مشاهدة النسخة كاملة : المفتاح القرآني



nassir6
05-02-2008, 12:20
فتح الله بالقرآن قلوبا غلفا وعقولا كانت في جاهليتها في كن عن الهداية، ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجيل المبارك الذي عاش في كنفه إصرهم والأغلال التي كانت عليهم.

كذلك بالقرآن يعيد الله ثاني الخلق المسلم كما بدأ أوله وكذلك بمنهاجه صلى الله عليه وسلم يضع عنا وعن كل جيل يهتدي بهدي الوحي والنبوة ركام الذهنيات والعادات والأنانيات التي تغم النفوس والعقول وتحجبها عن نور الوحي.

فتح الله تعالى بالقرآن والهدي النبوي آفاقا واسعة، وطرح على العقل الذي أسلم وصدق واتقى اقتراحات للتأمل والسير في الأرض والاعتبار بتاريخ الأمم.

وعلمه ببيانه المعجز أن يعبر عن أدق خلجات نفسه وأرق حركاته الفكرية.

خلجات النفس المومنة المصدقة المتقية، وحركات العقل المسلم المستنير بالوحي لا تدور حول سؤال "كيف"، بل تتلقى الجواب عن سؤال "لماذا".

في إرسال القرآن الكريم العقل المسلم إلى "كيف"، يريد به القرآن أن يتدبر ما وراء المظهر، لا أن يقف مع المظهر.

﴿أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت﴾ (سورة الغاشية، الآية : 17)، حث على استنطاق المخلوق عن مصدره ومعناه، عن خالقه ومصوره، لا الانكباب فقط على وصف شكله وتركيبه وطوله وعرضه وغذائه ومنفعته.

مما غيم على العقل الغافل عن الله في عصر مكتظ بالكيف الوصفي مثل عصرنا نسيان الكيف التدبري من جراء الركام، ومن جراء رثاثة الإيمان وعمى القلوب التي في الصدور.

عقول ماهرة بارعة في وضع أسئلة الكيف الوصفي الوظيفي، زاهدة يائسة من وضع سؤال لماذا. عقول بارعة ماهرة في الجواب المفصل المدقق المعزز بآلات الفيزياء وتفاعلات الكيمياء وأشعة الفحص وتاريخ الحقب وتجريب الوظائف.

وهم عن الآخرة هم غافلون، وعن ربهم وخالقهم لا يسألون.


يتبع

nassir6
05-02-2008, 12:40
رثاثة الإيمان والغيم على العقل كيف تجلى ؟ الإيمان كيف يجدد ؟ كيف ينتعش الإيمان ويستفيق العقل وتذهب الضبابية الفلسفية الشكاكة من أمام عينيه حتى لا ينظر نظرا أعور، وحتى تكون مهارته في وضع أسئلة الكيف العلومي البحثي المخبري مقارنة مسايرة تابعة لتدبره وحضوره وذكره معنى الوجود وخالق الكون ومحيي الأنام وباعثهم ليوم تخشع فيه الأبصار.

ذلك مما يفتحه القرآن، ومما عنه يضع المنهاج النبوي التربوي إصرا يضيق على العقل وأغلالا في عنق النفس.

من الفتح الذي أتى به القرآن ورتب عليه النبوة أن شجع العقل على القراءة والكتابة والتدوين. فما وجد المسلمون عرقلة في الاطلاع على تراث الأمم أخذا وردا ونقدا. معهم كانت مصفاة الإيمان ومعيار الحق والباطل. كل ما سوى الله والدلالة على الله والرجوع بالعقل من الكيف السطحي إلى التدبر والمعنى فهو باطل.

ما أحجم المسلمون الأول عن الاستدلال والاجتهاد. ولا عطلوا وظيفة من وظائف العقل الواصف المختبر المجرب، بل استعملوه لترسيخ إيمانهم بما ثبت لديهم بشاهد الوحي، يأتي شاهد العقل العلومي ليزكي الشهادة.

وسار الفتح القرآني والهدي النبوي بالعقل المسلم أشواطا مدى أربعة قرون، قاد فيها العقل المسلم مسيرة العلوم جنبا إلى جنب مع هداية العلم.

ثم أخذ العقل المسلم يغطس في سباته إلى أن أيقظته نهضة أوروبا حين قرع عليه الاستعمار مخدعه.
قطع الاستعمار الغازي على كل الواجهات الوصلة بين ماضي المسلمين ومستقبلهم، ونقلهم من عهد إلى عهد، وأبرز عدم التكافؤ وتخلف العقل الكيفي العلومي عند المسلمين. فظن المسلمون أن تخلفهم هذا قد يكون له سبب مما يستطيع العقل المقارن أن يجيب عنه. وطرحوا سؤال "لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟ "

ومنذئذ والمقارنة الأرضية تغلب، والحديث عن الحق والباطل، وعن الكفر والإيمان تغطي عليه جلبة الصراع السياسي والتحليل التاريخي.

ويتهم الحداثوي المتفرنج العقل المسلم بأنه غير تاريخي كلما تقدم العقل المسلم يدلي بإيمانه ويتمسك بقرآنه.

ويقترح المتفرنج حداثة بلا إيمان، وتاريخا بلا وحي.

وفد العقل الغربي مع الاستعمار في موكب سلاحه المنتصر، معتدا بنفسه، مستكبرا عنيدا. ثم استوطن الناشئة من ذراري المسلمين الذين عرضوا لإشعاعه، وغذوا بلبابه على فراغ.


من كتاب "محنة العقل المسلم"
المفتاح القرآني
للأستاذ عبد السلام ياسين

انتهى

abdelkader
05-02-2008, 22:15
http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/2948.imgcache


http://www.aljamaa.info/vb/imgcache/2949.imgcache

قلب مسلمة
06-02-2008, 18:21
[ بسم الله الرحمن الرحيم[
شكراً لك اختي الكريمة جعله الله في ميزان حسناتك.