حزب النهضة طمأن العالم أنه سيحترم حقوق المرأة

[توفيق]

تونس والنهضة

الإدارة | أكتوبر 29، 2011 | التعليقات: 1

محمد صالح البدراني

تناقلت الأنباء أنَّ حزب النهضة طمأن العالم أنه سيحترم حقوق المرأة وشروط تداول السلطة، ولعمري فذاك أمر جدير بالنظر، ذلك لأننا لا ندري لماذا يجب أن نساير جهل الناس بالإسلام وانحراف مصطلحاتهم ووجهة نظرهم, التي لا ندري من أي ظلامية أخذوها, وعين الحقد التي لا تصدق الحقيقة.

لو تأمل الناس، لعفو أنفسهم من كلام الجهالة ووصفه، فالحركات الإسلامية هي حركات تتقاسم المرأة والرجل حراكها، بل تكاد الحركات الوحيدة التي تشارك النساء في مظاهراتها ونشاطاتها بشكل بارز بل تقود الرجال وتهتف أمامهم ليرددوا بعدها، ولا يستنكف رجال الحركة الإسلامية ونساءها أن يرددوا وراء طفل شعاراتهم.

ألم يأن الأوان أن يعدل الناس نظرتهم لتقترب من واقع الحركات الإسلامية بل الإسلام وتعاليمه، فالإسلام ليس دينًا مشابهًا لغيره ولا ينظر إلى الإنسان للونٍ أو جنس أو عرق وغيرها, بل يقيسه بفعله وكفاءته تفاعله مع بيئته, لأنَّ الإنسان منظومة مستقلة الكينونة, مسئولة عن أفعالها تتفاعل مع الآخرين لتشكل مجتمعًا متوافقًا على منهج يقود الواقع نحو الأفضل. وليس غريبًا أن يقبل الإسلاميون تداول السلطة فليس الإسلام أيدلوجيا منغلقة تفرض نفسها بل هو من قرر تكريم الإنسان ومنحه اختياره بأمر الله لا بفعل البشر، فإن كان الإسلاميون في الحكم ناجحون فهذا لأنهم مشوا على صراط مستقيم، وتعاملوا مع المدنية بقيادة فكرية ناضجة، أما أن لم تك أفكارهم ناضجة وفشلوا فليس الإسلام من يفشل وإنما هم ولا ينبغي للفشل أن يستمر ولابد من تنحي لإعادة الاستفادة من الأخطاء والعودة بشكل أكثر نضجًا.

الآن على الإسلاميين أن يثقوا بأنفسهم ولا ينظروا بأكثر من قبول الرأي الآخر لهؤلاء الذين يصدرون الأحكام يمنة ويسرى.

في عالمنا الذي يرزح تحت فاعليَّة منظومة تنمية التخلف، لابد من تسمية الأشياء والحذر من الانزلاق وراء الرغبات التي لم تك يومًا تقود لدرب صواب، حكم الأمة وقرارها في حكامها ليس ديمقراطية وإنما هو حق من حقوقها في نظام الشورى الإسلامي، لكن الشعب المسلم الذي يختار الإسلاميين فإنما لأنه يأمل أن يكون الإسلام فيهم، فإن كان الإسلام فيهم قادوا الأمة إلى بر الأمان، أما أن تلاعبت بهم الأهواء وغرتهم الكراسي والمناصب فلن يكون لهم من الإسلام إلا اسمه، ليس من دستور أم كمثل القرآن الذي ينتج كل الدساتير حسب أزمانها، وهذه الأخيرة تنتج القوانين وفق ترشيد للحياة المدنية التي هي بدورها تحمل نتاجنا ونتاج البشرية كلها مسلمين وغير مسلمين..

فإلى المحتسبين من سوء الظن، لا تهتموا لسوء الظن وإنما كونوا مع الله حقًا يكن معكم، لؤلئك الذين يجهلون الإسلام ويحكمون عليه، كونوا أكثر قدرة على توسيع إطلاعكم، وإذا كان الغرب يتصور أنه يدافع عن حقوق المرأة وبشكلٍ نراه نحن ممتهنًا لها، فإني كمسلم أتحدى الغرب أن يدرس النساء حقوقهن بالإسلام ولنرى كم امرأة ستقبل بنمط عيشها الحالي وكم امرأة سترى أنها ليست مغبونة الحقوق وأنها تعيش في مهانة[1]، لكن إن عذرت من يتكلم فذلك لأنه ينظر إلى واقعنا المتخلف المتخلي عن الإسلام وأخلاقه غالب الحال ويتصور أنه الإسلام وكم من الذين يقولون أنهم إسلاميون ولكنهم لا يفقهون من الإسلام أولياته للأسف. لكني أبقى على حقيقة ملموسة أن نساء المسلمين اليوم أكثر ثباتا بل هن مصابيح النور التي تضيء لرجالهن أبناء وأزواج وإخوة كلمات الله ومعاني الصمود والحراك في الدرب واليقين.

فيا حملة مشاعل الثورة والتغيير افهموا الإسلام صدقًا وكونوا كذلك تسير الدنيا في ركابكم نحو مغفرة من الله ورضوانه، وبحياة كريمة يسودها السلام والوئام وإعمار الأرض والقضاء على المجاعات والقتل والفتن، إن نجاح النهضة ليس بالنسبة التي استحصلتها وإنما بارتقائها لنسبة أعلى في الانتخابات التالية، فيا أيها الإسلاميون أحبوا أمتكم كلها ــ كما أنتم فعلاً ــ وامنحوا العلم لمن لا يعلمه بالفعل والإنتاج وتجاوزوا كثرة الشعارات وأعينوا الجاهل على غلبة جهله وسلبية عواطف اكتسبها على مدى عمره، ولا تتعجلوا الأمور لترضوا الجمهور فالقرآن لم ينزل مرة واحدة وإنما نزل تترًا، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

يا أمتي.. الإسلاميون أنتم وليسوا حملة أيدلوجيا استوردوها ليطبقوها عليكم، وليس الإسلاميون بوكلاء ولا أوصياء وإنما كيفما كنتم يول عليكم، وبأي نجد من النجدين سرتم سيرتم، وهذا الصراط لمن شاء اتبعه (وما أنت عليهم بوكيل).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] معاناة المرأة في الغرب أتت من خلال خلو المفهوم الأم من تعريف لها، ولم تخاطب المرأة مباشرة إلا بالقرآن الذي عالج أمرها بالنظام الاجتماعي الإسلامي وهو نظام خاص بالمرأة ومعاملاتها والأسرة والعائلة وعلاقاتها، ونظرة الغرب الموجبة للحديث عن حقوق المرأة ليس لها مكان أو حيثيات وجوب في مجتمع إسلامي صحيح، وسيرة الرسول صلى الله عليه وآله تشير بوضوح لأهمية المرأة وفاعليتها في القرار والتفاعل الاجتماعي والسياسي. فنظرة الغرب للإسلام تنطلق من نظرة متخلفة للمرأة من خلال أنوثتها وتأثير فرويد في تحليل النفسية، ومن خلال جهل مريع للإسلام، وهذا صحيح في كل احتجاجاتهم، حول الحكم والقوانين وغيرها كالتعامل مع المخالف أو سياسة الحياة والدولة.. لاحظ استعمار الغريزة للعقل.