[frame="3 75"]الوصايا العشـــر للمرابطين السوريين

بقلم عامر البوسالمة

إخوتـــي وأهلي، أبنـــاء ســـورية الكرام، لســـت أهـــا لنصحكم،
وأنتـــم على الثغـــور ترابطون، وفـــي المعمعة الكبـــرى صابرون،
تحتســـبون أمركـــم هلل تعالى، وتثبتـــون - في التفاصيـــل كلها -
أنكـــم أبطال، بكل مـــا تحمل الكلمـــة من معنى، وكفـــى ببارقة
البراميـــل المتفجـــرة، فـــوق رؤوســـكم فتنـــة، صامـــدون وأنتم
تدافعـــون عن القيم والعـــرض والوطن والمـــال والبيضة، ثابتون
علـــى الـــدرب، تطالبـــون بالعدل الـــذي هـــو جماع الحســـنات،
وتقاومـــون الظلم الذي هو جماع الســـيئات، بـــل أنتم – لمن فهم
المشـــروع بأبعـــاده الصحيحـــة – تدافعون عن األمـــة، وتتصدون
لمشـــروع أكلها.
وعلـــى الرغـــم من كل هـــذا، وعلـــى الرغم من ضعفـــي وعجزي
أمـــام قوتكـــم وفدائكـــم، ال بـــد من تذكيـــر ونصـــح، وال بد من
وصايا؛ »الديـــن النصيحة«.
وهذه الوصايا العشر، أجملها بما يأتي:
1- من قاتل لتكون كلمة اهلل هي العليا، فهو في سبيل اهلل:
أذكركـــم باإلخـــاص هلل تعالـــى، وأنكـــم تعملـــون مـــا تعملون
لرضـــوان اهلل تعالـــى وطاعته، فـــاهلل غايتنا، فهل هناك أســـمى
مـــن هذه الغايـــة، وأرقـــى منها.
»وما أمـــروا إال ليعبـــدوا اهلل مخلصين لـــه الدين حنفـــاء ويقيموا
الصـــاة ويؤتوا الـــزكاة وذلك ديـــن القيمة«.
فـــا يلعب بك الشـــيطان، ويدفعك باتجاه تضخم الذات، وعشـــق
النفـــس، والـــدوران في فلـــك عبودية شـــخصك الكريـــم، فهذه
مزلـــة قـــدم، تظهر بصور شـــتى، وألـــوان مختلفة، وهنا تخســـر
دنيـــاك وآخرتك، ومـــن تواضع هلل رفعـــه اهلل، والكبـــر باب خراب
البيوت.
واعلمـــوا أن النصـــر مقرون بطاعـــة اهلل تعالـــى: »إن تنصروا اهلل
ينصركم ويثبـــت أقدامكم«.
2- الحـــذر من تكفيـــر المؤمن المعيـــن، حتى تتحقق الشـــروط،
وتنتفـــي الموانع، ذلـــك أن التكفير كبيـــرة من الكبائـــر، وكارثة
من الكـــوارث؛ لما يترتـــب على قضيـــة التكفير من أخطـــار، وما
ينتـــج عنه مـــن تداعيات، »ومـــن قال ألخيـــه: يا كافـــر، فقد باء
بهـــا أحدهما«. هـــذا في الفـــرد، ومن بـــاب أولى أن يكـــون هذا
منســـحبا على الجماعـــات والتجمعـــات والمجتمعات، فاالســـتهانة
بقضيـــة التكفير مـــن غير تثبت انتشـــرت هـــذه األيام انتشـــارا
مذهـــا، بفعل الجهـــل والحماقة، حتى صار مرتكـــب الكبيرة، بله
الصغيـــرة، يكفر ويخرج من الملـــة، لدى فئة من النـــاس، فالحذر
الحـــذر، فاألمر فظيع، وهو مســـؤولية جســـيمة أمـــام اهلل تعالى.
3- هنـــاك ثقافة غريبة عـــن بلدنا وتراثه، أال وهـــي ثقافة الغلو،
التـــي يرفضهـــا ديننا، مـــن خالل الفهم الســـليم، فالدين يســـر،
ولن يشـــاد هذا الديـــن أحد إال غلبـــه، »ما خير رســـول اهلل صلى
اهلل عليـــه وســـلم بيـــن أمرين قط إال أخذ أيســـرهما مـــا لم يكن
إثمـــا، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه«، فيســـروا وال تعســـروا،
وبشـــروا وال تنفـــروا، ونريد أن تعكـــس الثورة، ثقافـــة الحضارة
اإلســـامية بأبعادها كلها.
4- حرمة الدم، وعدم االستهانة بشأن الدماء:
األصل في اإلنسان، أنه معصوم الدم، وال يجوز أن نخرجه عن هذا
األصل، إال بسبب شرعي واضح بين، وسمعنا في مجال االستهانة
بالدم ما يندى له الجبين، وتقشعر منه األبدان، من قطع للرؤوس
بغير حق، وتفنن بالقتل بال ضوابط، من هنا لزم التنبيه إلى خطورة
هذا األمر، ولفت األنظار إلى مأساة ركوب هذا المركب.
قـال تعالـى: »ومـن يقتـل مؤمنـا متعمـدا فجـزاؤه جهنم خالـدا فيها
وغضـب اهلل عليـه ولعنـه وأعـد لـه عذابا عظيمـا« ]النسـاء: 93[.
فاألمـــر جد خطير، واليزال المســـلم في فســـحة مـــن دينه، مالم
يصب دمـــا حراما.
5- التعصب، شـــر كله، وال يأتي إال بالســـوء، فإيـــاك من التعصب
لفكرة، أو حزب، أو جماعة، أو فئة، أو مذهب، أو اجتهاد، أو مدرســـة
أو شـــيخ، أو نســـب، وتحرر من عصبيات المنطقـــة واإلقليم، وكن
على مســـتوى هموم األمـــة؛ »ليس منا من دعا إلـــى عصبية«.
ليـس العيـب فـي االنتمـاء، ولكـن المصيبـة تكمـن في التعصـب له.
ومن العصبيـــة، تصنيف النـــاس، بطرائق األذية لهم، وتقســـيم
الناس إلى فئـــات بالعصبية العميـــاء، أو الفكر المعـــوج، بل يجب
أن نســـعى إلـــى التوافقية في الفكر والسياســـة، ضمـــن ثوابتنا،
وأساسيات منهجنا.
كمـــا أن مـــن العصبيـــة، تعميـــم الحكم علـــى األســـر والقبائل
والجماعات، بســـبب أخطـــاء بعضهم؛ »وال تـــزر وازرة وزر أخرى«.
6- الثـــورة ثورة شـــعب، بألـــوان حراكـــه كلها، وكانت المســـاجد
الموئـــل األول للثـــورة، ومقر انطالقهـــا، وتعاون معهـــا القاصي
والدانـــي، ومنهـــم الظالم لنفســـه، ومنهـــم المقتصـــد، ومنهم
الســـابق بالخيـــرات، فكن بهم رفيقـــا، وكن لهم عونـــا، وكن لهم
ناصحا، ويجـــب الصبر علـــى ضعيفهم، وال نعين الشـــيطان على
من حـــاد عن طريـــق الرحمن، بل نفعـــل العكس، فـــإن هذا من
لـــوازم المضي فـــي الطريق، والناجح من اســـتوعب، ال من صنف،
فالتصنيـــف يجيـــده كل أحـــد، أما اســـتيعاب الجماهيـــر، فيحتاج
إلـــى أولي العـــزم من الرجـــال، بعيدا عـــن التخوين والتفســـيق.
7- ال يمكـــن للعمـــل أن ينجـــح إال إذا تكاملت أجنحته، عســـكريا
وسياســـيا وإغاثيا ومدنيا، وداخـــا وخارجا، بـــروح المحبة، والنظر
إلـــى المصلحـــة العليـــا للبلـــد، ومن األخطـــاء حدوث تلـــك اللغة
الســـائدة، في االقصـــاء والتهميش.
ومن صـــور التكامـــل، ضـــرورة التعاون مـــع العلماء، والمشـــايخ
والدعـــاة؛ فالعلمـــاء ورثـــة األنبيـــاء، وعلـــى العلمـــاء أن يكونوا
إيجابييـــن مـــع إخوانهم، متعاونيـــن معهم، في الرأي والمشـــورة
والفتـــوى والتعليـــم والتربيـــة، وتوجيـــه المســـار، وإغـــاق باب
الجهـــل، وترشـــيد العمل إلـــى الخير ومـــا فيـــه المصلحة.
8- »خـــذوا حذركم« الحـــذر من االختراق األمنـــي، والغزو الفكري،
والتجســـس المريـــع، والشـــائعات الفظيعـــة، والحرب النفســـية
المعقـــدة، وال يغرنـــك لحـــن الخطاب وجمالـــه، فالعالـــم كله له
مصالح في الشـــأن الســـوري، وهـــو يتابعكم، ويرصـــد حراككم،
مـــع وجوب تقديم حســـن الظـــن مع البحـــث والتحقـــق والتحري؛
»فلســـت خبا، وال الخـــب يخدعني«.
9- وحدة الصـــف، واجتماع الكلمة، واجب شـــرعي، وحاجة واقعية،
وضرورة سياسية.
الشـــرذمة مصيبة، وتبعثر الجهود ضياع، والفرقة شـــر، وطريقها
الخســـران المبيـــن؛ فيجـــب العمل على هـــذا من خـــال برنامج،
يحقـــق المقصـــود بالوســـائل الموصلـــة إلى هـــذا، ومـــا ال يتم
الواجـــب إال به فهـــو واجب.
الثـــورة بحاجة ماســـة إلى العمـــل الجماعـــي، والمـــخ المركزي،
والتفكيـــر الشـــامل، وال يكون هـــذا إال بمـــا ذكرنا.
من هنـــا تأتـــي أهميـــة التخطيـــط، وحســـن التدبيـــر، والعمل
المؤسســـي، فالعمل الفـــردي، والفوضـــى التي أنتجتـــه، والعبث
الـــذي خلفـــه، آن لنا أن نغيـــره، فنصنـــع برنامجا جديـــدا، باتجاه
عمـــل يعتمد أحـــدث مناهـــج اإلدارة، وطرائق المحاســـبة، فديننا
علمنـــا النظـــام، ودعانا إلـــى تنظيم شـــؤوننا، في أمورنـــا كلها؛
»وتعاونـــوا على البر والتقـــوى وال تعاونوا على اإلثـــم والعدوان«.
تآلفـــوا فيما بينكم، وأحبـــوا بعضكم وتآثروا، وتفقدوا المســـاكين
واألرامـــل واأليتام، وإياكم واألثـــرة، فإنها من أكبـــر البالء؛ »واهلل
فـــي عون العبد، مـــا دام العبد في عـــون أخيه«.
10 – المـــال فتنـــة، ومدخل مـــن مداخـــل الشـــيطان، وباب من
أبواب الهلكة، والســـعيد مـــن تحرى الحالل، ولم يقـــع في الحرام،
واحذروا تجار الحـــروب، والمروجين لكذبهم بالفتـــات الغيرة على
الدم، فهؤالء لصـــوص الثورة، وشـــاربوا دم أبنائها
[/frame]