مسرحية سفر العدم تاليف حامد الزبيدي

[محمد حسين سعيد بور]

سِفر العدم


حامد الزبيدي


مسرحية ذات فصل واحد
الشخوص هي ، هو ، هم .
المنظر: [في عمق فضاء المسرح ، جبل مغطا بالاشجار ، شلال كبير ، تسقط منه المياه ، وعلى جانبي الجبل ، شجرتان سماقتان ، تملاء الفضاء مرايات صغيرة ملونة مدورة ، تتدلى من الأعلى بخيوط غير مرئية ..موسيقى حالمة ، يتخللها صوت صداح عندليب وزقزقة طيور الحب وهدير مياه الشلال ]
هو وهي : [ يلتقيان صدفه ، كأن أحدهما يبحث عن الاخر ، يتعرفان على البعض، يتآلفان ]
هي: [ تشغل فضاء المسرح برقصه توحي من خلالها المرح المطلق ]
هو : [يجسد برقصته عمل كرسي ثم يسحبه بحبل وهم الى الوسط ]
هي : [ تجفل من اصوات اتية من بعيد لسرب كراكي مهاجر ..تمشي بخطوات مسرعة ..تصيخ السمع ، بيديها ، باذنيها ، بقدميها ..وبعينيها تعيش لحظة حزن من تلك الاصوات .. تجسد ما في اعماقها من آلم ..بقدميها وفخذيها ، وردفيها ..ضربات موسيقية ، تعبر عن ذلك الصراع ] حين تهاجر الكراكي لن تعود .
[تبوح ظفائرها اسرار الالم ..موسيقى تشبة الانين ..واضاءه صفراء اخذه بالذبول . تهد روحها التعبة ]
هو : [ ينتبه الى حزنها ..يداعبها بحركات جسده وإيماءاته ..تتموسق الاغصان والطيار والمياه .. وبنغمه شجية التعبير ..يجسد ما في اعماقه . يشرق الفضاء بفيض اخضر ] ان هذا العالم هذيان ..ونحن اكثر هذيانا ..فلم نتالم ؟
هي : [ تبرق عينيها بومضة أمل ..يبتسم وجهها الوضاء ..وبتعبير رشيق تصاحبه موسيقى صاخبة ..تجسد ، سلخ نفسها عن الحزن ، ثم تفجر ثورة الامل . بإيحاءات جسدها التي تخمد احتراق الالم وتنقلها الى عوالم السحر والخيال ]
تغني : الحلم المتوارث ..حلم بارد ..لا يدفئ صدري ..انه حلم عبثي ..وانا احلم ، احلم ، احلاما اخرى . [ ينطلق جسدها البوذي ، بإيماءات شبقية ..تقترب منه ..تفجر بركان الجسد الناري ..يحترق حطبا في موقد زرادشت ]
هو : [ يلتهب جسده برقصة ... يشع روح القداسة في الفضاء ويبعث النشوة في جسدها المثير ..يقتربان بلا حدود . يبتعدان . يطيران كفراشتين في الفضاء ]
هو وهي : [ يغنيان ] سنرحل الى هناك ..في تلك الجزر النائية ..البعيدة عن السماوات ..هناك فقط … سوف نخلق انسان اخر .
هي : [ تأخذه بغنج ..يجلس على الكرسي ..تعمده بماء ممارسة الحب ..تخبره بجسدها المتناغم وبالموسيقى المرهفة ] أنت السعادة يا أحلى الأحلام .
[تغير لون الرقصة ..برقصة تجسد ألف ليلة وليلة ]
هو : [يتغير وجدانه وينصهر كيانه ..يتحول إلى فارس او ملك او آله من آلهة بابل ]
هي : [ تسبح في بحر من نور مليء بالألوان الصاخبة ..تخلق له عالم ليس له وجود ..يتموج جسدها الرشيق وينساب مع الموسيقى البنفسجية ..هائمة بما اغدقتها عينيه السحرية وإيحاءات وجهه الفحولية ..تقفز الى السماء وترتقي النجوم نجمة نجمة من فرط السعادة المطلقة .
[تضحك نشوة . تضع انوثتها المثيرة بين يديها وتهمس همسات قاتلة غير مسموعة ]
هم : [ يظهرون من كل الأمكنة ..أشباه مسوخ ذوو وجوه مدورة ، مثلثة ، مستطيلة . تبرز منها انياب كناب الفيل . تقطر منها الدماء ... ولهم عيونا كعيون (الاركوص) تغطي عوراتهم جلود الثعالب يتكئون على رماح تشبه رقاص الساعة .
تتنافر الانغام . تطير الأطيار . ترتجف المياه . تنحني الاغصان وتخرس الاصوات الجميلة ..تنبثق اصوات غريبة مخيفة ، وتخيم في الفضاء سحابة حمراء .يزداد خليط الأصوات . وتقرع الطبول ]
هو: [ يقفز من الكرسي وبحركات لولبية ..يقترب منها ويؤدي طقس تعويذات الإنسان الآخر . يصارعهم بضراوةٍ . . ]
هي : [ تمده بما تملك في نفسها من قوة ]
هم : [ يلتفون من بعيد حولهما ويصرخون صراخا غريباً غير مألوف . يطوفون حولهما كالعبيد ] ودْ .. ودْ .. ودْ .
[هو وهي يتحولان إلى صنمين منحوتين ]
هم : [ يدورون ، يؤدون مناسكهم بقدسية ووحشية ] ودْ .. ودْ .. ودْ
[يؤدون حركات ايريتوكية بكل اعضاء اجسادهم ..يتعبون من الصراخ ..تخور قواهم من الشعوذة يتحركون ببطيء على صوت قطرات الماء الساقطة من الشلال ]
هو :[ يتحدث وكأنه صنم ، بلهجة معاتب ] غمست يدي بيد الموت في الدم ، نذراً ، ان لا نسمح له ان يقرر الفناء ويفنى.
هي : [ تتحدث وكأنها صنم ] ولكنه نكث الوعد ومات النذر .
هو : يا أنت انا ..الان مات .. ومات الان .
[من زاوية من زوايا الفضاء ، تسلط حزمة ضوئية زرقاء ..تظهر الاشجار والجبل والشلال وجها بشري يصرخ بقسوة ، مع ضربات موسيقية تنبثق من الفم الصارخ ]
هي : [ تغير نغمة صوتها ] انت يا انا ..يا قمر روحي ..ما عدت أتذكر ..هل ان الكائنات بدأت تتلاشى .
[من الأعلى تسلط حزم ضوئية ملونة على المرايات الملونة ]
هو : حين رأيت حقيقة الوجود ..في مرآة تذوي ، تتبخر ، تتلاشى ..اندثرت ذاكرتي ونستني الكائنات .
هي [ تقترب منه تقف أمام حاجز زجاجي من الوهم ، تسند راحتيها على الزجاج ] في لحظة ما كنا حقيقة ..فما نحن الان ؟
هو : الان لا مكان للحقيقة .. لأننا في سِفر العدم
هم : [ ينتفضون من جديد ويتوجهون نحوهما .. تصغر الدائرة، يعودان إلى صنمين] ودْ..ودْ..ودْ .
[ضربات متلاحقة في الموسيقى والإضاءة من جميع الزوايا والاتجاهات . صراخ قاسي من فم الشلال . أنين مريع من بين الاغصان الخاوية . صوت اهتزاز الكرسي الخالي ، الذي يتحرك الى الامام والى الخلف ]
موسيقى اغنية : سنرحل الى هناك ..
[الضياء يملئ الفضاء الخالي من هو وهي ، الشجرتان متكسرتان ، والكرسي المقلوب ]
هم : [ يدورون ببطء وينشدون ] ودْ ..ودْ..ودْ [ تتلاشى أصواتهم ويعم الصمت يختفون كلٌ باتجاهه والإضاءة تأخذ بالخفوت شيئا فشيئا ]
..موسيقى الحلم المتوارث .
[يتحول ما في الفضاء إلى أشباح مخيفة ]
موسيقى جنائزية ..

اظلام
13/11/4