مشاهدة النسخة كاملة : داعية.. وزوجها تاجر خمور!!



abou ossama
18-05-2005, 12:03
داعية.. وزوجها تاجر خمور!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
سيدي الفاضل؛
عشت في أول حياتي مع زوج كان يتاجر في مواد البناء، وكانت حياتنا عادية جدا، ورُزقنا بثلاثة أولاد؛ المشكلة هي أن زوجي اغتر بالدنيا فأصبح يتاجر في الخمور، إلى أن أصبح مدمنا يشرب ليل نهار؛ والأصعب من هذا أنه لا يصلي.. حاولت معه بالموعظة الحسنة، لكوني أمارس الدعوة إلى الله، لكنه يرفض؛ ومشكلتي هي أنني أحب الله وأخاف من عذابه..
هل هذا الزواج صحيح لكونه لا يصلي؟
هل سأُسأل أمام ربي عن المال والأكل والشرب ووو؟ أليس هو من يحاسب؟
هل أُحرم من أجر الصدقة والدعاء؟
كيف أتصرف معه؟ لأني أصبحت أبغضه، وخصوصا إذا تكلمتْ معي إحدى أخواتي في الله عن هذه المسألة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا، لأنني أحس بالتناقض في حياتي

الحواب


الأخت الفاضلة؛
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
نقدم لكِ الإجابة على سؤالك، والتي اشترك فيها كلا من الأستاذين الكريمين عبد الكريم العلمي، وبن سالم با هشام:
أختنا الكريمة؛
كان الله لكِ عونا ونصيرا.. آمين.
زواجكِ –أختنا- كما عبرتِ عنه صحيح إن شاء الله، فالأمر بينكما بُني -كما قلتِ- على الإيمان وعلى الحلال والصلاح، ولكن طرأ ما طرأ، فكان انحراف هذا الزوج -هداه الله-، فهو الآن في حاجةٍ إليكِ وإلى رعايتكِ وتلطفكِ وحنانك.
وتذكري أن القلوب بين يدي الرحمن يقلبها كيف يشاء ومتى يشاء، فكم من مجرم كانت توبته أشبه بالمستحيل لمن كانوا يعرفونه عن قرب، ولما تاب أضحى وكأنه إنسان آخر غير ذلك الذي عرفوه متسكعا، فلا تقنطي ولا تظني أن الحالة التي أضحى عليها زوجك هي نهاية الحياة وهي نهاية المآل، لكن عليك أن تحاولي معه مرات ومرات.. ترغيبا وتحبيبا في حياة الفضيلة، وطرقا لجميع الأبواب التي يمكن أن ينفتح بها قلبه؛ وهذا دورك كداعية وزوجة، فأنت تؤدين رسالتك وتحافظين على بيتك.

* لذلك سنضع لك هذه النقاط التي نتمنى أن تكون عونا لك على مواجهة هذه المشكلة:
- استعيني بالدعاء للمولى القادر الهادي اللطيف الغفور الرحيم، وتضرعي إليه، لعل الله تعالى يرده إلى حاله، وإلى أفضل مما كان عليه، واعلمي أنك مأجورة على الصبر على هذا الابتلاء في أحب الناس إليك - وهو زوجك -، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي بسند حسن: (أيما امرأة صبرت على أذى زوجها، إلا وأعطاها من الأجر مثلما أعطى آسية بنت مزاحم)، وآسية بنت مزاحم رضي الله عنها هي زوجة فرعون الطاغية، والتي رضيت بعذاب زوجها وسألت الله عز وجل وهي مصلوبة على جذع النخلة قائلة: (رب ابنِ لي عندك بيتا في الجنة ونجِّني من فرعون وعمله ونجِّني من القوم الظالمين).. ولا يعيبك كداعية أو يدعوك للخجل من أخواتك أن زوجك في هذه الحال، لأنك إذا تمكنت من تغييره –ونسأل الله لك العون في ذلك- فسيكون لك عظيم الثواب بإذن الله.

- ابذلي له كل ما وهبك الله سبحانه تعالى من خير ومن إحسان، عسى الله تعالى أن يخرج ما بقي فيه من فضل وخير ويجعله بداية هداية وأوبة.

- دورك يتركز في محاولة إقناعه بضرورة إقلاعه عن الخمر، وامتناعه عن بيعها، وتوضيح ضرر ذلك وحرمته، والذهاب إلى طبيب متخصص إذا احتاج الأمر، ولا مانع أن تتحدثي معه في ذلك بشكل مباشر يحوط كلامك الحب والحرص والشفقة عليه وعلى بيتكم من أن يعرضه هذا الأمر لخطر الانهيار، وأن تذكِّريه بأبنائه ومستقبلهم وصورتهم، وأن تذكِّريه بمحاسنه وفضائله، وكيف كانت أيامكم السعيدة قبل أن يحدث هذا التغير في حياته.

- حاولي ملء حياته بعلاقات ونشاطات تملأ فراغه وتربطه بك وبأبنائه وبالمجتمع من حوله، وتشعره بالسعادة، فلذلك أثره الكبير في نفسيته بإذن الله.

- ابحثي في محيطك عن رجل صالح حكيم أو أناس يحترمهم ويهابهم من الأصدقاء أو الجيران، ممن يمكنه أن يرشد هذا الزوج ويعظه باستمرار حتى يفتح الله قلبه وهو خير الفاتحين، واعلمي أن الله قادر سبحانه على تفريج كربتك وإزالة همك بهداية زوجك.

- احرصي على أن يكون همك هو أولئك الأبناء.. اعملي على ألا يكرهوا أباهم، ولكن علميهم أيضا أن يكرهوا فعله ولا يقبلوه، وكوني أنت القدوة في ذلك، فهذا البغض الذي تحدثتِ عنه اسألي الله تعالى أن يرفعه عنك، وإن كنت معذورة فيه، ولكن الأولى والأفضل أن يكون الإحسان هو المقابل للإساءة.
لكن على شرط ألا يكون هذا الحب موقفا سلبيا يعتبره زوجك رضا منك ومن أولادك بحاله، فدوركِ أن توظفي هذا الحب في محاولة توجيه زوجك إلى ضرورة التراجع عما هو عليه إذا كان يحبكم بالفعل ويريد أن يحافظ على بيته.
وليكن رائدكِ في ذلك ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه إذ مرَّ على رجل قد أصاب ذنبًا، والناس يسبونه، فأنكر عليهم صنيعهم؛ فقال لهم: أرأيتم لو وجدتموه في قليب، ألم تكونوا مستخرجيه؟ قالوا: بلى، قال: فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله الذي عافاكم، قالوا: أفلا تبغضه؟ قال: "إنما أبغض عمله، فإذا تركه فهو أخي".

- إذا كان الأمر متمكنًا من زوجكِ بحيث لم تفلح محاولاتكِ في تغييره، فاعلمي أنه أصبح في حالة يحتاج فيها إلى دافع قوي للإقلاع عن الخمر وتغيير حاله.. وقد لا يكون هذا الدافع إلا عن طريق موقف حازم وواضح: إما الخمر، وإما بيتك وأولادك.

- إذا طال الأمر - نسأل الله تعالى ألا يكون الشأن كذلك - ووجدت أن علاقتك مع زوجك ستؤدي بك إلى الوقوع في الحرام وعصيان الله عز وجل وعدم الثبات على الطريق المستقيم والافتتان في الدين، وخشيتِ على أولادك وتربيتهم، فيبقى الحل هو المطالبة بالطلاق في إطار القاعدة الفقهية التي تقول: "الأخذ بأخف الضررين"، فالطلاق ضرر، والفتنة في الدين وضياع الأولاد بسبب انحراف الأب ضرر أكبر، والضرر الأقصى يدرأ بالضرر الأدنى، قال تعالى: (وإن يتفرقا يغنِ الله كُلا من سَعته).

* أما عن موقف الزوجة إذا كان كسب الزوج محرما، فننقل لك ما ورد في صفحة الفتوى بالموقع:
"قال الله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، وقال عزّ وجلّ: (لا يكلّف الله نفسا إلا وسعها)، فللزوجة والأولاد غير القادرين على الكسب الحلال أن يأكلوا للضرورة من كسب الزوج المحرم شرعًا، كبيع الخمر والخنزير وغيرهما من المكاسب الحرام، بعد بذل الجهد في إقناعه بالكسب الحلال والبحث عن عمل آخر، فلهم أن يأخذوا النفقة الواجبة لهم على أبيهم، وأن يكون ذلك بقدر الحاجة والكفاية دون توسّع.. والله أعلم".