مشاهدة النسخة كاملة : روح الجاهلية وجسمها



krit01
08-03-2008, 13:50
قال الله جلت عظمته: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ (سورة المائدة،21). وقال جل من قائل: وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (سورة البقرة،120). فجعلها ملة واحدة، وأدخل أهل الكتاب في ولاء واحد، ضد الإسلام. فوعد الآخرة مواجهة واسعة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، واليهود بعَدَدِهم وعُدَدِهم أقلُّ وأذَلُّ من أن يشكلوا جبهة تقارن بأمة الإسلام.
وعد الآخرة مواجهة بين الإسلام والجاهلية، ولما كان اليهود هم روح جاهلية عصرنا خوطبت روح الجاهلية في القرآن، وعلينا نحن أن نفهم عن الله عز وجل ما جسم هذه الجاهلية وما كتلتها؟ من هم الأبناء وما هي الأموال التي أمد الله بها بني إسرائيل ابتلاء منه لنا بين يَدَيْ وعد الآخرة؟ كيف أصبحوا أكثر نفيرا وأوسع حيلة؟ كيف تمت الوَلاية بينهم وبين النصرانية ومن خلال أي قنوات؟
لا بد من فقه كل ذلك ووعيه سياسيا واقتصاديا وعلميا وصناعيا وثقافيا وعسكريا استراتيجيا ليمكننا إعداد القوة الملائمة وإعداد الخطة ليوم المواجهة. اليهود بالمفهوم العرقي ينحصر عددهم في عصرنا بنحو اثني عشر مليونا نصفهم يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية. هم بقلة عددهم أهون من أن يُسهروا أعين أمة تعدادها ألف مليون. لكن لما كانت أعدادنا المتكاثرة، باركها الله بمنه، أعدادا غثائية لما تستيقظ من سبات ولما تعتصم بإيمان، كان التفوق النوعي لليهود وتمكنهم من الأموال ومن زمام أكبر دولة وأعظمها في العالم عوامل حاسمة في ترجيح كفتهم إلى حد الآن.
اليهود روح الجاهلية، والجسم والكتلة والنفير والنصير والقوة النصرانية المهودة. فبقدر فهمنا لمدى تقمص روح جاهلية عصرنا جسم جاهلية عصرنا نكون أقرب إلى فقه الخطاب القرآني بوعد الآخرة، وخطورة وعد الآخرة بالنسبة للبشرية، وأهمية وعد الآخرة في تاريخ هذه الأمة، وعتبة وعد الآخرة، وتحدي وعد الآخرة.
ليست "قضية فلسطين" قضية محلية، بل هي قضية مصيرية. الآن أخذ العرب يدركون خطورة ما لا قِبل لهم به، واقترحوا تنازلاتهم للاعتراف بالكيان الصهيوني في "حدوده الآمنة". والصهاينة اليهود والمهودون يحلمون بإسرائيل الكبرى، بإسرائيل ما بين النيل والفرات، بل بإسرائيل العالمية التي بشرت بها توراة اليهود.
قضية فلسطين بداية المواجهة الحاسمة بين الحق والباطل، بين الجاهلية والإسلام. مع الجاهلية تنَبؤٌ يهودي بمملكة صهيون الألفية. ومع الإسلام وعد الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه بالنصر المبين، وبالخلافة على منهاج النبوة، وبظهور هذا الدين على الدين كله ولو كره المشركون، ولو كره الكافرون.
مع الجاهلية التفوق العددي والتكنولوجي والمالي والعسكري، معها الخبرة والصناعة والتنظيم، معها السبق الزمني في كل الميادين، تطرق الآن وتلج عصر ما بعد الصناعة، عصر المعلوماتية والفضاء والإنتاج الأوتوماتكي والتحكم في الخلايا الوراثية للنبات والحيوان.
ووراء الركب الجاهلي تتعثر خطانا، مسبوقين متخلفين، ممزقة أوصالنا، مبذرة أموالنا، مقَطعة أرضنا، محتلة عقولنا، واهنة عزائمنا.
سنة الله لا تجامل أحدا، وحكمه على الغثاء أن لا ينهضوا لجليل من الأمر ما داموا غثاء.
احتلت اليهودية العالمية العقول من خلال الثقافة الغربية الصائلة في العالم. لهم مقاليد الإعلام؛ الإعلام المرئي، والمسموع، والمقروء، والمخَزّن في الحاسوبات، والطائر على أمواج الأثير مكتظ به الفضاء سائر إلى عصره الذهبي في يوم قريب يستطيع كل من على وجهها أن يسمع ويرى ويتصل بكل برامج العالم. وبرامج العالم تتبارى في عرض الكفر والغفلة عن الله والفتنة بمباهج الدنيا ولذاتها.
إنها مواجهة كونية هائلة بين حق الوحي و"ظن الجاهلية"، بين أخلاق الإسلام و"تبرج الجاهلية"، بين أخوة الناس جميعا والتسامح والرحمة وبين"حمية الجاهلية"، بين عدل الإسلام وشورى الإسلام وبين "حكم الجاهلية".
وأينما قلبت النظر وجدت الروح اليهودية تحرك الكتلة وتتقمص الجسم. اليهود آباء الفلسفة الرائدة، فلسفة المادية ما بين لبراليتها وجدليتها. ماتت الآن وأصبحت محضَ هُراء تاريخي إديولوجية ماركس الذي كان يعيب اليهود ويكتب ضدهم. لكن فلسفته الصراعية العنيفة الإلحادية، جماع الجاهلية وخلاصتها، لا تزال تتغلغل وتتقدم وتتوغل، خاصة في البلاد المتخلفة صناعيا واقتصاديا. "ظن الجاهلية" كفر بالله، وماركس معلم ذلك الظن لهذا العصر. "حمية الجاهلية" قبل الآن كانت تُتصور عصبية قبلية، أو تكتلا قوميا، وهي منذ ماركس في تَطور لتصبح لها أبعاد عالمية شمولية في صيغة الصراع الطبقي.
"تبرج الجاهلية" اليهود اخترعوه، وتلمودهم خزانة لا تنفد، ولا تزال تُمد أساطيرها بفنون العُهر والحيوانية وقلة الحياء والتهتك والسخرية بالأخلاق. وفيلسوف العصر في "علم" النفس يهودي اسمه فرويد. صوَّر النفس البشرية صندوقاً للقمامة، ومحطة إرسال واستقبال للرذيلة. ودخلت أفكاره المعيفة القذرة إلى معاقل "الثقافة" و"الفن"، ووجهت، وتحكمت. وفرضت المعايير التي بها يقاس الفرد السوي غير "المكبوت" والفرد المريض الذي لا تجد غرائزه مسالك لتعبر عن نفسها بحرية.
أما "حكم الجاهلية" فلليهود من تأسيس نظريته وتقنين إجراءاته وتطبيق بنوده النصيب الوافر. قرأنا في فقرات سابقة تبجح اليهود بأنهم آباء الديمقراطية وسدنتها. والديمقراطية أخرجت اليهود من "الجيتو" المعزول الذي أسكنتهم فيه كراهيتهم للعالمين واعتزازهم بعرقهم وابتزازهم للأموال واحتقارهم للأميين. من "الجيتو" أخرجتهم الديمقراطية إلى فضاء المجتمع الفسيح حيث يجدون "الحرية" الكاملة لتذويب سمهم المركز المخَزَّن المُعَتَّق آلاف السنين داخل مساكنهم المغلقة في مياه ثقافة الأمم وعاداتها وسياستها.
والاشتراكية هم زعماؤها منذ ماركس بعد أن حازوا زعامة البلوتوقراطية واستبداد الأغنياء. في كل ميدان هم الفرسان.
ولفروسية اليهود في كل ميادين الجاهلية، ظنِّها وحميتها وتبرجها وحكمها، استطاعوا أن يغزوا الولايات المتحدة الأمريكية، وأن يحتلوا حصونها، وأن يسكنوا الأرض هنالك سكنى متمكنة قاطنة خافضة رافعة كما تقطن الروح الجسد. لم يحتلوا تلك الأرض بميزات من الشجاعة والإقدام السافر الوجه كما يفعل الفرسان، لكن تسللوا رويدا رويدا كما يتلصص اللصوص، وكلما أنكر مُنكر عليهم أطلقوا صرخات "مجد الاضطهاد"، وأعادوها مدوية أنهم مظلومو العالم وأن منتقديهم مصابون بالداء الوبيل: عداء السامية.
الآن انتهى زمان التسلل واللصوصية، وأصبح لليهود دولتان معلنتان واحدة في نيويورك وأخرى في فلسطين. وأصبحت كتائبهم ومنظماتهم وامتداداتهم مفاخر معلنة، محترمة، صائلة.
قال كتاب فورد: "ينقسم اليهود (في أمريكا) إلى قسمين: أحدهما يمثل السلطان المالي والسياسي ويضم الألمان أمثال أُسَر ستيف وسبير وواربورغ وكاهن ولويزن وغوغنهايم، وهم يلعبون لعبهم بمساعدة الموارد المالية لغير اليهود. أما القسم الثاني فيتألف من اليهود الروس والبولنديين الذين يحتكرون المراتب الخفيفة في التجارة والصناعة، ويسيطرون سيطرة مطلقة عليها".[1]

krit01
08-03-2008, 13:53
إلى جانب الأسر والقوميات الأصلية المنظمات التي يندمج فيها الكل وتتضافر الجهود وتنسى الأصول. قال الكتاب: "هنالك منظمتان مهمتان كل الأهمية بالنسبة إلى أهدافهما الخفية وإلى حقيقة ما لهما من قوة، وهما منظمتا "كهيلا نيويورك" و"اللجنة اليهودية الأمريكية". وتعتبر المنظمة الأولى أقوى العوامل في حياة نيويورك السياسية، إذ هي المنظمة التي تفرض اليوم نفوذا ضخما على بقية أرجاء العالم(...). وهذه المنظمة هي القوة المركزية، بل هي الحكومة الداخلية التي تعتبر قراراتها قوانين، وأعمالها تعبيرا رسميا عن أهداف اليهود. وهي تقيم الدليل الواقعي والكامل على وجود حكومة داخل حكومة في قلب أعظم الولايات الأمريكية وأقواها سياسيا(...). وهذا يعني بكلمة أخرى أن الحكومة اليهودية في نيويورك تؤلف الجزء الأساسي في الحكومة اليهودية للولايات المتحدة".[2]
"و"كهيلا نيويورك" هي أقوى وأضخم اتحاد لليهود في العالم، فهي قلب السلطان اليهودي العالمي الذي تحول إلى هذه المدينة. وهذا هو معنى الهجرة اليهودية الضخمة إلى نيويورك في الحقب الأخيرة من جميع أطراف المعمورة. وهي تمثل بالنسبة إليهم ما تمثله روما بالنسبة للكاثوليك، وما تمثله مكة بالنسبة للمسلمين".[3]
يصف كتاب فورد وضعية اليهود وتمكنهم وحكومتهم وعاصمة دولتهم منذ نحو سبعين سنة. والآن تعاظمت المؤسسات اليهودية هناك واستفحلت وقويت، وهاجر شطر الدولة إلى فلسطين. تفرعت الشجرة الملعونة فرعين، الجذور هناك في نيويورك والتربة والغذاء، ويستغرب الغافل كيف نشأت دولة في فلسطين، وكأنَّ دولة اليهود ما كانت قائمة من قبل، وكأن الجهود اليهودية كانت وليدة وعد بلفور الإنجليزي. كلا بل الدولة كانت قائمة في أمريكا ولا تزال، وهي الحكومة هناك داخل الحكومة، والدولة الحقيقية تحرك الدولة البارزة للعيان.
وإنما حرصنا على الاستشهاد بكتاب فورد رغم بِلاه وتجدد المعطيات وتجاوز الأحداث لما في الكتاب من وصف الحالة، لأنه وثيقة تاريخية تمتاز بجدية وثائق الحرب، وبموضوعية الشاهد من أهلها وقربه واطلاعه. حرب شنها الرأسمالي الأمريكي وحشد لها لفيفا من الخبراء كشفوا عن خبايا الرأسمالية اليهودية والسلطان اليهودي اللذين يزاحمان الأصالة الأمريكية والوجود الأمريكي. واسم فورد رمز في تاريخ أمريكا، لذلك تبقى وثيقته هذه جديرة بالاعتبار الكامل لا يمكن أن يتهمنا أحد بتحيز إسلامي يكتب ضد اليهود بعد احتلال فلسطين.
قبل احتلال فلسطين احتلت نيويورك وأمريكا. وتوغل المد اليهودي في كل مجالات الحياة. كانت فعالية اليهود في صفوف العمال لا تقل تأثيرا عن سيطرتهم المالية والسياسية. قال كتاب فورد: "كان أثر اليهود على تفكير فئات العمال في الولايات المتحدة كما كان على تفكير رجال الأعمال وأرْبَابِ المهن في منتهى السوء(...). ويقوم اليهود على إدارة الدوائر الشيوعية وتنظيمها ونشر أفكارها في جميع أنحاء الولايات المتحدة. وتوجد هذه الدوائر في شيكاغو ودترويت وكلفلاندور وشنتر وبتسبورغ ونيويورك وفلادلفيا وغيرها من المدن".[4]
فرسان الرأسمالية والشيوعية معا، ماركس وروتشلد وجهان لعملة واحدة كما قرأنا قبل من كلامهم أنفسهم.
سيطروا على المدارس والكليات. قال فورد: "انتشر الإنذار في الكليـات انتشار النار في الهشيم، وقد غدا أسلوب العمل اليهودي معروفا تمام المعرفة. يا له من أسلوب بسيط ! إن الخطوة الأولى هي "لاييكية" المدارس العامة. واللاييكية هي الكلمة الدقيقة التي يستعملها اليهود للتعريف بالإجراء الذي يقوم على إعداد طفل المدرسة العامة عن طريق فرض القاعدة عن عدم ذكر شيء يستدل به على أن للثقافة أو الوطنية أية علاقة بالمبادئ العميقة المتأصلة للديانة الأنكلوساكسونية".[5] سيطروا على السينما واحتكروها، واحتكروا بعد فورد صناعة الأفلام التلفزية وامتلاك الشبكات الإعلامية والتوزيع، والإنتاج، والتوجيه، وصناعة "النجوم"، وصناعة الأسطوانات والأشرطة، وصناعة الموضات الفنية.
وصنعوا ولا يزالون يصنعون بتأثير أوسع منذ عهد فورد حكام أمريكا بما في ذلك الرئاسة.
لا نحب أن نتبنى كل ما يكتبه فورد وغيره عن الطائفة المغضوب عليها في القرآن تحريا أن يكون حكمنا على الواقع مطابقا للواقع بعيدا عن المبالغات. لكن شهادة فورد فيما يخص مشاركة اليهود الفعالة المؤثرة الحاسمة أحيانا في صناعة رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية تؤكده الأخبار المنشورة المشهودة عن الانتخابات الدورية كل أربع سنوات. وسواء في مراحل الانتخاب أو بعدها فالرئيس الأمريكي في قبضة اليهود. وليست الضغوط السياسية المعلنة للوبي اليهودي إلا الجزء الظاهر البسيط للجهاز السياسي المالي الثقافي الإعلامي اليهودي المتحكم في العقول والرأي العام والقرارات، ومنها عقل الرئيس ورأيه وقراره.
قال كتاب فورد: "ولما كانت الانتخابات وحملاتها تصور دائما على أنها تسلية للشعب وإلهاء له، فإن ذوي السلطان يسمحون للشعب دائما بأن يظن وأن يعمل وكأنه هو حقا الذي يختار حكومته، بينما الحقيقة أن اليهود هم الرابحون دائما. وإذا حدث بعد انتخاب رجل أو جماعة أن شق الفائز والفائزون عصا الطاعة على السيطرة اليهودية فإننا سرعان ما نسمع بوجود "فضائح" و"تحقيقات" و"عقوبات". وكلها تهدف إلى التخلص من الفائز الذي عصى".[6]
وقال: "ومن المعروف تماما أن إدارة اليهود للحملات الانتخابية الأمريكية تُدار دائما بصورة بارعة، بحيث إذا فاز من فاز من المرشحين فإن الأدلة تكون متوافرة للطعن فيه في حالة اضطرار سادته اليهود إلى هذا الطعن. ولا ريبَ في أن إعداد هذه الأدلة جزء من الكمال الذي تتمتع به السيطرة اليهودية. وقد دُرِّب الشعب الأمريكي بالطبع تدريبا كافيا للزئير على السياسي أو الموظف العام فور أول نباح يصدر عليه من اليهود".[7]
في زمانه ومكانه كان فورد وأصدقاؤه يميزون بين النّباح اليهودي والزئير الأمريكي. أما في زماننا ومن خارج تلك الأسوار فلا تسمع إلا صوتا موحدا واحدا بعد أن طور اليهود صناعة الرأي العام، واندمج الفرع الخارجي للدولة اليهودية بالفرع الداخلي، واندمج الاقتصادان والسياستان والقراران والصناعتان والصوتان.
إن التحدي اليهودي للإسلام يتمثل في قدرة اليهود على تقمص الأجسام الجماعية للأمم. وهم بعد تقمص أمريكا في طريقهم إلى تقمص أوربا والعالم. فالتحدي أمامنا ليوم الفصال يوم "وعد الآخرة" ليس أن نحارب العالم بعد أن تكون الروح اليهودية قد استولت عليه، لكن التحدي في أن نقاتل اليهود وراء كل شجر وحجر قتال البأس بينما نستخلص من الروح اليهودية هذه الجسوم الجاهلية، ندفع شرها بخير الإسلام، ونذهب ظلمتها بنور الإسلام، ونُسكت نبَاحها لتسمع دعوة الإسلام. وربك سبحانه جل سلطانه قادر على أن تسلم أمريكا ويسمع من هنالك زئير أسد إسلامي. "وعد الآخرة" مقترن بوعد ظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون. والحمد لله رب العالمين