مشاهدة النسخة كاملة : حكم استعمال **السبحة **للذكر



رشيد المراكشي
17-12-2007, 16:26
حكم عَدِّ التسبيح بالمسبحة يظهر لك فيما يأتي:
اعلم أنه ورد عن كثير من الصحابة أنه يَعُدَّ التسبيح بالحصى والنوى، وأن النبي"رأى منهم من فعل ذلك وأقرهم عليه.
ولم يصح_فيما أعلم_أنه أنكر عليهم أو نهى عنه، وتجلية ذلك فيما يلي:
عقد التسبيح باليد اليمين هو الأفضل إلا أن أهل العلم أجازوا عقده بغيرها، كالحصى والنوى، ونحو ذلك؛ فقد جاء عن الصحابة_رضي الله عنهم_أنهم فعلوا ذلك، منهم أبو هريرة، وأبو الدرداء، وأبو سعيد، وسعد ابن أبي وقاص، وصفية أم المؤمنين، ويسيرة، وجويرة، وغيرهم.
فقد بوب الإمام أبو داود في سننه لحديث سعد ابن أبي وقاص، ويسيرة بنت ياسر، وعبد الله بن عمرو وابن عباس بقوله: =باب التسبيح بالحصى+.
وترجم لذلك المجد ابن تيمية في المنتقى بقوله: =باب جواز عقد التسبيح باليد وعَدِّه بالنوى، ونحوه+.
وقال الحاكم أبو عبد الله في المستدرك: =باب التسبيح بالحصى+ (1/547).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية_قدس الله روحه_:
وعَدُّ التسبيح بالأصابع سنة، كما قال النبي"للنساء =سبحن، واعقدن بالأصابع؛ فإنهن مسئولات مستنطقات+.
وأما عَدُّهُ بالنوى والحصى ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة_رضي الله عنهم_من يفعل ذلك.
وقد رأى النبي"أم المؤمنين تسبح بالحصى وأقرها على ذلك، وروي أن أبا هريرة كان يسبح به.
وأما التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فمن الناس من كرهه، ومنهم من لم يكرهه، وإذا أحسنت فيه النية فهو حسن غير مكروه. وأما اتخاذه من غير حاجة، أو إظهاره للناس، مثل تعليقه في العنق أو جعله كالسوار في اليد أو نحو ذلك، فهذا إما رياء للناس أو مظنة المراءاة ومشابهة المرائين من غير حاجة، الأول محرم، والثاني أقل أحواله الكراهة/مجموع الفتاوي (22/506).
وللسيوطي جزء تتبع فيه ما ورد في السبحة من الأحاديث والآثار، وسماه: (المنحة في السبحة)، أجاز فيه التسبيح بها، وفيه يقول: الذكر بالسبحة، بل كان أكثرهم يعدونه بها، ولا يرون ذلك مكروها.
انظر الحاوي للفتاوي (2/2).
وقال المناوي في فيض القدير (4/355) في شرح حديث يسيرة_رضي الله عنها_:
وهذا أصل في ندب السبحة المعروفة، وكان ذلك معروفاً بين الصحابة. . . إلى أن قال:
=ولم ينقل عن أحد من السلف ولا الخلف كراهتها، نعم محل ندب اتخاذها فيمن يعدها للذكر، والمبالغة في إخفاء ذلك.
أما ما ألفه الغفلة البطلة من إمساك سبحة_يغلب على حباتها الزينة، وغلو الثمن، ويمسكها من غير حضور في ذلك، ولا فكر، ويتحدث ويسمع الأخبار، ويحكيها، وهو يحرك حباتها بيده، مع اشتغال قلبه، ولسانه بالأمور الدنيوية فهو مذموم مكروه من أقبح القبائح+ اهـ
وقال محمد خطاب السبكي في شرح حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي داود في السنن في كتابه: =المنهل العذب المورود+ (8/164):
=وفيه دلالة على جواز عد التسبيح بالنوى أو الحصى؛ فإنه"لم ينه المرأة عن ذلك، بل أرشدها إلى ما هو أيسر لها، وأفضل، ولو كان غير جائز ليبين لها ذلك.
ومثل النوى_فيما ذكر_السبحة إذ لا تزيد السبحة على ما في هذا الحديث إلا بنظم نحو النوى في خيط.
ومثل هذا لا يعد فارقاً. . . ثم نقل عن علي العدوي أنه سئل عن السبحة ؟ فأجاب بالجواز، وقال العدوي في جوابه:
=والحاصل: أنه إذا تعاطى السبحة على الوجه المعتاد، يتباعد عن الأمور المقتضية للشهرة، والعجب والرياء؛ لأن ذلك محبط للعمل+. اهـ
وقال ابن عابدين في حاشيته (1/650) في حكايته مذهب أبي حنيفة في هذه المسألة:
=فرع: لا بأس باتخاذ السبحة لغير رياء، كما بسط في البحر+اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية (11/283,
): =أجاز الفقهاء التسبيح باليد والحصى، والمسابح خارج الصلاة، كَعَدِّهِ بقلبه أو بغمزه أناملَهُ+ اهـ
قلت: الأصل في هذا ما جاء عن الصحابة من عد التسبيح بالحصى والنوى ومن ذلك قول أم المؤمنين صفية_رضي الله عنها_:
=دخل علي رسول الله"، وبين يدي أربعة آلاف نواة أسبح بها، فقلت: لقد سبحت بهذه ؟ فقال:
=قولي سبحان الله عدد خلقه+
أخرجه الترمذي (5/555) رقم 3554، والطبراني في الكبير (24/75) رقم195)، وفي الدعاء (3/1585) رقم 1739، وأبو يعلى في مسنده (13/35) رقم 7118، وابن عدي في الكامل (7/2574) والحاكم في المستدرك (1/547)، والحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (1/79)
من طريق هاشم بن سعيد الكوفي، حدثني كنانة مولى صفية، قال: سمعت صفية تقول: . . . . الحديث.
قال الحاكم: هذا صحيح كما في الحاوي (2/2).
وقال الحافظ: هذا حديث حسن.
وجاء مثل ذلك بإسناد حسن عن أبي الدرداء÷.
وكذلك جاء عن أبي سعيد وعن رجل من أصحاب النبي"وعن أبي هريرة÷، وغيرهم.
وأما ما جاء عن أبي مسعود÷من النهي عن التسبيح بالحصى فقد ورد من سبع طرق، ولا يخلو طريق منها من علة قادحة، إلا أن مجموعها يدل على أن له أصلاً.
وعلى فرض صحتها فإنها لا تدل على النهي عن عد التسبيح بالحصى ونحوه لوجوه:
الأول: أنه علل الإنكار بإحصاء الحسنات كما جاء في حديث ابن إسماعيل: =على الله تحصون+، وحديث أبي موسى: =فعدوا سيئاتكم، فأنا ضامن ألا يضيع من حسناتكم شيء+، وقوله: =أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم، وضمنت لهم ألا يضيع من حسناتهم+.
الثاني: أن الإنكار في بعض الروايات بدون ذكر العد بالحصى، كما جاء قي طريق عطاء بن السائب، وهو من أحسن الطرق.
الثالث: أن مذهب ابن مسعود÷في عد التسبيح الكراهة مطلقاً، قال ابن أبي شيبة في المصنف (2/391) في باب من كره عقد التسبيح: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، قال: كان عبد الله يكره العدد+.
إسناده صحيح رجاله ثقات.
ولا يضره إرسال إبراهيم_وهو النخعي_؛ لأنه جاء عن الأعمش ما يدل على صحتها.

الحاصل:
أن السلف الصالح جاء عنهم استعمال العد بالحصى والنوى، ولم يصح النهي عنه إذا تقرر هذا، فإن عد التسبيح بالمسابح مثل عده بالحصى والنوى؛ لعدم الفرق بينهما.
والعلم عند الله تعالى.
ثانياً : لم يعتبرها الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- بدعة دينية ، لأنه لا يقصد التعبد باستعمالها ، وإنما تستعمل لضبط العد . واستعمال المسبحة مع أنه ليس بدعة ، لكنه وسيلة مرجوحة مفضولة ، والأولى والأفضل استعمال الأصابع في التسبيح (وهو الصواب) -والله أعلم-

وهذا نص الأسئلة التي وجهت للشيخ حول هذه المسألة وإجاباته لها (مجموعة فتاوى ورسائل/المجلد الثالث عشر) :

559 سئل فضيلة الشيخ – أعلى الله مكانه ومكانته عنده -: ما حكم استعمال السبحة؟
فأجاب فضيلته بقوله: السبحة ليست بدعة دينية، وذلك لأن الإنسان لا يقصد التعبد لله بها، وإنما يقصد ضبط عدد التسبيح الذي يقوله، أو التهليل، أو التحميد، أو التكبير، فهي وسيلة وليس مقصودة، ولكن الأفضل منها أن يعقد الإنسان التسبيح بأنامله – أي بأصابعه – لأنهن "مستنطقات"(3) كما أرشد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ولأن عد التسبيح ونحوه بالمسبحة يؤدي إلى غفلة الإنسان، فإننا نشاهد كثيراً من أولئك الذين يستعملون المسبحة نجدهم يسبحون وأعينهم تدور هنا وهناك لأنهم قد جعلوا عدد الحبات على قدر ما يريدون تسبيحه، أو تهليله أو تحميده، أو تكبيره، فتجد الإنسان منهم يعد هذه الحبات بيده وهو غافل القلب، يتلفت يميناً وشمالاً، بخلاف ما إذا كان يعدها بالأصابع فإن ذلك أحضر لقلبه غالباً، الشيء الثالث أن استعمال المسبحة قد يدخله الرياء، فإننا نجد كثيراً من الناس الذين يحبون كثرة التسبيح يعلقون في أعناقهم مسابح طويلة كثيرة الخرزات، وكأن لسان حالهم يقول: انظروا إلينا فإننا نسبح الله بقدر هذه الخرزات.

الشيخ ابن باز -رحمه الله- يرى أن التسبيح بالحصا ، والنوى لا بدعة فيه ، وإنما التسبيح بالأصابع أفضل
إذا أحب أن يذكر الله بينه وبين نفسه في الصف، أي في الصف الأول، أو في الصف الثاني، حسب مجيئه إلى الصلاة أو في ركن من أركان المسجد، أو في أي محل في بيته فلا بأس أن يذكر الله بينه وبين ربه، يسبح، ويهلل، ويستغفر، ويدعو ربه، يعد بأصابعه أو لا يعد كل ذلك لا بأس به، وإن عد بالنوى أو غيره فلا حرج، لكن الأصابع أفضل.

krit01
17-12-2007, 21:46
جزاك الله خيرا اخي الكريم

رشيد المراكشي
27-12-2007, 22:35
يا ايها الذين ءامنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا