يسوع الناصري

[محمد حسين سعيد بور]

ي قصة قصيرة حامد الزبيدي
يسوع الناصري
قصة قصيرة حامد الزبيدي
فوق الربوة الخضراء ،هبط نور بنفسجي من محيط أزرق عائم في العلياء ،تململ الذي رآه حلما أو هاجسا في أخيلته ،تأمل في وميض خطف طرفه ، كان يمشي ونهر ذات بريق ،بين بساتين كثيفة الأشجار ،نفر من مكانه على عجل وتبعه ،على الرغم من جريه السريع لم يحظ به قد غاب عنه في الأجمة ،لكن تحسسه ليس بعيدا عنه ،.
قال اليه هامسا برقة :إنك هنا قريب مني جيشوا هانوستري ، أراك في باطني كما يرى الصوفي ألأسياد في خلوته ،أنت قريب مني كما أنا قريب منك على الرغم من بعد الزمكان بيننا.
خطى بضع خطوات قصيرة ،حذرة كأن أبصره راسيا وراء شجرة عملاقة،ثم وقف عن قرب منها وجعل سقاها الغليظ حاجزا بينهما خيفة أن لا يجده ،.
قال اليه : حقيقة إنك غربة واغتراب قبل نفسك، كريح قوية تصطدم بصخرة عملاقة ولم تتحطم ،قد حاولت من يوم مولدك أن تكسر قيود الفزع وتحررهم من أصفاد العقاب ،وتكون كهالة نور بنفسجية في تلك الظلمة من رآها شعر بقداستها ،إلا إنهم صدوا عنك وانصرفوا عن نهجك القيم ،لم يتحرروا بعد من شهوة النفس الفاسدة ومن سياط الطبيعة المذللة لجلدهم بلا رحمة متى ما تشتهي أنفسهم للتطهير من أدران الرذيلة ،خيل إلي ،.
قالوا فيما بينهم :هل من وسيلة للخلاص من خطيئة أعمق من الزمن السحيق؟
ثم قالوا عنك ،بعيدا عن الوشاية :إنه لأمر محير ومريب ،.
ذلك قالوا عنك في الغيب ،يوم ما كنت فيهم هنا وهناك في اللحظة ذاتها وأنا أعرف إنك كنت جسرا معلقا بين المعقول واللامعقول في الغيب والشهادة ،.
ثم دنى من الشجرة أحتضنها وكأنه يشده إلى صدره بصمت وأطبق شفتيه على الساق يشم بشوق فيه ،أنتبه إلى نفسه، ساوره الشك بعدمه، ثم طاف حولها فلم يجده ،تمعن في الأجمة البعيدة ومن ثم من حوله ،وتبصر بألأفياء،والدروب الظليلة لعله يلمحه أو يراه وفي قرار نفسه كان موقنا ،إنه موجودا عن قرب منه.
قال اليه ،قال القدوس فيك :إنك الإنسان الأقرب مني ،.
إنك أفضيت بنبوتك أول مرة كنت فيها ، وفي أول نسمة ريح استنشقتها بأنفك ثم بينتها وجذع النخلة والماء والرطب ،وآمنت بالوصايا السبع والعشر ،وما تمسك أكثرهم بهما ،وفعلت ما تشتهي النفس من خير يوم السبت ومضى أعداءك إلى الجحيم زرافات ،يدخلونها يوما تترا ،أنت يا أنت كيان مستقل بلا شبيه خلقك وإنك من الحراس الطيبين ،تعرف نفسك أكثر مما يعرفونها،.
سكت فجأة وأشاح عينيه بعيدا وأصاخ إلى حفيف الشجر سمع صوتا يقول ،.
يا أيها القدوس ،لن أشهد إنها فعلت ،.
قال اليه : كما أن لا يحق لعبد فان أن يكون أبنا لملك سرمديا لا يفنى أبدا ،.
ثم تركه في الأجمة وحيدا وطار إلى السماء بأجنحة من نور ،. 15ـــ5ــ10