بسم الله الرحمن الرحيم
رسالة مولاي العربي الدرقاوي رحمه الله
في بيان عظيم فضل عمل النساء في خدمة بيوتهن وأولادهن وأزواجهن، والحث على العمل عن علم والنهي عن التكلف:


ومنها: فالله تعالى قد أسقط عن الحائض والنفساء الصلاة التي هي من فرائضه على عباده فكيف بدونها؟ فالنساء يتركن ما لا يعنيهن و يقمن بما فرض الله عليهن، ولا يعملن من النوافل إلا ما عليه قدرن، فإنهن يسعدن -إن شاء الله- ولا يشقين، ولا يتكلفن لأنهن يطحن ويغربلن، ويفتلن، ويعجن، ويطيبن، ويربطن، ويطلقن، ويكنسن، ويسقين، ويخيطن، ويغزلن، ويحلبن، ويمخضن، ويحملن أولادهن، ويربينهم، هذه كلها أعمال كبيرة ومجاهدة شهيرة، فلا يحتجن معها إلا إلى الصلاة والصوم وما فرض الله كالزكاة لمن كمل نصابها،
أو الحج إن استطاعت. وكذلك الرجال إن كانوا مشتغلين بما يعنيهم على طاعة ربهم، فلا نحب من يتكلف منهم، إذ قال صلى الله عليه و سلم: "أنا و أتقياء أمتي برآء من التكلف"، وقال صلى الله عليه و سلم: "ما دخل الرفق في قلب إلا زانه"، والرفق يدوم لصاحبه كما علمت.

واعلم أن الإنسان لا ينتفع إلا بالعمل الذي بالعلم، وأما العمل الذي يعمله بلا علم فلا ينتفع به، فقد قال شيخ شيوخنا سيدي العربي بن عبد الله لشيخنا سيدي علي رضي الله عنهما: حالتك هذه - وقد كانت حالة التجريد - اجتمع لك فيها الظهور والخفاء، و ما ذكرت لك هذا إلا لتنتفع به، انتهى.

فكذلك نحن -يا أخي- ما ذكرت لك ما ذكرت من أمر النسوة إلا لتخبرهن بعملهن الذي لم يعلمن لأن كثيرهن لا يحسبنه عملا وهو والله من أكبر الأعمال، يمحو الله به السيئات، ويرفع به الدرجات، فأخبرهن به لينهضن إليه ولا يسخطنه وهو عند الله عظيم.