بسم الله الرحمن الرحيم



اقدم هذه المقالة المهمة للكاتب د. جمال الدين خضور عن حروب الجيل الرابع و التي تحالفت الحركة الإسلامية فيها مع امريكا و الحركة الصهيونية و داعش التي تهيئ الارضية لإسرائيل الكبرى عوض المقاومة و الوحدة الإسلامية إليكم المقالة







الحرب الشعواء التي تشن على سورية, هي النموذج الوصفي لحروب الولايات المتحدة الأمريكية من الجيل الرابع, وتسمى أحيانا, حروب الجيل الرابع المتقدمة (4gw),
وأحيانا يضاف للرمز حرف a (4gw - a) fourth – genevtion warfare وهي تعني الحرب اللا متماثلة, وأول من طرح المصطلح المحلل السياسي الأمريكي وليام سرغس ليند عام 1989 وذلك لتمييزها عن:‏
حرب الجيل الأول, convention al war (g i), وهي الحرب التقليدية بين جيشين نظاميين, وعلى أرض معارك محددة, وهي وإن حددها الباحث الأمريكي ويليام ليند, بأنها تمتد بين عام 1648 – 1860, إلأ أن المراقب يكتشف أنها تمتد لفترات سابقة ولاحقة لذلك.‏
حرب العصابات guerilla war (g ii) ومثالها الحروب التي خيضت في أمريكا اللاتينية وفي بعض دول أسيا «فيتنام نموذجاً».‏
الحرب الاستباقية أوالوقائية preventive war (g iii) وكان نموذجها الحرب الامريكية على العراق ... رغم أنها عرفت سابقا من قبل الالمان فطوروا من مفاهيمها اثناء الحرب العالمية الثانية وسميت فيها بحرب المناورات. وامتازت بالمرونة والسرعة والمفاجأة وبشنها وراء خطوط العدو.‏
حرب الجيل الرابع, أمريكية صرفة, في الفكرة والتنفيذ, وتسمى أحياناً الحرب اللا متماثلة, أواللا متناظرة asymmctrie war fare, وقد حدد معالمها بدقة وكشف اسرارها البروفسور ماكس مانوارينج, في المحاضرة التي القاها في ندوة بمعهد دراسات الأمن القومي الصهيوني, بمناسبة المؤتمر السنوي لأمن نصف الأرض الغربي, في آب/أغسطس 2012, (المؤتمر في فلسطين المحتلة, ويناقش الأمن في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية, ولتحقيق هذا الامن تشن حروب الجيل الرابع على الوطن العربي, وسورياً اساساً وتحديداً؟؟.. ووضع المفكرون والمحللون الأمريكيون العناصر الفاعلة التالية في خوض هذه الحرب:‏
1-التظاهرات بحجة السلمية, تتطور الى اعتداء على المنشآت العامة والخاصة, وإفشاء مظاهر الفوضى والتخريب, حيث يقول مانوارينج تجري زعزعة الاستقرار في الغالب بوسائل حميدة الى حد ما, حيث ينفذها مواطنون من الدولة العدوة – المستهدفة, والقاسم المشترك في كل هذا الجيل من الحروب (الرابع), هو»زعزعة الاستقرار», ومنفذوهذا المخطط ليس بالضرورة من الرجال, بل يشاركهم غالباً النساء والأطفال. ويتابع لأن الهدف من حروب الجيل الرابع هوانهاك وتآكل ارادة الدولة المستهدفة ببطء وثبات من أجل اكتساب النفوذ وارغامها على تنفيذ ارادة اعدائها في النهاية.‏
ومن يتمتع بذاكرة غير مثقوبة وغير قادر على تعبئة دماغه وعقله في جيوبه, يتذكر دائماً البدايات الحورانية والحمصية والبانياسية «السلمية جداً»؟؟؟!! بحيث كان التركيز على لافتات «سلمية» وعددها وكمها والاهتمام بها, هدفاً أولاً , ثم كان التركيز على وجود النساء والأطفال في الـ»سلمية» ثم اسقاطهم ضحايا ثانياً, لأن كبش أو»أكباش» الفداء, ضرورة وحتمية في حروب الجيل الرابع كما يؤكد منظروها – رعاة البقر.‏
2-بالتوازي وبالتتالي والتقاطع مع ما سبق يجب الاعتماد على الارهاب, عن طريق استخدام فرق خاصة تقوم بعمليات الخطف والقتل والاغتيال والتدمير, ويجب تجهيز فرق موت أكثر سرية, وتعمل تحت رايات مختلفة وعديدة ويجب أن تكون بداية من أهل البلد المستهدف نفسه, ثم تتوسع لتعتمد على قاعدة ارهابية متعددة الجنسيات, بتمويل واسع وسخي, تكون معدة ومدربة مسبقاً.‏
ولذلك انفتحت صناديق المال الخليجي الغبي واندلقت مئات المليارات من الدولارات, وتوزعت تلك الأموال القذرة بين المتظاهرين السلمين جداً؟؟؟ ومعسكرات التدريب والارهابيين المرتزقة الململمين من كل أصقاع الأرض, وفتحت ابواب السجون للمجرمين المحترفين, وحضرت كتائب الانتحاريين القتلة وزودوا بما يلزم من مواد مخدرة.‏
وانطلقت الضباع المسعورة في ارجاء القطر العربي السوري, تقتيلاً وارهاباً ودماراً وسحقاً لم تترك حجراً على حجر, ولا بشراً يمشي, ولا شجرة تثمر أوتقف ولا مصنعا يدور أوحتى حيواناً مدجناً يألف بيتاً ما.‏
3-الاعتماد على شخصية أوشخصيات تابعة للمخابرات الامريكية ترتدي عباءة الوطن المستهدف حسب تعبير مانورينج حرفياً, ويضيف لما قاله منظر الأمن القومي الأمريكي اليميني مارك هلز «لماذا لا نستخدم ابناءهم ضد تقنياتنا».‏
ويتابع ماراوينج كما انه ليس المطلوب في هذا الجيل من الحروب (الرابع) اسقاط الدولة – العدوواختفاءها (أن لم نستطع ذلك) بل المطلوب, أن تظل موجودة بكامل مواردها وقدراتها . لكن يجري اختطافها عن طريق التحكم الفكري والسياسي بنظام الحكم والسيطرة عليه كاملاً, بحيث تصدر القرارات والسياسات, لا لتعبر عن ارادة الشعب, بل عن ارادة الدولة, التي احتلت واخضعت للسيطرة...‏
4-... متابعاً... وصولاً إلى الدولة الفاشلة , والتي أول ملامحها هوايجاد أماكن داخل حدود الدولة العدوالمستهدفة, لا سيادة لهذه الدولة عليها, عن طريق دعم مجموعات محاربة وعنيفة للسيطرة على هذه الأماكن, وتبدأ بإخراج جزء من الدولة عن السيطرة, فيصبح خارج سيادتها, وذلك باستخدام مجموعات محاربة وعنيفة, بهدف الوصول الى ما يطلق عليه /اقليم غير محكوم/, أوبالأحرى محكوم من قبل قوى خارج الدولة, وينتهي الأمر بتحويل الدولة الى دولة فاشلة, يستطيع أعداؤها التدخل والتحكم فيها.‏
ويتابع خاتماً محاضرته, بتذكير المحاضرين بمفردتين أساسيتين, هما: «الحرب, التي هي الاكراه, سواءً كانت قاتلةً, أوغير قاتلة, والدولة الفاشلة التي تتم ببطء وثبات, وإذا فعلنا هذا بطريقة جيدة ولمدة كافية (باستخدام مواطني دولة العدو) والمفردات حرفياً لـ(مانوارينج) فسيسقط عدوك ميتاً.‏
ويفسر محللوالصحف الشعبية الامريكية تلك المنهجية الأكاديمية باعتمادها بالمقولات الشعبية الغربية على ((المخطط (الخطة), الخيانة , التربص, توفر الأموال الضخمة)).‏
لذلك حددت الادارة الامريكية عبر مؤسساتها الفكرية الصانعة لخطط الحروب من الجيل الرابع, مجموعة من الأدوات تشتغل بالتوازي والتواشج مع العناصر السابقة, وهي كما أوردتها وثائق الدراسات الممنهجة .‏
وهي كما اوردتها وثائق الدراسات الممنهجة حسب الخطوات الدقيقة والعميقة المرسومة لها،
حسب الترتيب التالي, وبمعظم بنيتها التركيبية واللفظية والدلالية:
1- تحريك منظمات المجتمع المدني الممولة مسبقاً ضد الدولة المستهدفة (هكذا وردت حرفياً). وهذا ما لوحظ وبوتيرة متصاعدة ضد الدولة السورية, مع بداية ولاية السيد الرئيس (بشار الأسد) الاولى عام 2000 , فتوالدت الجمعيات والمؤسسات والمعاهد, ذات الادعاء بانتمائها لما سمته منظمات المجتمعات المدني, في حين كان القائمون عليها لا يتعدى مستوى تفكيرهم, الكمون المذهبي أوالطائفي اللاطي خلف تلك التسميات, بل قدموا مقولات ضبابية واهية تشي بفقدان التوازن السياسي والفكري, ولا تتجاوز حتى المقولات الاولية للمجتمع الأهلي. وهذا ما لوحظ وبوتيرة متصاعدة ضد الدولة السورية, أشد مما كانت عليه بعد اغتيال رفيق الحريري وقبله, عبر بيانات (بيروت دمشق) و(دمشق بيروت) و»ربيع دمشق», لتبلغ ذروتها مع بداية حرب الجيل الرابع العلنية منتصف اذار 2011, ومن تلك اللحظة بدأت كلمة (الربيع) تتدحرج وتتكرر, وتستيقظ ولا تنام, قبل أن تبدأ رقصات الربيع العربي الدامي والمدمر بأكثر من ثماني سنوات, لتتكشف لاحقاً هويات وارتباطات راقصي ذلك الربيع.‏

2- استخدام وسائل الاعلام الحديثة والتقليدية, وخوض حرب نفسية متطورة ومتصاعدة للغاية, من خلال الاعلام والتلاعب النفسي, ويضيف مانوارينج من الضروري أن تكون الأولوية للقدرات العقلية, وللمقدرات الذكية, ومن ثم القوة العسكرية, «فحائط برلين حطمه المارك الالماني ولم تحطمه الدبابات».‏

ولا أعتقد أننا بحاجة لشرح الدور الذي لعبته فيالق الاعلام العميل السفيه في حربه على القطر العربي السوري متجاوزاً كل الحدود والأعراف والقوانين الاخلاقية والفكرية.‏

3- تحريك قوى المعارضة الممولة مسبقاً.‏

4- تحريك قوى المعارضة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.‏

5- استخدام النفوذ الامريكي العالمي في المنظمات الدولية.‏

6- استخدام العلاقات الدولية والاحلاف والنفوذ السياسي والعسكري.‏

7- استخدام الضغوط كلها, السياسية, الاقتصادية, الاجتماعية والعسكرية.‏

8- الاعتماد المتصاعد على تكتيكات حروب العصابات والتمرد, واستخدام العمليات الاستخباراتية النوعية.‏

ويتابع مانوارينج: اذا اتبعنا هذه الطريقة الذكية من حروب الجيل الرابع فسيستيقظ العدوميتاً « . مرة يقول يستيقظ وفي اخرى يقول يسقط, لكن في الحالتين ميتاً».‏

أما مطوروحروب الجيل الرابع الامريكيون, فيقدمون استخدام وسائل الاعلام الحديثة والتقليدية على دور استخدام مؤسسات المجتمع المدني, لذلك أضافوا اليها سمة «المتقدمة», وعلى رموزها يضيفون حرف a, كما اسلفنا أعلاه. ومن الواضح انهم استخدموا في حربهم على القطر العربي السوري, حروب الجيل الرابع, بنوعها الأول, والمتقدم, بل وزاوجوا بينهما, باستخدام التقنيات العالية والشاملة من الضخ الاعلامي والحرب النفسية الضروس, و»مؤسسات» المجتمع المدني بمظاهرها وآلياتها وتسمياتها المختلفة, مع تحريك الكثير من القوى (الخلّبية), بالتوازي والتواشج مع كافة عناصر التأثير والضغط الخارجي, بحيث يمكن أن يعيدوا التفكير بنظرية جديدة لقيادة هذا النوع من الحروب.‏

وللمقاربة العيانية أيضاً يمكن أن نتابع ما قاله البروفيسور المذكور, وبالحرف الواحد: « ويكفي من كل دولة دفع 10 % (عشرة بالمئة) من سكانها في عمليات هجرة غير شرعية, وعصابات وتهريب وتجارة غير مشروعة, حتى تتحول إلى دولة فاشلة». ويضرب مثالاً على ذلك, مصر, حيث يقول: «يكفي أن ندفع تسعة ملايين مصري إلى ذلك المصير».‏

ويشرح في موقع من محاضرته بإسهاب, رؤية الإدارة الأمريكية الجديدة للحرب, «بأنها إرغام العدوعلى تنفيذ إرادتك بالإكراه, وصولاً إلى الدولة الفاشلة, ولا يتم ذلك الأ عبر تحويلها بدايةً إلى دولة شعبوية, مفككة, إلى هوياتها التحتية, تحت وطنية, مذهبية, طائفية, قبلية, عشائرية, دينية, اثنية, ... , لتشكل «مسرحاً للجريمة والقتل والخطف والاغتيال والقنص, بالتزامن مع تغذية وتصعيد الفكر الحاقد, المتطرف, والتدريب العسكري القاسي والشرس للمجموعات المسلحة المكلفة, مع استخدام طابور خامس متميز».‏

ويضيف أحد المحللين لمحاضرة المذكور قولاً دقيقاً: «علينا التأكيد والاعتماد على الأيادي الخبيثة», وعلى «السائق الخفي لقطار الربيع العربي».‏

وهذا ما يذكرنا بما كتبه ديفيد باتريوس, قائد قوات الاحتلال الامريكي للعراق, في مذكراته: «إن ما نحتاج إليه, هوالعنف المستديم داخل العراق, أي العنف المسيطر عليه, لفترات مديدة, لتسهل السيطرة على البلد, وابقائه عاجزاً, وبلا قوة حقيقية».‏

ويؤسس لذلك بريجنسكي قبل فترة ليست قصيرة بقوله: «ما إن تبدأ المرحلة الأولى, حتى تتواصل لعبة الشطرنج الكبرى, فتتحرك البيادق, وتتغير الأدوار, ويبدأ الخلل الأمني, ويعم عدم الاستقرار, وهذا يستدعي وجود كبش أوأكباش فداء, ويقتل الناس بدم بارد, وتعم الفوضى, وتحرق البلاد, ونعتدي على الأبرياء» . كلمة «نعتدي» مترجمة كما وردت, فأما قصدها ليؤكد وقوف بلاده خلف الحدث, أوكانت خطأ مطبعياً, لتقف دولته خلف الفعل, كنائب فاعل (يُعتدى).‏

يضيف الأكاديمي البريطاني ستيفين غراهام في كتابه القِّيم ؟؟؟ /مدن تحت الحصار/‏

- التمدين العسكري الجديد في المدن: «يجب تحويل المدن الآهلة بالسكان, وكل مساحة سكانية, مأهولة إلى ساحة حرب, ونضيف إلى ذلك استخدام التكنولوجيا المتطورة, وعولمة الرصد, والمراقبة الاستخباراتية, والسيطرة على أجهزة التواصل ونقل المعلومات .. كل ذلك سيؤدي بالضرورة إلى شل العدو».‏

وقد بدأ البروفسور مانوارينج محاضرته, التي كشف فيها ما كان يعتبر أسرار الجيل الرابع من الحروب بعرض مقاطع من سلسلة أفلام (هاري بوتر), ثم بدأ حديثه بالقول: «إن الهدف من هذا النوع من الحروب (gw4) إنهاك وتآكل إرادة الدولة المستهدفة ببطء وثبات, من أجل اكتساب النفوذ, وإرغامها على تنفيذ إرادة أعدائها في النهاية, وتكون البداية بعد الاعدادات المناسبة, ببعض المتحمسين والسُّذّج, والعملاء المجانيين....».‏

ويختمها بالقول: «إن الرئيس هوغوتشافيز أول من أمر ضباطه في عام 2005 في الأكاديمية العسكرية العليا في كراكاس, بالتدريب على الجيل الرابع من الحروب غير المتماثلة, وأن يطوروا عقيدتهم العسكرية للتعامل معها, بحيث لا يتم الدفاع أوالهجوم من خلال القوات النظامية, التي كان آخر استخدام لها في أمريكا اللاتينية منذ 100 عام».‏

وبالعودة إلى صاحب المصطلح المحلل الأمريكي وليام سترغس ليند (1989) نراه يركز ويؤكد على قاعدتين محورتين تستند عليهما نظرية حروب الجيل الرابع:‏

1- اللا تمركز, التذرير, التشتيت ميدانياً.‏

2- المركزية الادارية الصارمة والسرية والخفية.‏

فماذا بقي من كل عناصر تلك الحرب وأدواتها ووسائلها, لم يطبق في الحرب الدائرة على القطر العربي السوري.‏