مشاهدة النسخة كاملة : امير القوم خادمهم



قابض على الجمر
02-02-2008, 12:17
تبدو قسمات الفرح والفخر حتى وكأنه ملك الدنيا بحذافيرها ، كل من نال منصبا او انيطت برقبته مسؤولية قوم او ولاية ، جاءت بعد معاناة طويلة من التنافس مع اقرانه الذين كانوا يبارزونه ذلك المكان المرموق الذي حازه ووصل اليه هكذا هو حال الآخرين .

غير ان ذلك لم يكن ليتصف به حال الاولين من سلفنا الصالح رغم كل ما نالوه من ولايات ودول وامصار حتى ان غيوم السماء لا تمطر الا على ولاياتهم التي امتد اليها ملكهم .

عمر وامة محمد



ومن هؤلاء خليفتنا الخامس بعد الاربعة المبشرين بالجنة عمر بن عبد العزيز

فعن عطاء بن رباح قال: حدثتني فاطمة امرأة عمر بن عبد العزيز:أنها دخلت عليه فإذا هو في مصلاه،سائلة دموعه،فقلت: يا أمير المؤمنين،ألشىء حدث؟ قال: يا فاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه و سلّم فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود،و المظلوم المقهور، والغريب المأسور، وذي العيال في اقطار الأرض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه و سلم،فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.

مظالم في غير عهده

ولم يكن بكاء خليفتنا عمر قد اقتصر على شعوره انه مسؤول عن امة مرحومة اوصى بها نبينا محمد سيد الانبياء وخاتمهم وانما تعدى ذلك الى ان ينظر الى مظالم كانت قد وقعت من قبل آل بيته فتدفعه المكانة التي انيطت اليه ان يرد تلك المظالم الى اصحابها .

فحدثتنا الروايات ان عمر رحمه الله كان قد جمع جماعة من الفقهاء والعلماء وقال لهم: " إني قد دعوتكم لأمر هذه المظالم التي في أيدي أهل بيتي، فما ترون فيها؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين: إن ذلك أمرًا كان في غير ولايتك، وإن وزر هذه المظالم على من غصبها " ، فلم يرتح عمر إلى قولهم وأخذ بقول جماعة آخرين منهم ابنه عبد الملك الذي قال له: أرى أن تردها إلى أصحابها ما دمت قد عرفت أمرها، وإنك إن لم تفعل كنت شريكا للذين أخذوها ظلما. فاستراح عمر لهذا الرأي وقام يرد المظالم إلى أهلها.

مباحاته ممنوع منها

وكان خليفتنا العزيز رضي الله عنه ياكل الطيبات من الرزق وما احله الله له من المباحات ، ويلبس انفس الثياب ، ويشم منه اذا تجول في الاسواق اعطر الروائح وازكاها واغلاها ، كان ذلك حينما لم يكن قد تقلد امر الرعية ، واي رعية انها امة محمد المرحومة التي اوصى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولكن ما الذي تراه هو فاعل بعدما آلت اليه المنافسة والقرعة الى مقاليد الدولة والحكم لامبراطورية امتدت في عهده اطنابها مشارق الارض ومغاربها .

حدثتنا سيرته الزكية العطرة انه كان يقسم تفاحًا أفاءه الله على المسلمين، فتناول ابن له صغير تفاحة، فأخذها من فمه، وأوجع فمه فبكى الطفل الصغير، وذهب لأمه فاطمة، فأرسلت من اشترى له تفاحًا. وعاد إلى البيت وما عاد معه بتفاحة واحدة، فقال لفاطمة: هل في البيت تفاح؟ إني أَشُمُ الرائحة، قالت: لا، وقصت عليه القصة –قصة ابنه- فَذَرفت عيناه الدموع وقال: والله لقد انتزعتها من فم ابني وكأنما أنتزعها من قلبي، لكني كرهت أن أضيع نفسي بتفاحة من فيْء المسلمين قبل أن يُقَسَّم الفَيءُ.

هدية هي رشوة عند عمر

هذا وقد وصل بخليفتنا الطاهر سليل العمريين ، عمر بن عبد العزيز الامر ان يحاسب نفسه حتى في مجال المباحات ، جاء عنه انه اشتهى تفاحا، فقال لو كان لنا شىء من التفاح، فإنه طيب الريح طيب الطعم فقام رجل من أهل بيته فأهدى إليه تفاحا، فلما جاء به قال عمر: ما أطيب ريحه و أحسنه، ارفعه يا غلام فاقرىء فلانا منا السلام و قل له: إن هديتك قد وقعت منا بموقع بحيث تحب. فقال الرجل: يا أمير الموءمنين، ابن عمك و رجل من أهل بيتك وقد بلغك أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة،قال ويحك إن الهدية كانت للنبي و هي لنا اليوم رشوة.

ليس هذا فحسب فقد غدا سيدنا الخليفة الراشد معاتبا ومؤنبا لكل من مدحه واطرى عليه ، فعن بشير بن الحارث قال: أطرى رجل عمر بن عبد العزيز في وجهه،فقال له عمر: يا هذا لو عرفت من نفسي ما أعرف منها، ما نظرت في وجهي. الحمد الله

ليس هذا فحسب فقد دفعته توليه قيادة المسلمين ان يفعل امرا ما فعله احد من قبله وهو ان يعلن ايقاف العطايا والمنح لكل من آل بيته وكذلك المداحون من الشعراء ،

فكان اول من اوقف عطايا بني امية وأول من رفض عطايا الشعراء.

ثمرات خلافته

فماذا كانت النتيجة بعد كل هذا الذي سمعناه من سيرة الخليفة عمر بن عبد العزيز،

فقد حدّث المؤرخون انه قد ؛ شبع في عهده الجياع ، وكسى الفقراء ، واستجاب للمستضعفين ، وكان أباً لليتامى ، وعائلاً للأيامى ، وملاذاً للضائعين ، كان الأغنياء يخرجون بزكاة أموالهم فلا يجدون فقيراً يأخذها ، ويبسط يده إليها … إن عدله رحمه الله لم يكف الناس حاجاتهم فحسب بل وملأهم شعوراً بالكرامة والقناعة .

أمر رحمه الله ولاته أن يبدءوا بتغطية حاجات أقطارهم .. وما فاض وبقي يُرسل إلى الخزينة العامة .. ومن قصر دخل إقليمه عن تغطية حاجات أهله أمده الخليفة بما يغطي عجزه ، وراح رحمه الله ينشئ في طول البلاد وعرضها دور الضيافة يأوي إليها المسافرون وأبناء السبيل ، ومضى يرفع مستوى الأجور الضعيفة ، وكفل كل حاجات العلماء والفقهاء ليتفرغوا لعلمهم ورسالتهم دون أن ينتظروا من أيدي الناس أجراً .. وأمر لكل أعمى بقائد يقوده ويقضي له أموره على حساب الدولة ، ولكل مريض أو مريضين بخادم على حساب الدولة ، وأمر ولاته بإحصاء جميع الغارمين فقضى عنهم دينهم ، وافتدى أسرى المسلمين وكفل اليتامى .

هذا عن الفقراء والاصلاحات فماذا عن الامن يا " عمر الدين " .

قال الحسن القصاب : رأيت الذئاب ترعى مع الغنم البادية في خلافة عمر بن عبد العزيز فقلت : سبحان الله ذئب مع غنم لا يضرها ؟‍‍‍‍ فقال الراعي : إذا صلح الرأس فليس على الجسد بأس .

وقال مالك بن دينار : لما ولي عمر بن عبد العزيز قالت رعاء الشاء :من هذا الصالح قام على الناس خليفة ؟ عدله كف الذئاب عن شائنا .‍

كل هذا بسنتين ؟؟؟

بقي لنا ان نسأل الخليفة المبارك سؤالا اخيرا يخجل منه كل من حكم امة محمد وانيطت بها مسئوليتها خجلا تحمر به وجناتهم لتكون اشد حمرة من الشمس الاصيل حين غروبها ، السؤال هو كم عقد او عقود من الزمان حكمت حتى انتعشت رعيتك كل هذا الانتعاش ؛ كم من السنين ؟ لا اصدق ، اعدها لي يا تاريخ مرة اخرى فلم تصدق أذناي فقد اتهمتها بالضعف ؛ انها سنتان فقط لاغير من سنة 99 هجرية الة 101 هجرية ، سنتان فقط ، امر عجيب عجيب عجيب ؛ ولا عجب ؛ انه من امة محمد خيرالانام ، انه من تمثلت به آيات القران قولا وعملا ، انه الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز .

الا فهل من مدكر

krit01
02-02-2008, 15:03
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي الكريم على مجهوداتك