مشاهدة النسخة كاملة : القدس و الرحالة المغاربة



feras
20-06-2005, 16:19
القدس و الرحالة المغاربة

لقد حدثتنا كتب الرحلات باعجاب شديد عن مدينة القدس الزاهرة و رائعة المدن ومهوى افئدة المحبين لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري :لا تشد الرحال إلا الى ثلاثة مساجد ,المسجد الحرام والمسجد القصى ومسجدي هذا ,هي القدس بأقصها ومساجدها وحائط البراق الشريف وسورها وابوابها واسبلتها وقببها واسواقها ففي القدس ما يسر الناظر ويسعد الزائر وهي التى بارك الله حولها ,وهي المعبرة عن اصالة تاريخها وعراقة بنيانها ,فجاءها الرحالة من كل حدب وصوب .
نتحدث هنا عن الرحالة المغاربة الذين زاروا بيت المقدس من تاريخ 1289م-1792م وخطوا ما شاهدوا .
ولا ننسى ان القائد الناصر صلاح الدين الايوبي قد اسكن اعدادا من المغاربة الفاتحين في بيت المقدس ,بعد انتصار المسلمين في معركتي حطين وتحرير بيت المقدس من الفرنجة,ثم اوقف الملك الافضل نور الدين علي بن نوح صلاح الدين المساكن المحيطة بحائط البراق الشريف على مصالح الجالية المغربية في القدس بغية التسهيل عليهم في اقامتهم,واصبح للمغاربة تسمى باسمهم ( حارة المغاربة) تقع في الجانب الجنوبي لمدينة القدس,والى الغرب من المسجد الاقصى المبارك , وكانت الحارة قبل ان تجرفها جرافات الاحتلال اقرب الحارات الى المسجد الاقصى المبارك وحائط البراق الشريف .
هذا وقد اوقف العديد من السلاطين ,الاوقاف في حارة المغاربة على مصالح المغاربة ,وخصوصا في عهد الايوبيين والمماليك .
وكانت مدينة القدس قد شكلت عبر تاريخها الطويل محط انظار الرحالة العرب والمسلمين الذين وفدوا اليها للتبرك بمساجدها ,الذي باركه الله في كتابه العزيز ,
وقد حظيت باهتمام فائق من الرحالة المغاربة الذين دونوا وسجلوا جولاتهم في هذه الديار المقدسة عبر مخطوطات ومطبوعات عديدة مازالت محفوظة في خزائن الكتب العربية والاوروبية .

الرحلة المغربية للعبدري الحيحي 1289م

في العام 690هـ الموافق 1291م زار الرحالة المغربي ابو عبد الله محمد العبدري الحيحي (من بلاد حاحا بالمغرب الاقصى )مدينة القدس ومكث فيها خمسة ايام ,وقد سجل رحلته في كتاب يحمل عنوان الرحلة المغربية او رحلة البدري فخص القدس باربعة صفحات من كتابه,ويمكن تقسيم حديثة عن القدس الى اقسام ثلاثة ,ذكر فيها معالم المدينة المقدسة ,ثم وصف المسجد الاقصى والصخرة المشرفة,وتحدث عن الحالة العلمية في القدس ,حيث التقى هناك خطيب المسجد الاقصى القاضي بدر الدين محمد بن جماعة.
ومن خلال وصفه للقدس يزودنا العبدري الحيحي بمعلومات غنية عن الخراب الذي احدثة الملك الايوبي شرف الدين عيسى المعظم في اسوار هذة المدينة ,ثم نقل عن الجغرافي العربي ابي عبيد الاندلسي وصفه للمسجد الاقصى كما جاء في كتابه ,غيرانه تحدث عن قبة الصخرة بشكل كان قد اثار دهشته واعجابه بهذا البناء الجميل.

تحفة النظار لابن بطوطة الطنجي 1335

في العام 703 هجري الموافق 1304 ولد الرحالةالمغربي الشهيرمحمد بن عبد الله بن بطوطةالطنجي,وقد غادر ابن بطوطة وطنه سنة 725 هجري الموافق 1324 م لاداء فريضة الحج واستغرقت رحلته28 سنة تجول خلالها في بلاد مصر وفلسطين والعراق وايران وسنجار وماردين والحجاز والاناضول والقرم والقوقاز والقسطنطينية وغيرها ,ولما عاد الى وطنه طنجة ,سأله السلطان ابو عنان المريني ان يكتب رحلته في كتاب جامع لزياراته المختلفة ,فسجلها في كتاب يحمل عنوان (تحفة النظار في غرائب الاقطار وعجائب الاسفار).
وتأتي زيارة القدس في رحلة ابن بطوطة على مرحلتين,الاولى كانت سنة 726هـ الموافق 1325م ,حيث وصف فيها المسجد الاقصى ,ونقل حرفيا ما كتبه العبدري الحيحي ,ثم كنيسة القيامة.اما جولته الثانية في القدس سنة 749ه الموافق 1348م,فقد اطلعنا فيها على الوباء الذي تفشى في هذه الديار,ووجد ان معظم شيوخ هذه المدينة الذين التقاهم قبل ربع قرن اثناء زيارته الاولى قد انتقلوا الى جوار ربهم , ولم يبق من هؤلاء سوى عدد من الشيوخ أبرزهم الشيخ خليل بن كيكلدي العلائي شيخ المدرسة الصلاحية في القدس الشريف .

عجالة المستوفز لابن مرزوق التلمساني 1329م

بعد سنوات قليلة من اخر زيارة لابن بطوطة الطنجي لمدينة القدس ,زارها الفقيه والخطيب محمد بن احمد بن محمد بن مرزوق التلمساني ,حيث قصد الى مدينة القدس سنة 718هجري الموافق 1318م,والتقى هناك شيوخ المدينة من ابرزهم الشيخ علاء الدين بن ايوب ,وخطيب المسجد الاقصى الشيخ نور الدين بن الصائغ ,والبرهان الجعبري امام الخليل.
وقد افرد له المقري التلمساني ترجمة وافية في كتابه (نفح الطيب في غصن الاندلس الرطيب )اما ابن مرزوق فقد سجل رحلته في مخطوط له يحمل عنوان (عجالة المستوفز المستجازفي ذكر من سمعت من المشايخ دون من اجازمن ائمة المغرب والشام والحجاز).وفي هذا المخطوط تطرق الى الشيوخ الذين قابلهم في القدس والخليل حيث اوردنا بعضا منهم ,وتحتفظ الخزانة الملكية بالرباط بنسخة قيمة من عجالة المستوفز تحمل الرقم 7579.

نفح الطيب للمقري التلمساني 1027م

ولد المقري سنة 1000هجري الموافق 1591م في احدى ضواحي تلمسان ,ووضع كتابا مهما جمع فيه حضارة الاندلس يحمل عنوان نفح الطيب في غصن الاندلس الرطيب ,واورد فيه رحلات الاندلسيين في المشرق العربي ,وقد زار المقري القدس مرتين ,قادما من القاهرة في ربيع سنة الاول سنة 1029هجري ,الموافق 1620م ,وفي رجب سنة 1037هجري وفق1628م,حيث اعجب بزخارف المسجد الاقصى وعمارته ,فالقى فيه دروسا عدة تحدث فيها عن فضائل المساجد التى يشد الرحال اليها ,ويذكر المستشرق الروسي كراتشكوفسيكي في تاريخ الادب الجغرافي العربي ,الالمقري كان اكبر شخصية في محيط الاداب العربي عامة في القرن الحادي عشر الهجري .

الرحالة العياشية 1663م

وفي العام 1074هجري الموافق 1662مزار القدس رحالة مغربي من اهالي (فاس) وسجل رحلته في كتاب يحمل عنوان الرحلة العياشية نسبة لصاحب الرحلة عبد الله
بن محمد بن ابي بكر العياشي المولود سنة 1037هجري الموافق 1628م .
ينتمي ابو سالم عبد الله العياشي الى قبيلة بربرية تدعى (آيت عاش),ثم ارتحل وهو شاب الى مدينة فاس ,وقد بدأ رحلته من سجلماسة الى طرابلس ثم برقة فالجبل الاخضر ودرنة فالقاهرة والسويس والعقبة,ووصل الى القدس في محرم سنة 1074هجري .
سكن العياشي اثناء اقامته في القدس زواية المغاربة ,الموقوفة على الشيخ ابي مدين الحفيد ,ثم انتقل الى بيت بجوار رواق الشيخ منصور,وقد وصف الحرم القدسي الشريف في رحلته ,واورد بعض قياسات الصخرة والقباب التذكارية الموجودة هنا وهناك في سطوح الصخرة,ثم زار الطور وعين سلوان ومقام النبي موسى,وتطرق في حديثه المسجد الاقصى القديم,ثم تحدث عن الحياة العلمية في القدس , وقضاة القدس المغاربة امثال القاضي التونسي النفاتي,والشيخ عمر بن محمد العلمي امام الصوفية في القدس.

رحلة محمد بن عثمان المكناسي سنة 1785م

زار المكناسي بيت المقدس في مهمة رسمية سفيرا لسلطان المغرب محمد بن عبد الله,حيث كان المكناسي كاتبا للسلطان ووزيرا له,فولاه وزارة الخارجية وامره لتوجه الى الحجاز لتسليم الهدايا التي كان يرسلها السلطان سنويا الى الحرمين الشريفين وسجل ابو عثمان المكناسي رحلته في كتاب بعنوان احراز المعلي والرقيب في حج بيت الله الحرام وزيارة القدس الشريف والتبرك بقبر الحبيب وتحتفظ خزانة الؤرخ المغربي عبد الرحمن بن زيدان (المكتبة الزيدانية)بنسخة قيمة من هذه المخطوطة ,ونسخة اخرى في الخزانة العامة في الرباط تحمل الرقم 1440,حيث وصفها الاستاذ المحقق محمد الفاسي بقوله :لقد اظهر فيها ثقافة اسلامية واسعة في الحديث والتصوف والفقه والاداب وعلم اللسان .

رحلة الزياني الى القدس سنة 1792م

وبعد عشر سنوات من رحلة المكناسي ,زار رحالة ومؤرخ مغربي شهر هو ابو القاسم بن احمد الزياني ,صاحب رحلة الترجمانة الكبرى في اخبار المعمور برا وبحرا .
أحد وزراء السلطان محمد بن عبد الله سلطان المغرب ، سافر مبعوثا من السلطان الى الأستانة مرتين ، وارتحل الى المشرق العربي وسجل رحلاته في كتابه سابق الذكر ، وفي العام 1208هجري الموافق 1792م ، وزار الزياني مدينة القدس فذكر ابوابها ومدارسها الأيوبية والمملوكية ، حتى انه قرأ نقشا في المدرسة النحوية التي انشأها الملك شرف الدين عيسى في العصر الأيوبي غير ان ما اورده الزياني لم يكن ليضيف جديدا عن ما اورده خالد بن عيسى البلوي ، في مخطوطة ( تاج المفرق في تحلية علماء المشرق ) فقد نقل عنه جل مادته ، ولو كان قد وصف لنا هذه المدينة كما شاهدها ، لكان قد اطلعنا على احوالها عشية غزو نابليون بونابرت للمشرق العربي .


نقلاً عن نشرة تراث القدس – وزارة الأوقاف الفلسطينية
طباعة أماني أحمد سعيد

أشرف
22-06-2005, 19:16
مشكور أخي وبارك الله فيك

مشاركة قيمة وممتازة جعلها الله لك ولنا في الميزان المقبول آمين والحمد لله رب العالمين :)

hassan_1677
25-06-2005, 13:28
ان شاء الله سندخل القدس فاتحين ومطهرين الارض المقدسة من الصهيونين

المختار
06-08-2005, 00:54
شاركة قيمة وممتازة جعلها الله لك ولنا في الميزان المقبول آمين