الأسد الجريح
15-01-2008, 15:40
وثيقة الخلاص: موقف جديد أم تجديد موقف؟
http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/1582.imgcache
بقلم: أحمد الفراك
http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/1583.imgcache
ماهية الوثيقة
الوثيقة التي تحمل عنوان "جميعا من أجل الخلاص" والصادرة عن المجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والاحسان في دورته الثانية عشرة يومي 8 وَ9 دجنبر 2007 هي وثيقة سياسية تتكون من تسعة عناوين فرعية تلخص في مجموعها موقفا سياسيا شرعيا من واقع سياسي معاش، (الجماعة لا ترضى بهدف اجتماعي سياسي جزئي دون العدل الشرعي)، وثيقة تصف الواقع كما هو، دون تحفظ أو تمويه، وتشخص الأزمة التي يتقلب فيها المغرب بما هي عليه دون تهويل ولا تهوين، ثم تحدد المسؤوليات بجرأة ناذرة، وتربط المعلولات بالعلل بطريقة واضحة، ثم تقترح البديل والمدخل إليه بطريقة غير مسبوقة، وهي تستحضر مختلف العقبات التي تمنع الناس من الالتفاف حول المشروع التغييري الذي تبشر به جماعة خُبِّر صدقها وثباتها أزيد من ثلاثة عقود.
الوثيقة ليست موعظة، ليست قُلْ كلمتك وامشِ، لا تريد إبكاء الناس وتكريس يأسهم، بل هي نداء تاريخي عملي مشهود ومسئول، تضاف إلى وثائق وإنجازات ميدانية حققتها الجماعة طيلة العقود الثلاثة التي خلت، والوثيقة لا تحمل موقفا جديدا وإنما تُجدد موقفا ثابتا. هو نفسه المبتوت في "الإسلام أو الطوفان" وفي "رسالة القرن الملكية في ميزان الإسلام: قول وفعل" وفي "مذكرة إلى من يُهِمه الأمر" (1)، وفي كثير من الكتب والأشرطة والمحاضرات والحوارات والمقالات والتحليلات والمهرجانات والمؤتمرات.
الوثيقة شهادة: إذ من الواجب على المؤمنين أن يكونوا شهداء بالحق والقسط مهما تلبدت سماء الواقع، ولا يخشون في الله لومة لائم ولو نُشِّروا بالمناشير، فهم بقية نورانية تتمثل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}، ومن معاني الشهادة لله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاهتمام بالأمر المسلمين. ورأس المنكر الظلم والبغي.
الوثيقة نصيحة: قال صلى الله عليه وسلم: {الدين النصيحة}. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: {لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} (متفق عليه). وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" (متفق عليه). والنصيحة تتوجه إلى الجميع ولكن على قدر المسؤولية تأتي طبيعة النصيحة.
قد يقول قائل وماذا ستفعل هذه الوثيقة؟
الوثيقة إبراء للذمة وإقامة للحجة وإسداء للنصيحة وتبليغ للأمانة وتحميل للمسؤولية ومد يد التعاون والتوافق والحوار والإنجاز. و"فوق طاقتك لا تُلَامْ". ومن الأنبياء من لم يؤمن معهم أحد، ومنهم من قُتل، ومنهم من رُفِع، وجميعهم كُذبوا ولفقت لهم الإشاعات الكاذبة، لكنهم صبروا شاهدين بالقسط، مبشِّرين ومنذِرين وداعين إلى الله بإذنه وسُرجا منيرة. ما منعهم التكذيب والإعراض والتلبُّد عن التبليغ والاستبشار والاستمرار.
الرسالة تحمل يقين التغيير ومشروع التغيير ومدخل التغيير وأطراف التغيير، وليست ملتمسا باردا يقنع بِطَلاء وصباغة، إنها دعوة إلى الخلاص، أي الانتهاء الكلي من وضعٍ يذمه ويكتوي بناره الجميع، وتشييد وضعٍ أحسن ينعم فيه الجميع بالحرية والعدل والأمن والكرامة.
أما التقارير والمعطيات والأرقام والآلام الصادمة الواردة في الوثيقة فهي متداولة بين السياسيين والإعلاميين ولا تتطلب جهدا خاصا للحصول عليها، ولكنها تتطلب جهدا في تجاوز النظرة السطحية الجزئية إلى التحليل العميق والجريء، وذلك برد الأسباب إلى مسبباتها ووضع الإصبع على الجراح، ثم اقتراح البدائل الشاملة الممكنة بشجاعة ومسؤولية، والاستعداد الحقيقي للانخراط في بناء جماعي تشاركي بديل.
عناصر الوثيقة/الرسالة؟
الوثيقة رسالة من مُرسِل (ملقي/مخاطِب) معلوم إلى مُرسَل إليه محدد وبينهما مضمون معين، بعضه تحمله العبارة، وبعضه يفهم من الإشارة. كل ذلك في سياق مرجعي واضح، فما هي عناصر هذه الرسالة؟
1- المُرسِل: هو جماعة العدل والإحسان التي لم يعد يجهل أحد أنها مدرسة إسلامية تفهم الإسلام فهما شموليا وسطيا شهوديا، يربط ما هو تربوي إيماني بما هو تنظيمي سياسي، بما هو فكري معرفي، وهي تنظيم نشيط داخل مختلف جهات المغرب وخارجه، ومنتشرة بحمد الله في جميع دول العالم، بل هي أكبر تنظيم سياسي منظم في المغرب، بشهادة الخصم قبل الصديق (2)، والجماعة قانونيا هي جمعية ذات صبغة سياسية، مما يعني أنها ليست زاوية للتبرك والتوظيف. وإنما هي طائفة من المسلمين تتبنى الإسلام كاملا دعوة ودولة، تهمُّما فرديا وخلاصا جماعيا.
2- المرسَل إليه: كل من يهمه الأمر من فاعلين سياسيين واقتصاديين وأهل الدعوة وفعاليات حقوق الانسان وجميع العقلاء والفضلاء الديمقراطيون، "وعموم الأمة وكل من لهم غيرة على هذا البلد" أو كما قال الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي: "رسالة إلى الغيورين في هذا البلد على أنه آن الأوان لكي نجتمع جميعا حول مشروع يخرجنا من الورطة التي نعيش فيها" (3) وتقول الوثيقة: "إن جماعة العدل والإحسان تتوجه في هذه الظروف بهذه الرسالة إلى الشعب المغربي المسلم وإلى مختلف قواه الحية، ترسيخا لمبدأ الجماعة في الصدق والوضوح والصدع بالحق مهما كانت تبعاته" فقرة 2
3- مضمون الرسالة: هو دعوة مفتوحة للتعاون الجدي من أجل تخليص البلاد من الانهيار الشامل الذي أصابها في مختلف المجالات، الاجتماعية، الأمنية، الاقتصادية، السياسية والدينية، وبشهادة الجميع في الداخل والخارج. هي صيحة في ضمير العقلاء بُغية حثهم على التغيير الحقيقي الذي يلامس جوهر الأوضاع لا الذي يتشبث بالسراب، فهل لنا إرادة جادة وعازمة على التغيير أم أننا ننتظر أن يُفعل بنا ولا نفعل؟
ومنطق التغيير يتطلب الإعداد والمواجهة والصبر ودفع الثمن، ولنتذكر وصية سيدنا لقمان عليه السلام لابنه وهو يلخص له المطالب الشرعية في كلمات جامعة "يا بني أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"، الأمر بالمعروف مواجهة ميدانية، والنهي عن المنكر مواجهة ميدانية. "واصبر على ما أصابك".
4- سياق الإرسال: جاءت الرسالة متزامنة مع الانهيار العام الذي تعرفه البلاد في جميع المجالات، وخاصة بعد مهزلة 7 شتنبر 2007 التي لعنها أكثر من 80 في المائة من المغاربة، ولعن ما تلاها من عبث سياسي وغلاء في الأسعار وانفلات أمني وانتشار للرذيلة المحمية وفشل في مخططات إصلاح التعليم وتدني الخدمات الصحية ومضاعفة الخمارات (حيث رخصت وزارة الداخلية لأزيد من 400 محل لبيع الخمور، جريدة التجديد، عدد 1800)...
فالسياق العام يجمله استمرار واستدامة عاهات خطيرة: الوراثة، الدستورانية، الانتخابانية، الصورنة الحكومية، التشرذم الحزبي، الانحلال الخلقي... كل ذلك له بؤرة واحدة لخصها الأمين العام للدائرة السياسية الأستاذ عبد الواحد المتوكل بقوله: "معضلة المغرب الأساسية هي مشكلة الاستبداد والتسلط المخزني" (4).
ما العمل؟
التشخيص الدقيق واجب شرعي ومطلب سياسي، لكننا لسنا مدرسة وصفية تمتهن تصوير الوقائع بسوداوية قاتمة بلا رابط وبلا تحليل ولا نقد ولا معالجة. إن الوصف الدقيق لا يكفي إذ نحتاج إلى "علم الخطوة" لا إلى "علم الخطبة"، نحتاج إلى وعود ناجزة لا إلى شكاوى عاجزة، نحتاج إلى جهاد البناء لا إلى أماني الانتشاء.
فأغلب ما في الوثيقة من وصف يتفق عليه أغلب الناس، ونُشر في وسائل الإعلام بالتفصيل، وإن لم يتحل الناس بالشجاعة الكافية لتسمية الأشياء بأسمائها، ناهيك عن القومة في وجه الظالم ومصارحته بظلمه، لا حُبا في الظهور وإنما أداء للأمانة الشرعية والمسؤولية السياسية. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له ظالم فقد تُوُدِّعَ منها) رواه الحاكم بسند حسن.
http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/1582.imgcache
بقلم: أحمد الفراك
http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/1583.imgcache
ماهية الوثيقة
الوثيقة التي تحمل عنوان "جميعا من أجل الخلاص" والصادرة عن المجلس القطري للدائرة السياسية لجماعة العدل والاحسان في دورته الثانية عشرة يومي 8 وَ9 دجنبر 2007 هي وثيقة سياسية تتكون من تسعة عناوين فرعية تلخص في مجموعها موقفا سياسيا شرعيا من واقع سياسي معاش، (الجماعة لا ترضى بهدف اجتماعي سياسي جزئي دون العدل الشرعي)، وثيقة تصف الواقع كما هو، دون تحفظ أو تمويه، وتشخص الأزمة التي يتقلب فيها المغرب بما هي عليه دون تهويل ولا تهوين، ثم تحدد المسؤوليات بجرأة ناذرة، وتربط المعلولات بالعلل بطريقة واضحة، ثم تقترح البديل والمدخل إليه بطريقة غير مسبوقة، وهي تستحضر مختلف العقبات التي تمنع الناس من الالتفاف حول المشروع التغييري الذي تبشر به جماعة خُبِّر صدقها وثباتها أزيد من ثلاثة عقود.
الوثيقة ليست موعظة، ليست قُلْ كلمتك وامشِ، لا تريد إبكاء الناس وتكريس يأسهم، بل هي نداء تاريخي عملي مشهود ومسئول، تضاف إلى وثائق وإنجازات ميدانية حققتها الجماعة طيلة العقود الثلاثة التي خلت، والوثيقة لا تحمل موقفا جديدا وإنما تُجدد موقفا ثابتا. هو نفسه المبتوت في "الإسلام أو الطوفان" وفي "رسالة القرن الملكية في ميزان الإسلام: قول وفعل" وفي "مذكرة إلى من يُهِمه الأمر" (1)، وفي كثير من الكتب والأشرطة والمحاضرات والحوارات والمقالات والتحليلات والمهرجانات والمؤتمرات.
الوثيقة شهادة: إذ من الواجب على المؤمنين أن يكونوا شهداء بالحق والقسط مهما تلبدت سماء الواقع، ولا يخشون في الله لومة لائم ولو نُشِّروا بالمناشير، فهم بقية نورانية تتمثل قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط}، ومن معاني الشهادة لله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والاهتمام بالأمر المسلمين. ورأس المنكر الظلم والبغي.
الوثيقة نصيحة: قال صلى الله عليه وسلم: {الدين النصيحة}. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: {لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم} (متفق عليه). وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: "بايعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم" (متفق عليه). والنصيحة تتوجه إلى الجميع ولكن على قدر المسؤولية تأتي طبيعة النصيحة.
قد يقول قائل وماذا ستفعل هذه الوثيقة؟
الوثيقة إبراء للذمة وإقامة للحجة وإسداء للنصيحة وتبليغ للأمانة وتحميل للمسؤولية ومد يد التعاون والتوافق والحوار والإنجاز. و"فوق طاقتك لا تُلَامْ". ومن الأنبياء من لم يؤمن معهم أحد، ومنهم من قُتل، ومنهم من رُفِع، وجميعهم كُذبوا ولفقت لهم الإشاعات الكاذبة، لكنهم صبروا شاهدين بالقسط، مبشِّرين ومنذِرين وداعين إلى الله بإذنه وسُرجا منيرة. ما منعهم التكذيب والإعراض والتلبُّد عن التبليغ والاستبشار والاستمرار.
الرسالة تحمل يقين التغيير ومشروع التغيير ومدخل التغيير وأطراف التغيير، وليست ملتمسا باردا يقنع بِطَلاء وصباغة، إنها دعوة إلى الخلاص، أي الانتهاء الكلي من وضعٍ يذمه ويكتوي بناره الجميع، وتشييد وضعٍ أحسن ينعم فيه الجميع بالحرية والعدل والأمن والكرامة.
أما التقارير والمعطيات والأرقام والآلام الصادمة الواردة في الوثيقة فهي متداولة بين السياسيين والإعلاميين ولا تتطلب جهدا خاصا للحصول عليها، ولكنها تتطلب جهدا في تجاوز النظرة السطحية الجزئية إلى التحليل العميق والجريء، وذلك برد الأسباب إلى مسبباتها ووضع الإصبع على الجراح، ثم اقتراح البدائل الشاملة الممكنة بشجاعة ومسؤولية، والاستعداد الحقيقي للانخراط في بناء جماعي تشاركي بديل.
عناصر الوثيقة/الرسالة؟
الوثيقة رسالة من مُرسِل (ملقي/مخاطِب) معلوم إلى مُرسَل إليه محدد وبينهما مضمون معين، بعضه تحمله العبارة، وبعضه يفهم من الإشارة. كل ذلك في سياق مرجعي واضح، فما هي عناصر هذه الرسالة؟
1- المُرسِل: هو جماعة العدل والإحسان التي لم يعد يجهل أحد أنها مدرسة إسلامية تفهم الإسلام فهما شموليا وسطيا شهوديا، يربط ما هو تربوي إيماني بما هو تنظيمي سياسي، بما هو فكري معرفي، وهي تنظيم نشيط داخل مختلف جهات المغرب وخارجه، ومنتشرة بحمد الله في جميع دول العالم، بل هي أكبر تنظيم سياسي منظم في المغرب، بشهادة الخصم قبل الصديق (2)، والجماعة قانونيا هي جمعية ذات صبغة سياسية، مما يعني أنها ليست زاوية للتبرك والتوظيف. وإنما هي طائفة من المسلمين تتبنى الإسلام كاملا دعوة ودولة، تهمُّما فرديا وخلاصا جماعيا.
2- المرسَل إليه: كل من يهمه الأمر من فاعلين سياسيين واقتصاديين وأهل الدعوة وفعاليات حقوق الانسان وجميع العقلاء والفضلاء الديمقراطيون، "وعموم الأمة وكل من لهم غيرة على هذا البلد" أو كما قال الأستاذ فتح الله أرسلان الناطق الرسمي: "رسالة إلى الغيورين في هذا البلد على أنه آن الأوان لكي نجتمع جميعا حول مشروع يخرجنا من الورطة التي نعيش فيها" (3) وتقول الوثيقة: "إن جماعة العدل والإحسان تتوجه في هذه الظروف بهذه الرسالة إلى الشعب المغربي المسلم وإلى مختلف قواه الحية، ترسيخا لمبدأ الجماعة في الصدق والوضوح والصدع بالحق مهما كانت تبعاته" فقرة 2
3- مضمون الرسالة: هو دعوة مفتوحة للتعاون الجدي من أجل تخليص البلاد من الانهيار الشامل الذي أصابها في مختلف المجالات، الاجتماعية، الأمنية، الاقتصادية، السياسية والدينية، وبشهادة الجميع في الداخل والخارج. هي صيحة في ضمير العقلاء بُغية حثهم على التغيير الحقيقي الذي يلامس جوهر الأوضاع لا الذي يتشبث بالسراب، فهل لنا إرادة جادة وعازمة على التغيير أم أننا ننتظر أن يُفعل بنا ولا نفعل؟
ومنطق التغيير يتطلب الإعداد والمواجهة والصبر ودفع الثمن، ولنتذكر وصية سيدنا لقمان عليه السلام لابنه وهو يلخص له المطالب الشرعية في كلمات جامعة "يا بني أقم الصلاة وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور"، الأمر بالمعروف مواجهة ميدانية، والنهي عن المنكر مواجهة ميدانية. "واصبر على ما أصابك".
4- سياق الإرسال: جاءت الرسالة متزامنة مع الانهيار العام الذي تعرفه البلاد في جميع المجالات، وخاصة بعد مهزلة 7 شتنبر 2007 التي لعنها أكثر من 80 في المائة من المغاربة، ولعن ما تلاها من عبث سياسي وغلاء في الأسعار وانفلات أمني وانتشار للرذيلة المحمية وفشل في مخططات إصلاح التعليم وتدني الخدمات الصحية ومضاعفة الخمارات (حيث رخصت وزارة الداخلية لأزيد من 400 محل لبيع الخمور، جريدة التجديد، عدد 1800)...
فالسياق العام يجمله استمرار واستدامة عاهات خطيرة: الوراثة، الدستورانية، الانتخابانية، الصورنة الحكومية، التشرذم الحزبي، الانحلال الخلقي... كل ذلك له بؤرة واحدة لخصها الأمين العام للدائرة السياسية الأستاذ عبد الواحد المتوكل بقوله: "معضلة المغرب الأساسية هي مشكلة الاستبداد والتسلط المخزني" (4).
ما العمل؟
التشخيص الدقيق واجب شرعي ومطلب سياسي، لكننا لسنا مدرسة وصفية تمتهن تصوير الوقائع بسوداوية قاتمة بلا رابط وبلا تحليل ولا نقد ولا معالجة. إن الوصف الدقيق لا يكفي إذ نحتاج إلى "علم الخطوة" لا إلى "علم الخطبة"، نحتاج إلى وعود ناجزة لا إلى شكاوى عاجزة، نحتاج إلى جهاد البناء لا إلى أماني الانتشاء.
فأغلب ما في الوثيقة من وصف يتفق عليه أغلب الناس، ونُشر في وسائل الإعلام بالتفصيل، وإن لم يتحل الناس بالشجاعة الكافية لتسمية الأشياء بأسمائها، ناهيك عن القومة في وجه الظالم ومصارحته بظلمه، لا حُبا في الظهور وإنما أداء للأمانة الشرعية والمسؤولية السياسية. قال صلى الله عليه وسلم: (إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول له ظالم فقد تُوُدِّعَ منها) رواه الحاكم بسند حسن.