النظام السوري وحرب "الاتصالات"

[عادل محسن]

النظام السوري وحرب "الاتصالات"

لقد طالت الثورة السورية وطال معها عذاب وشقاء الشعب السوري الأعزل، فها هو النظام السوري يوما بعد يوم يتفنن بكبت وقمع الشعب وبغض النظر عن معتقداتهم وألوانهم فهو اتخذ من سياسة الأرض المحروقة منهاجا لمواجهة الثورة وأينما حلت الثورة حل معها العقاب من قصف وقتل وحرمان من مقومات الحياة الأساسية.

ولعل من هذه المقومات "الاتصالات" والتي تشمل العديد من الخدمات التي ستشعر بقيمتها عندما تفقدها، فما بالك لو فقدتها في زمان الحرب، فاليوم يعيش أغلب الشعب السوري حياته من غير شيء يسمى اتصالات وعندما أقول اتصالات أعني الاتصال العادية والخليوي والرسائل والانترنت.

منذ زمن طويل أتعجب من عدم موافقة النظام على إعطاء رخص لشركات الهاتف المحمول للعمل في سوريا لكن اليوم زال هذا العجب لأن السبب صار واضحا للعيان وهو حرصه على إبقاء كل شي تحت سيطرته.

فالانترنت أصبح كالحلم يحلم برؤيته أهل المناطق الثائرة، وبالنسبة للأرياف لم تنعم بيوم من الأيام بهذه النعمة إلا عن طريق شبكات الهواتف المحمولة و تتميز بسوء خدماتها وغلائها والتي تنفرد بها شركات السيرتيل و الـ mtn اللتان هما ملك لرجال النظام وأما بالنسبة للمدن فمراقبته علنية ولا تستطيع دخول مقاهي الإنترنت إلا بالبطاقة الشخصية.

ويتخذ قطع الشبكات الخليوية عدة أشكال فالمناطق التي تخرج كليا من سيطرة النظام تقطع عنها التغطية بشكل كامل وتوقف كذلك الاتصالات السلكية (الأرضية) أما المناطق التي تخرج جزئيا عن سيطرته فيقطع عنها الإنترنت وتبقى شبكة الاتصالات المحمولة تعمل بشكل متقطع وضعيف وقد تقطع المكالمات الصوتية ويبقون الرسائل النصية فقط .

هذه الظاهرة لم تشمل مدينتي دمشق وحلب كونهما مهمتان جدا للنظام وهو بحاجة ماسة لاتصالات فيهما ولذلك أبقى عليهما.

واليوم تنتشر بكثرة أجهزة الاتصالات الفضائية في سورية والتي تشكل متنفسا للمقتدرين ماديا وكذلك للتنسيقيات والإعلاميين، فمثلا في ريف دير الزور تم قطع الاتصالات بشكل كامل منذ شهر رمضان وهذه ما سبب أزمة كبيرة لكل من المواطنين والثوار وهذا اضطرهم إلى اللجوء لبدائل عديدة وهي شراء هواتف الثريا والتي تصل تكلفته إلى 1000 دولار وهذا يستخدم في المكالمات والرسائل فقط وتستخدم التنسيقيات بعض أجهزت الانترنت الفضائي لرفع الفيديوهات وإيصال الأخبار إلى العالم الخارجي .

هذا بالنسبة للمقتدرين أمام الذين يعجزون عن تأمين مثل هذه الأجهزة فيلجئون إلى مناطق قريبة من الحدود العراقية، لأن تغطية الشركات الاتصالات العراقية تمتد نحو 30 كيلو متر داخل الأرضي السورية.

وللأسف يشكل قطع الاتصالات مصيبة كبيرة فهنالك الكثير ومن الناس الذين يخدم أبنائهم الخدمة الإلزامية ولم يعرفوا بمقتلهم إلا بعد شهور وحتى لو أراد أحدهم التدبير لانشقاق فمن المستحيل أن يتم ذلك من غير اتصالات .

وبلا شك أن للإنترنت والاتصالات الفضل الكبير في استمرار وتقدم الثورة وهي صلة الوصل التي تربط العالم الخارجي بالداخل السوري في ظل سياسة النظام الهادفة لعزل الثورة وكبتها دونما شعور أحد لكن هيهات هيهات فنحن لسنا في الثمانينيات عندما ثار السوريون وتم قمعهم والتنكيل بهم ولم يعرف العالم بهذه الثورة إلا بعد موتها.


الخميس 18 أكتوبر 2012
أحمد الصالح – سوريا