بينما هما على شرفتهما تترقبان حلوله تناديها ابنتها: "ماما ماما أبشري هاهوالهلال "
تلتفت إليها وتقول: "إذن فغدا رمضان هل أنت مستعدة بنيتي للصوم؟"
"بدون شك أمي لقد دربتني عليه في الأعوام السابقة بما يكفي.."
ترد في فرح وسرور: "لقد كبرت بنيتي وصرت فتاة عاقلة ناضجة...
ابتسمت الأم داعية الله الكريم: اللهم أهله علينا بالخير والبركات".
مما لا شك أنه كلما اقترب الضيف الذي يهل علينا كل سنة حاملا معه البشائر والخيرات" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه" البقرة الآية185... إلا و الأطفال يشرعون في مشاركة الكبار هاته الشعيرة متأثرين بما يرونه من استعدادات أسرهم وحديثهم عن ذلك ؛ غير أن مشاعر الفرحة لا تكاد تبدد مشاعر الوجل التي تعتري هاته الأسرخوفا من تأثير الصيام على أطفالهم خصوصا في ظل توقيت الصيام هذا العام، من توافقه مع فصل الصيف شديد الحرارة.
فما هي أحسن الطرق لتعويد الأبناء على الصيام؟
مافتأنا نقرأ في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام عن رحمته بالعالمين وكيف كان تعامله الرحيم مع الأطفال خاصةو ما أبلغ ما قاله أنس بن مالك رضي الله عنه وهو يصف رحمة الرسول بالأطفال إذ قال: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَرْحَمَ بِالْعِيَالِ مِنْ رَسُولِ اللَّه "رواه مسلم ؛ وحين نتمعن في قوله عليه الصلاة والسلام : "إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحبُّ الرِّفْقَ وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِ وَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ" نستشف أن الرحمة والرفق هما السمتان الأساسيتان في طريقة تحبيب الأطفال بالدين وحملهم على قيمه ؛ومن هذه الطرق أربعة:
1- الترغيب وليس الترهيب:
إفهام الصبي أن الصوم فريضة كتبها الله علينا كما كتبها على الأمم من قبلنا وأنها ركن من إركان الإسلام الخمسة وأن عليه أن يشرع في التدرب على أدائها متى أطاق ذلك ويأتي ذلك بالقدرة على التأثير والإقناع بالكلمة الطيبة والقدوة الحسنة والحوار...
فالترهيب لا تكون نتيجته إلا البغض ؛فإذا أحبوا الصيام تسرب حبه إلى عقولهم وقلوبهم وجرى مع دمائهم،فلا يستطيعون الإستغناء عنها طوال حياتهم؛ والعكس صحيح. فالمقصود هو استمرارهم في حب الصيام حتى يثمر بعبادات أخرى مثل القيام وقراءة القرآن والذكر ,,,
2-التشجيع والتعاون:
إغراء الصبي بالصوم. فاذا اختار يوماً لذلك أيقظته العائلة للسحور وشجعته طيلة اليوم على إتمام الصوم فإذا اشتد عليه شغلته بأعمال تلهيه عن التفكير في الأكل والشرب إلى أن يحين موعد الإفطار.
فعن الربيع بنت معوذ -رضي الله عنها- قالت: أرسل النبي غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: "من أصبح مفطرًا فليتم يومه، ومن أصبح صائمًا فليصم". قالت: فكنا نصومه بعد ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العِهْن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك، حتى يكون عند الإفطار" رواه البخاري ومسلم.
3-التعويد بالتدريج:
من الناحية الشرعية ،فإن كان الصوم غير واجب على الطفل لعدم التكليف ؛إلا أنه يستحب
تدريب جسمه عليه شيئا فشيئا وفق وضع برنامج يرغبه الطفل ويراعى فيه :
-الصوم المرحلي: كأن يتعودالطفل الإمساك إلى منتصف النهار،حتى إذا قوي واعتاد انتقل إلى مرحلة تالية.
-التدرج في الصوم: بصوم يوم كامل ،ثم يفطر أياما ،ويزيد اياما تدريجيا..وهكذا.
-عدم الإفراط في النشاط الحركي والرياضة اُناء الصوم.
-إيقاظ الطفل لتناول وجبة السحور.
-في حالة إحساسه بالجوع والعطش الشديد ينصح بالإفطار وعدم المكابرة.
4- التعزيز الإيجابي:
والمقصود به ما يكافأ به الطفل بعد صيامه لأول يوم أو لأول شهر، وقد تكون المكافأة هدية معنوية مثل الدعاء له والتنويه به على ملأ من أقرانه أو في حضرة الكبار من أسرته و مادمنا قد ادرجنا الترغيب كأول نقطة فلا يجب ضربه إذا امتنع عن الصوم مادام في الأمر فسحة لتشجيعه من جديد وتذكيره بفعل أقرانه وتقديم وعد بهدية تهدى له..فالمطلوب أن يقترن صيامه بذكريات مفرحة تقاوم شدة أول صيام له ؛وبهذا يدخل الصيام الى ذاكرته من باب المتعة والسرور يستعد بها لما سيأتي من بركات الأشهر المقبلة
ويبقى الجو الذي يطبع الأسرة خلال شهر رمضان جو ملائم لغرس قيم كثيرة في نفوس أطفالنا ومنها الإنتماء للإسلام شريطة أن يتم وفق أساليب تربوية تراعي سنه ومستوى إدراكه حتى نضمن رغبته وحبه لهاته القيمة.
رد مع اقتباس
