مشاهدة النسخة كاملة : ذاك رسول الله:محاضرات للشيخ الذكتور عبد الوهاب الطريري



قلب مسلمة
26-02-2008, 21:26
http://img523.imageshack.us/img523/2253/besm8dg4.gif

منقول من محاضراته في قناة الرسالة :

الشيخ الدكتور عبد الوهاب الطريري , يتعمق كثيرا في مواقف مختارة من السيرة النبوية ويستخلص منها الدروس والعبر ليقدمها لنا وبما يتناسب مع معطيات هذا العصر الذي يتطلب رؤية واضحة تعين الإنسان في السير في الطريق القويم لله سبحانه وتعالى ...


نبي الرحمة

***السلام عليكم ورحمة الله و بركاته ، حياكم الله ايها الاخوة و الاخوات في لقاء يتجدد نري عظمة العاطفة الجميلة و الرحمة كيف تكون و الحرص علي الامة كيف يكون في صورة عظيمة معبرة اخذة تجعل النفوس تخشع لعظمة هذه الصورة ذاك رسول الله صلي الله عليه وسلم .
لو كنا في يوم من ايام السنة الثانية و في المدينة النبوية و في يوم معطر بانفاس النبوة مشرق بانوار محمد صلي الله عليه وسلم و راينا رسول الله صلي الله عليه وسلم في صبيحة ذاك اليوم يقبل علي اصحابه في سرور متضاعف و يعلو وجهه البشر و البشري و وجهه الميمون المبارك صلي الله عليه سلم لكنه اليوم مستبشر يقبل علي اصحابه و بينه و بينهم تواصل عاطفي يقول لاصحابه مبشرا و هو البشير صلي الله عليه وسلم يقول لهم " ولد لي الليلة غلام و سميته باسم ابيه ابراهيم " و يقرا الصحابة في وجه النبي صلي الله عليه وسلم الابوة و النبي صلي الله عليه وسلم يتم ستين سنة من العمر ، و يرزق فيها هذا السن بابن ذكر من فرحته به يبشر به اصحابه و ينقل السرور الذي يملأ قلبه ليعيشوا معه سرورا و حبورا بهذه المناسبة السعيدة و من فرحه سماه في نفس الليلة و سميته باسم ابي ابراهيم و فرح الصحابة لفرح رسول الله صلي الله عليه وسلم ، و اخذ الصبي الي امراة تسمي ام سيف و زوجها ابو سيف كان قينا صانعا يصنع في بيته لتكون هذه المرأة مرضعة لابراهيم ين محمد صلي الله عليه وسلم حتي امه تفرغ لرسول الله صلي الله عليه وسلم و كان صلي الله عليه وسلم يتعاهد ابنه بالزيارة بكل ما في قلبه من بنوة و شفقة حتي قال انس رضي الله عنه : كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ارحم الناس بالعيال ، فكيف اذا كان هؤلاء العيال هم بنوه ، اليس هو من يقول خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي ، فهو خير الاباء لابائه صلي الله عليه وسلم ، وتمشي الايام يوم اثر يوم و الشهور شهر اثر شهر و يتفتح ابراهيم بن محمد صلي الله عليه وسلم كما تتفتح الوردة من برعمها فاذا طفل ابيض وضئ و تتحسن ملامحه فاذا هو اقرب الناس شبها برسول الله صلي الله عليه وسلم ويفرح رسول الله صلي الله عليه وسلم بهذا الشبه و يريه لزوجته عائشة ويقول انظري اليه انه يشبهني ، فقال الا ترين بياضه و لحمة قالت يا رسول الله ان هذا من حسن التغذية لان رسول الله صلي الله عليه وسلم اراح عليه لاقاحا تشرب منه امه و ترضعه و يفهم النبي صلي الله عليه و سلم طبيعة المراة و ما فيها من غيره ، و يكبر الصبي و نبيك صلي الله عليه وسلم يتردد عليه عند ام سيف و يذهب اصحابه معه ، و كان انس رضي الله عنه يذهب معه في اكثر ما يذهب فاذا ذهب صلي الله عليه وسلم اسرع انس الي بيت ابي سيف ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم جاء فيطفأ النيران ابو سيف اذا كان ابو سيف شغل الكير ، و يدخل النبي صلي الله عليه وسلم و اذا الصبي قد هيأ له فيأخذه النبي صلي الله عليه وسلم فيشمه و يقبله و يقول ما شاء الله ان يقول و يدعوا ما شاء الله ان يدعوا و لك ان تكبر هذا المنظر لتري شفقة النبي صلي الله عليه وسلم ذاك رسول الله كان يؤتي اليه باولاد الانصار و هم لتوهم مولودين فيضعهم صلي الله عليه وسلم في حجره و يظل يلاعبهم و يحنكهم و يخرج التمرة من فيه و يضعها في افواههم ، كيف يكون فعله معه ابنه صلي الله عليه وسلم ،ستكون الشفقة في ابهي صورها والرحمة و الحب الابوي ، فذاك رسول الله صلي الله عليه وسلم وهذا ابراهيم ابن رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم يشاء الله جل جلاله ان يكبر الصبي تحت رعايته و يكمل السنة وبعدها شهر و شهرين ويبدا يلاغيه و يضخك و تبدا تسيل الكلمات من فمه ، يا كل من يستمع الي و من جرب الابوة كيف يكون تعلقك بالصبي وعمره سنة و نصف تذكر اقباله و ضحكه و مجيئه مادا يديه الي ابيه الذي يضمه و يشمه ويقبله و هكذا كان ابراهيم وهكذا كان ابوه .
ثم يشاء الله ان يدخل علي ابراهيم في لحظة كانما كان قدر الله يحسمها و يحددها الا و رسول الله معه ، يدخل علي ابراهيم ليضم ويشم و يلاعب و لكن عندما دخل لم يكن اللقاء يسمح بذلك ، فعندما دخل عليه اذا انفاسه تتقطع و صوته يحشرج و يعيش في اخر لحظات العمر و اخر انفاس الحياة ، ويقف الاب المفجوع ينظر الي قدر الله عزوجل ينزل ببنيه و النبي صلي الله عليه وسلم يعيش في سن الشيخوخة الاول و عمره 62 سنة و ابراهيم عمره سنة و نصف و في اخر لقاء بينهما ينظر الاب الرحيم الشفوق الي الابن في ضعف الطفولة و المرض و الموت و ما هو الا انفاس تتقطع و بصر شاخص لا يشعر بما حوله و ينظر اليه ابوه و يخاطبه و ينقل هذا الخطاب حتي يصل الينا و يقول " يا ابراهيم انا لا نملك لك من الله شيئا و لولا انه امر حق ووعد صدق وان اخرنا لاحق باولنا لحزنا عليك حزنا غير هذا ، و لكن يحزن القلب و تدمع العين و لا نقول الا ما يرضي ربنا و انا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون " و تنحدر عبراته صلي الله عليه وسلم علي وجنته الشريفة فينظر اليه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ويقول و انت يا رسول الله ، يعني انت الذي علمت الامة الثبات في الاهوال و الان تضعف وترق و تبكي لموت الصبي ، فيقول له رسول الله صلي الله عليه وسلم يا عبد الرحمن انها رحمة و انما يرحم الله من عباده الرحماء ، فياخذ الصبي بين يديه و يغسله الفضل بن العباس و يصلي عليه و يدفن في البقيع و النبي صلي الله عليه وسلم جالس علي شفير القبر حتي دفن و رجع صلي الله عليه وسلم الي بيته أسفا حزينا مفجوعا و انصرف الصحابة الي بيوتهم و في كل بيت شعلة من الحزن النبوي و جزء من هذا الطفل و فجيعة من هذا المصاب .

اصبح المسلمون علي يوم حزين و في بيوتهم كلهم حزن و فجيعة فابراهيم بن محمد صلي الله عليه وسلم ملأ حياتهم بهجة بالبهجة التي ملأها علي النبي صلي الله عليه وسلم قد مات البارحة و قد دفنه ابوه رسول الله صلي الله عليه وسلم ، و ها هو النهار ينشق و ها هي الشمس ترتفع في يوم قائض حار تتوسط الشمس مسارها الي السماء و تتصاعد الي الافق و يملأ شعاعها الدنيا في يوم صاف من ايام المدينة و فجأة اذا بنورها يذهب و اذا الشمس تكسف و اذا النهار المضئ ينطفي نوره و تعيش المدينة مشهد تغير كوني فاستعاد الناس ثقافتهم و قالوا كسفت الشمس اليوم لموت ابراهيم البارحة و خرج الناس و الكل يقول ليحدثن رسول الله اليوم حدثا و توجهوا الي المسجد ، اما رسول الله صلي الله عليه وسلم و هو في بيته فلما راي الكسوف قام فزعا مذهولا لدرجة الذهول تناول درعا لزوجته فلبسه ثم اخذ ردائه يجره الي المسجد و نادي الصلاة جامعة و تجمع المسلمون ، و تقدم النبي صلي الله عليه وسلم صلاة طويلة بقدر سورة البقرة حتي ان بعض الصحابة كانوا يصبون الماء علي رؤوسهم و راي الصحابة النبي صلي الله عليه وسلم في ايات القران في ترتيل خاشع ثم ركع فاطال الركوع و سجد فاطال السجود و سمعه اصحابه و هو في سجوده يبكي يناشد ربه ربي الم تعدني الا تعذبهم و انا فيهم ربي الم تعدني الا تعذبهم و هم يستغفرون ربي و انا فيهم ربي و نحن نستغفرك ، ثم راه الصحابة قائما حتي وصل الصف الذي خلفه و كله يرجع حتي وصلوا الي صفوف النساء ثم يتقدم و يرجع الي مصلاه ثم يتقدم عن مصلاه كانما يتناول شيئا ثم رد يده صلي الله عليه وسلم و انتهت هذه الصلاة الطويلة و هذا النداء النبوي و التضرع لله و وقف النبي صلي الله عليه وسلم علي منبره و خطب و قال بعد ان حمد الله و اثني عليه " ايها الناس ان الشمس و القمر ايتان من ايات الله لا ينكسفان لموت احد و لا لحياته و يخوف الله بهما عباده فان رايتم ذلك فادعوا الله و صلوا حتي ينكشف ما بكم ايها الناس ما شئ لم اكن رايته و انا في مقامي هذا حتي الجنةو النار رايت النار حين رايتموني تكعكعت حتي قلت يا ربي و انا معهم و كنت انفخ خشية ان تصبيكم ، و رايت الجنة ذلك حين تقدمت و مددت يدي لاقطف منها قطفا فلو قطفته لبقيتم تاكلون منه الي قيام الساعة لكن هذه حكمة لان الجنة لو كان لم تعد غيبا و اصبحت شهادة و لذلك لم يفعل صلي الله عليه وسلم ، ثم قال صلي الله عليه وسلم ما راي في النار قال رايت امراة من حمير تعذب في هرة حبستها حتي ماتت فرايت الهرة تعلو علي وجهها فتغدشه لانها حبستها حتي ماتت و رايت الذي يسرق الحاج بمحجنه لانه يسرق الحاج بعصا معكوفة رايته يعذب في النار بمحجنه ، و رايت عمرو بن لحي الخزاعي يجر امعاءه في النار لانه اول من نصب الاصنام ، لو تعلمون ما اعلم لاضحكتم قليلا و لابكتيم كثيرا و خرجتم الي الصعدات تجأرون الي الله تعالي لقد رايت في مقامي هذا انكم تفتنون في قبوركم نحوا او قريبا من فتنة الدجال يسال احدكم يقال له ما علمك بهذا الرجل ، اما المؤمن يقول ذاك رسول الله جاء بالحق و البينات امنا به و اتبعاه ذاك محمد ، اما المنافق فيقول هاه هاه لا ادري و جعل النبي صلي الله عليه وسلم يخبرهم بالايات التي راها، و يقول ايها الناس لا احد اغير من الله ان يزني عبده او تزني امته ،خطبة طويلة بليغة موعظة للامة يا كل مسلم و متبع لمحمد نريد ان نحبس انفاسنا مع رسول الله و نقول رسول الله خرج بهذا الذهول و صلي هذه الصلاة الطويلة في الوقت الذي كان يغالب حزنه و فجيعته و الذي خطب هذه الخطبة و صلي هذه الصلاة تذكر انه ذلك الشيخ المفجوع الذي مات ابنه امس .


هو الاب الذي فقد بنيه و لا زالت دموعه رطبه علي وجهه صلي الله عليه وسلم و لما راي ذلك الحدث الكوني خرج يستدفع العقوبة عن امته و اصبح النبي صلي الله عليه و سلم يخشي ان تعجل لامته بعقوبة و لذلك نسي احزانه و فجيعته و جعل يناشد ربي الم تعدني الا تعذبهم و انا فيهم ربي الم تعدني الا تعذبهم و هم يستغفرون ربي و انا فيهم ربي و نحن نستغفرك ويشغل بامته يدفع عنها النار .
الناس تقول الشمس كسفت علي ابراهيم فيتدافع علي احزانه ليقول للناس خطأ الشمس ما كسفت لموت ابراهيم و لو كان ابراهيم هذا بن محمد صلي الله عليه وسلم ، الشمس ايه يخوف الله بها عبادة و يري عبادة ان هذا الكون الذي يمشي بهذا النظام الدقيق يمكن ان يختل نظامه في لحظة و هذه ايها الاحباب لابد ان تذكر ضمن دلائل نبوة النبي صلي الله عليه وسلم ، لانه في هذه اللحظات الناس تقول الشمس كسفت لموت ابراهيم و هو يقول الشمس لم تكسف لموت ولدي ، لكن لانه صلي الله عليه وسلم مستغن بما معه من الحق علي ما يدعي انه ما ليس حق و لذلك من القصص المؤثرة ان قرية في مصر اهلها كلهم اقباط نصاري فمات ابن زعيم القرية فالقرية اللي جنبهم فيها احد الشيوخ ذهب يعزي في الولد و كان معه القسس فقال لهم الموت سنة الله و لابد من الصبرو الذي خلق هو الله و بدا يذكر لهم قصة موت ابراهيم ولد محمد صلي الله عليه وسلم و يذكر لهم خطبة النبي صلي الله عليه وسلم ، فاذا بالقسيس يقول رسولكم يقول هذا الكلام في اليوم اللي مات فيه ولده قال نعم ، رسولنا اتي ليحصص للناس تصوراتهم فما كان من هذا القس الا ان قال و انا اشهد ان لا اله الا الله و ان محمد رسول ، لو كان مدعيا للنبوة لكان نعم هذا لاجلي ، و ما قال ذلك لانه متشبع بحق لا يتكثر معه بالباطل فاسلم اهل القرية كلهم باسلام القسيس وكان دليل النبوة هو هذا الموقف ، فيا احباب محمد نتذكر هذه الموقف و نتذكر شفقته علينا و هو يذكرنا بما سنلقي يوم القيامة ويذكرنا بهذه الامور و كانه لم يدفن ابنه البارحة و كان قبر ابنه الذي ما زال رطبا ، اللهم صلي و سلم علي عبد الله و رسوله محمد خير نبي و افضل داع و ارحم امام متبوع صلي الله عليه وسلم .****

يتبع:

أشرف
28-02-2008, 10:00
اللهم صل على سيدنا محمد

بورك فيك أختي الكريمة

قلب مسلمة
28-02-2008, 10:19
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شكراً لك اخي الفاضل و شكرا على المرور الطيب