[frame="4 80"]"لقد فضِّلت خديجة على نساء أمتي كما فضِّلت مريم على نساء العالمين "حديث شريف
"والله ما أبدلني الله خيراً منها قد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدَّقتني إذ كذبني الناس ، وواستني بمالها إذ حرمنـي الناس ورزقني الله أولادها وحرمني أولاد الناس"حديث شريف
[align=justify]هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية
كانت تدعى قبل البعثة الطاهرة.
وهي أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم، وأول من آمن به وهي التي آزرته وصدقته عندما كذبته قريش وعادته.
روى الإمام البخاري في صحيحه وغيره عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنه عندما رجع رسول الله صلى الله وسلم أول ما أوحي إليه من غار حراء (فدخل على خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- فقال: زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع، فقال لخديجة وأخبرها الخبر: لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق. فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد - ابن عم خديجة- وكان امرأ تنصر في الجاهلية فقالت له خديجة: يا ابن عم اسمع من ابن أخيك. فقال لها: يا ابن أخي ماذا ترى؟ فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى (أي في الغار). فقال ورقة: هذا الناموس الذي نزل الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا، ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: أو مخرجي هم؟ قال نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا) .
ولنسمع من المصطفى صلى الله عليه وسلم كيف كانت زوجته خديجة في نصرته ونصرة دين الله قال صلى الله عليه وسلم: (آمنت إذ كفر الناس وصدقتني إذ كذبني الناس وواستني بمالها إذ حرمني الناس).
(فكانت أول من آمن بالله ورسوله، وصدق بما جاء به فخفف الله بذلك عن الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لا يسمع شيئا يكرهه من الرد عليه فيرجع إليها إلا تثبته وتهون عليه أمر الناس).
تزوجها رسول الله في أول شبابه وكان عمره خمسا وعشرين سنة وعمرها أربعين وعاشت مع الرسول خمسا وعشرين سنة ورزقت منه ابنين وأربع بنات هما القاسم، عبد الله، زينب، رقية، أم كلثوم، فاطمة. وأتى جبريل عليه السلام رسول الله فقال: هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الجنة من نصب لا صخب فيه ولا نصب.
فلما جاءت خديجة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها:إن الله يقرأ على خديجة السلام. قالت: خديجة بنت خويلد إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام.
توفيت بمكة المكرمة قبل الهجرة بثلاث سنين بعد أن بلغت من العمر خمسة وستين عاما. فقد كانت- رضي الله عنها- مثالا عظيما للزوجة الصالحة المؤمنة.[/align]
[align=center]«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»ليس العبرة بمن سبق لكن العبرة بمن صدق«®°·.¸.•°°·.¸¸.•°°·.¸.•°®»[/align][/frame]
فاطمة الزهراء : سيدة نساء العالمين
[frame="7 80"]هي فاطمة بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم القرشية. أبوها رسول الله صلى الله عليه وسلم وخاتم الأنبياء والمرسلين ووالدتها خديجة بنت خويلد بن أسد القرشية، ولقبها الزهراء والبتول، والصديقة والمباركة والطاهرة والراضية والمرضية وكنيتها أم الحسن وأم الحسين، وكان يطلق عليها أم النبي صلى الله عليه وسلم، أو أم أبيها لأنها عاشت مع والدها الرسول عليه السلام بعد موت والدتها تراعي أمره وتشد من أزره، وزوجها هو أمير المؤمنين وفارس الإسلام علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي كرّم الله وجهه، وابناها هما الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة رضوان الله عليهم أجمعين.
ولدت السيدة فاطمة في مكة المكرمة قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، وكانت أصغر أخواتها بعد زينب ورقية وأم كلثوم، ولما بلغت الخامسة من عمرها بُعث والدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتفتحت عيناها على الإسلام، وشاهدت بداياته الأولى وانتشاره بين قومها رويداً رويداً، وكانت تتبع أباها أحياناً وهو يسعى إلى أندية قريش ومحافلها يبشر بالإسلام ويدعو له وترى ما يلقاه من ظلمهم وأذاهم الشيء الكثير. وشهدت مع أسرتها من بني هاشم الحصار الذي فرضته عليهم قريش في شعب أبي طالب ودام ثلاث سنين ولحقها فيه معهم من التعب والمشقة ما أثر على نفسيتها وطاقتها في مستقبل الأيام، كذلك كان لموت والدتها السيدة خديجة وقع بالغ عليها، وكان عمرها لا يتجاوز الخامسة عشرة، فاشتدت المصائب عليها وبلغت ذروتها، الأمر الذي صقلها وزادها نضجاً وتجربة، نشأت السيدة فاطمة وتربت في بيت النبوة، فتشرّبت من جوّه الروحاني وعبقه الإيماني ما جعلها تتحلى بالأخلاق الحميدة الفاضلة والعادات الطيبة الحسنة، وشهدت بعد وفاة والدتها رحمها الله، زواج والدها الرسول عليه السلام من السيدة سودة بنت زمعة، التي احتضنتها مع أخواتها بكل حب وحنان، ولما بلغت الثامنة عشر من عمرها، هاجرت مع أختها أم كلثوم والسيدة سودة إلى المدينة المنورة، وهناك استقر بها المقام في بيت النبوة الجديد، بجوار المسجد النبوي الشريف، وفي أواخر السنة الثانية للهجرة، وكان عمرها نحو عشرين عاماً خطبها أبو بكر الصديق، ثم عمر بن الخطاب، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّهما بلطف وقال لكل منهما : انتظر القضاء.
ثم خطبها ابن عمها علي بن أبي طالب، فتهلل له وجه النبي صلى الله عليه وسلم ووافق على زواجهما، وكان مهرها أربعمائة وثمانين درهماً، فأوصى النبي علياً أن يجعل ثلثيهما في الطيب وثلثهما في المتاع، وخصص لهما الرسول حجرة خلف بيت السيدة عائشة من جهة الشمال مقابل باب جبريل، وكان فيه خوخة على بيت النبي عليه السلام يطل منها عليهما، فجهزها والدها عليه السلام وزوجها علي بجهاز متواضع، حيث فرشها بالرمل الناعم، وفيه من الأثاث: فراش ووسائد حشوها ليف، وجلد شاة للجلوس عليه، ورحى يد، ومنخلاً، ومنشفة، وقدحاً، وقربة صغيرة لتبريد الماء وحصيراً، وقد اتخذت لها في بيتها محراباً لصلاتها وتهجدها، وعاشت رضي الله عنها في بيتها الجديد حياة بسيطة متواضعة، ليس لها خادم يخدمها، وتعمل بيديها كافة شؤون بيتها، فتطحن وتعجن، وتخدم بيتها وزوجها، وتهتم بتربية أولادها وتنشئتهم، وظلت السيدة فاطمة الزوجة الوحيدة لعلي بن أبي طالب طيلة حياتها ولم يتزوج عليها زوجة أخرى، وولدت له الحسن والحسين وأم كلثوم وزينب، وفي رواية: ومحسن ومات صغيراً، وكان لها رضي الله عنها مشاركات في أحداث المسلمين العامة مثل: حضور الحرب، وبيعة النساء، والمباهلة مع وفد نصارى نجران، وكانت تجاذب أباها وزوجها الشؤون الخارجية للمسلمين. وهي رضي الله عنها البضعة الطاهرة المباركة والأبنة البارة والزوجة المخلصة المتفانية والأم الرؤوم الحانية، والمجاهدة الصابرة والنموذج العالي للمرأة المسلمة، وكانت صوّامة قوامة تكثر من قراءة القرآن الكريم وتديم الذكر، وتهتم بأمر المسلمين وأحوالهم. وقد ورد في فضلها عدّة أحاديث نبوية شريفة، منها ما رواه أبو هريرة وغيره من الصحابة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير نساء العالمين أربع : مريم ابنة عمران، وآسية امرأة فرعون، وخديجة وفاطمة، وعن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر فاطمة رضي الله عنها أنها سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة، وعنها أيضاً أنها قالت: ما رأيت أحداً أفضل من فاطمة غير أبيها، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما فاطمة بضعة مني) وكانت رضي الله عنها أشبه الناس به عليه السلام، وكان عليه السلام إذا رجع من سفرٍ أو غزاة بدأ بالمسجد فصلّى فيه، ثم أتى بيت فاطمة فسلّم عليها، ثم يأتي أزواجه، وللسيدة فاطمة ذكر في كتب الحديث فقد روت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر حديثاً، وروى لها الترمذي وابن ماجه وأبو داود، وروى عنها زوجها علي وابناها الحسن والحسين وعائشة أم المؤمنين رضوان الله عليهم، وآخرون.
شهدت مع والدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر وفتح مكة وأقامت فيها بضعة شهور ثم عادت إلى المدينة، كما شهدت معه عليه السلام حجة الوداع حيث لم يلبث بعدها طويلاً حتى داهمه المرض عليه السلام، ولما اشتد المرض عليه جعلت تقول: واكرب أباه، فقال لها النبي (ليس على أبيك كرب بعد اليوم) فلما توفي عليه السلام اشتد عليها الحزن وعظمت المصيبة وأخذت تقول: (يا أبتاه، أجاب رباً دعاه، يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه)، ووقفت يوماً على قبر النبي عليه السلام وأخذت قبضة من تراب القبر فوضعتها على عينيها وبكت وأنشأت تقول:
ماذا على من شمّ تربة أحمد --- أن لا يشّم مدى الزمان غواليا
صُبّت عليّ مصائب لو أنها --- صُبّت على الأيام صرن لياليا
ولما تولى الخلافة أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقع بينها وبينه خلاف حين طلبت أن يورثها ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها أرض (فدك ـ وهي قرية من قرى المدينة ـ وكان للنبي نصفها) فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا نورّث، ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من المال، وإني والله لا أغير شيئاً من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأعملن فيها بما عمل، فإني أخشى إن تركت شيئاً من أمره أن أزيغ.
ولم تعمر السيدة فاطمة بعد وفاة والدها عليه السلام طويلاً، حيث روي عن الفترة التي عاشتها بعده عدّة روايات، وأصحها أنها عاشت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، وقد توفيت رحمها الله في شهر رمضان من السنة (11) للهجرة، وهي ابنة تسع وعشرين سنة، أو نحوها، ودفنت في البقيع (على أغلب الروايات) رحمها الله ورضي عنها. [/frame]