتفعوا بما
سمعوا من كتاب ربهم وآياته فأبصروا وسمعوا ، وقال الحسن البصري
: كم من رجل يقرأها ويخر عليها أصم أعمى.

تلك الصفات العشرة هي التي تقود صاحبها إلى الجنة فمن تسارع لتحققها
في نفسها وحياتها تلك الصفات والشمائل التي هي منهج حياة المتقين أصحاب
اليمين عباد الرحمن في جنات النعيم.

غرفة ثانية بشروط أخرى :-

ذكرنا حديث النبي الذي قرر فيه شروط غرف الجنة وهي :
 إفشاء السلام.  إطعام الطعام.
 إدامة الصيام. صلاة الليل.

وكل تلك الآداب تحقق في الفرد والمجتمع الحب والتكافل والعبادات التي تنشئ
المسلم الذي يملأ الأرض رحمة وخير ويحق الاستخلاف في الأرض كما
يحب الله تبارك وتعالى. فالصالحون من المسلمين يصلحون أنفسهم وغيرهم
ويحبون الناس أكثر من أنفسهم
(( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ))
فهم مصابيح الهدى ومنارات الظلام يهتدي بها الحيران ،
ويملأون الدنيا بالخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويؤمنون بالله
ويعملون الصالحات فيجزون الغرفة بما صبروا ولهم جزاء الضعف
وهم في الغرفات آمنون.
............................................


ودمتم في امان الله وحفظه

جزاك الله كل خير أختي على الموضوع القيم

نسال الله تعالى أن يكون في ميزان حسناتك