مشاهدة النسخة كاملة : مثل المؤمن كمثل النحلة



abdelkader
29-02-2008, 21:47
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


لقطات من رحلتي مع نحلة



الحديث: -
" إن مثل المؤمن كمثل النحلة.
إن صاحبته نفعك،
وإن شاورته نفعك،
وإن جالسته نفعك،
وكل شأنه منافع "
ودفعني هذا التشبيه إلى تلكم الرحلة. و كان القصد من ورائها الإجابة على سؤال0 لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن الحق بالنحلة ؟ خاصة أنه قال في حديث آخر :-
" المؤمن كالنحلة
إن أكلت أكلت طيبا
وإن وضعت وضعت طيبا
وإن وقعت على عود لم تكسره "
وأثناء رحلة البحث عن الإجابة عن هذا السؤال جاءت هذه اللقطات .

اللقطة الأولى:
يظهر فيها حسن تعامل النحل مع أوامر ربه .يظهر فيها كيف يتعامل هذا المخلوق مع أوامر الخالق فمنذ أن أوحى الله سبحانه وتعالى إلي النحل " وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون* ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا......"(النحل 69) منذ ذلك الوقت يستحيل أن تجد للنحل بيوتا في غير هذه الأمكنة الثلاث : الجبال .. والشجر.. والبيوت. على نفس ترتيب الآية. أمر من الله. أعقبه تنفيذ من النحل.بلا تسويف ولا تحايل ولا تباطؤ .
أنها صورة تعكس أرقى درجات السمع والطاعة للخالق من مخلوق.

ومن حسن الامتثال وكمال السمع والطاعة عند النحل , تجد أيضا أن أكثر بيوت النحل في الجبال – وهي المتقدمة في الآية ثم الشجر ثم فيما يعرش الناس ويبنون بيوتهم . وكذلك تجد أن أرقى وأجود أنواع العسل هي عسل نحل الجبال ثم عسل نحل الشجر ثم عسل نحل البيوت . وهنا لا يجب أن يفوتنا أن نضع هذه الصورة جنبا إلى جنب مع صورة تعاملنا نحن بني البشر مع أوامر ربنا عز وجل . لنقارن.. ونقارن.. ونمعن في المقارنة. علنا ندرك جانبا من الإجابة علي السؤال: لماذا شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المؤمن الحق بالنحلة ؟ .

ومن طبائع النحل المعروفة والتي تدل على حسن امتثاله لأوامر ربه, أنه دائما ما يتخذ البيوت قبل المراعى . فهي إذا ما أصابت موضعا مناسبا بنت فيه بيوتها أولا. ثم بعد ذلك تخرج من تلك البيوت ترعى وتأكل من كل الثمرات ثم تأوي إلى بيوتها . لأن ربها سبحانه وتعالى أمرها بذلك . أمرها باتخاذ البيوت أولا ثم الأكل بعد ذلك . وهنا قد تبعد المراعى عن البيوت الأميال والأميال. وقد يفصل بين المراعي وبيوت النحل السهول و الجبال. وقد يتطلب هذا من النحل عبور الروابي والوديان . ومع ذلك فإن طاعتها لربها جعلها تنسى بعد المسافات وكثرة المشقات

فالمؤمن الحق – كالنحل – يجب ألا يفكر إلا في تنفيذه الأوامر الربانية. أما المشقات , والتبعات , والمنغصات فهي أمور ثانوية يجب ألا يفكر فيها المسلم . لأنه لو فكر فيها فربما تلكأ أو تباطأ أو قصر . ولكن طالما أن الأمر من عند الحق فيجب أن لا يشغل بال المؤمن الحق غير تنفيذ أمر الحق . وهكذا يفعل الصالحون.



اللقطة الثانية :
وتظهر فيها كيف أن النحل يقضي حياته في حركة ونشاط وانتقال من طيب إلى أطيب, ومن أثر نافع إلى أنفع. "فمن اجل أن تقوم النحلة بإطعامنا كيلو جرام واحد ومن العسل أنها تقوم بما يقرب 600ألف إلى 800الف طلعة وتقف على مليون زهرة وتقطع ما يزيد عن 10أضعاف الكرة الأرضية رغم الرياح والأنواء". وكأن الرسول لما شبه المؤمن الحق بالنحلة أراده أن يتمثل هذا الخلق. وأراده أن يتحلى بثقافة النحل في السمو , وعلو الهمة, والتعامل مع الأمور بجدية, وقوة من يبتغي وجه الله:-
طالب العلم مع علمه.
والعامل في صناعته.
والتاجر في تجارته.
والمزارع في زراعته.
و الداعي إلى الله في دعوته.
فلا فلاح لكل من ينتج إنتاجا ماديا أو معنويا دون أن تسود بينهم ثقافة النحل في النفع والعطاء .

اللقطة الثالثة:
ويظهر فيها كيف أن النحل يجيد توظيف الطاقات . فالنحل يجيد هذه المهارة. وهذه مهارة لازمة للأمم والأفراد والجماعات . ولا يرقى الإنسان إلا بها . فمن النحل من يعمل العسل, وبعضها يعمل الشمع, وبعضها يسقي الماء, وبعضها يبني البيوت, وبعضها يقوم بأعمال النظافة ،وبعضها يقوم بأعمال التكييف والتبريد والتهوية , وبعضها يقوم بالتلقيح , وبعضها يقوم الاستكشاف والاستطلاع . الكل يعمل وينتج. كل حسب سنه ووظيفته وقدراته وميوله واستعداداته . فلقد علمنا النحل من خلال هذه اللقطة أنه من لا يجيد توظيف الطاقات يغرق في العثرات . ولعل الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينوه- لي ولك- أن يتحلى كل منا به بهذا الخلق .

اللقطة الرابعة :
ويظهر فيها أحد طبائع النحل العجيبة . فالنحل يرفض رفضا باتا أن يوجد في مملكته عاطل عن العمل " فمن طبائع النحل أنها لا تترك عندها بطالا إلا نفته وأبعدته وأقصته عن الخلية . لأنه
يضيق المكان .
ويفني العسل .
ويعلم النشيط الكسل ".
وهذه مهارة إدارية راقية ما أحوجنا أن نتمثلها واقعا في حياتنا الإدارية . فلو علم كل عامل في مؤسسته أن مصيره الإقصاء مالم يؤدي ما هو مطلوب منه . وما لم يحقق ما هو مطلوب منه من مستهدفات حسب خطة المؤسسة العامة التي يعمل فيها , لعاد ذلك بمردود ايجابي على الأمة . أما أن تدخل المؤسسات الحكومية في بلاد المسلمين وتجدها مكتظة بالعشرات ممن لا وظائف لهم ولا عمل لهم فهذه انتكاسة.
لقد وصلت المؤسسات الصناعية العظمى في اليابان وأوروبا إلى ما وصلت إليه من رقي وارتقاء وتقدم بفضل تطبيقها لهذه السياسة الراقية التي يجب أن نتعلمها نحن من النحلة .

اللقطة الخامسة : -
تظهر كيف أن النحل يفضل العمل في صمت وهدوء وبعيدا عن أعين الناس. فيروى أن آرسطاطاليس صنع بيتا من زجاج لينظر إلى كيفية ما يصنع النحل . فأبت أن تعمل حتى لطخته بالطين من الداخل . لطخته بالطين حتى تنأى بنفسها عن الظهور . وكأنها وعت خطورة آفة الرياء والنفاق وحب الظهور وحب الرياسة وكلها آفات مهلكات. لطخة بيتها بالطين من الداخل بحثا عن الإخلاص . وكأنها تدرك قول ابن القيم رحمه الله تعالى): الإخلاص ألا تطلب على عملك شاهداً غير الله ، ولا مجازياً سواه). لطخته وكأنها أرادت أن ترسل لنا من- خلف الطين -رسالة مفادها أن عليكم بالإخلاص في كل أعمالكم وأقوالكم . فالإخلاص وهو قارب النجاة من الغرق في بحر النفاق والشرك والرياء وحب الظهور وبوار الأعمال نعوذ بالله من ذلك . و لعله الدرس الذي أراد الرسول صلى الله عليه وسلم من تشبيه المؤمن بالنحلة أن يأخذه عنها و يتعلمه منها .

اللقطة السادسة : -
ويظهر فيها مجموعة الآفات التي تعوق النحل عن العمل والإنتاج والتميز هذه الآفات هي : -
1 – الظلام
2 – الغيوم
3 – الرياح
4 – الدخان
5 - الماء
6 – النار

وكذلك المؤمن –له آفات تبعده عن العمل والإنتاج والتميز في حياته منها : -
1 – ظلام الغفلة
2- غيوم الشك
3 – رياح الفتنة
4 – دخان الحرام
5 – ماء السمعة
6 – نار الهوى . كما قال ابن الأثير

اللقطة السابعة: -
ويظهر فيها مجتمع النحل وهو لا يستطيع أن يعيش أو ينتج أو يعمل إلا في جماعات . جماعات يحكمها تنظيم دقيق مبهر . تنظيم تتوزع فيه الاختصاصات المسؤوليات والمهام في عيش جماعي رائع وتكافل عجيب . فإذا ما انعزلت إحداها عن جماعتها لسبب من الأسباب فإنها تسارع إلى أن تنضم إلى جماعة أخرى من طبيعتها . إذا قبلتها فنعمت . وإن لم تقبلها فإنها تموت .نعم تموت . تموت ببعدها عن الجماعة . فكأنها تدرك أن )الجماعة رحمة و الفرقة عذاب ) و. كأنها تعلم ( أن يد الله مع الجماعة ومن شذ شذ في النار) ،و كأنها وعت قول سيدنا على رضي الله عنه :( كدر الجماعة خير من صفو الفرد(. كأنها تريد إن تذكرنا- ونحن في زمن التشرذم- بما جاء في الصحيحين: «أن مَن فارق الجماعة شبراً فمات، فميتة جاهلية».

اللقطة الثامنة: -
ويظهر فيها إلى حسن استخدام النحل إلى الوقت . فالنحل لديه قدرة فائقة على الاستخدام المزدوج للوقت. فهو لا يضيع وقته أبدا فيما لا فائدة منه. بل يستغل كل ثانية فيما هو نافع ." فمثلا في طريقها الذي قد يصل إلى عشرات الكيلو مترات من مكان رحيق الأزهار إلى خلاياها. تجري النحلة عدة عمليات كيميائية بالغة التعقيد لتحويل الرحيق إلى عسل. ويتم هذا في الطريق ولا تنتظر حتى تعود. " ولقد أخذ اليابانيون هذه الفكرة من النحل في مجال الصناعة . فمعروف أن اليابان ليس عندها مواد أولية . وهم من كبار مصدري الستانلس.هذه المادة تتواجد بوفرة في استراليا .والمسافة بين البلدتين شاسعة . فصنع اليابانيون بواخر عملاقة تصل إلى أواخر استراليا . تأخذ المواد الأولية من هناك . وفي الطريق إلى أسواق الشرق الأوسط يتم تصنيع هذه المواد الأولية في البواخر أثناء العودة . ثم يتم تسليمها مصنعة جاهزة إلى أسواق المستهلكين في كل مكان . وهذا ما تفعله النحلة . وهذا ما يجب أن يتحلى به المؤمن الحق. فالوقت سلاح ارتقى من أتقن حسن استغلاله وتعس من عطله . وتاريخ الأمم خير شاهد: فالأمة التي لا تنشئ أبنائها على كيفية إتقان إدارة الوقت والاستفادة من كل وحداته أمة مهزومة لا يمكن لها ولا لأبنائها أن يرتقوا أو يتبوؤا منزلة بين العظماء .

abdelkader
29-02-2008, 21:50
بسم الله الرحمن الرحيم



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أخرج الإمام البيهقي عن سيدنا عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمن كمثل النحلة إن أكلت، أكلت طيبا وإن وضعت، وضعت طيبا، وإن وقعت على عود نَخِرٍ لم تكسره، ومثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرَّت وإن وُزنت لم تَنقُص"

فالنحلة هنا رمز للعمل الذئوب المتواصل الجماعي وكل واحد منا له عمل وأسرتنا هي تلك خلية النحل، والنحلة (الداعية) تتزود بالعلم والقرآن، فنتعلم من النحلة لِين الجانب (وإن وقعت على عود نَخِرٍ لم تكسره) وعود نَخٍر أي عود هش سريع الإنكسار، فان هي وقعت عليه لم تكسره من شدة رفقها ولينها ورحمتها فعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها : "إنه من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة. وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجواريعمران الديار ويزيدان في الأعمار". أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
وفي رواية لمسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه. ولا ينزع من شيء إلا شانه". وفي رواية أخرى له: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف". وفي الحديث الأخير تقابل بين الرفق والعنف.
يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين:"أمرنا في الدين بالتيسير والتبشير، فهذا رفق يقابله عنف فقيه يكفر المسلمين، وداع لا يفتح أبواب التوبة، ومشتاق لحكم الإسلام يتصوره ويصوره وجها حانقا، وسيفا مصلتا، وقلوبا لا ترحم.يكون من صلب التربية والتعليم النظر في أمثلة حلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأناته، وصبره، وتحمله، وشفقته على الخلق، ليكون ذلك لنا نموذجا يحتذى. فإننا لن نسع الناس، ولن ينفتح لنا الناس، إن تقدمنا إليهم بالوجه العابس والتشديد والتعسير. وفي السيرة المطهرة أمثلة رفيعة لرفق رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم الناس دينهم، وتدرجه بهم، وحلمه على ذوي الطباع الخشنة وقليلي الفقه. إن حلمه صلى الله عليه وسلم ورفقه حتى بالمنافقين يعطينا نموذج السلوك في فترة الانتقال حين يتعين علينا أن نحبب الإسلام لأقوام ألفوا التحرر من كل ضابط خلقي."(انتهى كلام الرشد حفظه الله)
والنحلة (الداعية) من طبيعته يتعرض للإبتلاء فلا يزيده ذلك يزيدنا ذلك الا صمودا وصلابة تباثا ويقينا...
يجب أن نكون جنديات مجندات (بالعلم والإيمان..) ومستعدات للعمل في اي وقت..
وفي حديث آخر أخرجه الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"مثل المؤمن مثل النخلة ما أخدت منها من شيئ نفعك"
وسبحان الله اذا أردنا أن نجسِّد ماهية النخلة ماذا نجد؟ نجد أنه عندما تكون النخلة خالية فارغة من الثمار تكون شامخة (المؤمن أو المؤمنة على حد سواء عندما يكون قلبه فارغا من ذكر الله ومحبة الله ومحبة رسوله الكريم يكون فيه نوع من الأمراض كالتكبر الأنانية ...) لكن ما ان تبدأ النخلة تثمر حتى تبدأ بالإنحدار والإنخفاض والحُنُو نفس الشيئ بالنسبة للمؤمن ما ان يبدأ قلبه يمتلأ بذكر الله ومحبة رسوله حتى يثمر ذلك تواضعا وخفظا للجناح لإخوانه وكما يقول الأستاذ المرشد عبد السلام ياسين " لاحظ قوله تعالى: "أذلة على المؤمنين". على حرف استعلاء، فالمؤمن حين يلين لإخوانه ويتواضع لهم يعطي من ذات نفسه عن طوع لا عن إكراه ولا عن خوف" انتهى كلام المرشد... وحين نرمي النخلة بالحجر لا ترد الا بما هو طيب فتسقط لنا الثمار فالمؤمن لا يرد الإساءة الا بالإحسان..


نسأله تعالى التوفيق والسداد في أمورنا كلها

آمين

krit01
06-03-2008, 15:48
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي على الموضوع القيم

قلب مسلمة
07-03-2008, 09:12
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سبحان الله و لله في خلقه شؤون النحل و النمل
لقوله تعالى:(خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ * ...* وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ) الآيات من 3 إلى 16.
(وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) آية 67 سورة النحل
و رسولنا لنا قدوة و خير المرشدين صلى الله عليه وسلم ..
أكرمك اله أخي على موضوعك القيم

محبة الجماعة
07-03-2008, 10:09
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير اخي الكريم

abdelkader
10-03-2008, 13:17
بسم الله الرحمن الرحيم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


مشكورين إخوتي على مروركم الطيب