السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من فاته الله فاته كل شيء
ذة.فاطمة لعسيري
أصابني الحزن يوما.... وأطلقت لنفسي عنان السؤال... ماذا بعد هذا الحال؟ ترى هل لما تخطه أقلامنا وقع في القلوب؟ هل لصدق سيرة النيرات المنيرات بصمة في حياتنا ؟ هل غيرت مواقفهن ما أفسدته السنين البالية فينا؟.
واستوحشـَت نفسي في غربتها... وزاد حزنها... فإذا جرس الهاتف يرن... وإذا صوت ندي لإحدى الحبيبات يسأل عن حالي... وعن قلمي الذي غاب... ويذكرني أن المحبة رباط قوي ومتين... وأن الضمير لم يمت...وأن القلوب الحية لم تمت... فانقلبت بعدها خفيفة النفس، قوية العطاء... فحملت قلمي بعد أن كان لي معه خصام...حملت قلمي لأوقظ هذا الوسنان في صدري... وأحرك هذا الساكن من حولي.
...وعلمتني هذه التجربة الحزينة أن : نسيان الحبيب أحيانا منة منه وعطاء...وتذكرت قصة الصحابي الجليل حديرا حين نسي أن يزوده الحبيب صلى الله عليه وسلم، فضل رضي الله عنه في آخر الركب صابرا محتسبا وهو يقول: لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله ويقول نعم الزاد هو يا رب.
فعلا يا سيدي يا حدير هو نعم الزاد...ألم يسخر إليك الله عز وجل بعد ذاك سيد رسل السماء... وبعده سيد رسل الأرض ليزودوك؟... فلما وصلك العطاء... قلت: الحمد لله رب العالمين ذكرني ربي من فوق سبع سماوات... ومن فوق عرشه، ورحم جوعي وضعفي، يا رب كما لم تنس حديرا فاجعل حديرا لا ينساك.
فلما رجع الرسول لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بما سمعه قال صلى الله عليه وسلم : "أما إنك لو رفعت رأسك إلى السماء لرأيت لكلامه ذلك نورا ساطعا ما بين السماء والأرض." صفة الصفوة ص : 292 ج 1.
نعم الزاد ونعم العطاء... ونعم العبد كان سيدنا حديرا ...يخدمه جبريل ورسول الله وكثير من خلق الله. وسألت نفسي ألا أجد في سيرة النيرات من تضاهيه شأنا وتعلوه همة؟؟؟.....وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
" كانت الكريمة منهن، وكلهن كريمات، تنقر القرب... وكانت الفقيرة المتواضعة تجاهد بمالها ونفسها، تغزل وتنفق."
طاهرة... أخرجها الله من بين فرث ودم لتعلم المؤمنات أن الصلاح الأخروي ما هو وقف على من أحاطت نعم الدنيا بحياتها فسهلت لها الطريق.
هي بطلة أخرى من أبطال الولاية مع الله وحسن الظن بالله.
جاء في الإصابة في تمييز الصحابة: قالت عائشة رضي الله عنها: كنت قاعدة عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت زيدة (أو زائدة ) جارية عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكانت من المجتهدات في العبادة وكان صلى الله عليه وسلم جالسا فقالت كنت عجنت لأهلي فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقي الثياب، طيب الريح كأن وجهه دارة القمر على فرس أغر محجل فقال: هل أنت مبلغة عني ما أقول؟ قلت نعم إن شاء الله...قال : إذا لقيت محمدا فقولي له أن الخضر يقرئك السلام ويقول لك: ما فرحت بمبعث نبي، ما فرحت بمبعثك لأن الله أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة وأعطاك نهرا في الجنة..." الحديث...وفي رواية أخرى أن الذي لقيها رضوان خازن الجنة. سبحان الله ....كيف اختار الخضر عليه السلام أو رضوان خازن الجنان زائدة من دون النساء والرجال الذين كانوا حول الرسول عليه السلام؟.
لما عرفت ما عرفت قلت أيا نفسي : "فاتك تصحيح النية، والصدق في الطلب والصواب في التوجه..." فاتتك المنزلة العظمى التي بلغتها زائدة....يا نفسي...." ويحك إن لم تصححي القصد وتصدقي في الطلب قيل لك يوم يكلل هام الأمة بتاج الخلافة في الأرض: قومي، فقد استوفيت حقك، ونلت ما كتب لك، وأعطيت سؤلك، لم تطلبي الله يوما. ومن فاته الله فاته كل شيء."... ضاع عمرك يا نفسي... ضاع عمرك .
ماذا كانت زائدة ؟؟...وكيف كانت تعيش حتى استحقت هذا القرب والفضل من الله عز وجل.
كانت مثلها كمثل سائر الأخيار الذين صدقوا وأحسنوا الظن بالله...ألم يكن حديرا رفيقها في تلك الصحبة مع الله ورسوله ؟
غريب أن أحدث عن حدير وأنا في نساء صدقن...وأغرب منه أن أجعل له رفيقة تشبهه وتضاهيه...والأغرب من هذا وذاك أن أقف مشدوهة العقل والفكر والقلب وسط هذين الجبلين فلم يعد بصري يقوى على النظر إلا تحت أقدامهم حياء حينا واستخفافا بنفسي أحيانا.
تراك أخي هل كنت حديرا ورسول الله يجهزك لمهمة عظيمة وجليلة...أمانة الخلافة بين يديك؟
تراك أختي هل كنت زائدة لتكون صحبتك مع أجلاء خلق الله لتبلغي الرسالة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؟
ياه ...هل تراني يوما أكون مبعوثة لرسول الله....لا من الخضر عليه السلام...ولكن من خير أمة أخرجت للناس...
وماذا عساي أقول له ؟؟
هل وفيتُ يا رسول الله ؟؟
وكيف لي الحديث عن الوفاء...وأنا لم أصن الأمانة...
ماذا عساي أقول له ؟؟
كن شفيعي يا رسول الله؟؟
وهل أستحق الشفاعة بعد ما ضيعت....
سأجثو على ركبتي...وأضع رأسي في التراب...وأنادي...أنا العبد الدليل...نام الليل الطويل...جاء صاغرا إليك يرجو القبول ...بجاه الحبيب المصطفى الرسول...يا اللـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــه...هاهي ذي شمسي قد آلت للمغيب...وإني جئتك أستشفع بالحبيب...قد نلت حضي من دنياي وعليه مزيد....ورضاك عني في آخرتي هل لي فيه من نصيب ؟؟؟
إليك المشتكى يا خالقي....فأغثني كي لا أخيب.