مشاهدة النسخة كاملة : فَقْدُ العلماء وجريمة الجرأة عليهم



MALIKA B
31-01-2008, 13:26
إن العلماء يقومون في الأمة مقام الأنبياء، يبصِّرونها الهدى، ويجنِّبونها الردى، ويمسكون بِحُجَزها أن تسلك درب ضلالة، أو تقع في هاوية غواية.
إن العلماء في الأمة بمنزلة العينين من الرأس، وهم الذين يبصرون الأمة بدينها ويوقعون عن الله في وقائع حياتها، فتصدر الأمة عن أحكامهم وتقتفي فُتياهم واجتهاداتهم.
وحيث كان العلماء من الأمة بهذه المثابة، وتبوؤا منها هذه المرتبة؛ فإن رزيتها بفقدهم من أعظم الرزايا وأقساها.
وإن فقد العالم، ليس فقدًا لشخصه، وليس فقدًا لصورته، ولا لحمه ودمه، ولكنه فقد لجزء من ميراث النبوة، إنه فقد لجزء كبير، بحسب ما قام به العالم من الجهد والتحقيق، وهكذا يختلس العلم ويقبض بقبض حملته الذين هم العلماء عَنْ أَبِي أُمَامَةَ-رضي الله عنه-عَنْ رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: (خُذُوا الْعِلْمَ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ). قَالُوا: وَكَيْفَ يَذْهَبُ الْعِلْمُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَفِينَا كِتَابُ اللَّهِ قَالَ: فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: (ثَكِلَتْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ أَوَلَمْ تَكُنِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمْ شَيْئًا، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ، إِنَّ ذَهَابَ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ ) رواه أحمد والدارمي .
وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ-رضي الله عنه-قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-فَشَخَصَ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ قَالَ: (هَذَا أَوَانُ يُخْتَلَسُ الْعِلْمُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى لَا يَقْدِرُوا مِنْهُ عَلَى شَيْءٍ) فَقَالَ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَكَيْفَ يُخْتَلَسُ مِنَّا وَقَدْ قَرَأْنَا الْقُرْآنَ فَوَاللَّهِ لَنَقْرَأَنَّهُ وَلَنُقْرِئَنَّهُ نِسَاءَنَا وَأَبْنَاءَنَا فَقَالَ: (ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا زِيَادُ إِنْ كُنْتُ لَأَعُدُّكَ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، هَذِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ عِنْدَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فَمَاذَا يُغْنِي عَنْهُمْ ؟) رواه الترمذي والدارمي.
وعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ-رضي الله عنهما-قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ-صلى الله عليه وسلم-يَقُولُ: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) رواه البخاري ومسلم.
إذا أُدْرك ذلك تبين أن فَقْدَ العالم لا يعوِّض عنه مال ولا عقار، ولا متاع ولا دينار، بل إن فقده مصيبةٌ على الإسلام والمسلمين لا يعوض عنه شيء، قال ابن مسعود-رضي الله عنه-: (موت العالم ثلمة في الإسلام لا يعوض عنه شيء ما اختلف الليل والنهار) رواه ابن عبد البر.
ولعل الله أن يكتب الخلف على المسلمين، في تيسير مَنْ يخلُفه بين العالمين، فيقوم بمثل ما قام به من الجهاد ونصرة الحق، وهذا دوركم يا مسلمون والشباب منكم بخاصة، أليس فيكم رجل يستنهض همته ما يرى من تتابع موت علماء الإسلام ؟:كما قال أبو الدَّرْدَاءِ-رضي الله عنه-: (مَا لِي أَرَى عُلَمَاءَكُمْ يَذْهَبُونَ وَجُهَّالَكُمْ لَا يَتَعَلَّمُونَ، فَتَعَلَّمُوا قَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ، فَإِنَّ رَفْعَ الْعِلْمِ ذَهَابُ الْعُلَمَاءِ) ألا يجدر بكم أيها الشباب أن تبذلوا الجهد لتحصيل العلم النافع ؟ لتفوزوا بإرث الأنبياء الكرام، وتكونوا عزاء لأمتكم في فقد علماء الإسلام.
وإن فَقْدَ العلماء في مثل هذا الزمان لتتضاعف به المصيبة، وتَعْظُم به الرزية ؛ لأن العلماء العاملين، الذين يركن إليهم، أصبحوا ندرة قليلة في الناس، وكَثُر في الأمة الجهل والتشكيك والإلباس، وكَثُر في الأمة القُرَّاء، وقلَّ فيهم الفقهاء؛ مصداقًا لخبر الرسول-صلى الله عليه وسلم-: (سيأتي على الناس زمان يكثر فيه القُرَّاء، ويقلُّ فيه الفقهاء، ويقبض العلم، ويكثر الهرج) رواه الطبراني والحاكم.
قال الشيخ: حمود التويجري – رحمه الله –"وقد ظهر مصداق ذلك في زماننا فقلَّ الفقهاء العارفون بما جاء عن الله ورسوله-صلى الله عليه وسلم-، وكَثُر القُرَّاء في الكبار والصغار، والرجال والنساء، بسبب كثرة المدارس وانتشارها أ.هـ".
إن كثيرًا ممن يتصدر اليوم إنما هم من القراء الذين يملكون نتفًا وجزيئياتٍ أمسكوا بها من خلال قراءاتهم في بعض الكتب، واطلاعهم على أقوال أهل العلم، فكثير منهم لم يعاين العلمَ، ولم يشافه العلماء، ولم يزاحمهم بالركب في الحلق، ولذلك فإنه وإن رأيته منطلقًا في موضوع من موضوعات الشريعة إلا أنه يغلق عليه عندما يسأل في مسألة من العلم، فهم كما قال الخطيب البغدادي:"قد رأيت خلقًا من أهل هذا الزمان ينتسبون إلى الحديث ويعدُّون أنفسهم من أهله، المتخصصين بسماعه ونقله، وهم أبعد الناس مما يدعون، وأقلُّهم معرفة بما إليه ينتسبون، يرى الواحد منهم إذا كتب عددًا قليلًا من الأجزاء، واشتغل بالسماع برهة يسيرة من الدهر أنه صاحب حديث على الإطلاق، ولمَّا يجهد نفسه ويتعبها في طلابه، ولا لحقته مشقة الحفظ لصنوفه وأبوابه...
وهم مع قلة كَتْبِهم له وعدم معرفتهم به، أعظم الناس كِبْرًا وأشدِّ الخلق تيهًا وعجبًا، لا يُراعون لشيخ حرمة ولا يوجبون لطالب ذمة،... يعنِّفون على المتعلمين خلافَ ما يقتضيه العلم الذي سمعوه، وضدَّ الواجب مما يلزمهم أن يفعلوه".
إن العالم الفقيه ليس كالذين وصفهم الخطيب البغدادي، بل هو ذو فهم عام شمولي للإسلام، واطلاع على مجمل الأحكام الشرعية، فهو لم يقرأ نتفًا، بل درس العلوم الشرعية دراسة شمولية، فمرَّ على مسائل العلم، واستطاع تخريجها على أصولها، وأصبحت لديه ملكة فهم النصوص، وعَرَ ف مقاصد الشريعة وأهدافَهَا العامة.
إن علمه لم يأته من قراءة ليلة واحدة، بل من سهر الليالي ومعاناة الأيام ومكابدة السنينَ والأعوام:

لعمرك ما الرزية فقد مال ولا شاة تـموت ولا بعير.
ولكن الرزية فقــد حر يموت بـموته خلق كثير .

وفي الوقت الذي تحزن فيه الأمة على العلماء الربانيين، نجد منها أو ممن حولها طائفةً نشازًا لَمْ يَرُعْهَا ما ترى من انفراط عقد العلماء، بل رأت أن لها في ذلك فرجًا ومخرجًا، ورأت في زوالهم تحطمًا للسد المنيع الذي يحول بينهم وبين ما يشتهون، فأصبحت تُطلُّ برؤوسها وتدلي بألسنتها وأقلامها متجرأةً على الكلام في الدين والمسلَّمات الشرعية رافعين شعارَ: "نحنُ رجال وهم رجال، ولا مانع من الحوار"، مستغلين وفاة بعض العلماء وشغُلَ بعضهم بالأسقام-رحم الله الموتى وشفى المرضى-.
إن أمضَّ العداوة وأمضاها وأمرَّها هي سياسةُ هؤلاء المخاتلين، عقاربُ النفاق التي تلسع في الظلام وخنافس الفحش التي تسبح في العفونة، يتلمظون بأعراض العلماء ويمسكون القلم الأحمر مصححين ومخطِّئين على صفحات الصحف السيارة والمجلات، تلوك ألسنتُهم وأقلامُهم أعراضَ العلماء في كتابات سخيفة، ساذجة ركيكة، فما أجمل أثر العلماء عليهم وما أقبح أثرهم على العلماء.
إنهم أناس مرضى لما عجزوا عن الكلام في الدين الذي تحملونه، لجئوا إلى الوقيعة في العلماء الذين يمثِّلونه، ألا يستحي هذا النشء الحديث الأسنان من التجرؤ على أولياء الله، الذين كانوا يشدُّون مآزرهم في طلب العلم، يوم كان هذا النشء يبولون في لفائفهم صغارًا، ألا حياءً من الله.
كيف يتجرأ هذا النشء على علماءٍ، أعمارهم في العلم أكثر من أعمار أولئك منذ ولدتهم أمهاتهم، آه لعلماء الإسلام، ولكننا نعلم علم اليقين، أنه لا يُوجَد مستبطِن دغل ودخن على هذا الدين، إلا وهو يستبطن بغض العلماء وعداوتَهم: {قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَاء مِنْ أَفْوٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}[آل عمران: 118].
إن منافقي الأمةِ والكائدين لها كانوا وما زالوا يغلِّفون وقيعتهم في الدين بالوقيعة في علمائه وحملته، ومن يدعون إليه ويمثِّلونه، ويقولون في علماء الإسلام ما لا يستطيعون أن يقولوه في الإسلام، هذا دأب المنافقين منذ كانوا يؤذون النبي: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ}[التوبة: 61]، ومنذ كانوا يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم، ومنذ افتروا على عائشة ـ أمِ المؤمنين ـ البهتان والإفك المبين، ومنذ قالوا عن أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: (ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونًا، ولا أكذب ألسُنًا، ولا أجبن عند اللقاء).
كانوا وما زالوا هذا كيدهم إذا جبنوا عن السخرية بهذا الدين سخروا بعلمائه، وإذا أرادوا التنقُّص من الدين؛ تنقَّصوا دعاته، اللهم رد كيدهم في نحورهم وافضحهم بنفاقهم وإرجافهم. نقلًا من موقع المنبر
للشيخ: ماجد بن عبد الرحمن الفريان
(بتصرف)

abdelkader
31-01-2008, 19:08
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مصيبة الأمة في فقد العلماء

جاء في بيان عِظَم مصيبة الأمة بفقد العلماء ما رواه الشيخان في صحيحيهما عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا". وقد دل هذا الحديث على أن ذهاب العلم يكون بذهاب العلماء.
ونقل عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وغيرهما- رضي الله عنهم أجمعين- قولهم: " موت العالم ثلمة في الاسلام لا يسدها شيء ما اختلف الليل والنهار".
وقال سفيان بن عيينة رحمه الله: "وأي عقوبة أشد على أهل الجهل أن يذهب أهل العلم؟".

أشرف
01-02-2008, 11:10
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

موضوع قيم قيم بورك فيك وفي منقولك

ما أحوجنا إلى مثل هذه المواضيع

MALIKA B
01-02-2008, 11:39
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله فيك أخي عبد القادر على الإضافة القيمة
بوركت أخي أشرف على ردك المفرح و المشجع
تحياتي لكما .

قلب مسلمة
01-02-2008, 12:12
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
موضوع جيد جدا بمزيد من العطاء انشاء الله.
http://images.abunawaf.com/2005/11/jzak.jpg
.

MALIKA B
01-02-2008, 17:04
Baraka Laho Fiki Okhti Alfadila 3la Mororik W Tachji3iki Li