مشاهدة النسخة كاملة : في ذكرى ولادة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم



أشرف
17-03-2008, 09:19
باسم الله الرحمن الرحيم

في ذكرى ولادة سيد البشر محمد صلى الله عليه وسلم
الرسول .. نور الله الذي لاينطفئ

لقد حان الوعد الإلهي ، وأشرقت الأرض بنور ربها ، وفتحت السماء أبوابها بالرحمة ، وانقشعت سحب الظلام ، وتمزقت حجب الضلال ، وتهاوت وتكسرت أصنام الردى ببزوغ الشمس المحمدية البيضاء التي امتدت أنوارها لتشمل أرض المقدسات ومركز التوحيد أم القرى ومن حولها ، ولتطهر الأرض من دنس الكفر والجاهلية وتحطم أغلال الطغيان والوثنية ، وتعيد للإنسانية وترسم للأجيال حضارتها ، وتقيم الحق وتدحض الباطل ، وتروي الأرض بمنهل الفضائل والمكارم .

أرض الجزيرة تنذر بالإنفجار : لقد كان كل شيء في أرض الجزيرة قبل مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ينذر بالإنفجار والإنهيار وكل النفوس الظامئة للعدل والحرية كانت تهفو بانتظار المنقذ والمجي لها ، حيث كان قد دب الإنحطاط ، والتردي في كل مرافق الحياة الإجتماعية والعقائدية والسياسية والإقتصادية . فلم يكن لأهل مكة آنذاك كتاب سماوي يدينون به ولا قانون ودولة تحكمهم ولا حضارة أو مدينة تنظم شؤونهم ، بل كانوا قبائل بدوية ,اعرابا جاهليين ، استأثرت الحكم فيهم والتسلط عليهم طبقة ثرية مستبدة لاتعرف سوى منطق الغاب والكمع والظلم والإضطهاد وسحق حقوق الآخرين وحرياتهم ، فجعلت طبقات المجتمع الأخرى والدين كانوا من الفقراء المعدمين وطبقة العبيد تحت قدميها وأذلتهم أيما إذلال.
فأصبحت أرض مكة التي كانت أول بقعة مباركة على وجه الأرض نادى فيها للعبادة والتوحيد نبي الله إبراهيم عليه السلام وإبنه عليه السلام ، أصبحت مركزا للأوثان ومحلا لتوارد الفتن وشن الغارات والحروب واقتراف المآثم والجرائم من قبيل وأد البنات وقتل الأولاد خشية إملاق ، وقد تحدث القرآن الكريم بآياته الواضحة مشيرا إلى الحالات المأساوية التي كان يضج بها المجتمع المكي آنذاك ، شارحا أبعاد الكارثة الإقتصادية التي كان يلجأ من ورائها الكفار إلى قتل أولادهم ً ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ، نحن نرزقهم وإياكم ً سورة الإسرء 31 .
وحالة اللاأمن والخوف والفقر التي كانت تعيشه ربوع مكة : ً فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ً سورة قريش 4 ، ً هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ً سورة الجمعة 2 .

آية الله الكبرى :عندما يسمو الحق في حياة الإنسان ، وتحلله الفضائل وتزينه المواهب ، ويزهد في الدنيا قلبه وتعزف عن الباطل نفسه ، ويكون الخير دليله والصلاح سبيله ، عند ذاك لايستطيع أحد مهما كان مكابرا إنكار فضله ومنزلته والإنبهار بسمو أخلاقه . وهكذا كانت أخلاق منقذ الإنسانية وهاديها ، فقد كانت بعد ذاتها معجزة الله الكبرى في هذا الكون وآيته في الخلق ، فأي شخصية تلك التي أخذت بمجامع القلوب واستهوت النفوس حتى اعترف لها الأعداء قبل الأصدقاء ، وأي كمال ذاك الذي يقف عنده البيان ويرتج له اللسان ولا يحصى فضائله إلا خالقه وبارئه ن وكيف يتسنى لهذا القلم أن يحضر معالم الحمد في سطور وأن يحصر جمال الخلق وآيتهم في كلمات ضعيفة وأن يصف فضائل شخصية أثنى عليها العظيم سبحانه وتعالى ووصفها بأنها عظيمة ، فقال عز من قائل : ً وإنك لعلى خلق عظيم ً سورة ن 3 . وقد كان لاستقامته وسيرته وصدقه وأمانته أن لقبه الناس آنذاك بالصادق الأمين وهو إذاك لا يزال في ريعان شبابه ، وقد عرفت الأمة عنه حسن السيرة منذ صغره فلم يركن إلى لهو أو لغو أبداً ، وكان من أحسن الناس علماً وخلقاً وكان يختلي بنفسه في غار حراء منقطعا عن الناس متعبدا لله ذاكراً له ، فاجتمعت فيه جميع مؤهلات النبوة وعلائمها وجمع من كل الخصائص والفضائل ومما كانت لغيره من الرسل .

عظمة الرسول عليه السلام والرسالة : إن الله سبحانه وتعالى حين اصطفى الهادي البشير بأعظم رسالاته وأكملها ، فجعله سيد الرسل وخاتمهم وأفضلهم وأكرمهم ، وكرمه بمعجزة الإسلام الخالدة ، فإن في ذلك لبرهانا كبيراً على أن العظمة قد قرنت به فكان أهلا لها ، فكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رحمة الله للعالمين جميعا ، فكذلك رسالته ودينه وكتابه الذي جاء به وهو القرآن العظيم هو فوق كل الرسالات : ً هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ً سورة الفتح 28 ، وهو ميثاق الله ووحيه لكل زمان ومكان ً ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين ً سورة آل عمران 85 .
وهكذا بقي القرآن الكريم المعجزة الباهرة لرسول الإنسانية ، والناطق على مدى الدهور والأعمار لاتستنفذ أغراضه ولا تموت أهدافه وغاياته ، بل يشرق كل يوم وبأمر جديد وكأنه نزل بالأمس .









الأسوة الحسنة : لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو القرآن الناطق الذي يمشي على الأرض ، فكان قوله وفعله وتقريره سنة تقتدى ، وقد حض القرآن الكريم أتباعه على إتباع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والإقتداء بسنته ً لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ً سورة الأحزاب 21 . وها نحن نقتبس من هذه السيرة العطرة نفحات نستضيء بها ونهتدي بسناها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل الناس خَلْقا وخُلقا ، شديد الحياء والتواضع ، يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته ويسير في خدمة أهله بسيرة سرية ويحب الفقراء والمساكين ويجلس معهم ويعود مرضاهم ويشيع جنائزهم ولا يقهر فقيراً ، ويقبل المعذرة ولا يقابل أحدا بما يكره ويمشي مع الأرملة ويغضب لله تعالى ويرضى لرضاه ، ويعصب على بطنه الحجر من الجوع ، وقد أوتي مفاتيح الخزائن الأرضية وراودته الجبال بأن تكون له ذهبا فأبى ، وكان صلى الله عليه وسلم يبدأ من لقيه بالسلام ويطيل الصلاة ويكرم أهل الفضل ويمزح ولا يقول إلا حقاً يحبه الله تعالى ويرضاه .

حلمه وعفوه : اشتهر رسولا الإنسانية صلى الله عليه وسلم بحلمه واحتماله وعفوه عند المقدرة ، وهذا مما أدبه به ربه حيث قال سبحانه : ً خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ً
وأي قارئ يمسك في يده كتابا من كتب السنة أو كتب الفقه المستنبط من الكتاب والسنة ، فإنه سيجد الجزء الخاص بأمور المجتمع وواجباته ومعاملاته هو الجزء الأكبر .
وعن جرير بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ً من لايرحم الناس لايرحمه الله ً متفق عليه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نفس على مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه ً رواه مسلم .

وترى أن الجوانب الإجتماعية هي جوانب تعبدية كالصلاة والصيام والزكاة والحج وقراءة القرآن والذكر وقيام الليل ، بل بعضها يفوق في ثوابه كثيراً من أنواع التعبد المعتادة .
وتصوروا معي أن إلقاء السلام عبادة ، وعيادة المريض عبادة ، وزيارة الأخ في الله عبادة .... وأن تبسمك في وجه أخيك صدقة ،والكلمة الطيبة صدقة ، ومصافحة أخيك صدقة ، وأن مسح رأس اليتيم عبادة ، وصلة الرحم عبادة ، وبر الوالدين عبادة ، وإغاثة الملهوف عبادة ، وقضاء الحوائج عبادة ، ومساعدة المحتاج عبادة ، ولو أن تحمل معه شيئا يثقل عليه حمله .

والخلاصة أن كل حركة لصالح إنسان أو حيوان هي مأذون فيها شرعاً إذا فعلتها لوجه الله فهي عبادة ، فتستطيع أن تخرج من بيتك في الصباح وتعود عند العصر مثلاً وقد كتب لك جميع وقتك عبادة مع أنك لم تصل غير الظهر ولم تقرأ قرآنا ولم تذكر الله بلسانك ، أليست هذه سعادة وتجارة مع الله تعالى غفل عنها أكثر الناس وحرموا نفعها وآثارها ؟.
ليتهم يعلمون أن إمرأة دخلت النار في هرة حبستها فلم تطعمها ولم تتركها لتبحث عن رزقها بنفسها ، وأن أخرى دخلت الجنة – وكانت بغياً – بسبب كلب كان يلهث من شدة العطش فرحمته وسقته ، فغفر الله لها .. أليس الإنسان أولى بالرحمة؟؟
فيا ليت الذين يعيشون متوترين كلما رأوا إنساناً عاصياً وينهالون عليه بالسب والشتم ، والتكفير أو التفسيق ، ويوزعون الجنة والنار على عباد الله بغير علم ، يدركون أن فقدانهم للرحمة وانطوائهم على أنفسهم وعلى غرورهم وحمقهم وجهلهم هو أشد على أنفسهم هلاكا وأكثر لها تدميراً وأسوأ مآلا مما يظنونه بالآخرين . وصدق رسول الله عليه الصلاة والسلام إذ يقول : ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ) متفق عليه . ومعنى ً يفقهه ً يمكنه من معرفة الأحكام الشرعية معرفة دقيقة واعية جامعة ... والتفقه شيء غير التعلم ، فكم من متعلم لا فقه عنده ، والله أسأل أن يهدينا سواء السبيل .

krit01
17-03-2008, 10:49
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خيرا أخي الكريم

hassan_1677
16-02-2010, 15:38
اللهم صل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم

المداح
16-02-2010, 15:44
طلع البدر علينا،
اللهم صل على سيدنا محمد النبي و أزواجه أمهات المومنين و ذريته و أهل بيته كما صليت على آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد

أشرف
16-02-2010, 20:00
مشكور أخي المداح على إحياء الموضوع


اللهم صل على سيدنا محمد