الدرس 01 من الشمائل لفضيلة
الأستاذ الدكتور محمد راتب النابلسي .
أهمية دراسة السيرة وحكمتها في الإسلام .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد ، الصادق الوعد الأمين.
أيها الإخوة الكرام الأخوات الفاضلات
قبل أن نتناول حياة النبي صلى الله عليه وسلم بحسب التسلسل الزمني ، وهذا هو المنهج عند أكثر كُتَّاب السيرة ، وهناك منهجٌ آخر ، وهو أن نتناول من شخصية النبي جوانبه المتعدِّدة ؛ رحمته ، وعلمه ، وأخلاقه ، وحلمه ، وشجاعته ، وعفوه ، وما إلى ذلك ، لذلك نبدأ الدرس الأول من دروس شمائل النبي صلى الله عليه وسلَّم ، وقبل أن ننتقل إلى شمائله واحدةً واحدة لابدَّ من مقدِّمةٍ دقيقةٍ حول وجوب دراسة سيرة النبي ، ودراسة شمائله ، وما الدليل على ذلك ؟
يا ترى قراءة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرته ، وحضور هذا المجلس ، يا ترى مباح ، أم واجب ،أم مستحب ، أم فرض ؟ وما الحكم الشرعي في معرفة سُنَّةِ النبي ؟
فأقوال النبي عليه الصلاة والسلام، وأفعاله ، وإقراره سُنَّة ، فيا ترى معرفة سنة النبي في أقواله وأفعاله وإقراره ، وصفاته ، مجموع هذه الأشياء اسمها سُنة النبي عليه الصلاة والسلام ، ويا ترى الحكم الشرعي هل من المستحب أن نقرأها ، أو أن نستمع إليها ، أم أنه واجب ، أم أنه فرض ؟ سأبيِّن لكم في هذا الدرس أن معرفة سُنة النبي صلى الله عليه وسلَّم بكل أنواعها من أقوالٍ ، وأفعالٍ ، وإقرارٍ ، وصفات فرض عين .
والدليل قوله سبحانه وتعالى : "واعلموا ان فيكم رسول الله"
واعلموا أن هذا الذي يدعوكم إلى طاعة الله هو رسول الله .
علم ، والعلم يقتضي البحث ، والدرس ، والتأمُّل ، والأدلَّة ، والبراهين ، والقدرة على رد الشبهات ، وهناك آلاف الشبهات يطرحها أعداء الإسلام على النبي عليه الصلاة والسلام .
الدليل الآخر على أن معرفة النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين قوله تعالى :"أم لم يعرفوا رسولهم فهم له منكرون"
( سورة المؤمنون )
هذا دليل ثانٍ ، فالله عزَّ وجل يحضُّنا بهذه الصيغة ، الأولى : واعلموا ، فعل أمر ، وكل فعل أمرٍ يقتضي الوجوب ، أما الدليل الثاني : ففيه حضٌ على معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام .
والدليل الثالث ، يقول الله عزَّ وجل : "فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا والله بما تعلمون خبير" ( سورة التغابن )
فالنور الذي أنزلنا هو القرآن الكريم ، إذاً الله عزَّ وجل يأمرنا أن نؤمن به ، وأن نؤمن برسوله ، وأن نؤمن بكتابه .
الايمان بالله من خلال الكون الذي هو مظهر لأسمائه الحسنى ، الايمان بكتاب الله من خلال إعجازه ؛ الإعجاز العلمي ، والبياني ، والإخباري ، والتشريعي، والتربوي ،والايمان بالنبي صلى الله عليه وسلم من خلال القرآن ، فالذي جاء بهذا القرآن المُعجز هو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعندنا دليل رابع : "وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك" ( سورة هود : من الآية " 120 " )
فالنبي عليه الصلاة والسلام حينما يقصُّ الله عليه من أنباء الرسل ، جميع الرسل دونه ، وهو في قمَّتهم ، يثبتُ قلبه بأنبائهم ، فكيف بقلوبنا إذا تُلِيَت عليها أنباء النبي عليه الصلاة والسلام؟
الدليل الخامس : "قل انما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثما تتفكروا ما بصاحبكم من جنة" ( سورة سبأ : من الآية " 46 " )
بتصرف
لا تنسوا أختكم من صالح الدعاء