بقلم الدكتور / محسن العبيدي صفار




دخل الرئيس بخطى مسرعة ووجد السكرتير الخاص بانتظاره
- فخامة الرئيس صباح الخير
اجابه الرئيس على عجل:
- بلا فخامة بلا بطيخ اعطيني تقريرك بسرعة حول ضحايا الفيضان .

- عدد الضحايا الدقيق غير معروف حاليا ولكننا نقدر العدد بالاف القتلى والمشردين .
- لاحول ولاقوه الا بالله واين تم اسكان المشردين؟
- في خيام نصبت في العراء.
احمر وجه الرئيس غضبا وقال بصوت مرتفع :
- عراء؟ اي عراء ؟واي خيام؟ انت معتوه ؟ لو كانوا اهلك كنت رضيت يسكنوا في خيمة ؟ هؤلاء ابناء بلدنا وفي محنة ليسوا شحاذين ولاينتظرون منا صدقة بل هو واجبنا توفير كل الامكانات لهم وباسرع وقت .
ارتجف السكرتير وقال:
- ولكن ماذا نفعل أين تأمر أن نسكنهم ؟
- ماهي اقرب ثكنة عسكرية للموقع ؟ اعطوا الضباط والجنود إجازة وقوموا بإسكان العائلات مؤقتا هناك حتى يتم اتخاذ التدابير اللازمة لتأمين مأوى لهم .
ارتبك السكرتير وبدا مترددا في قول مايريد:
- ولكن فخامة الرئيس بيوت الضباط لايمكن اعطاءها للمشردين لانريد ان يزعل الضباط هؤلاء سند فخامتك وارضاءهم واجب .
نظر الرئيس الى سكرتيره شزرا وقال:
- الجيش ليس املاكي الخاصة والضباط يخدمون الوطن والدولة تدفع مرتباتهم وهذه من اوقات المحن والضرورة ولعلمك بيوت الضباط سهلة, ولو اقتضى الأمر فسأسكن المشردين في القصر الجمهوري, عيب عليكم والله !!! لو لم يكن هذا القصر يرمز الى هيبة الدولة لحولته الى مأوى للأيتام.أحسن ماهو فارغ بهذا الشكل.
ثم سكت برهة وكانه تذكر شيئا وقال:
- ذكرتني, ماذا فعلت بشان سيارات القصرالفارهة؟ هل قمت باستبدالها بسيارات عادية كما امرتك ؟
- ولكن يافخامة الرئيس لايجوز انت رئيس الدولة وتركب سيارة عادية مثل عامة الشعب ؟
- انا من عامة الشعب.ولست مثلهم, من تظنني ياهذا ؟ ماانا الاموظف عند هذا الشعب اخذ راتبي منهم وواجبي خدمتهم ؟ هل تحسبني سعيدا بان اكون رئيسا للدولة؟ لا والله انا اسال الله كل يوم ان يصوب البرلمان قانونا يقصر فترة الرئاسة من (4 ) سنوات الى سنتين واخلص من الرئاسة وهمومها .
خلصني ماهى مواعيدي اليوم ؟
- هناك ( سفير الولايات المتعددة ، وسفير المملكة المتمددة) ومواطن عادي ولكننا نستطيع ان نصرفه.
- سفير الولايات المتعددة اتركه ينتظر حتى يعرف قيمته هو والولايات التي ارسلته فهم والله لايحترموننا ولايقيمون لنا وزنا !! وسفير المملكة المتمددة هذا ثعلب ما من وراه غير المصايب والمواطن من بلدنا اولى بوقتنا .

جلس الرئيس وقرا شكوى عن احدى الدوائر الخدمية التي تعطل مصالح المواطنين وتمنعهم من الدخول الا بتصريح خاص .قرر ان يقوم بجولة تفتيشية على هذه الدائرة الحكومية بدون اخطار مسبق ,ذهب الى سيارته فوجد السائق والحماية ينتظرونه فصرفهم بادب وقال:
- سأخرج وحدي لاحاجة لي بكم يمكنكم الانصراف .
احتج قائد فريق الحماية قائلا:
- فخامة الرئيس لا يجوز .خطر على حياتك .
أجاب الرئيس ضاحكا:
- يا ابني أولا الأعمار بيد الله ثانيا إنا ابن الشعب وخادمه ولا أظن أبناء البلد سيصيبون خادمهم المخلص بأذى , وانتم جميعا من اليوم ستنقلون الى جهاز الشرطة فالمواطنون اولى بخدماتكم مني.
غادر القصر سائقا سيارته وفجأة رأى احد رجال شرطة المرور يلاحقه بالدراجة النارية ويأمره بالتوقف , امتثل وجاء الشرطي ودون إن ينظر إليه اخذ يحرر وصل المخالفة وقال:
- حضرتك لم لم تربط حزام الامان ؟ الاتعرف ان هذا ممنوع ؟
واضاف مستهزئا :
- ام عندك واسطة و من اقرباء الرئيس مثلا ؟
رد عليه الرئيس بهدوء قائلا:
- أي واحد من اقرباء الرئيس لازم يطيع القانون واذا خالف القانون انا سوف اكسر راسه بنفسي لا اقربائي ولا أي احد في هذا البلد فوق القانون مفهوم ؟!!
نظر الشرطي وتمعن في وجه الرئيس وتملكه الهلع وقال:
- فخامة الرئيس ؟؟؟؟؟ سامحني سيدي والله ماعرفتك سيدي والله ماقصدي سيدي انت سيدي وتاج راسي انا افديك بروحي سيدي الله يرضى عنك لاتعاقبني ارجوك .
- يااخي انا لاسيدك ولا ستك تفضل حرر لي المخالفة وانا مثلي مثل أي مواطن
تلعثم الشرطي وقال:
ولكن لايجوز ان اغرم فخامتك العين لاتعلوا على الحاجب سيدي !!
غضب الرئيس وقال بنبرة حادة :
- هذا الشارع ليس ملك ابوك تغرم فيه من تشاء وتترك من تشاء !!! والله لو انك لم تقم بواجبك فسوف اعاقبك وانزل رتبتك بتهمة التقصير في تنفيذ القانون .
واصل الرئيس بعد ان اخذ المخالفة حتى وصل الى الادارة العامة المقصودة اتجه نحو المدخل فاذا بالحارس يستوقفه ويقول بفظاظة:
- ممنوع الدخول !!يجب ان يكون عندك تصريح !!
.استغرب الرئيس كلامه وقال:
- ولكن يااخي هذه ليست مؤسسة امنية هذه دائرة خدمية ويفترض ان يراجعها الناس!!طيب اذا لم يتمكنوا من الدخول فكيف ستنجز معاملاتهم ؟
اجابه الحارس بتافف:
- وبعدين على هالصبح ياحبيبي هذه اوامر عليا واشار الى فوق!!!
اجابه الرئيس وهو ينظر الى حيث يشير الرجل الى اعلى :
- عليا من من يعني ؟ من الذات الالهية والعياذ بالله؟
- لا يامتحذلق اوامر فخامة الرئيس !!!!
- انا؟!!! متى اصدرت مثل هذه الاوامر يامفتري ؟ عيب عليك تخرب اسمي وسمعتي وتوهم الناس باني من يصدر هذه التعليمات السخيفة .
نظر الموظف الى وجه الرئيس بتمعن وقال:
- فخامة الرئيس ؟؟؟؟؟ سامحني فخامتك انا بانفذ الاوامر وبس فخامتك. انا رجل مسكين فخامتك انا عندي اطفال اربيهم فخامتك !!!
- الحق على مسؤولك الجبان الذي بدل ان يكون عونا للمواطنين في حياتهم اصبح فرعونا وانا اعرف كيف اتصرف معاه .
دخل الى الدائرة فوجد صوره معلقة في كل مكان على الحيطان وبكل الاحجام والالوان ,تعجب من هذا وفكر, التملق افة الحكم فيكفي المرء انه يصاب بالغرور عندما يمسك السلطة وياتي المتملقون ليزيدوا الطين بلة بنفاقهم وريائهم , وبينما هو يحدق في الصور جاء المدير مهرولا وقال:
- فخامة الرئيس تحياتي سيدنا نورت الادارة سيدنا احنا زارنا النبي يافخامة الرئيس احنا كلنا فداء فخامتك
سلم الرئيس عليه باقتضاب وقال وعلائم الانزعاج بادية على وجهه:
- يااخي لم كل هذه الصور المعلقة في كل مكان ؟ انا رئيس جمهورية ام عارضة ازياء ؟بس ناقص صورتي بالمايوه علشان تكمل المجموعة .ليكن بعلمك قيمة هذه الصور ستخصم من راتبك أنت والوزير الذي عين متملقا مثلك .ثم اخبرني كيف تمنعون المواطنين من دخول الدائرة عندكم ؟ هل تدفع لك الدولة راتبا كي تذل المواطنين ولا تسمح لهم بالدخول الا بتصريح ؟ . انسيتم قول سيدنا عمر (رض ) هل استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟ من هذه اللحظة انت موقوف عن العمل وستحال على التحقيق بتهمة الفساد.

خرج من المؤسسة والجموع من وراءه تهتف وتخطب وركب السيارة واتجه الى القصر الرئاسي ولدى وصوله وجد وزيرا المالية و الدفاع بانتظاره لمناقشة احد بنود الميزانية ابتدا وزير المالية حديثه بالقول ان الميزانية هذه السنة تشهد نموا اقتصاديا وان معدل الناتج القومي قد زاد بنسبة 3 بالمئة, وهنا تدخل وزير الدفاع وقال:
- يافخامة الرئيس دعنا نستغل هذه الاموال لشراء اسلحة جديدة من ......
قاطعه الرئيس سائلا:
- والاسلحة القديمة ماذا نفعل بها ؟
- تحال على التقاعد فقد اصبحت انظمتها قديمة !!!
- هكذا بكل بساطة على التقاعد؟ مليارات الدولارات من مال الشعب تحال على التقاعد او الاصح ترمى في المزبلة ؟ هذه الاسلحة اصلا زبالة لان الدول المصنعة تبيع كل اسرارها لعدونا جاعلة اياها حديد خردة لايسمن من جوع ولايدفئ من برد . وانت ياوزير المالية جهز خطة لاستثمار الفائض في التعليم والابحاث العلمية والبنى التحتية للبلد لانه اذا كان البلد فيها علماء فالسلاح سياتي ولكنه سيكون سلاح احنا بنيناه بايدنا وليس سلاح يقوي اقتصاد الدول الكبرى ويقضي على البطالة فيها على حساب مواطنينا .
خرج الوزيرين يجران اذيال الخيبةوقال وزير المالية لوزير الدفاع :
- الم اقل لك انه لن يقبل !! يالله راحت علينا فرصة الذهاب الى ذلك البلد والتمتع باجازة صيفة نحن والعائلة على حساب مصنع السلاح الله يسامحك يا فخامة الرئيس !!!
ودخل بعدهما السكرتير الخاص قائلا:

- فخامة الرئيس المواطن اللي دعيتموه على الغداء بانتظاركم ,ذهب الى صالة الغداء ووجد رجلا كهلا بسيطا رث الثياب بانتظاره وما ان شاهده حتى وقف على قدميه وركض اليه يريد ان يقبل يديه سحب الرئيس يده ورفع راس المواطن وقبلها قائلا:
- عيب يا والدي , اتسمح لي بان اناديك يا والدي ؟
- بل هو فخر وشرف وعزة لي ياسيدي بارك الله فيك وفي تواضعك انا عندي مشكلة ياسيدي....
قاطعه الرئيس قائلا وهو يبتسم :
- على مهلك ياوالدي دعنا نصلي الظهر ثم نتغدى مع بعض وبعدين نحكي مكتبي ام انك لاتريد ان يكون بينك وبين الرئيس خبز وملح ؟ ام تريد ان تقول ان الرئيس بخيل ولايكرم ضيوفه ؟
- خسا كل من يقول عنك كلمة واحدة فوالله لم نعرف معنى العدل والكرامة الا عندما جئتنا فتالله انك كريم وابن كريم وقد اكرمنا الله بك .
وفي مكتبه قال الرئيس :
- تفضل ياوالدي ماهي مشكلتك؟ ولماذا لم يستطع احد من المسؤولين حلها لك ؟
اجاب الرجل:
- مشكلتي عويصة ياسيدي
- كيف؟ وضح لو سمحت؟
قال الرجل بنبرة لا تخلوا من الخجل والتردد
- سيدي انا رجل كادح عملت طوال حياتي في بلد اخر متغربا عن اهلي وعيالي لاجمع مبلغا بسيطا من المال اشتري به شقة تاويني انا واولادي في سنين شيخوختي وبعد جهد جهيد رايت اعلانا لمشروع سكني يبيع شقق بسعر مناسب فتوكلت على الله ووضعت ما جمعته طوال سنين عمري في هذا المشروع ولكن وياحسرتاه اتضح انه مشروع وهمي وضاعت كل النقود التي وضعتها فيه
تعجب الرئيس وقال :
- الم تشتكي الى القضاء ؟
- فعلت ولكن الجميع قال لي ان هذه قضية خاسرة سلفا ؟
- وكيف هذا؟
- سيدي لان صاحب المشروع هو ابن اخيك!!
عندما سمع الرئيس هذه الكلمات اسودت الدنيا امام عينيه واخذ يقول:
- لاحول ولا قوة الا بالله حسبي الله ونعم الوكيل ابن اخي ينصب على الناس ويحتمي بي ؟وانا بمن ساحتمي من نار جهنم يوم الحساب ؟ قم يااخي واذهب الى بيتك فوالله ليصلنك حقك قبل ان تطا قدمك عتبة بيتك ولاجعلن من ابن اخي عبرة لمن يعتبر حتى لايظن احد من اهلي انهم فوق القانون .
عندما سمع الرجل هذا الكلام طار فرحا واخذ يدعوا للرئيس :
- الله يعمر بيتك الله يحميك الله ينصرك على عدوينك واخذ يقبله والرئيس يبعده عنده
فجاة استيقظ من النوم على السرير في المستشفى والممرضين يكتفونه والطبيب واقف امامه يقول له:
- الله يخرب بيتك , من يوم مارشحت نفسك على الانتخابات وحاولت تنافس الرئيس على منصب الرئاسة والمخابرات امسكوك و ضربوك علقة مااكلها حرامي في مولد وبعد سنتين حبس وتعذيب تجننت ورموك في مستشفى المجانين وانت هالكنا رئيس وسيارات وقصر وسفراء اتحسب نفسك صرت رئيس جمهورية ؟ يظهر اني سارميك في عنبر الحالات المستعصية يا فخامة الرئيس !!

Ff3300