الحمداوي يصرح: الاعتقالات أمر خطير ويشوش على الخصوصية المغربية"

**منى** · 21-02-2008, 15:52

الحمداوي يصرح: الاعتقالات أمر خطير ويشوش على الخصوصية المغربية"

اعتقل صباح أمس كل من عبد الحفيظ السريتي، مراسل قناة المنار بالمغرب، وعبادلة ماء العينين، المكلف بملف الصحراء المغربية بحزب العدالة والتنمية، كما اعتقل مساء أول أمس كل من المصطفى المعتصم الأمين العام لحزب "البديل الحضاري" والدكتور محمد أمين الركالة، الناطق الرسمي لنفس الحزب ، ومحمد المرواني الأمين العام لحزب "الحركة من أجل الأمة " الذي كان يسعى مؤخرا إلى الحصول على ترخيص الحزب من وزارة الداخلية.
وأفادت مصادر مطلعة أن الشرطة القضائية شرعت في التحقيق أمس مع المعتقلين على خلفية اعتقال مجموعة متهمة بتكوين "شبكة إرهابية" لها صلة بالفكر الجهادي، وأكدت إحدى قريبات السريتي أن الذين اعتقلوه كانوا يتابعون تحركاته منذ أول أمس، وقاموا بحجز حاسوبه وبعض الأشرطة الخاصة متعلقة بعمله وكتبه، مؤكدة أن الذين اعتقلوه أخبروا أسرته أنه سيتم الاستماع إليه وسيعود.
ومن جانبها أوضحت زوجة الركالة أن هذا الأخير تلقى مكالمة هاتفية في حدود السابعة مساء من أحد المسؤولين بمدينة فاس وخرج من المنزل ليعود بعد مضي خمس دقائق رفقة عناصر من رجال الأمن بزي مدني، قاموا بتفتيش البيت لمدة أكثر من ساعة. وحجز حاسوبه وبعض الأوراق.
وقالت، في تصريح لـجريدة "التجديد" المغربية إنه لحد الآن لا نعرف ما الذي وقع فقد يكون لبس ما ، مؤكدة أن زوجها إنسان يعمل في الوضوح وليست لديه أسرار يخفيها"، أما أن يتم الحديث عن علاقته بالإرهاب فهذا وصف لا يقبله العقل و لا المنطق"، موضحة أنها سمعت بخبر اعتقال زوجها بالمذياع وهو ما يزال بالبيت رفقة رجال الأمن.
كما أن وكالة الأنباء أوردت خبر اعتقال المرواني على الساعة السادسة وخمسة وعشرين دقيقة، في حين أكد أحد المقربين منه أنه تم اعتقاله في حدود الساعة السابعة والنصف.
وأكد أحد المقربين من المعتصم أنه في تمام الساعة السادسة والنصف تم اعتقاله قرب محطة القطار (الرباط) إذ كان يهم بإيصال ابنته، وقد أخذ منه رجال الأمن مفاتيح سيارته وسلموها إلى زوجته التي كانت ترافقه، واقتيد إلى مخافر الشرطة للتحقيق. وتم إرجاعه ثانية إلى البيت، إذ قام رجال الأمن بتفتيش كامل له، واحتجزوا جهاز الكمبيوتر الخاص به وبعض الكتب والأقراص المدمجة (c.d) وهاتفه النقال.
ومن جهته دعا محمد حقيقي، رئيس المجلس الوطني لحزب الحركة من أجل الأمة، الجمعيات الحقوقية للتنديد بـ"الانتهاكات التي طالت هؤلاء" وبالمطالبة بالإفراح الفوري عنهم، موضحا أن المراوني يعاني من مرض الربو وقد تم اعتقاله دون أن يأخذ الدواء.
يذكر أن وكالة المغرب للانباء قالت إن مصالح الأمن تمكنت من "تفكيك شبكة إرهابية خطيرة ذات صلة بالفكر الجهادي," كانت تستعد لتنفيذ أعمال إرهابية بالتراب الوطني.مضيفة أنه قد مكن التحقيق المعمق من تحديد وإلقاء القبض على الأعضاء الرئيسيين النشيطين للشبكة حيث تم وضع23 منهم, ضمنهم زعيم الشبكة المدعو عبد القادر بليراج، رهن الاعتقال الاحتياطي.كما مكن التحقيق، الذي يتواصل تحت إشراف النيابة العامة المختصة، من تحديد فروع هذه الشبكة وارتباطاتها بمنظمات تنشط بالمغرب والخارج.

بيانات تنديدية:

وعلى إثر الاعتقالات التي تعرض لها هؤلاء الشخصيات بالتزامن أصدرت الأمانة العامة لحزب الأمة بيانا أكدت فيه رفضها للاعتقال التعسفي، وطالبت فيه السلطات "بالإفراج الفوري عن الأمين العام لحزب الأمة السيد محمد المرواني، ونحملها المسؤولية الكاملة عن التداعيات التي قد تترتب عن هذا الاعتقال على العمل السياسي والحزبي ببلادنا، كما دعت فيه جميع الهيئات السياسية والحقوقية والمدنية "للتنديد بهذا الحدث الخطير والعمل على الإفراج الفوري عن السيد الأمين العام للحزب محمد المرواني دفاعا عن قيم الحرية ودولة الحق والقانون".
من جانبها أصدرت الأمانة العامة لحزب البديل الحضاري بيانا، أدانت من خلاله الاعتقال، مؤكدا على "أن هذا الاعتقال تضييق على العاملين للدفع بانتقال ديمقراطي حقيقي ببلادنا"، كما ناشد الديمقراطيين والحقوقيين والهيئات السياسية والنقابية المدنية والإعلامية وفعاليات المجتمع "إعلان تضامنها لمواجهة هذه الهجمة ضد الديمقراطيين ومحاولة النيل منهم، والمطالبة بإطلاق سراحهما فورا".

تصريحات بعض الفعاليات المجتمعية والسياسية:

اعتبر فتح الله أرسلان(الناطق الرسمي بجماعة العدل والإحسان) بأن "الذي يعرف الإخوة محمد المرواني ومصطفى المعتصم والأمين الركالة، لا يمكن أن يصدق بأي حال من الأحوال، أن يتورطا الإخوان في أعمال عنف، بل هم الذين يعملون جاهدين على نبذ العنف، وتربية الشباب على نبذ العنف والابتعاد عنه"، وعلى ضوء ذلك اعتبر بأنه "لا يمكن أن نتلقى هذا الخبر إلا كما تلقاه سائر الفاعلين السياسيين، الذين لهم معرفة بالإخوة، بكل الاستغراب والاستهجان، وننتظر أن يتم الإفراج الفوري عنهم لأنهم بعيدين كل البعد عن مثل هذه الشبهات".
من جهته دعا سعد الدين العثماني(الأمين العام لحزب العدالة والتنمية) إلى تصحح الخطأ باعتقال كل هؤلاء الأشخاص، الذين قال عنهم أنهم "أشخاص معروفون، باتجاههم المعتدل والمنفتح، وكلاهما أعلن مواقفه الصريحة والقوية ضد كل أشكال العنف والإرهاب، وكلاهما قام بخطوات للإسهام والعمل في إطار المؤسسات في احترام لثوابت البلاد.
في حين ذهب مصطفى الرميد (نائب رئيس منتدى كرامة لحقوق الإنسان) أن الذي يجمع بين كل هؤلاء المعتقلين "هو مرحلة سابقة على 1996، لما كانوا في تنظيم يسمى الاختيار الإسلامي"، وهو ما يعني حسب الرميد أن هناك مآخذ عليهم على معطيات ومواقف وأنشطة لها علاقة بتلك الفترة، وعلى ضوء هذا المعطى اعتبر الرميد "أنه من المتأكد أن الموضوع ليس له علاقة بالمعطيات الحالية كملف الإرهاب أو شيء من هذا القبيل، ويصبح من الناحية السياسية بعد أن تفرقت بهؤلاء الإخوة الطرق، واتخذ كل واحد منهم سبيله السياسي، فمنهم من هو في البديل الحضاري أو في الحركة من أجل الأمة، أو التحق بحزب العدالة والتنمية، ومؤاخذتهم بمعطيات ووقائع قديمة قبل أن تفترق بهم السبل أعتبره خطأ سياسي بالنسبة إلي وبالنسبة لكل متتبع لهذا الملف".
أما محمد الحمداوي (رئيس حركة التوحيد والإصلاح) فقد عبر عن استغرابه لمثل هذه التصرفات وهذه الاعتقالات وهذا الإعلان عن تفكيك خلية، لأنه كما يضيف "فحزب البديل الحضاري مرخص له قانونا وشارك في الانتخابات، وحزب الأمة كان يسعى للحصول على الترخيص وأشخاصه ومؤتمراته علنية وتنشر في وسائل الإعلام ويشارك في العديد من الأنشطة"، وقد عبر الحمداوي عن أسفه الشديد من هذه الأحداث، لأنه كما يؤكد "في الوقت الذي نجد فيه أن مكونات الحركة الإسلامية تذهب في اتجاه المشاركة في المؤسسات يتم الإعلان عن اعتقال أحد رموزها بهذا الشكل خاصة أن يتم ربط هذا الاعتقال بخلايا إرهابية، مما يمكن القول إن هذه الاعتقالات هي أمر خطير وتؤثر على الخصوصية المغربية، خاصة أن المتتبعين في الخارج يؤكدون أن الحركة الإسلامية المغربية استطاعت التعايش والعمل في إطار المؤسسات".
وقد نبه الحمداوي إلى أن هؤلاء المعتقلين ليسوا مجهولين وأنهم شخصيات عمومية، "فإذا كانت أشياء لها علاقة بتحقيق تباشره السلطات فكان عليها استدعاؤهم دون اعتقالهم بهذا الشكل، والتحقيق معهم بشكل عادي في إطار القانون"، ولم يفت الحمداوي أن يرفض الطريقة التي تم بها التناول الإعلامي للموضوع سواء لوكالة المغرب العربي للأنباء والقناتين المغربية، حيث أعلنوا وكأنهم وجدوا تنظيما سريا، في حين أن هؤلاء ليسوا غرباء على المشهد السياسي المغربي.
وفي نفس الاتجاه عبر محمد مجاهد (الأمين العام لحزب الاشتراكي الموحد) عن مفاجأة حزبه بخبر اعتقال محمد المراوني ومصطفى المعتصم والأمين الركالة، وقال "نحن في وضع اندهاش واستغراب، خصوصا وأن هؤلاء زعماء أحزاب سياسية معروفة، ومواقفها معلنة، ومشاركة في العملية السياسية، ومواقف الحزبين تندرج ضمن المواقف الإصلاحية المتنورة، نحن فوجئنا بشكل كبير، ونتابع ومنشغلين بهذا الموضوع، خصوصا وأن الحزبين تربطنا بهم علاقات جيدة، إننا نستغرب بقلق شديد هذه التطورات، ونسبهما إلى "مجموعة إرهابية خطيرة" يثير استغرابا، لأن مواقف السلفية الجهادية معروفة بمواقفها المتطرفة، وهذين الحزبين تلتقي مواقفهما مع مواقف الأحزاب الديمقراطية التي تدفع في اتجاه التحديث والدمقرطة".
وهو نفس الموقف الذي عبر عنه امحمد الخليفة (عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال)، حيث صرح قائلا: "هذا أمر مفاجيء، ومفاجيء جدّا، أنا آخر مرة التقيت فيها مع مصطفى المعتصم كان بوزارة الداخلية، عندما كنّا نهيئ الظروف الملائمة لإجراء انتخابات 7 شتنبر 2007، كان حاضرا، وبالتالي فالاعتقال كوّن عندي هول المفاجأة، وأتمنى أن يكون في الأمر مجرد خطأ، لأنه يجب أن نقدّر كل تاريخ الشخصيات الثلاث ومسارها السياسي، والمحاولات الكبيرة جدا التي بدلتها من أجل العمل في واضحة النهار، وفي إطار احترام ثوابت الأمة ومقدساتها، ويجب أن نأخذ هذا بعين الاعتبار، وأتمنى أن يكون هذا البحث سريعا، وأن يسفر عن احترام حقوق الإنسان بكل ما في الكلمة من معنى".

التحليل:

وقد اعتبر محمد ضريف (أستاذ علم السياسة بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية) بأن الإعلان عن تفكيك الشبكة الأخيرة المتهمة بالإرهاب، يثير أكثر من علامة استفهام لخصها في أربع مستويات:
1 - لقد اعتدنا في السابق أن نقرأ بيانات صادرة عن السلطات تتحدث عن تفكيك خلايا متهمة بالإرهاب، وغالبا ما يكون الموقوفين مغمورين وغير معروفين، لكن اليوم نحن أمام أشخاص مرتبطين بالعمل السياسي، فلأول مرة يعتقل أمين عام حزب سياسي معترف به وشارك في الانتخابات، ويعتقل زعيم حركة إسلامية حوّلت نفسها إلى حزب سياسي".
2- نحن الآن أمام تحول في طبيعة ما تم الإعلان عنه وما دفعت به السلطات من اتهامات في تفكيك هذه الخلية، المسألة الثانية كل الخلايا السابقة كنا نتحدث عن أشخاص مرتبطين بشكل تنظيمي أو إيديولوجي بالقاعدة، ولكن لا أحد اليوم يستطيع أن يقول أن مصطفى المعتصم أو محمد المرواني أو الأمين الركالة أن هؤلاء الأشخاص مرتبطين بالتيار الجهادي، والمؤشرات المتوفرة تتحدث بتهم تتعلق بالارتباط بحزب الله، وهذه أول مرة نسمع بمثل هذا الإتهام، أكيد أنه كانت هناك توجهات لدى البديل الحضاري في علاقته بالتيار الشيعي، ولكن في المغرب يحظى حزب الله بدعم شعبي واسع، ولا أحد يمكن أن يعتبر حزب الله حزبا إرهابيا، وبالتالي القول أن هناك شبكة مرتبطة ب هذا الحزب تريد القيام بأعمال تخريبية غير مقنعة، لأن حزب الله عمليا وإستراتيجيته تتنافى مع هذا التوجه.
3- أن الاعتقالات طالت رموز تعبيرات إسلامية معروفة بانفتاحها، وقربها من اليسار والكل يعرف العلاقة الوطيدة بين الأحزاب اليسارية والحركة من أجل الأمة والبديل الحضاري، وهؤلاء الأشخاص يمثلون رموز جسر التواصل بين الإسلاميين والقوى الديمقراطية اليسارية في المغرب.
وفي الختام اعتبر ظريف بأن تفكيك هذه الخلية الأخيرة يختلف اختلافا جذريا عن ما سبقه، وأن الأمر سيكون له تداعيات سواء ثبتت الاتهامات أو لم تثبت، لأنه كما يقول: "علينا من اليوم أن نتعود على بعض الأصوات التي ترتفع للمطالبة بإعادة النظر في علاقة السلطة بالأحزاب الإسلامية، وهذه الأصوات معروفة سلفا بموقفها الذي لا تميز بين المعتدلين والمتطرفين من الإسلاميين".
وختم ظريف قائلا "هناك الآن تخوفات من أن توظف هذه التطورات في نهج سياسة جديدة تقطع مع سياسة الانفتاح التي اتبعتها السلطة تجاه مكونات التيار الإسلامي، خاصة وأنه منذ اعتداءات 16 ماي 2003 حاولت السلطات أن تطبع علاقتها مع التيار الإسلامي لمواجهة التطرف الديني بشكل عام".