المبشرون بالصهيونية !!!

**عادل محسن** · 08-04-2009, 00:34

المـبـشـرون بالـصـهـيـونـيـة

ما الذي أعطته غزة للمغرب؟
غزة منحتنا الكثير. أعطتنا الإحساس بأن الحياة قيم كبيرة وأهداف على قدر كبير من السمو، وصراع كبير للخير ضد الشر. غزة منحتنا درسا كبيرا بأن الشر يمكن أن ينتصر كثيرا على الخير، لكن الخير هو المنتصر دائما في قلوب الناس وضمائرهم.
في المغرب، أصبحت قضية فلسطين موضع مساومات كثيرة من طرف زواحف تريد أن تقنع الآخرين أن فلسطين قضية لا تهمنا، وأنه من الأولى أن ننشغل بأمورنا ونترك شؤون الآخرين للآخرين. هذه الدعوة بدأت محتشمة وأصحابها كانوا في البداية مثل حشرات عفنة، يخرجون قرونهم من جحورهم للاستشعار وجس النبض، ثم خرجوا إلى العلن وأصبحوا يتصرفون كأنهم الأصل، وكأن مشاعر باقي المغاربة هي الاستثناء. هؤلاء الذين يطلبون منا ألا نهتم بقضية فلسطين هم أنفسهم الذين يؤسسون جمعيات للصداقة مع الصهيونية، أي أنهم يتصادقون مع المجرم، ويطلبون منا ألا نتعاطف مع الضحية. إنهم متكلبنون على درجة كبيرة من الصفاقة.
مذبحة غزة أعادت الروح إلى شراييننا وكشفت من فينا الإنسان ومن فينا المتكلبن (مع الاعتذار مرة أخرى للكلاب الطبيعية). شباب مغاربة كثيرون اكتشفوا الهم الإنساني الواحد خلال مذبحة غزة وخرجوا إلى الشوارع يهتفون ضد الوحشية وللدفاع عن القيم الإنسانية. نساء في الثمانين عاندن شيخوختهن وخرجن يهتفن، ليس لفلسطين بالضبط، بل لقيم الخير ضد قيم الوحشية المطلقة. يهود مغاربة يحملون الهم الإنساني الحقيقي شتموا إسرائيل، ومغاربة مسلمون شتموا حماس. في جلدنا الصديق وفي جلدنا العدو.
رضّع مغاربة شاركوا في المظاهرات وهم في عرباتهم المجرورة، أطفال بكوا بحرقة احتجاجا على كل هذا النفاق العالمي، شباب البعثات الأجنبية تظاهروا جنبا إلى جنب مع شباب المدارس العمومية وهم يضعون كوفية فلسطينية على أعناقهم ويهتفون من أجل الإنسانية التي ذُبحت في غزة. يمين ويسار، عمال ورجال أعمال في مسيرات واحدة، أطفال يتعلمون تهجي الحروف في الحضانة حفظوا شعارات الإدانة لأنظمة عربية جبانة تواطأت على قتل الأطفال، تلاميذ المدارس خرجوا إلى الشوارع لأنهم اكتشفوا أن كل دروس العالم لا تساوي شيئا إذا لم تكن للإنسانية قيم تحميها.
هذه هي روح غزة التي زرعت في كل مكان في العالم قيما إنسانية جديدة وأخرجت المظاهرات في المغرب وإسبانيا والشيلي والمكسيك وجنوب إفريقيا وألمانيا والصين وأندونيسيا ونيجيريا واليابان. الإنسانية موجودة في كل مكان، والوحشية موجودة في مكان واحد فقط.. في إسرائيل.. وفي كلابها. اليوم، وبينما دماء أطفال وشيوخ غزة لم تجف بعد، وجثامين ضحايا المحرقة الصهيونية لم تبرد في قبورها بعد، بدأ متكلبنو إسرائيل يخرجون من جحورهم في المغرب ويؤسسون جمعيات الصداقة معها، لأنهم لا يملكون وقتا للصبر على هذا الحب الجارف مع أسوأ كيان على وجه الأرض، والغريب أنهم يسمونها جمعيات الصداقة الأمازيغية الإسرائيلية، ومن الصعب تصور درجة الخجل الذي يحس به ملايين الأمازيغيين الأحرار تجاه حفنة من مرتزقة الوهم ومصاصي الدماء. إنها جمعيات تشبه «جمعية كيف كيف» في شذوذها، الفرق الوحيد هو أن «كيف كيف» تروّج للشذوذ الجنسي، وجمعيات الصداقة مع الصهيونية تروج للشذوذ الإنساني. إنهم شواذ الإنسانية يقفون مع المجرم ويشتمون الضحية. هم مبشرون لمذهب عنصري وإجرامي اسمه الصهيونية ويتظاهرون بأنهم مغاربة مثل غيرهم...